لماذا يغضب المراهقون؟

يغضب ابنك المراهق أحيانا، بل قد يدخل في نوبة غضب جامحة من دون أن تعرف السبب الحقيقي لذلك. هذه المرحلة العمرية تتخللها الكثير من الاضطرابات النفسية والأسئلة التي تدور في ذهن المراهق حول مستقبله، والقلق الذي ينتابه من جراء التغيرات التي يمر بها.
فولدك لم يعد طفلا كما عهدته، ولكنه لم يصبح بعد شابا. في شخصيته بقايا من طفولة ما لبثت أن انتهت، في عينيه نظرة إلى الاستقلالية وتحمّل مسؤولية نفسه، في فكره ثورة على التقاليد والمجتمع وسلطة أهله، وفي جسده تغيرات، منها الظاهرة إلى العلن، ومنها ما يختلج قلبه ومشاعره وهو لا يبوح به.
لا يستطيع المراهق أن يتحكم بمشاعره القوية بشكل كلي، يمكن أن يثور لأسباب قليلة الأهمية، ويمكن أن يكون مزاجه متقلبا، فينتقل فجأة من قمة السعادة والثقة بالنفس والانفتاح، إلى الحزن والانزواء والضعف. يمكن أن تكون ردات فعله عنيفة في بعض المواقف البسيطة، فيرفع صوته أو يرمي الطبق أو يهدد بالقيام بتصرفات خطيرة قد تصل في بعض الحالات إلى التهديد بالانتحار، وغير ذلك من الانفعالات غير المبررة في الظاهر ولكنها ناتجة عن التخبط وعدم الاستقرار النفسي والجسدي في تلك المرحلة الانتقالية. 
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى ثورة المراهقين، نذكر منها التالي:
< انزعاج المراهق من عدم فهم والديه له ولما يحصل معه بوضوح، وبشكل خاص عندما يخطئان بالظن أنهما يعرفان ما يدور في ذهن ابنهما ويتصرفان على هذا الأساس.
< يغضب المراهق عندما يشعر بالقلق على أحد والديه أو كليهما ولا يحسن التعبير عن قلقه إلا بالغضب الذي يصبه على أهله أو على المحيطين به.
< الإحساس بالحرج هو من الأسباب التي تغضب المراهق، كما ويثور إذا شعر أنه خيب آمال أهله. من ناحية أخرى يغضب المراهق كثيرا إذا قارنه أهله بأحد أشقائه، وينزعج إذا تكلم أهله عن أصدقائه بطريقة سلبية، فهو يعتبر أن أصدقاءه هم أقرب الأشخاص إليه وهم يشبهونه، وأي إهانة لهم يعتبرها إهانة له.
< عندما يكون المراهق مكتئبا، يعبر عن ذلك بالغضب، وإذا حاول أحد والديه أن يحل مشاكله يعتبر أنه يشكك بقدراته، مما يثير عصبيته، فهو يريد من والديه أن يثقا به.
يحتار المراهق بين الرضوخ أو المواجهة، الكبت أو إشباع رغباته. هذا إلى جانب رغبته الشديدة بإثبات ذاته والتعبير عنها، وتعزيز ثقته بنفسه، كما أنه يهتم كثيرا بنظرة المجتمع إليه ويسعى إلى تجميل صورته. وهو في الوقت عينه بحاجة إلى الحب والقبول والتقدير من قبل الأشخاص المحيطين به، ولكنه يشعر بأن جميع من حوله وخاصة أهله لا يصغون إليه بشكل جيد ويناقضون جميع أفكاره، ويفرضون عليه نظرتهم وآراءهم الخاصة. وهذه كلها عوامل تشعره في الكثير من الأحيان بنوبات من الغضب والتوتر والإحباط.
في حاجة إلى المساعدة
 في المقام الأول، يجب على الأهل عدم اعتبار انفعالات ابنهما المراهق على أنها إهانة لهما، لأنها ليست كذلك، بل هي ناتجة عن التخبطات التي يشعر بها في العمق.
من ناحية أخرى، يمكن للوالدين مساعدة ابنهما من خلال جعله يشعر بأنهما داعمين له، يحبانه ويثقان به ويغاران على مصالحه، يساعدانه في بناء المستقبل الذي يريد، ولا يفرضان عليه أفكارهما.
