لجنة الدعم المسرحي ترد على مقال “اختلالات في آليات دعم المسرح”

تناسلت خلال المدة الأخيرة مجموعة من الإشاعات، عبر بعض المنابر الصحفية بعينها، التي أصرت بل أمعنت في الترويج لمغالطات وادعاءات وأخبار كاذبة حول برامج الدعم التي تخصصها وزارة الثقافة للحقل الثقافي والفني، وبالأخص ما يتعلق بالدعم المسرحي.. ويرى عدد من المسرحيين أن صمت الوزارة عما ينشر بالصحافة، وعدم نفيها أو تأكيدها، يثير كثيرا من الأسئلة.. خصوصا أن وزير الثقافة الحالي دشن عمله الوزاري بتجميد عمل لجان الدعم المعينة بقرار والصادرة أسماؤهم بالجريدة الرسمية، من دون توضيح ولا اقتراح بديل.. الشيء الذي يهدد الموسم الفني بالفراغ. وثمة من يعتقد أن صمت الوزارة ينطوي على موقف سياسي بئيس ينتصر لحسابات ضيقة ولا علاقة لها بموضوع ولا بسياسة الدعم التي نهجتها وزارة الثقافة منذ حكومة التناوب سنة 1998 في عهد الوزير الاتحادي محمد الأشعري والتي تطورت بشكل لافت في عهد الوزير التقدمي محمد الأمين الصبيحي..
هذه الوضعية الملتبسة والعبثية الناتجة عن إصرار البعض على تسميم الأجواء بمقالات مغرضة مستندة على أخبار مختلقة وتسريبات من داخل الإدارة نفسها، أدت إلى جملة من التداعيات والاستغاثات كان أولها تنظيم وقفة احتجاجية، خلال شهر غشت المنصرم، من قبل بعض الفنانين المسرحيين أمام وزارة الثقافة للمطالبة بالإسراع بصرف دفعات الدعم للفرق المعنية بها.. وآخرها رسالة موجهة لإحدى الجرائد اليومية من قبل لجنة الدعم المسرحي لموسم 2017 يرد فيها أعضاء اللجنة على عدد من الادعاءات والمغالطات التي تضمنها مقال صادر عنها، مؤخرا، موضحين وجهة نظرهم حول التداعيات الناتجة عن هذا العبث، محذرين في ذات الوقت من «تبعات هذا الوضع الضبابي، الذي أصبح، مع صمت الوزارة الرسمي وعدم تقديمها أية توضيحات أو بدائل أو اقتراحات ملموسة وجدية، يتخذ أبعادا خطيرة وقابلة للتأويل على أنها سياسة ممنهجة لاعتماد الإشاعة أداة لتصفية الحسابات السياسية وصنع صورة إيجابية للمرحلة الحالية بناء على سابقتها، الشيء الذي لن يقود في نهاية المطاف سوى إلى تسميم الساحة الثقافية وتعقيد إمكانية تطوير وتحسين كل ما تم إنجازه من حكومة التناوب إلى الآن في المجال الثقافي».
رسالة لجنة الدعم المسرحي التي عممت على الصحافة قصد النشر، والتي توصلت بيان اليوم بنسخة منها، والتي ننشرها أسفله، سيكون لها، من دون شك، ما بعدها إذا أخذتها الوزارة المعنية على محمل الجد للخروج عن هذا الصمت غير المفهوم، وقد تؤثر فيما سيأتي من قرارات ومواقف المهنيين ومنظماتهم التمثيلية.

نشرت جريدة الصباح في العدد 5394 بالصفحة 13 يوم الجمعة 25 غشت 2017 مقالا تحت عنوان “اختلالات في آليات دعم المسرح” يستند على “تقرير لوزارة الثقافة والاتصال حول واقع الدعم المسرحي” ويوجه العديد من الانتقادات للجنة الدعم على أساس أنها مصدر عدد من هذه الاختلالات.
