لاساركا.. قندهار التهريب البحري بجنوب المغرب

تشهد الأقاليم الجنوبية موجة غير مسبوقة من الهجرة غير الشرعية، لاسيما من مدينة الداخلة
صوب الجزر الإسبانية غير البعيدة عن التراب المغربي، والتي تقطع مسافتها شبكات تنظيم الهجرة على متن قوارب الصيد البحري التقليدية، المسروقة أو المصنوعة في السر بدون رخصة من السلطات المتدخلة في القطاع.
وتعرض العديد من ملاك قوارب الصيد البحري التقليدية للسرقة بالداخلة، وذلك بكل من قريات الصيد؛ “لاساركا”، و”امطلان”، و”لبويردة”، و”نتيرفت”، بل إن هناك من تعرض لسرقة محركات قواربه من منزله من قبل عصابات الهجرة غير الشرعية.
وفي الوقت الذي تزداد فيه حدة تنظيم الرحلات غير النظامية إلى جزر الكناري الإسبانية، تتكتم بحسب مصادر بيان اليوم السلطات المحلية حول الموضوع، خصوصا وأنها ترفض منح رخص لصناعة قوارب صيد جديدة، وذلك عقب قرار مشترك بين وزارة الداخلية والصيد البحري.
وبات أرباب قوارب الصيد التقليدية المتضررين من ظاهرة السرقة، عاطلين عن العمل منذ عدة أشهر، واعدة السلطات المحلية إياهم بتسليمهم الرخص بعد انقضاء أجل ثلاثة أشهر، لكن لحد الآن لا وجود لبوادر انفراج الأزمة.
وكشفت وزارة الداخلية الإسبانية عن استقبال جزر الكناري لـ 16 ألف و760 مهاجرا غير شرعي على متن 553 قاربا، خلال الفترة الممتدة بين 1 يناير و15 نونبر 2020، بنسبة زيادة تعدت ألف و19 في المائة بالمقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2019، حيث استقبل أرخبيل الخالدات حينها ألف و497 مهاجرا غير نظامي فقط، على متن 93 قاربا.
وتجاوز هذا الرقم عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى إسبانيا برا أو بحرا برسم السنة الجارية، والذي حدده تقرير الداخلية الإسبانية في 15 ألف و667 مهاجرا غير شرعي، بانخفاض وصلت نسبته إلى ناقص 22.8 في المائة بالمقارنة مع سنة 2019 التي وصل فيها 19 ألف و762 مهاجرا غير نظامي.
وبحسب وكالة الأنباء الإسبانية “إيفي” (EFE) فإنه من المتوقع أن يزور رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز الرباط خلال 17 شتنبر الجاري، للقاء رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني وباقي الوزراء، واضعا على رأس أجندته ملف الهجرة غير الشرعية من المدن الجنوبية للمغرب نحو جزر الكناري.
كما أن وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا حلق نحو المغرب بتاريخ 20 نونبر الماضي لإقناع الرباط بضرورة التعاون المشترك لمحاربة الهجرة غير النظامية قبالة جزر الكناري، علاوة على استئناف عمليات ترحيل المهاجرين غير القانونيين بعدما توقفت منذ بداية 2020 بسبب أزمة وباء كورونا.
وفي هذا التحقيق تنقل جريدة بيان اليوم، تفاصيل عودة ظاهرة الهجرة غير الشرعية من جنوب المغرب، منذ خفوتها سنة 2006، حيث جرت العادة أن تنظم رحلات الهجرة غير الشرعية من المدن الشمالية للمغرب خلال السنوات الأخيرة.
وانتقل فريق جريدة بيان اليوم إلى قرية الصيد التقليدي “لاساركا” بالداخلة، باعتبارها نقطة انطلاق رحلات الموت فوق مياه المحيط الأطلسي، حيث عاين عن كثب تذمر المهنيين في الصيد التقليدي من الوضع الذي أصبحت شبكات الهجرة تتحكم فيه، لاسيما وأنهم تعرضوا لسرقة قواربهم التي تعتبر مصدر عيشهم اليومي.
وتوصف “لاساركا” بـ”قندهار” التهريب البحري في جنوب المغرب، مقابل “قندهار” البر بين المعبر الحدودي المغربي والموريتاني، حيث تعرف بانتشار تهريب البشر، والبضائع والسلع غير المرخصة.

