كيف يجد عرب أميركا طريقهم إلى تعداد السكان

ميشيغان (الولايات المتحدة) – تعيش الكثير من الأقليات العرقية في الولايات المتحدة الوافدة من الشرق الأوسط أو من القارة الأفريقية منذ أن أعلن الرئيس دونالد ترامب حظرا على المسافرين من العديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة في عام 2017 صعوبات كثيرة خاصة في ما يتعلق بإدراجها في التعداد السكني.

ويفيد الكثير من المهجرين العرب أنهم واجهوا منذ خطوة إدارة ترامب في عام 2017 فحصا مشددّا ما خلق تأثيرا مروعا بشكل عام عندما يتعلق الأمر بالتفاعل مع الحكومة.

في محطة وقود بولاية ميشيغان، عُلقت إحدى الملصقات التي يفهمها المتحدثون بالعربية كتب عليها “امنح نفسك فرصة للتسجيل بالتعداد السكاني 2020. امنح مجتمعك فرصا إضافية. ومن أجل تشكيل مستقبلك بيديك، ابدأ هنا”.

وفي الوقت الذي يستهدف فيه مسؤولو الدولة والمجموعات غير الربحية الجماعات التي يصعب إدراجها في التعداد مثل المهاجرين والأشخاص الملونين والفقراء، يقول العديد من الأميركيين العرب إن عدم التسجيل ضمن التعداد أمر واضح بالنسبة لهم. وهذا يعني أن واحدا من أكبر مجتمعات السكان العرب وأكثرهم تركيزا خارج منطقة الشرق الأوسط – تلك الموجودة في منطقة ديترويت – قد يفوت فرصة التمويل الفيدرالي للتعليم والرعاية الصحية وبرامج منع الجريمة والبرامج الأخرى التي يحدد التعداد كيفية تقسيمها. ويشمل ذلك أيضا أموالا لمساعدة الدول على معالجة تداعيات فايروس كورونا.

وتقول ريما ميروة، مديرة السياسة والدعوة في مؤسسة “أكسيس” الواقعة في ديربورن، وهي واحدة من أكبر المؤسسات الأميركية العربية غير الربحية في البلاد “نحاول تشجيع الناس على ملء استمارات التعداد ليس فقط بسبب كل الأسباب التي ذكرناها من قبل، حيث التعليم والرعاية الصحية وكل ذلك، ولكن أيضا لأنه من الضروري أن تعرف الحكومة الفيدرالية ماهو تعداد ولاية ميشيغان، ومن الموجود فيها في الوقت الحالي”.

ويقوم المجتمع العربي الأميركي بوضع علامات في كل المربعات التي يقول عنها المسؤولون في التعداد وفي المنظمات غير الربحية إنها علامات مميزة بالنسبة للمجتمعات التي يصعب عدها: مثل المربعات التي تشير إلى أعداد الأطفال الكبيرة، وغير الناطقين بالإنجليزية، والمهاجرين الجدد، وهؤلاء الذين يعيشون غالبا في مساكن متعددة العائلات أو مستأجرة.

وصل العرب بشكل جماعي إلى الولايات المتحدة مع تصاعد صناعة السيارات وزيادة الطلب على العمال. وبحلول الوقت الذي بدأت فيه هذه الوظائف في التراجع في العقود الأخيرة، كانت المجتمعات ذات الجذور الثقافية الشرق أوسطية القوية قد رسخت بقوة في منطقة ديترويت. وظلت ديترويت وجهة للفارين من الصراعات والحروب من جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وضغط المؤيدون من أجل الترويج لحملات “الإدراج في التعداد” رغم القيود المفروضة للحد من انتشار فايروس كورونا. وقد أجبر الوباء مكتب الإحصاء على تأجيل الموعد النهائي لإنهاء تعداد 2020 من نهاية يوليو إلى نهاية أكتوبر. كما أنهى طلب من الكونغرس تصريحا بتأجيل المواعيد النهائية العام المقبل لإعطاء بيانات التعداد إلى الولايات حتى تتمكن من رسم خرائط تصويت جديدة.