وانطلاقا من مسؤوليتنا كأعضاء بلجنة دعم المشاريع الثقافية والفنية في قطاع المسرح برسم سنة 2017، ومن باب التوضيح وتنوير الرأي العام الوطني والثقافي فإننا:
– نستنكر بشدة العمل اللامهني الذي أنجز به المقال والذي كان يفترض الرجوع لأعضاء اللجنة لأخذ رأيهم في الموضوع من أجل إعطاء صورة واضحة ومكتملة الأركان ولاسيما وأنه يدعي مغالطات متعددة ويطعن في مصداقية اللجنة بشكل سافر وفج؛
– نتساءل باندهاش عن طبيعة هذا التقرير الذي تدعي الجريدة أنها تتوفر على نسخة منه، وما هو الإطار القانوني الذي أنجز فيه ومن هو الجهاز الإداري الذي وقف على تحريره وتقصي حقائقه؛
– نتساءل عن الأدلة الثبوتية التي تطعن في مصداقية لجنة مكونة بشكل قانوني من مجموعة من المهنيين المتخصصين بقرار وزاري وتتمتع بكامل الصفة القانونية لمباشرة أعمالها؛
– نطالب وزير الثقافة والاتصال بنشر هذا التقرير إن وجد، ونفيه إن لم يوجد، والتحقيق في حيثيات المعلومات المسربة دون التمحيص والتدقيق فيها ومن هي الجهة التي تقف وراء التسريب؟ وفيما إذا كان “التقرير” المعني مجرد محضر لاجتماع مع فئة غاضبة من نتائج الدعم والتي تلقي الكلام على عواهنه ليصبح بقدرة قادر تقريرا رسميا، علما أن التقارير الرسمية ينبغي أن تنشر تحقيقا للشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وإذ تتأسف اللجنة للمستوى الهزيل الذي وصلت إليه معارك تصفية الحسابات الضيقة هنا وهناك، وفي ظل صمت الوزارة رسميا عن تفنيد أو إثبات العديد من المزاعم التي تمس الساحة الثقافية بصفة عامة والمسرحية بالخصوص، ودفاعا عن نزاهة ومصداقية أعضائها فإنه تضطر إلى توضيح المغالطات التي وردت في المقال المشار إليه أعلاه:
1 – أشار المقال إلى أن “مهنيين” في المجال المسرحي رصدوا مجموعة من الاختلالات بشأن آلية الدعم المسرحي خلال السنوات الأخيرة وذلك حسب “تقرير لوزارة الثقافة والاتصال”. إلا أنه لم يوضح من هم هؤلاء المهنيون. هل هم أشخاص معينون معروفون؟ أم نقابات؟ أم جمعيات مهنية؟ هل هم من المستفيدين من الدعم؟ أم من غير الحاصلين عليه؟ كما ربط المقال رصد هؤلاء “المهنيين” لاختلالات الدعم بالسنوات الأخيرة. فعن أي سنوات يتحدثون؟ فلم نسمع خلال السنوات الخمس الأخيرة، على الأقل، عن أي تقرير لأي جهة كانت باستثناء مذكرة النقابة المغربية لمحترفي المسرح (النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية) التي قدمت رؤيتها للموضوع سنة 2012 وساهمت بالتالي في وضع التصور الأخير للدعم المؤطر بالمرسوم رقم 2.12.513 الصادر في 2 رجب 1434هـ الموافق لـ 13 ماي 2013 المتعلق بدعم المشاريع الثقافية والفنية والقرار المشترك لوزير الثقافة ووزير الاقتصاد والمالية رقم 593.15 الصادر في 17 صفر 1436(10 دجنبر 2014) بتحديد كيفية دعم المسرح ودفتر التحملات لسنة 2017.