***

عصابات تسرق قوارب الصيد التقليدي وتصنع أخرى سرا بالصحراء المغربية

تهريب البشر

المكان؛ مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، والزمان؛ العاشرة ليلا من يوم الجمعة 20 نونبر، والحدث؛ تنظيم رحلة جوية بين العاصمة الاقتصادية للمغرب ومدينة الداخلة.
أعطى طاقم الرحلة الضوء الأخضر لولوج المسافرين إلى الطائرة، من بينهم :أزواج، ونساء، وشيوخ، وشباب، بيد أنه في صفوف الأخيرين، لاحظت بيان اليوم وجود بعض الأفراد الذين تظهر عليهم علامات التذمر، والفقر، والتهميش، والمعاناة.
اعتقدت بيان اليوم في البداية بأن الأمر يتعلق بشباب قادم من مدن الداخل للاشتغال بشبه جزيرة الداخلة، غير أن أحاديثهم الثنائية سرعان ما صححت الفكرة الخاطئة، وظهر بأن الأمر يتعلق بسفر خاص، ومنظم من أجل الهجرة غير الشرعية على متن قوارب الصيد البحري.
واكتشفت الجريدة فيما بعد، بأنهم ينتمون إلى مجموعة واحدة والتي تضم حوالي 20 شخصا، ظهر من خلال حديثهم أنهم من أبناء مدن مختلفة؛ برشيد، وسطات، وبني ملال، والفقيه بنصالح، وخريبكة، وقلعة السراغنة.
وهذا الطرح، هو ما أكده بعض المسافرين في حديثهم مع بيان اليوم حول الموضوع، والذين تساءلوا عن السهولة التي ينتقلون بها بشكل جماعي بين الدار البيضاء والداخلة، أمام أعين السلطات الأمنية التي تسمح لهم بالسفر وتأشر لهم بالولوج، رغم علمها بأن الأمر يتعلق بخوض مغامرة فوق أمواج المحيط الأطلسي، بحثا عن وطن جديد يعوض المغرب.
دفع الفضول الجريدة إلى البحث في الموضوع بشكل مفصل، على الرغم من أن رحلتها كانت من أجل مهمة أخرى، تتعلق بالتطورات الأخيرة في المعبر الحدودي الكركرات بعد تدخل القوات المسلحة الملكية المغربية، بتاريخ 13 نونبر، وطردها لعناصر البوليساريو من المنطقة العازلة بفعل عرقلتهم لحركة مرور شاحنات النقل الدولي أثناء انتقالها لمعبر موريتانيا البري.
اتصلت بيان اليوم بالعديد من مصادرها بمدينة الداخلة، والذين أبدوا استعدادهم لوضعها في الصورة، انطلاقا من تقديم مجموعة من المعطيات حول ما يحدث بهذا الخليج المغربي، وصولا إلى زيارة قرية الصيد التقليدي “لاساركا”.
وتبعد قرية الصيد البحري “لاساركا” عن مدينة الداخلة، بحوالي 10 كلم، و”امطلان” بـ 111 كلم شمال شبه جزيرة الداخلة، و”لبويردة” بـ 130 كلم جنوب الداخلة، و”نتيرفت” بـ 65 كلم شمال الداخلة.

وتضم هذه القريات 3083 قاربا قانونيا للصيد التقليدي، حيث يوجد بـ”لاساركا” 1168 قاربا، وبـ”إمطلان” 300 قارب، و”لبويردة” 750 قاربا، و”نتيرفت” 950 قاربا قانونيا، وما يؤكد شرعية هذه القوارب هو توفرها على رقاقة مغناطسية في واجهتها، تحتوي على معلومات تقنية خاصة بصاحب القارب.
وتعتبر “لاساركا” نقطة انطلاق رحلات الهجرة غير النظامية، باعتبارها القريبة من مسار الطريق نحو الجزر الإسبانية المتاخمة لجنوب المغرب، والتي تعرض بها أرباب قوارب الصيد التقليدي للسرقة، من قبل شبكات تنظيم الهجرة غير الشرعية.
وتتحدد جزر الكناري الإسبانية في؛ “غران كناري”، و”تنريف”، و”لانزاروت”، و”فويرتيفنتورا”، و”لا بالما”، و”لاجوميرا”، و”الإيرو”، والتي تبعد عن المغرب بما يقارب 483 كلم يتم قطعها فوق أمواج المحيط الأطلسي في أزيد من 51 ساعة.
وقال أحد مصادرنا الذي سرق منه قاربه التقليدي، إنه صعق ليلة 27 غشت الماضي من عدم وجود قاربه في مكانه المخصص بالقرية، حينما كان يستعد إلى الدخول للبحر، حيث تفاجئ أيضا بسرقة قارب آخر في التاريخ نفسه، قبل أن يعلم بعد مرور يومين عن الحادث من أن قاربه وصل إلى “لاس بالماس”، وعلى متنه أزيد من 20 مهاجرا.
وأكد مصدرنا الذي فضل عدم ذكر اسمه أنه قام بالإجراءات القانونية المتمثلة في التصريح بالسرقة لفائدة مندوبية الصيد البحري بالداخلة، ثم حفظ الشكاية بالمحكمة الابتدائية، ووضع طلب لبناء قارب جديد لدى السلطات المحلية، مشيرا إلى أنه تمت سرقة حوالي 30 قاربا قانونيا بالمدينة نفسها في الآونة الأخيرة.
وأوضح أنه بعد ظهور هذه الموجة غير العادية من السرقة، اضطر جميع أرباب قوارب الصيد البحري التقليدي إلى توقيف نشاطهم، وجر قواربهم إلى أماكن بعيدة عن شاطئ البحر، أو بوضع أقفال في مكان تركيب المحرك، حتى يجد المهربون صعوبة في تنفيذ سرقتهم.

