مؤتمر وزراء الزراعة للدول المنتجة للتمور.. سوسة النخيل الحمراء تهدد الأمن الغذائي وسبل العيش

أسدل الستار عن أشغال مؤتمر وزراء الزراعة للدول المنتجة للتمور يوم السبت 09 مارس الجاري في قصر الإمارات بالعاصمة ابوظبي، والذي  نظمته الأمانة العامة لجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير شؤون الرئاسة، وبالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) ووزارة التغير المناخي والبيئة بالإمارات، وذلك  بغية  وضع استراتيجية إطارية لاستئصال سوسة النخيل الحمراء وكذا إنشاء صندوق ائتمان لتنفيذ هذه الاستراتيجية بمساهمة من الدول المتضررة من حشرة السوسة الحمراء.
وباتت حشرة السوسة الحمراء (Rhynchophorus ferrugineus) تمثل خطرا على قطاع نخيل التمر كآفة رئيسية عابرة للحدود تصيب نخيل التمر وجوز الهند ونخيل الزينة. وقد ظهرت أول إصابة بها في جنوب آسيا، أخذت في الانتشار بسرعة في جميع أنحاء العالم. وفي الشرق الأدنى وشمال إفريقيا وحوض البحر المتوسط. وتتسبب هذه الآفة في إحداث أضرار واسعة النطاق في نخيل التمر وتؤثر على الإنتاج وسبل عيش المزارعين والبيئة. لذلك، تعتبر سوسة النخيل الحمراء من آفات الحجر الصحي في دول الشرق الأدنى وشمال أفريقيا وأمريكا اللاتينية، وبالتالي فهي هدف لتدابير الطوارئ في الاتحاد الأوروبي.
وتتسبب هذه الآفة في إحداث أضرار واسعة النطاق في نخيل التمر وتؤثر على الإنتاج وسبل عيش ما يقرب من 50 مليون مزارع وعلى البيئة. وساهم ضعف إجراءات الحجر الصحي وصعوبات الكشف المبكر عن المواد النباتية المصابة بسوسة النخيل الحمراء في الانتشار السريع لهذه الآفة، التي لم تتم مكافحتها بفعالية رغم الجهود المبذولة والموارد المقدمة من الدول والمنظمات.
وعمل خبراء وباحثين على سبر أغوار هذه المعضلة التي أضحت تؤرق منتجي التمور مما استوجب مكافحة سوسة النخيل الحمراء ومعالجة التحديات الناتجة عنها على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية مع وجوب تعزيز تعاون البلدان والمناطق ويقظتها من خلال المراقبة والرصد المبتكرة، والعمل على تفعيل البحوث المنجزة حول المكافحة البيولوجية لسوسة النخيل الحمراء، وتقييم الأثر الاجتماعي والاقتصادي.
الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، التي استهلتها مريم محمد المهيري وزيرة الدولة لملف الأمن الغذائي بالإنابة عن معالي الشيخ نهيان مبارك آل نهيان وزير التسامح رئيس مجلس أمناء جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، تميزت بالإعلان عن مساهمة دولة الإمارات بمبلغ  مليوني دولار أمريكي لدعم الصندوق الائتماني لاستئصال سوسة النخيل الحمراء، حيث نوهت الكلمة الافتتاحية بجهود كافة وزارات زراعة الدول المشاركة، بالإضافة إلى المنظمات الدولية التي جاءت لتقف صفا واحدا مع الدول المعنية لمواجهة خطر سوسة النخيل الحمراء. وستشرف وزارة الدولة لملف الأمن الغذائي، بالتنسيق مع جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي على إدارة وتنسيق البرنامج الوطني لمكافحة سوسة النخيل الحمراء بدولة الامارات العربية المتحدة، بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) التي سوف تستضيف هذا الصندوق الاستثنائي متعدد المانحين وتسهيل حوكمته وإدارته، والعمل على الاستفادة من قاعدة الخبرات الفنية الواسعة للمشاركين من أجل مساعدة الدول الأعضاء في بناء قدرات وطنية قوية لمكافحة سوسة النخيل الحمراء.
وأفاد الشيخ نهيان أن دولة الامارات العربية المتحدة لم تأل جهدا في دعم قطاع نخيل التمر على المستوى المحلي والعربي والدولي، بدءا من تنظيم أكثر من خمسة عشر مهرجانا دوليا للتمور بالإمارات، وخمس مهرجانات دولية للتمور المصرية، وثلاثة مهرجانات دولية للتمور السودانية، ومهرجانين دوليين للتمور الأردنية، بالإضافة الى تنظيم أكبر مؤتمر دولي للتمور بالعالم يُعقد كل أربع سنوات مرة ولستة دورات متتالية بالعاصمة أبوظبي، وذلك برعاية رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان. بالإضافة الى تأهيل مصنع التمور الحكومي بسيوة ومجمع التمور الحكومي بالوادي الجديد وإنشاء مخازن مبردة بالواحات البحرية في جمهورية مصر العربية، وحصول واحات نخيل التمر بليوا والعين بالإمارات على شهادة “جياس” بصفتها إرثاً إنسانيا زراعيا عالميا. وكذلك الحصول على شهادة غينيس الدولية للأرقام القياسية في مجال نخيل التمر.
وأضاف رئيس مجلس أمناء جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي أن دولة الإمارات ساهمت في دعم كافة البرامج التي من شأنها مكافحة سوسة النخيل الحمراء، بالتعاون مع المنظمات الدولية والدول الأطراف ذات العلاقة، مثمنا أهمية دعم صندوق منظمة الفاو الائتماني لتنفيذ استراتيجية إطارية لاستئصال سوسة النخيل الحمراء، لما تمثله هذه الحشرة من خطر عابر للحدود.