كما تحدث المقال عن “تقرير صادر عن وزارة الثقافة والاتصال” الذي لا نعرف عنه، نحن أعضاء لجنة دعم المشاريع الثقافية والفنية في قطاع المسرح المعينين من قبل هذه الوزارة، أي شيء. كما لا تعرف عنه الساحة المسرحية المغربية أي شيء كذلك. ونعتقد بأن الوزارة لو كان لديها تقرير في الموضوع لأفرجت عنه ليطلع عليه الجميع وليتحمل كل واحد مسؤوليته كما هو الشأن بالنسبة لتقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي وقف عند مجموعة من الملاحظات التي تهم سير وزارة الثقافة ومن بينها الدعم الموجه للثقافة والفنون. فعن أي مهنيين تتحدث صاحبة المقال؟ وعن أي تقرير؟
2 – تطرق المقال إلى أنه لم يتم الإعلان عن لجنة الدعم بشكل رسمي إلا بعد وضع الملفات، ولم تنشر أسماؤهم إلا بعد الإعلان عن النتائج في ضرب صارخ لمبدإ الشفافية.
بخصوص هذه النقطة نأسف كثيرا لعدم التحري من قبل الصحفية صاحبة المقال. فاللجنة تم الإعلان عنها بالجريدة الرسمية يوم الجمعة 20 دجنبر 2016 رغم أن قرار التعيين كان موضوعا لدى الأمانة العامة للحكومة قبل انطلاق إيداع الملفات، وأن النتائج لم يعلن عنها إلا في 29 دجنبر 2016، بمعنى أن اللجنة كانت معروفة رسميا قبل إعلان النتائج وليس العكس كما جاء في المقال، وبالتالي فهذا التصحيح يفند ما أشارت إليه الصحفية بالضرب الصارخ لمبدأ الشفافية.
3 – أشار المقال إلى أن اللجنة اشتغلت على الملفات في ظرف أسبوع في حين أنها تلقت مئات الملفات، وهنا نكرر أسفنا لغياب المهنية في التعامل مع هذا الموضوع، ونوضح بهذا الصدد أن عدد الملفات الخاصة بالإنتاج والتوطين هو 111 ملفا، وأن هذه الملفات قبل أن تصل إلى اللجنة تدرس أوليا من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالثقافة التي تقدم تقريرا مفصلا للجنة عن هذه الطلبات يهم بالخصوص الجوانب الإدارية والقانونية وكذا الوفاء بالالتزامات وذلك وفق المادة 10 من القرار المشترك المشار إليه سابقا.
كما تجدر الإشارة إلى أن من بين مشاريع التوطين السبعة عشر التي حصلت على الدعم هناك 11 طلبا هي مشاريع مستمرة منذ سنة أو سنتين ولها اتفاقية سابقة مع الوزارة مدتها ثلاث سنوات ودراستها لم تتم كما هو الشأن بالنسبة للملفات الستة الجديدة. أما على مستوى الإنتاج، ونظرا لأن التصور الجديد للدعم يلزم اللجنة باختيار المشاريع المتوفر فيها شروط الإنتاج والقابلة للإنجاز على اعتبار أن اللجنة ستعاينها في مرحلة موالية، فإنه يتم التركيز على الفرق النشيطة وطنيا وذات المشاريع المستوفية لكافة الشروط والمعايير المحددة بدفتر التحملات، مع تأخير الحكم النهائي عليها بعد المعاينة المباشرة للعرض. ورغم كل ذلك، فإن جميع أعضاء اللجنة اشتغلوا بتفان وبجدية كبيرة وبمعدل 12 ساعة في اليوم وبنزاهة كانت تحتم عليهم دراسة الملفات وإعادة دراستها في كثير من الأحيان.