تهميش “لاساركا”

وبحسب ما عاينته بيان اليوم، فإن قرية الصيد “لاساركا” تحمل اسم القرية فقط !، نظرا لغياب أبسط شروط السلامة الصحية بها، من قبيل المرافق الصحية، والماء الصالح للشرب، والكهرباء، وكذا المنازل الخاصة بالصيادين، ثم المخازن الخاصة بأرباب قوارب الصيد البحري.
واستنادا إلى أحمد البحار بـ”لاساركا”، فإن غياب هذه البنية التحتية، يساعد شبكات التهريب في الدخول إلى القرية والتمركز بها، نظرا لغياب دوريات عناصر الأمن، باستثناء عناصر قليلة من الأمن الوطني والقوات المساعدة الذين يتواجدون في المدخل المفتوح في وجه جميع الزوار.
وأوضحت مصادرنا أنه بعد تسويق الأسماك المصطادة بشكل قانوني، يتم بيعها في المزاد العلني تحت إشراف المصالح المختصة، حيث يتم خصم نسبة 7.77 في المائة لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ثم 4.22 في المائة لصالح المكتب الوطني للصيد البحري بالداخلة.
ويفترض أن يذهب جزأ من النسبة الأخيرة إلى تجهيز “لاساركا” وتوفير شروط العمل بها، حيث ما زال الحريق الذي شب في أعشاش القرية خلال سنة 2012 يرخي بظلاله على الوضع الاقتصادي للمهنيين، الذين تكبدوا خسائر مادية فادحة تقدر بالملايين.
واستنادا إلى المعطيات التي توصلت إليها الجريدة، فإنه تم ضخ حوالي 84 مليونا و489 ألف و650 درهما خلال سنة 2020، كمستخلصات من تسويق منتوج الأخطبوط من قبل قوارب الصيد التقليدي.
ويعود هذا الرقم إلى فترتين، الأولى خلال فصل الشتاء من السنة الجارية؛ 57 مليونا و189 ألف و650 درهما، وذلك من حصة صيد 5718 طنا، والثانية تهم فصل الصيف الماضي بـ 27 مليونا و300 ألف درهم.
وأمام هذه الأرقام المرتفعة، يتساءل المهنيون حول إهمال “لاساركا”، وعدم التفاعل بشكل إيجابي مع مبادرات الصيادين الذين يبحثون عن الاشتغال في ظروف جيدة، من خلال توفير مستودعات تخزين معدات الصيد، وفضاءات لتبريد السمك، وبيوت مجهزة لاستقرار العاملين في الصيد البحري التقليدي.
وذكر العديد من المهنيين لبيان اليوم، رفض السلطات المحلية منحهم رخصة تجهيز القرية، للقطع مع الفوضى التي تشهدها “لاساركا”، باعتبار الوضع الحالي يساهم في انتشار تهريب البشر والممنوعات.
وفي طريقها وقفت الجريدة على تحرك الشباب نحو “لاساركا”، ملوحين بأديهم لسائقي السيارات المتجهة نحو القرية، بحثا عن شبكات التهريب بحسب مصدرنا الذي خبر هذا المسار والقرية التي أصبحت مهددة بالإفراغ من قوارب الصيد البحري أمام تغاضي السلطات على الظاهرة.
وطالب البحار أحمد الذي التقته الجريدة بالقرية، بتأمين “لاساركا” وإيلاء بحارتها القليل من الاهتمام بدل تهميشها، وجعلها معرضة للعبث من قبل العصابات التي تغولت بالداخلة، وأصبحت تستقطب ضحاياها من مختلف المدن المغربية.

 