وفي ظل هذه التغييرات، تقوم مؤسسة “أكسيس” بتكثيف جهودها على وسائل التواصل الاجتماعي للتركيز على التعداد الذي يتم إجراؤه مرة واحدة كل عقد، حيث كانت مكاتبها مليئة بملصقات التعداد، حسب ما صرحت به ميروة التي قالت “إذا راجعت مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بنا، فستجد أنها مليئة بإعلانات التعداد”.

لكن المجتمعات العربية تواجه عقبة بعدما قررت إدارة ترامب عدم إدراج المهاجرين من الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا في التعداد. وكنتيجة لذلك، أوصى مكتب الإحصاء بإضافة بما يسمى مربع “مينا” في عام 2017 بعد سنوات من البحث وعقود من الدعوة.

إن قرار إلغاء الاختيار يثير غضب العديد من العرب الأميركيين، الذين يقولون إنه يعيق التمثيل وإجراءات التمويل اللازم. وأعربت النائبة الأميركية عن حزب الديمقراطيين رشيدة طليب، وهي أميركية عربية تمثل جزءا من ديترويت والعديد من الضواحي، عن استيائها أثناء استجوابها لمدير مكتب الإحصاء ستيفن ديلينغهام في الكابيتول هيل في فبراير.

وقالت طليب “المجتمعات قامت بالعملية بشكل صحيح. أنت الآن تجعلنا غير مرئيين”.

وقال ديلينغهام إن النموذج سيحتوي على صندوق للكتابة، يسمح للناس بوصف عرقهم. لا يصل الأمر إلى طليب، لكن ماثيو جابر ستيفلر، المحاضر في جامعة ميشيغان ومدير الأبحاث والمحتوى في المتحف العربي الأميركي، قال إن ذلك أفضل من لا شيء. وقال إن على المدافعين الضغط بقوة لإدراج هذه المجتمعات في التعداد.

وقال ستيفلر “يقع العبء على المنظمات المجتمعية والحكومات المحلية وحكومات الولايات لحمل الناس على استكمال النموذج لأنه لا يسأل الناس ’هل أنت شرق أوسطي أم أفريقي؟’. سنحصل على بيانات جيدة حقا إذا ملأها عدد كاف من الأشخاص”.

ورغم عدم وجود خيار لمن هم من أصول شرق أوسطية وشمال أفريقيا، يقول ستيفلر إن مسؤولي التعداد قاموا بعمل تحضيري له. إذا كتب أحدهم كلمة “سوري”، على سبيل المثال، يقول ستيفلر إن مكتب الإحصاء سيدرج ذلك النموذج في مجموعة أصول الشرق الأوسط.

وهذا بالضبط ما فعله عبدالله حيدر عندما ملأ استمارة التعداد إلكترونيا، والتي قال إنها استغرقت خمس دقائق. ويقول حيدر (44 عاما) من كانتون تاونشيب في ولاية ميشيغان، والذي يعمل في قسم هندسة البرمجيات في مؤسسة “لينكد إن”، “لقد ملأتها بالتأكيد بمجرد أن حصلت عليها. أنا أؤمن بالتمثيل”.

لكن دعم التعداد ليس بالضرورة أمرا أجمع عليه الجميع. حيث أثار البعض في المجتمع العربي مخاوف بشأن أسئلة الحكومة عن جنسيتهم إذا شاركوا في ملء نموذج التعداد، على الرغم من أن هذا لا يعتبر جزءا من النموذج.

وقال حيدر، الذي ساعد بعض الأقارب المسنين في ملء استماراتهم، “إنهم لا يثقون في الإدارة الحالية. إنهم لا يثقون في ما سيفعلونه بهذه المعلومات. عندما تنظر إلى ما يسمى بالحظر الإسلامي الذي تم إقراره، تجد أن الناس يهربون من رقابة الحكومة عليهم. لكني قلت لهم ’نعم، قد تكون هناك بعض الانتهاكات والمخاطر. لكن في نهاية المطاف، هذا هو أساس نظام حكومتنا، وهو إدراج أكبر عدد من السكان في التعداد’”.

Related posts

Top