4 – أشارت صاحبة المقال إلى أنه تم التعامل بانتقائية ما بين المشاريع المقدمة للتوطين وغيرها من المشاريع المقدمة للإنتاج بحيث تم اختيار المشاريع المقدمة للتوطين من خلال ملفاتها في حين أن المشاريع المقدمة للإنتاج أشعرت بقبولها مبدئيا إلى غاية إنجاز العرض ومعاينته من قبل اللجنة، مع العلم أن قيمة التوطين أكثر من قيمة الإنتاج ما يعني أن هناك تواطؤا واضحا لصالح أصحاب التوطين.
ولا بد هنا من الإشارة، مرة أخرى، إلى أن صاحبة المقال لم تطلع على قوانين الدعم المسرحي التي يحددها القرار المشترك ودفتر التحملات قبل صياغة خواطرها. فلتعلم السيدة الصحفية أن هناك قوانين تحكم عمل اللجنة وهي التي تحدد الشروط والمعايير ونوعية المشاريع والمستفيدين ومبالغ الدعم وطرق صرفها. وهي القوانين التي ساهم في صياغتها عدد من المهنيين الفعليين، وليس الوهميين، وعلى رأسهم النقابة المغربية لمحترفي المسرح (النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية) والفيدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة.
فأصحاب مشاريع التوطين، السيدة الكريمة، غير ملزمين بتقديم عروضهم أمام اللجنة حسب القانون والذي يمكن تغييره إذا التقت إرادة الوزارة والمهنيين، في حين هم ملزمون بتقديم ملفاتهم المشمولة بكل عناصر التقييم الفني والتقني إلى جانب تقديم البرنامج المدقق لأنشطتهم بفضاء التوطين وبمحيطه من مؤسسات تعليمية وشبابية وإصلاحية وغيرها، وهو شق مهم في عملية التوطين التي تبقى مبادرة مهمة لاشك أنها ستشكل، مستقبلا، التصور المثالي لتطوير المسرح المغربي وإشعاعه واندماجه داخل المجتمع. كما لابد من الإشارة، وحسب القانون دائما، إلى أن الفرق المعنية بالتوطين غالبا ما تكون فرقا مؤسساتية ولها حضور على المستوى الوطني والعربي والدولي، وتتوفر على مقرات خاصة، وأغلب العاملين بها محترفون.
أما بالنسبة لدعم الإنتاج، فالقرار المشترك ودفتر التحملات هما اللذان يحددان طبيعة التعامل مع هذا المجال، بحيث أن مبلغ الدعم محدد ولا يمكن تجاوزه، كما أن الفرقة مجبرة، بعد قبول ملفها، على إنجاز العرض لتعاينه اللجنة مقابل حصولها على منحة أولية للإنتاج لا تتجاوز 50 ألف درهم وقد يضاف إليها مبلغ الدعم إذا قبلت اللجنة المشروع. وإذا ما رجعت صاحبة المقال إلى النتائج وحاولت معاينة العروض المحصلة على الدعم ستكتشف بنفسها الفروق الحاصلة بين المشاريع. فليس هناك أي تواطؤ لصالح التوطين أو الإنتاج بعيدا عن تطبيق القانون اللهم ما يدور في ذهن محررة المقال.
5 – أشار المقال، أيضا، من ضمن ما أشار إليه، إلى ما أسمته الصحفية مصادرة حق أصحاب مشاريع الإنتاج من التنافس على طلبات عروض الجولات المسرحية بالتسريع بتوقيع عقود التوطين والتأخير بتوقيع عقود الإنتاج.