قوارب عشوائية

وبحسب مصدر متطابق لبيان اليوم فإن كل شخص مرشح للهجرة غير النظامية يدفع للشبكة ما بين 20 و30 ألف درهم، وبعد استيفاء العدد المحدد يتم تحديد زمكان الانطلاق، بعد تزويد القارب بمحركين، الأول يتم تشغيله أثناء الرحلة، والآخر يوضع كاحتياطي، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، يتم تزويد القارب بأزيد من 600 لتر من البنزين لتأمين الرحلة، حيث تطرح هذه الكمية أزيد من سؤال حول طرق الحصول عليها من قبل محطات التزود بالوقود في المدينة !.
ويطالب المهنيون بضرورة اعتماد “البون” (وثيقة الاستخلاص) كما هو جاري به العمل في مدينة أكادير، لاقتناء الوقود المدعم، عوض جعل الأمور مفتوحة أمام الجميع لاقتناء كميات كثيرة يجهل سبب استعمالها.
وكشف المصدر ذاته استغلال هذه الشبكات لقوارب صيد أخرى غير قانونية، يتم تصنيعها سرا بالصحراء المغربية، قبل أن تنقل إلى قريات الصيد التقليدي بالداخلة، وتوضع عليها لافتات مكتوب عليها “تعاونية القوارب المعيشية”، يتم الحصول عليها بعد تقديم 200 درهم لفائدة أشخاص مجهولي الهوية.
وتقدر مصادرنا عدد القوارب السرية بالداخلة بحوالي 900 قارب، والتي لا يتوفر أصحابها على الوثائق القانونية، والتي استعمل عدد كبير منها في عمليات تهريب البشر بين المغرب والجزر الإسبانية.
وتثير هذه القوارب السرية، حنق أرباب قوارب الصيد التقليدي القانونية، متسائلين عن تساهل السلطات المحلية معهم بالرغم من تحركها أمام أعينهم في مياه مدينة الداخلة، مشتغلة خارج القانون المنظم للقطاع.
وتتم صناعة هذه القوارب، بدون احترام الشروط القانونية، كما أنها تصطاد كميات غير محددة من السمك، في الوقت الذي تحدد فيه مندوبية وزارة الصيد البحري بالداخلة حصصا معينة لفائدة القوارب القانونية.
واستنادا إلى المادة 12 من القانون رقم 59.14 المتعلق باقتناء سفن الصيد ومباشرة بنائها وترميمها فإنه؛ “يعاقب بغرامة يتراوح قدرها بين 5.000 و100.000 درهم كل من قام، لحسابه الخاص أو لحساب الغير، ببناء أو عمل على بناء سفينة صيد، في المغرب أو في الخارج، مخصصة لممارسة الصيد التجاري في المغرب، دون الحصول على الرخصة المسبقة المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون”.
وعلاوة على ذلك، تؤكد المادة ذاتها أنه؛ “تتم مصادرة سفينة الصيد موضوع المخالفة وتباع من طرف إدارة الأملاك المخزنية طبقا للتشريع الجاري به العمل، كما يجب أن لا يتم، في أي حال من الأحوال، تسجيل السفينة التي تم بيعها على هذا الأساس قصد ممارسة الصيد التجاري في المغرب، ويتم، في حالة عدم وجود مشتر، تدميرها على نفقة وتحت مسؤولية الشخص الذي قام ببنائها أو عمل على بنائها أو منحها إلى مؤسسة للتكوين في المجال البحري أو مؤسسة للبحث العلمي المطبق على الصيد البحري بعد موافقة المؤسسة المعنية”.
ويحتج المهنيون على السماح لأصحاب القوارب العشوائية بالاشتغال، في حين تبقى القوارب القانونية متوقفة عن العمل، بل إن الذين تعرضوا للسرقة لم يتوصلوا برخصة إعادة نجارة قارب آخر بعد، كما أنهم لم يستطيعوا استردادها من الجزر الإسبانية بالرغم من توكيل محامين في الموضوع.
وأوضحت مصادرنا، أن حرفيي النجارة الذين يصنعون القوارب، مسجلين لدى السلطات المحلية المرخصة لهم بالنشاط، وعلى هذا الأساس يجب تتبعهم، بالإضافة إلى مراقبة محلات بيع الخشب لصنع القوارب.
ووفق مصدر بيان اليوم فإنه يجب أن يتم اشتراط تقديم وثائق القارب لشراء الخشب، كما هو معمول به أثناء اقتناء محرك جديد، حيث الحاجة إلى تقديم نسخة من بطاقة التعريف الوطنية، ونسخة من جواز الأمان، ونسخة من رخصة الصيد للسنة الجارية.
وتتهم مصادرنا أصحاب هذه القوارب المجهولين، باستغلالها كذلك في عمليات الهجرة غير النظامية، وتهريب الممنوعات من الدول الإفريقية بجنوب الصحراء، من قبيل المخدرات، والتبغ، وغيرها من السلع والبضائع غير المرخصة جمركيا.
وكشفت مصادر الجريدة أن ظاهرة التهريب في مياه المحيط الأطلسي بجنوب المغرب تعود إلى سنة 2010، بدأ من تخصيص العديد من القوارب السرية لتهريب الأخطبوط من الداخلة، وصولا إلى تهريب البشر نحو الجزر الإسبانية المقابلة للتراب الوطني.
ويطالب المهنيون بالضرب من حديد على هذه القوارب التي أصبحت تتزايد بشكل واضح في الآونة الأخيرة، عوض غض الطرف عنها، وتشجيعها على التزايد على حساب المهنيين الذين يشتغلون تحت القانون، باحترامهم لجميع مساطر الصيد والتسويق.
وحول توجيه أصابع الاتهام إلى تواطئ أصحاب قوارب الصيد البحري مع شبكات الهجرة، أوضح أحد مصادر بيان اليوم، أنه لا يمكن لصاحب قارب قانوني عاقل أن يفكر في التعاطي للتهريب، بحكم أنه لن يجني من ورائه إلا المتاعب.
وزاد موضحا الفكرة، كون القارب المجهزة تصل قيمته المالية إلى حوالي 170 ألف درهم، ومن ثم يصعب المغامرة به، خصوصا وأن صنعه من جديد مكلف جدا، وهي المتاهات التي لا يجب الدخول فيها بالنسبة لمهني همه الوحيد هو ممارسة نشاطه في إطار شفاف.

