لقاحات جديدة ثنائية القدرة لمحاربة كوفيد-19

بدأ يجاز في مختلف أنحاء العالم استخدام اللقحات الجديدة المضادة لكوفيد-19، فأعطت السلطات الصحية الفرنسية مثلا موافقتها مؤخرا على اللجوء إليها. فما هي آلية عمل هذه اللقاحات؟ من يصنعها؟ وما الجديد الذي أضيف لها؟
يتمتع الفيروس المسؤول عن كوفيد-19، سارس-كوف-2، بقدرة على التحور على غرار الفيروسات الأخرى، وهو ما يعتبر آلية طبيعية لأن الفيروسات تتكاثر وقد تطرأ عليها تغييرات جينية عرضية مع تكرار الحمض النووي الخاص بها.
وجرى تطوير اللقاحات الأولى على أساس محاربة السلالة الرئيسة التي ظهرت في ووهان. ومنذ تلك المرحلة، ظهرت متحورات أخرى كدلتا وأوميكرون الذي يشكل في الواقع مجموعة من المتحورات تنتشر حاليا من بينها BA.1.
وكانت أوميكرون ومتحوراتها الفرعية هما الأكثر انتشارا طوال سنة 2022، واتخدتا سريعا مكان المتحورتين دلتا وألفا. أما حاليا، فتعتبر BA.5، وهي متحورة فرعية من اوميكرون، الأكثر انتشارا في أوروبا والولايات المتحدة. وتكيف شركات تصنيع الأدوية لقاحاتها الحديثة لتصبح قادرة على محاربة المتحورات الجديدة بصورة أفضل.
ولا يعد هذا الأسلوب حديثا، ففي حالة الأنفلونزا، مثلا، تستخدم لقاحات رباعية يجري تطويرها باستخدام مكونات من سلالتين من الإنفلونزا من النوع A، واثنتين من الأنفلونزا من النوع B.
أما في حالة كوفيد، فجرى تصنيع ما يسمى باللقاحات المزدوجة القدرة للهدف نفسه المتمثل في جعل الجهاز المناعي قادرا على التعرف إلى أكثر من متحور واحد. وقام تحالف فايزر/بايونتيك الأميركي الألماني تاليا بتكييف لقاحه الأول “كوميرناتي” لمواجهة سلالة ووهان وأوميكرون. ويوفر التحالف حاليا كجرعة معززة لقاح “أوميكرون BA.1” مزدوج القدرة لاحتوائه في الوقت نفسه على الرنا المرسال (mRNA) الخاص بفيروس سارس-كوف-2 الأساسي، والرنا المرسال التابع لمتحورة أوميكرون BA.1.
وأجازت وكالة الأدوية الأوروبية في أوائل سبتمبر استخدام هذا اللقاح. وتشير فايزر إلى أن مئات الملايين من الجرعات ستصبح جاهزة هذا العام.
إلى ذلك، جرى تكييف لقاح “سبايكفاكس” الذي تصنعه شركة “موديرنا” الأميركية ليصبح لقاحا ثنائي القدرة يحارب BA.1 استنادا إلى المبدأ نفسه الذي تعتمده فايزر. ووافقت كندا على استخدام هذا اللقاح المسمى “أوريجينال/اوميكرون BA.1” كما سمحت به وكالة الأدوية الأوروبية بداية شهر سبتمبر.
وتعمل الشركات على تصنيع لقاحات أخرى ثنائية القدرة تستهدف بالإضافة إلى السلالة الأصلية لمتغيرتي أوميكرون الفرعيتين BA.4 و BA.5 اللتين أصبحتا الأكثر انتشارا حاليا.
وعلى مستوى أوروبا، يظهر تحالف فايزر/بايونتيك تقدما في هذا المجال، إذ حاز نهاية غشت تصريحا طارئا من إدارة الأغذية والعقاقير (اف دي ايه) لاستخدام لقاحه الثنائي القدرة الذي يستهدف المتحورتين الفرعيتين BA.4 وBA.5.
وتلقى التحالف في 12 سبتمبر الضوء الأخضر من وكالة الأدوية الأوروبية أيضا.
من جانبها، طورت “موديرنا” لقاحا ثنائي القدرة يستهدف المتحورتين الفرعيتين BA.4 و BA.5. وحاليا، يعتمد لقاحها فقط في الولايات المتحدة إلا أن استخدامه لم يجز في أوروبا. وتوضح “موديرنا” أن لقاحها “سبايكفاكس” ثنائي القدرة ويحارب BA.1 “يظهر (…) أيضا استجابة أعلى ضد متحورتي اوميكرون الفرعيتين BA.4 و BA.5 مقارنة بلقاحات الجيل الأول”.
وفي ظل عدم توفر البيانات المرتبطة بالاختبارات السريرية بصورة كاملة، يقول مدير معهد الصحة العالمية في جامعة جنيف البروفيسور أنطوان فلاهاوت إنه يتوخى الحذر في شأن “تفوق” اللقاحات ثنائية القدرة الجديدة مقارنة بالنماذج الأولى.
وفي فرنسا، أجازت السلطات الصحية الأسبوع الماضي استخدام ثلاثة لقاحات ثنائية القدرة هي تلك الخاصة بـ”فايزر/بايونتيك” و”موديرنا” (لقاحاهما يستهدفان BA.1) و”فايزر” (لقاحها يستهدف BA.4 و BA.5)، بهدف استخدامها في حملة التلقيح المنتظرة في الخريف. وأوضحت السلطات الصحية بأن من يحصل على أحد هذه اللقاحات هم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بعوارض حادة وأقاربهم والعاملون في مهن من القطاع الطبي- الاجتماعي المعرضون أكثر من غيرهم لالتقاط الفيروس.
ويفترض أن تصبح هذه اللقاحات التي طلبت فرنسا عدة ملايين منها متاحة بسرعة في مراكز التطعيم والصيدليات.
وجرى تقديم طلبات إلى شركتي “سانوفي”(تصنع لقاحا ثنائي القدرة ويستهدف المتحورة بيتا) و”هيبرا” الإسبانية (تصنع لقاحا ثنائي القدرة على المتحورتين ألفا وبيتا) اللتين لا يزال لقاحاهما قيد الدراسة من وكالة الأدوية الأوروبية ولا يتوقع أن يصبحا متاحين قبل نهاية العام، بحسب المديرية العامة للصحة في فرنسا.

Related posts

Top