وهنا أيضا نلاحظ قمة عدم معرفة الصحفية بمجريات الدعم وعدم سعيها إلى فهم الأمور قبل صياغة هذه الإدعاءات العارية من الصحة والموضوعية. فبغض النظر عن التواريخ المحددة في دفتر التحملات، وبالرجوع إلى نتائج دعم مشاريع الإنتاج التي أعلن عنها يوم 31 مارس 2017، يتضح أن الفرق المستفيدة من دعم الإنتاج (22 فرقة) وحتى الفرق غير المستفيدة من الدعم أساسا يحق لها تقديم ملفاتها إلى غاية 28 أبريل 2017 أي (من 31 مارس إلى 28 أبريل). فهل هذه المدة غير كافية لتقديم الملفات للمشاركة في طلبات الجولات المسرحية الوطنية !؟ علما أن العروض الحاصلة على دعم الإنتاج ستعفى من المعاينة على اعتبار أن اللجنة عاينت عرضها الأول. ثم ما دخل توقيع العقود بالموضوع !؟ فأي فرقة أنتجت عملا جديدا مدعما أو غير مدعم وقدمت خمسة عروض، إلى جانب الشروط العامة الأخرى، يحق لها تقديم طلبها للجولات المسرحية الوطنية. فالمجال الخاص بدعم الجولات المسرحية الوطنية مخصص لكل الأعمال الجاهزة للعرض قبل (28 شهر أبريل) سواء كانت مدعمة في إطار التوطين أو الإنتاج أو من طرف المسرح الوطني محمد الخامس أو من طرف أية جهة كانت أو حتى الأعمال المنتجة بشكل ذاتي من قبل الفرق المسرحية المغربية.
6 – طرحت صاحبة المقال إدعاء واهيا آخر مفاده أن التقرير الوهمي وقف على أن هناك فرقا تم منحها 500 ألف درهم مقابل تقديم 10 عروض، في حين أن هذا المبلغ يفرض على فرق أخرى مستفيدة من دعم الإنتاج لتقديم أكثر من 40 عرضا.
إذا كان هناك فعلا تقرير صادر عن الوزارة الوصية يشير إلى هذه النقطة فهذه قمة العبث وإذا كانت الصحفية هي التي أبدعت هذه الترهات من خيالها فهذا ضرب صارخ بالفعل لمهنة الصحافة التي تقتضي الموضوعية والاطلاع والتحري والدقة.
فالبرجوع إلى دفتر التحملات لسنة 2017 (الصفحة 17)، ستجد صاحبة المقال أن المشاريع المقدمة في إطار التوطين لها الحق في الاستفادة من مبلغ يتراوح ما بين 300 ألف درهم و700 ألف درهم، حسب محتويات الملف وأهمية المشروع وتقدير اللجنة، ومقابل ذلك تنتج الفرقة عرضا مسرحيا وتقدم عشرة عروض منه إلى جانب إنجاز برنامج خاص بالتنشيط المسرحي والذي يشمل ورشات تكوينية ومحاضرات وندوات ولقاءات مع الفنانين وغيرها.
في حين أن المشاريع المقدمة لدعم الإنتاج فيشير دفتر التحملات لسنة 2017 دائما (الصفحة 10) إلى أنها تستفيد من منحة لا تتجاوز 50 ألف درهم بعد قبول ملفها مبدئيا، وتحصل، بعد تقديم عرضها وإجازته من قبل اللجنة، على الدعم الذي يضاف للمنحة على أن لا يتجاوز المبلغ كاملا 200 ألف درهم كحد أقصى مقابل تقديم ستة عروض فقط. وليست ملزمة كفرق التوطين بإنجاز برنامج ثقافي وتكويني وتحسيسي….
فأين هي الأربعين عرضا التي تتحدث عنها صاحبة المقال !!!!
7 – ترى الأخت الصحفية أن بعض فرق التوطين تتحايل في تنفيذ الورشات وأن هناك تبذيرا واضحا للمال العام إلى جانب عدم جدوى الورشات نظرا لأن هناك معاهد وظيفتها التكوين والتأطير.