***

فقدان الثقة

وأصبح العديد من أرباب القوارب يفضلون الاشتغال بأنفسهم عوض تعيين “رايس” كربان للقارب ومشرف على الفريق، لأن العديد منهم أقدم على الهجرة غير النظامية في غياب صاحب المركب الذي يضع ثقته في شخص معين.
وفي هذا السياق، أوضح مصدر الجريدة أن ما سيتقاضاه “الرايس” من رحلة منظمة للهجرة غير الشرعية، لن يربحه طيلة عدة سنوات بقرية “لاساركا” التي أصبح التشاؤم يخيم عليها في ظل الوضع البئيس الذي عليه اليوم.
وتساءل المصدر ذاته، عن كيف يمكن للصيادين أن يبقوا في هذه القرية التي تعتبر الأكبر في المغرب، غير أنه تغيب عنها أبسط التجهيزات، إلى جانب المنافسة التي تشهدها من القوارب التي يطلق عليها بـ”المعيشية”.
واشتكى المتحدث من الحصة المنخفضة لصيد الأخطبوط بالنسبة لقوارب الصيد التقليدية، وذلك في الوقت الذي تلتهم فيه سفن الصيد الساحلي والصيد في أعالي البحار الحصة الأكبر من هذا الصنف من الرخويات.
وتعرف مدينة الداخلة بصيد الرخويات، لاسيما الأخطبوط الذي تحدد وزارة الصيد كمية 15 ألف طن في السنة لصيده خلال فصلي الشتاء والصيف، ويحق لـ 3083 قاربا للصيد التقليدي القانوني بالداخلة، أن يصطاد كمية 1265 كلغ من الأخطبوط، خلال ثلاثة أشهر من كل فصل، حيث يقدر الحجم الإجمالي بـ 3 آلاف و900 طن، خاص بهذا الصنف من القوارب.
ويعتبر المهنيون هذه الحصة المحصورة في 26 في المائة ضعيفة جدا، بالمقارنة مع حصة الصيد الساحلي التي تقدر بنسبة 11 في المائة، والصيد في أعالي البحار بـ 63 في المائة، وذلك مع استحضار عدد قوارب هاذين الأخيرين، مع التنبيه إلى أن سفن الصيد في أعالي البحار تستمر في صيد الأخطبوط لمدة 4 أشهر.
ويطالب المهنيون بإعادة النظر في هذه “الكوطا”، استنادا إلى إعادة النظر في النسب الخاصة بهذه الفئات، والتي تعتبر سببا من بين أسباب الهجرة غير الشرعية التي تشهدها المدينة في الآونة الأخيرة، لاسيما في صفوف العاملين في قطاع الصيد البحري التقليدي، الذين يعانون من البطالة المقنعة.
وسجلت مصادرنا أن المهنيين الصغار في الصيد البحري بالداخلة، لم يعودوا قادرين على تأمين حاجيات أسرهم اليومية، وهو ما يدفع ببعضهم إلى التعاون مع شبكات الهجرة غير النظامية بـ”لاساركا”، وغيرها من قريات الصيد السالفة الذكر.
وحملت مصادرنا مسؤولية ما يحدث كذلك، إلى تواطئ أصحاب الجرارات مع هذه الشبكات، على اعتبارها المشرف على مهمة دفع وجر القوارب بشاطئ البحر، إذ يطالب المهنيون بضرورة ضبط عدد الجرارات، والتأكد من هويات أصحابها، والتحقق من وثائقها، بهدف تشديد الخناق على عصابات التهريب.
ويرى المهنيون الذين تحدثت معهم بيان اليوم، أنه في ظل الوضع العشوائي الذي تشهده “لاساركا” لا يمكن الحد من ظاهرة السرقة، وتنظيم رحلات الهجرة غير الشرعية، مطالبين بإنشاء مرسى أو “مريسة” صغيرة لضبط تحرك القوارب من طرف السلطات المختصة، عوض إهمالها وترك الوضع كما هو عليه.
وكشف مصدرنا بأن غيرة المهنيين على هذه القرية المهمشة، دفعتهم إلى إعداد تصور هندسي لتهيئة “لاساركا”، حيث تم تسليمه إلى السلطات المحلية بالداخلة، بيد أنه لم يتم التجاوب معه، وهو ما يتأسف المهنيون له، الذين أصبحوا لا يطيقون الاشتغال في هذه الظروف التي وصفوها بـ”الكارثية” والمواتية فقط لتفريخ شبكات التهريب.
وقالت مصادرنا إن “لاساركا” في حاجة إلى تطهيرها من الدخلاء والمجهولين وتجفيف منابع الأنشطة السرية بها، اقتداء بالذي حدث بـ “قندهار” التي كانت إلى وقت قريب منطقة عازلة تسود بها الفوضى في غياب للأمن بين الحدود البرية للمغرب وموريتانيا.
ووقفت بيان اليوم على انتشار الأزبال والأعشاش، و”البراريك”، والقوارب السرية، حيث يشجع هذا الوضع بحسب أكثر من متحدث، على تمركز شبكات التهريب بالقرية، التي أصبح الخطر يترصد كل جنباتها.
وعلى الرغم من وجود حراس خاصين بـ”لاساركا” إلا أن ذلك لا يشكل رادعا لعصابات التهريب التي باتت شبحا يقض مضجع أرباب قوارب الصيد البحري التقليدية، والذين قرر الكثير منهم التوقف عن العمل إلى حين اتضاح الصورة وتوفر الشروط الأمنية للاشتغال.

