لماذا إذن وجود «الفار»؟

شهدت مباراة فريق الوداد البيضاوي ضد نهضة بركان، عن الدورة الرابعة عشرة من البطولة الوطنية الاحترافية لكرة القدم، مجموعة من الأخطاء التحكيمية الفادحة، والتي أثرت على مجريات المباراة.
حدث هذا، رغم وجود تقنية تحكيم بالفيديو أي ما يسمى اختصارا بـ «الفار»، وهذه ليست المباراة الوحيدة، ولا نعتقد أنها ستكون الأخيرة، التي ستعرف أخطاء مماثلة، إلا أن المشكل يكمن في حدوث أخطاء واضحة رغم الاستعانة بالتقنية الجديدة، والتي من المفروض أنها تساعد على التقليل من الأخطاء، وليس الحد منها بصفة نهائية.
إلا أن الغريب صراحة، هو أن هناك أخطاء يمكن إصدار حكم بشأنها وبسرعة، وبالعين المجردة، دون الرجوع إلى تقنية الفيديو، ورغم ذلك يتم تكرار ارتكاب أخطاء فادحة، وما يثير الدهشة أحيانا أن الحكم لا يكلف نفسه حتى الرجوع إلى الشاشة، وطلب الوقوف بالضبط على اللقطة، والتأكد من صحة القرار من عدمه، كما حدث مع الحكم بوسليم الذي لم يكلف نفسه عناء العودة لـ «الفار»، قصد التأكد من صحة اللقطة، وإظهار نوع من الجدية في التعامل مع الأحداث.
المؤكد أن تقنية الفيديو، وجدت لضمان نوعا من التكافؤ والإنصاف بين الفرق، والتقليل من حدوث أخطاء سواء كانت عفوية أو متعمدة، كما أن اعتماد «الفار» من شأنه إشاعة نوع من الثقة داخل الوسط، وخاصة الجمهور الرياضي، ووضع حد لثقافة الشك التي أصبحت سائدة وبقوة داخل المشهد الكروي على الصعيد الوطني.
وليس من المنطقي الاعتقاد بأن اعتماد التكنولوجيا الجديدة ستقضي نهائيا على حدوث أخطاء تحكيمية، لكنها وجدت للتقليل منها، وتفادي التأثير على النتائج، وعدم توجيه مجريات المباراة في اتجاه معين، وغيرها من الأهداف من وراء إدخال تقنيات جديدة، وجدت لخدمة التحكيم، وليس تشويهه.
الكل بارك خطوة الجامعة المغربية، بإدخال «الفار» رغم تكلفته المالية المرتفعة سنويا، كما أن استئناس الحكام المغاربة بهذه التقنية يعد مكسبا مهما، بعد أن تحولت هذه الخطوة  إلى ميزة مغربية خاصة على الصعيدين الإفريقي والدولي، إذ أصبحت ترجح كفتهم بأهم التظاهرات الخارجية، إلا أن ارتكاب أخطاء فادحة، لا يمكن أن تقع فيها العين المجردة،  تعد هفوة غير مقبولة تماما، خاصة وأن طاقما متكاملا يشرف على هذه العملية، بالإضافة إلى طاقم التحكيم الثلاثي، وهناك غرفة الفار وهناك الفيديو المساعد، ووجود إمكانية كافية للتأكد من اللقطة، ورغم ذلك ترتكب أخطاء غير مقبولة.
والسؤال الذي يتكرر في كل مناسبة، من المسؤول؟ وكيف يمكن التقليل من حدوث أخطاء؟ وهل هناك بالفعل تعمد أو توجه اتجاه فرق معينة على حساب أخرى؟
أولا لابد أن نلغي من تفكيرنا أن هناك تعمدا أو رغبة أو سوء نية لترجيح كفة فرق معينة، أو استمالة بعض الحكام، هذا مبدأ لا نقاش فيه، وإلا سندخل ضمن متاهات لا يمكن الخروج منها، لأن أي اتهاما مماثلا يتطلب حجج ودلائل دامغة، تمكن من اللجوء للقضاء، لكن لابد من اتخاذ إجراءات وحتى عقوبات رياضية، كمسألة التوقيف وحتى الإبعاد، أو فرض غرامات مالية، وغيرها من القرارات التي تذهب في اتجاه تحصين المجال، وضمان التقليل من هامش الأخطاء.
أما استمرار التفرج بالشكل الحالي، على ما يحدث من أخطاء أمام أعين الجميع، دون تدخل حاسم، فإنه يزيد من استفحال الأخطاء والتمادي في تكرارها، وهذا يقود بالضرورة إلى اندلاع احتجاجات، وسيطرة أجواء غير إيجابية، الشيء الذي لا يخدم أبدا القضية التي وجد على أساسها هذا «الفار».

>محمد الروحلي

Related posts

Top