من خلال هذه الملاحظة يتضح أن الأخت الصحفية غير ملمة بتاتا بقضايا المجال الفني عموما والمسرحي بالخصوص. فالتكوين في المجال الفني عموما والمسرحي خصوصا هو مطلب أساسي لكل المهنيين منذ زمان، بل هو مطلب للمجتمع المغربي برمته. لكن ليس هناك ما يكفي من المعاهد والمدارس والمراكز الثقافية لمواجهة المواهب الكثيرة التي تزخر بها بلادنا، وهذا ما يدفع النقاد والمختصون إلى المطالبة بالاهتمام بالمسرح في المدارس والثانويات والجامعات ودور الشباب ودور الثقافة وداخل الجمعيات لتكوين على الأقل ذلك المواطن الذواق للفن والذي سيكون متفرج المستقبل.
فكل هؤلاء المتدخلين المذكورين سابقا لن يستطيعوا لعب دور المعاهد المتخصصة وعلى رأسها المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي الذي يستقبل سنويا نحو 20 طالبة وطالبا فقط من المغرب كله (34 مليون نسمة) وكذلك بعض الأقسام المتناثرة هنا وهناك ببعض “المعاهد” الموزعة بين البلديات والجماعات والتي لا تتوفر فيها شروط التكوين في غياب الفضاءات الصالحة وغياب الأطر الكافية وعدم الاهتمام بالأطر الكفأة الموجودة…. الخ. ولن نقول بأن الورشات التكوينية التي ستنظم في إطار مشاريع التوطين ستنوب عن المعاهد في التكوين، بل ستكون إضافة لكل ما يتم في هذا المجال، فهي محطات تحسيسية لفائدة المواهب التي توجد بمحيط نشاط الفرقة ومناسبة للقاء المبدعين والفنانين المحترفين مع الشباب الطموح للمعرفة المسرحية. كما أنها أداة معقولة للتكوين باعتبار أن المشرفين عليها من المهنيين أو من الأكاديميين.
فمشروع التوطين هو مشروع متكامل يهم تنشيط الفضاءات الثقافية وتثمين الكفاءات البشرية العاملة بالمسارح وتنمية وتطوير الثقافة المسرحية لدى رواد هذه الفضاءات وخلق جمهور مسرحي للمستقبل.
8 – أشار المقال أيضا إلى أن هناك خللا في استفادة فرقة “دبا تياتر” التي حصلت على 450 ألف درهم في حين أن قاعة با حنيني تخضع للإصلاح.
يجب التوضيح هنا إلى أن فرقة “مسرح دبا تياتر” حصلت على مشروع التوطين منذ الموسم الأول (2014/2015)، أي في عهد اللجنة السابقة، ولها اتفاقية مع الوزارة لإنجاز مشروعها على مدى ثلاثة مواسم، وكان موسم (2016/2017) الموسم الثالث، ويؤكد دفتر التحملات لسنة 2017 في الصفحة 19 ذلك.
فالفرقة حصلت على الدعم في الموسم الأول بفضاء با حنيني وأعدت به عرضها المسرحي وأنجزت برنامجها الثقافي كاملا وقدمته حسب الاتفاقية. وفي الموسم الموالي (2015/2016) انطلقت الأشغال بقاعة با حنيني مما اضطر الوزارة إلى نقل الفرقة إلى “مسرح المنصور” بالرباط مؤقتا في انتظار العودة إلى قاعة با حنيني.
وتجنبا لوقوع نفس المشكل، فإن لجنة الدعم الحالية وضعت أثناء إعلانها عن تلقي مشاريع التوطين “مسرح المنصور” بدل قاعة با حنيني ويمكن التأكد من ذلك بالصفحة 20 من دفتر التحملات. وعلى كل حال فتدبير فضاءات التوطين هو من اختصاص الوزارة التي تحدد الفضاءات وتبقى حريصة على سيرها بدون مشاكل ووفق برنامجها العام الذي يعتبر التوطين جزءا منه.
وقبل الختام لابد من التأكيد على أن دعم المسرح المغربي كان مطلبا أساسيا لكل الأجيال المسرحية المتعاقبة وأنه جاء نتيجة نضال المهنيين والذي توج بتوقيع اتفاقية بين وزارة الثقافة والنقابة الوطنية لمحترفي المسرح (النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية) سنة 1998.