 

بين الحياة والموت

ورصدت بيان اليوم وجود العديد من الأشخاص بالقرب من الفنادق غير المصنفة، وذلك في صفوف الشباب بالدرجة الأولى، إلى جانب الشابات أيضا، والنساء اللائي يصطحبن معهن أطفالهن الرضع.
وأوضحت مصادر بيان اليوم أن هذه الفنادق التي يتراوح ثمن الإقامة بها لليلة الواحدة ما بين 50 و80 درهما، تكاد تصل نسبة المبيت فيها مئة في المئة خلال الأشهر الأخيرة، داعية إلى ضرورة قيام السلطات بحملات تمشيطية للتحقق من دواعي تواجد كل هؤلاء الأشخاص بمدينة صغيرة كالداخلة.
وكشفت مصادر الجريدة أن ما يزيد على تشجيع هؤلاء الأشخاص للهجرة نحو الجزر الإسبانية، هو عدم إرجاعهم من قبل سلطات هذه الجزر، في ظل غياب اتفاقية بين الرباط ومدريد تسمح لهذه الأخيرة بإعادة المهاجرين من مكان انطلاقهم في الوقت الحالي.
ويصبح بإمكان أي مهاجر غير نظامي أن ينتقل مباشرة إلى إسبانيا بعد وصوله إلى هذه الجزر، وقضائه نحو 14 يوما من الحجر الصحي للتأكد من خلو جسمه من الإصابة بفيروس كورونا.
وحصلت بيان اليوم على بعض المقاطع المصورة لرحلات الهجرة غير النظامية فوق أمواج المحيط الأطلسي، والتي يتقاسمها مهنيو الصيد البحري فيما بينهم، كما توصلت بصور قوارب الصيد البحري التقليدي، وهي راسية بشواطئ جزر الكناري.
ويشكل الصمت المطبق حول الموضوع في مدينة الداخلة مصدر قوة لشبكات التهريب التي بات جشعها يهدد مصدر رزق العديد من مهنيي الصيد البحري، الذين لم يتوصل بعضهم برخص صناعة قوارب جديدة، بعد سرقتها أو حرق المتهالكة منها بفعل تدهور حالتها الميكانيكية.
ويتساءل المهنيون عن مآل طلباتهم الموضوعة فوق طاولة السلطات المحلية، والتي لم يؤشر عليها بعد، وذلك في ظل عدم تحديد أجل معين، أو تقديم سبب وجيه يفسر هذا التعليق المستمر، مشددة مصادرنا بأن هذا الإجراء لن يوقف ظاهرة تهريب البشر التي ازدادت عصاباتها شراسة بالداخلة لأسباب يجهل مصدرها ودوافعها.
وسجلت مصادرنا أن العديد من الشباب تعرض للنصب من قبل شبكات التهريب غير النظامية، أو من قبل السماسرة، والوسطاء الذين وعدوهم بتأمين عبورهم نحو الجزر الإسبانية، إذ سرعان ما تتبخر أحلامهم وأمانيهم بعد سلب نقودهم وتركهم مشردين في شوارع شبه جزير الداخلة.
ويعجز الضحايا عن التوجه إلى مراكز الشرطة للتبليغ عن الحادث، خوفا من المتابعة القضائية، وهو ما يدفع بعدد منهم إلى العودة من نقطة الانطلاق، سواء عبر الحافلة، أو رحلة جوية كما هو الحال بالنسبة لأحد الشباب الذي عاد أدراجه مع بيان اليوم في رحلة جوية من الداخلة إلى الدار البيضاء، بتاريخ 26 نونبر الماضي.
وأخبرنا الشاب الذي رافقنا في الرحلة، أنه كان يخطط للهجرة إلى جزر الكناري الإسباني، إلا أنه فشل في المهمة، بعد أن شك في نية الشبكة المتخصصة في الهجرة غير النظامية، متوقفا عند هذا الحد، ورافضا تقديم المزيد من المعطيات حول الموضوع.
وإذا كان هذا الشاب وغيره، قد عادوا إلى مدنهم الأصلية وهم أحياء ويمشون على أرجلهم، فإن آخرين يتم إعادتهم إلى مسقط رأسهم من لدن السلطات المحلية وجثتهم في نعوش خشبية، وهو ما وقفت عليه بيان اليوم أثناء رحلة العودة.
وعاينت الجريدة إشراف عناصر الدرك الملكي على تأمين وضع هذه التوابيت إلى جانب أمتعة المسافرين، حيث رفضت السلطات التقاط صور هذه النعوش الخشبية، بعدما تأكد بأنها تعود لمهاجرين لفظهم البحر جراء انقلاب قارب الصيد البحري، وهم في رحلة غير شرعية صوب الجزر الإسبانية.
وذكرت مصادرنا أن السلطات المحلية شددت المراقبة على مدخل المدينة، بزيادتها لنقطة مراقبة جديدة، بعدما كانت توجد 3 نقط تفتيش فقط (40 كلم/ 25 كلم/ 10 كلم)، وهو ما وقفت عليه بيان اليوم، حيث يتحقق عناصر الأمن الوطني والدرك الملكي من هويات زوار المدينة الجدد.
وفي هذا الصدد، كشفت المديرية العامة للأمن الوطني، بتاريخ 29 نونبر الماضي، أن عناصر فرقة الشرطة القضائية بالمنطقة الإقليمية للأمن بمدينة الداخلة، تمكنت من إجهاض عملية للهجرة السرية، وتوقيف شخص يبلغ من العمر 25 سنة، يشتبه في ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في تنظيم عمليات الهجرة غير المشروعة والاتجار بالبشر.
وأوضح بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني توصلت بيان اليوم بنسخة منه، أنه تم توقيف المشتبه فيه بمنطقة الصيد الساحلي “لاساركا”، وهو في حالة تلبس بمحاولة تهجير ثمانية وثلاثين (38) مرشحا للهجرة غير المشروعة، من بينهم سيدة وثلاثة قاصرين، كان قد تعاقد معهم على تهجيرهم سرا نحو الشواطئ الاسبانية مقابل مبالغ مالية تناهز عشرين ألف درهم للمرشح الواحد.
وأضاف المصدر ذاته، أن عملية التفتيش المنجزة في إطار هذه القضية أسفرت عن حجز معدات لوجيستيكية يشتبه في استخدامها في تسهيل ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية، وهي عبارة عن زورقين تقليديين مزودين بمحركات ومجموعة من البراميل التي تحتوي على 560 لترا من البنزين، وبوصلة وسيارة رباعية الدفع.
وخلص البلاغ إلى أنه تم الاحتفاظ بالمشتبه فيه الرئيسي تحت تدبير الحراسة النظرية، فيما تم إخضاع المرشحين للهجرة غير المشروعة للأبحاث القضائية التي تشرف عليها النيابة العامة المختصة، وذلك للكشف عن جميع ظروف وملابسات هذه القضية، وكذا تحديد كافة الامتدادات والارتباطات الدولية لهذه الشبكة الإجرامية.