عند حصول أي خطأ، يجب التعامل مع ذلك بذكاء وحكمة، وتطمين الابن أن كل شيء يمكن تصحيحه، ولكن لا يجب أن لا تتعدى تصرفاته الحدود المسموح بها فيما يخص احترام الذات والمجتمع والقوانين.
من المهم مساعدة المراهق وتدريبه على التفكير بالسبب الرئيسي الذي يدفعه إلى الغضب، ومساعدته على التفكير بطريقة إيجابية، وتمرينه على إتقان فنون الحوار والتواصل، وإعانته على إيجاد الطريقة المناسبة لتنفيس غضبه بالطريقة المناسبة. فمن المهم كذلك أن يشجع الأهل ابنهم المراهق على ممارسة الهوايات الترفيهية والثقافية والرياضية والفنية، وذلك لمنحه المجال للتنفيس عن انفعالاته بطرق صحية مفيدة.
وعلى الأهل أن يساعدوا أبناءهم المراهقين على بناء الاستراتيجيات التي يجب عليهم اتباعها لإحكام السيطرة على غضبهم، وذلك يشمل تدريبهم على الاسترخاء والتفكير العميق بالمشاكل لحلها، فيمكن للأهل أن يساعدوا ابنهم المراهق على مواجهة المشاكل من خلال فهمها وتحليل أسبابها وإيجاد الحلول بعيدا عن الغضب والعصبية.
العصيان والتمرد
في حالة الغضب، يصبح العصيان والتمرد من أكثر الصفات التي تتسم بها سلوكيات المراهقين، فيحتار الآباء في كيفية التعامل مع المراهق الذي لا يسمع الكلام، ويرفض الإصغاء والانصياع للأوامر، الأمر الذي يؤدي الى اتساع الفجوة بين الاثنين.
 وينصح في هذه الحالة بعدم التسرع في رد الفعل ومواجهة الغضب والتمرد بغضب أكبر وربما تصرفات أسوأ.
< لا للصراخ: لا يؤدي الصراخ والانفعال الى النتائج التي ترغبون بها، بل على العكس قد يفاقم الحالة سوءا ويجعل المراهق يعاند ويكابر لإثبات شخصيته وفرض قراره. ويتعلم بدوره الصراخ كوسيلة للمخاطبة والتعبير عن رأيه. انطلاقا من ذلك، يجب المحافظة على الهدوء والسيطرة على المشاعر وادارتها لاسيما أمام الأبناء.
< التواصل: للتعامل مع أي مشكلة تخص الأبناء المراهقين، يجب إشراكهم في الحوار والمناقشة، والإصغاء اليهم بكل هدوء، وبالأخص تفهم احتياجاتهم وترك هامش صغير من الحرية أمامهم. يجب التحلي بالمرونة، إعطاء الفرصة للمراهق للتعبير عن رأيه من دون الضغط عليه، تقبل آرائه مهما كانت، محاولة تعديلها بروية، والخروج من أسلوب الأمر والنهي، مما يعزز الثقة المطلوبة بين الآباء والأبناء ويساعد في بناء علاقة سليمة.  
< التحفيز والتشجيع: من الأمور المهمة التي تعزز الثقة بين الآباء والأبناء، وتقرب المسافات بينهما. تشجيع المراهق وتحفيزه كلما قام بأمر ما، يرفع من معنوياته، ويعزز شعوره بأنه أصبح قادرا على تحمل المسؤولية، وعواقب تصرفاته الخاطئة. المكافآت من وقت لآخر جيدة ومفيدة، وتساعد في جعل الأبناء يطيعون والديهم بكل سهولة للحصول على المكافأة. يمكن تخصيص بعض الوقت للخروج سويا للتسوق أو تناول الطعام في أحد المطاعم، واغتنام الفرصة للتحدث والنقاش.
 باختصار، إياكم والمواجهة بل اعتمدوا التوجيه وتحلوا بالصبر والهدوء، فالمواجهة تستفز الشاب المراهق وتدفعه الى مزيد من التحدي والتصلب والعناد، وقد تقوده الى تصرفات شاذة.

Related posts

Top