وتبقى هذه التجربة المغربية، التي بلغت سنتها التاسعة عشر، فريدة ومميزة استطاعت أن تنقذ المسرح المغربي من السكتة القلبية نهاية التسعينات، وضخت فيه دماء جديدة من الشباب وخريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي ومختلف المواهب سواء القادمة من المعاهد البلدية أو من مسرح الهواة أو من المسرح الجامعي.
واستمرار هذه التجربة وتطويرها المتواصل، بتشارك مع الفاعلين في الحقل المسرحي، هو الذي أوصلها لما وصلت إليه، وخصوصا ما يتعلق بمشروع التوطين بالفضاءات المسرحية الذي يمكن، إذا ما تطور أكثر وتعاملت معه الفرق بمهنية أفضل، أن يرقى بالمسرح المغربي إلى أعلى مستوياته ولا أدل على ذلك من النتائج التي تحققت بعد ثلاث سنوات من انطلاقه حيث وصلت فرقتان مسرحيتان مغربيتان، واحدة منهما حصلت على دعم التوطين، إلى المسابقة النهائية لجائزة الدورة الأخيرة لمهرجان المسرح العربي بالجزائر وتنافستا على الجائزة الأولى التي فازت بها فرقة “مسرح أنفاس”.
هذا وقد تركت فرقة “مسرح أنفاس” رفقة فرقة “مسرح الشامات” صدى مسرحيا وفنيا كبيرا على امتداد الوطن العربي.
وختاما، فالدعم الموجه للثقافة والفنون عموما، وللمسرح خصوصا، هو مكسب للساحة الثقافية والفنية المغربية وتنزيل للفصل 26 من الدستور ولا يمكن للمهنيين الحقيقيين التنازل عنه. أما القوانين المنظمة له (المرسوم – القرار المشترك – دفتر التحملات) فليست وحيا منزلا، ويمكن تغييرها في أية لحظة ومهما التقت إرادة الوزارة الوصية والمهنيين، وللإشارة فقد تم تعديل القرار المشترك أكثر من 10 مرات من سنة 1998 إلى الآن.
فعلى الجميع تهدئة النفس والجلوس إلى طاولة الحوار لترسيخ كل ما هو إيجابي وتحسين النقائص لمواصلة هذه التجربة بالنجاح المطلوب وبناء نسق للدعم مبني على التنافسية والاستحقاق وتجويد الخدمات الثقافية للدولة، وتجنب حروب الإشاعات المغرضة وغير المبنية على أسس لأن التجربة أثبتت أن مثل هكذا حروب صغيرة ليست في نهاية المطاف سوى سلاح بئيس لتغطية الضعف ولعرقلة جهود الإصلاح.
كما تنبه اللجنة وزارة الثقافة والاتصال إلى تبعات هذا الوضع الضبابي، الذي أصبح، مع صمت الوزارة الرسمي وعدم تقديمها أية توضيحات أو بدائل أو اقتراحات ملموسة وجدية، تتخذ أبعادا خطيرة وقابلة للتأويل على أنها سياسة ممنهجة لاعتماد الإشاعة أداة لتصفية الحسابات السياسية وصنع صورة إيجابية للمرحلة الحالية بناء على سابقتها، الشيء الذي لن يقود في نهاية المطاف سوى إلى تسميم الساحة الثقافية وتعقيد إمكانية تطوير وتحسين كل ما تم إنجازه من حكومة التناوب إلى الآن في المجال الثقافي.

عن لجنة دعم المشاريع الثقافية والفنية في قطاع المسرح
الرئيس: ذ. حميد الزوغي
المقرر: ذ. عبد الجبار خمران
المحرر الثقافي

Related posts

اترك رداً على غير معروف إلغاء الرد

*

*

Top