*****

مصطفى أوشكني: القوارب “المعيشية” غير قانونية والقضاء من يقرر في طلبات إعادة بناء القوارب المسروقة

قال مصطفى أوشكني مندوب قطاع الصيد البحري بالداخلة، إن القوارب التي يطلق عليها بـ”المعيشية” غير قانونية نظرا لعدم توفرها على أي ترقيم، ومن ثم فهي تشتغل بشكل غير شرعي.
وأكد مصطفى أوشكني، في تصريح لجريدة بيان اليوم، وجود متابعات قانونية في المحكمة لأصحاب هذه القوارب، حيث تراقب السلطات الولائية بجهة الداخلة وادي الذهب الملف عن كثب، مشيرا إلى أنه سبق وأن كانت هناك محاولة لتدمير هذه القوارب في إطار لجنة تترأسها الولاية.
وأوضح أوشكني أن اللجنة فشلت في المهمة، بعد اصطدامها مع أرباب هذه القوارب في مواجهة ثنائية بـ”لاساركا”، مردفا بأن أي تدخل في المستقبل يجب أن يكون معززا بأعداد مهمة من عناصر الأمن الوطني، والقوات المساعدة.
وأفاد مندوب قطاع الصيد البحري بالداخلة، أن السلطات الولائية كانت تشتغل على هذا الملف، بيد أن التطور الذي حدث بمعبر الكركرات في الآونة الأخيرة، أوقف الاشتغال على هذا الموضوع في الفترة الحالية.
وبخصوص طلبات الرخص بإعادة بناء قوارب صيد جديدة بالنسبة لمن سرقت منه، كشف المتحدث ذاته، أن هناك بالفعل من سرق منه قاربه، وهناك من ينزع الرقاقة القانونية ويضع قاربه مع الأخرى غير القانونية، كما يوجد نوع ثالث “يبيع قواربه لشبكات الهجرة غير الشرعية” على حد تعبيره.
وشدد مصطفى أوشكني أن المندوبية لا يمكن أن تبث في الموضوع، لأن القضاء هو من بيده ملف طلبات البناء، والتي يعطي فيها حكمه النهائي، حيث إذا تبث بأن مالك القارب غير متورط في عملية تهريب البشر، تقدم له الرخصة، والعكس صحيح.
وبعد سؤال بيان اليوم، حول عدد الطلبات المقدمة الآن بإعادة بناء قوارب الصيد، جدد أوشكني التأكيد، بأن الطلبات ليست موضوعة فوق طاولة المندوبية، بل في المحاكم والتي يتعدى عددها 20 طلبا.
وفيما يتعلق بالوضع في قرية الصيد التقليدي “لاساركا” وحول إمكانية وجود مشروع لتهيئتها، أفاد مندوب وزارة الصيد في الداخلة، بأنه في الوقت الحالي لا يوجد أي تصور جاهز لدى المندوبية.

