للاستقلالية ثمنها…

خلص اجتماع المكتب الجامعي لكرة القدم المنعقد زوال أول أمس الاثنين، إلى قرار مهم يقضي بفصل السلط، وذلك بمنح استقلالية للعصبة الاحترافية، وتحميلها المسؤولية الكاملة قصد تدبير البطولة الوطنية، عن طريق تفويض صلاحيات الجامعة للعصبة، لتعمل من الآن فصاعدا، بشكل مستقل إداريا وماليا.
كما سيعود للعصبة، حسب ما تسرب من أخبار، تدبير ملفاتها التأديبية عبر لجنة قضائية مختصة، وكل ما يتعلق بالتحكيم، على أن تبت كل عصبة وطنية في ملفاتها التأديبية، عبر لجن قضائية مختصة.
أما بالنسبة للجامعة، فستواصل الاطلاع بالبنيات التحتية، والتكوين وتطوير اللعبة، ورعاية المنتخبات الوطنية والعلاقات الدولية.
والأكيد أن منح استقلالية أو صلاحيات واسعة للعصبة، كان مطلبا ملحا، قصد الدفع في اتجاه تقوية المؤسسات، وإبراز نخب الأندية -على قلتها-، على أن تتفرغ الجامعة الأم، للأوراش الكبرى، والابتعاد عن الهواجس اليومية، وما يتفرع عنها من مشاكل وصراعات، تكاد لا تنتهي.
إلا أن منح استقلالية للعصبة، يقتضي توضيح العلاقة مستقبلا مع الجامعة، وهذا يمر عبر توقيع اتفاقية بين الطرفين، تحدد منطلقات العمل وصلاحيات العصبة، وحدود تخصصها، وهوامش حريتها، وهذا في الحقيقة مطلب ملح، تردد في أكثر من مناسبة.
وسبق لرئيس الجامعة فوزي لقجع، أن تحدث عن نفس الموضوع، خلال اليوم الدراسي المنظم بالصخيرات على هامش الإخفاق بكأس إفريقيا للأمم بمصر سنة 2019، وطالب بضرورة استقلالية العصبة الاحترافية، وتوفرها الذاتي على جميع آليات الاشتغال، لتكون عصبة قوية قادرة على القيام بمهامها، بعيدا عن الجهاز الجامعي، وإنهاء الجدل القائم بخصوص تدخل الجامعة في مهام العصبة، إلا أن هذا المطلب ظل مع وقف التنفيذ، في ظل غياب الرغبة الدافعة في هذا الاتجاه، من الطرفين معا.
إلا أن السؤال المطروح هو: هل العصبة قادرة فعلا على الاستقلالية كليا، عن جهاز الجامعة؟…
المؤكد أن لا أحد من أعضاء المكتب التنفيذي للعصبة أنفسهم، لهم القدرة صراحة على المطالبة جهرا بضرورة الاستقلالية، وإطلاق يد العصبة للعمل بمفردها، وهذا راجع إلى صعوبة المهمة التي تنتظرها، في حالة تخلي الجامعة، عن تحمل مسؤولية تدبير البطولة الوطنية، بمختلف حاجياتها ومتطلباتها.
فعلى المستوى المالي مثلا، هناك مؤسسات داعمة موجهة أساسا للمنتخبات الوطنية، ومسابقة كأس العرش تحت إشراف الجامعة، فكيف ستكون الأمور، بعد عزلها عن منتوج البطولة؟ وما سيترتب عن ذلك من تقليص للدعم المالي، ومدى تأثيره عن مجريات البطولة الوطنية، وهل للعصبة القدرة على البحث عن موارد خاصة، بالتعاقد مع مستشهرين آخرين، وتنويع مصادر تمويلها، وأن لا تظل في انتظار المنحة المقدمة من طرف الجامعة الأم؟…
إنها بالفعل إشكالية حقيقية، والمنطق يقول إن من يطالب بالاستقلالية عليه تحمل تبعاتها، وأن لا يتحول ذلك إلى مجرد شعار للاستهلاك الإعلامي، أو إلى مزايدة محسوبة للوصول إلى أهداف خاصة ضيقة…
ومع ذلك، فإن خروج العصبة من وصاية الجامعة مسألة ضرورية، شريطة العمل بجد للوصول إلى استقلالية حقيقية، كرهان مستقبلي ينبغي الوصول إليه.
وسبق لعبد السلام بلقشور، أن وعد مباشرة بعد انتخابه رئيسا للعصبة، بتحقيق العديد من المكاسب لأندية القسمين الأول والثاني الاحترافيين، في مقدمتها المزيد من الاستقلالية الإدارية والمالية، وإنجاز العديد من الأوراش بغرض تطوير كرة القدم الوطنية.
كما تعهد بأن العصبة لن «تعيش في جلباب الجامعة»، وأنه رفقة أعضاء مكتبه المديري، سيعملون على تحقيق استقلالية تامة، لخلق عصبة قوية بإمكانياتها المادية ورجالاتها وأنديتها، عبر مراحل وبطريقة تدريجية ومنظمة، عن طريق فتح مجموعة من الأوراش التي تدفع في اتجاه الاستقلالية التامة.
إنه كلام جميل، وكل المتدخلين ينتظرون تحقيقه على أرض الواقع، والمؤكد أن إدارة الجامعة بقيادة فوزي لقجع، لن تتخلى بسرعة عن العصبة، خصوصا في هذه المرحلة؛ وستستمر بدون أدنى شك في مسألة المواكبة والمتابعة، وحتى المراقبة الضرورية، بناء على اتفاقية الشراكة المفروض أن تحدد بوضوح العلاقة بين الطرفين.

محمد الروحلي

Related posts

Top