 

الحسن الطالبي: نطالب النيابة العامة بالتحقيق في ظاهرة الهجرة غير النظامية بالداخلة

استنكر مولاي الحسن الطالبي رئيس جمعية أرباب قوارب الصيد التقليدي، ما يحدث بمدينة الداخلة التي سيطرت عليها عصابات تهريب البشر، داعيا السلطات المحلية إلى ضرورة التعاطي الجدي مع الظاهرة التي أصبح يعاني منها المهنيون.
وأوضح مولاي الحسن الطالبي في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن وتيرة التحويلات المالية من مدن الداخل نحو الداخلة ازدادت سيولتها، نظرا لتواجد العديد من الأشخاص بها، والذين ينسقون مع شبكات الهجرة غير الشرعية للعبور نحو جزر الكناري الإسبانية.
وذكر الحسن الطالبي، أن فنادق الداخلة مملوءة اليوم بالأشخاص المرشحين للهجرة، بما فيهم النساء والأطفال الرضع، متسائلا عن تساهل السلطات الولائية في السماح لهم بالتنقل نحو نقط الصيد بكل حرية.
وشدد الطالبي أن العديد من المهنيين يطالبون رئاسة النيابة العامة بالدخول على الخط، والعمل على فتح تحقيق للبحث في الموضوع، مشددا بأن الوضع لم يعد مقبولا بشكل كلي، لاسيما وأن العديد من المهنيين نقلوا قواربهم من شاطئ “لاساركا” خوفا على سرقتها.
وقال رئيس جمعية أرباب قوارب الصيد التقليدي بالداخلة، إنه لا يمكن الاستمرار في تقاذف المسؤولية والتنصل من تحملها، مشيرا إلى وجود تحركات أمنية لضبط شبكات الهجرة غير الشرعية على المستوى الوطني، خصوصا بقلعة السراغنة، وبني ملال، وخريبكة، وواد زم.

***

عبد الله البليهي: غياب الأمن بقرى الصيد يساهم في تفاقم سرقة القوارب والهجرة غير الشرعية

اعتبر عبد الله البليهي رئيس الكنفدرالية الوطنية للصيد التقليدي بالمغرب سرقة القوارب بالمعضلة الكبيرة في الظرفية الراهنة، لاسيما وأنه يتم استغلالها من قبل العصابات في تهريب البشر إلى سواحل الأراضي الإسبانية.
وذكر عبد الله البليهي في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن ظاهرة سرقة القوارب منتشرة في جميع المدن الساحلية للمغرب، مثل الجديد، وآسفي، والحسيمة، وأصيلة، وأكادير، غير أن الداخلة تشكل استثناء على اعتبارها قريبة بشكل كبير من جزر الكناري.
وأوضح البليهي أن ما يساعد شبكات التهريب على سرقة هذه القوارب، هو عددها الكبير المتواجد في قريات الصيد البحري التقليدي، والقريبة بالمناسبة ببعضها البعض، حيث يصعب مراقبتها بشكل دقيق.
وأشار رئيس الكنفدرالية الوطنية للصيد التقليدي بالمغرب إلى أن سبب تفاقم الظاهرة بالداخلة، وبـ”لاساركا” على الخصوص، هو غياب الأمن بهذه القرية التي تحمل اسم قرية الصيد التقليدي فقط !، لأنها تفتقد للبنية التحتية الخاصة بالصيد البحري، علاوة على غياب التواجد الأمني المكثف بها.
وقال المتحدث ذاته إنه لا يمكن القضاء على ظاهرة الهجرة غير الشرعية بالأقاليم الجنوبية، إلا من خلال التعاون بين السلطات المحلية والمهنيين الذين أصبحوا متوقفين عن العمل، في ظل غياب شروط الاشتغال، مؤكدا بأن الكثير منهم جر قاربه من جانب الشاطئ خوفا من السرقة.
وشدد بأن المهنيين لا يمكنوا أن يخاطروا بقواربهم من أجل بعض الدراهم، في رد منه على من يتهم أرباب القوارب ببيعها لفائدة شبكات الهجرة غير الشرعية، موضحا أيضا، بأنها هي مصدر عيش العديد من الأسر، ومن ثم لا يمكن المخاطرة بها في أنشطة مشبوهة.
ودعا عبد الله البليهي إلى ضرورة القطع مع ظاهرة القوارب التي يطلق عليها بـ “المعيشية”، مشيرا إلى أن المجال لا يسمح بتواجدها، خصوصا وأن الحديث جاري بين المهنيين في الوقت الحالي عن المطالبة بإعادة النظر في “كوطا” (حصة) كل قارب من الصيد البحري، خصوصا صيد الأخطبوط، الذي تستحوذ سفن الصيد بأعالي البحار على الجزء الأكبر منه.

إنجاز : يوسف الخيدر- تصوير: أحمد عقيل مكاو

Related posts

Top