مساعي دولية لمواجهة السوسة

وقال المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) جوزيه غرازيانو دا سيلفا، خلال الجلسة الافتتاحية، إن دول منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا يمكنها أن تعوّل على دعم الفاو المتواصل لها في مكافحتها لسوسة النخيل الحمراء، إحدى أكبر الآفات الغازية في العالم.
وأضاف المدير العام للفاو: “احتواء سوسة النخيل الحمراء والسيطرة عليها والقضاء عليها في نهاية المطاف هو أمر ممكن، والفاو تتصدر الجهود في هذا المجال”.
 ومن الصعب الكشف عن سوسة النخيل الحمراء في وقت مبكر لأنها تتغذى على الأنسجة النامية للأشجار من الداخل. ويتعرض نخيل التمر، المتجذر في اقتصادات وثقافات شعوب الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، لخطر شديد، بما يهدد سبل عيش ما يقدر بـ 50 مليون مزارع في المنطقة.
وأكد غرازيانو إن القطاع “له تراث طويل في إعاشة البشر ودعم سبل المعيشة في المناطق الجافة والحارة” ويعتبر “مصدر دخل أساسي وأمن غذائي للمجتمعات الريفية ومساهم كبير في الاقتصادات الوطنية لدول المنطقة”. وينطبق هذا بشكل خاص على المنطقة العربية، التي تنتج 77 بالمائة من التمور في العالم وتصدّر حوالي 70 بالمائة من مجموع الصادرات العالمية من هذه المادة الغذائية. دور الفاو والدعم المطلوب ستستفيد كافة دول منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا من برنامج وضعته الفاو مدته خمس سنوات لمكافحة سوسة النخيل الحمراء. ومن المتوقع أن يصل البرنامج، الذي تبلغ تكلفته 20 مليون دولار أمريكي، إلى ملايين المزارعين.
وقد أوضح دا سيلفا في كلمته في اجتماع المانحين الخطوط العريضة لهذا البرنامج الذي يركز على ثلاثة عناصر مترابطة: البحث، وبناء القدرات، ونقل المعرفة والتكنولوجيا.
وقال دا سيلفا إن البرنامج يدعمه نهج متكامل لإدارة السوسة ثبت نجاحه بشكل خاص في موريتانيا، حيث تم الحد من انتشار الحشرة هناك بفضل المشاركة الفعالة للمزارعين وجمعياتهم التعاونية بشكل كبير.
وتطور الفاو أدوات بسيطة ولكنها فعالة لمساعدة المزارعين على مراقبة وإدارة آفة النخيل الحمراء بطريقة أفضل. فتطبيق السوسة الحمراء “SusaHamra” للهواتف النقالة يستخدم لجمع البيانات الأساسية عند فحص أشجار النخيل ومعالجتها وفحص المصائد الفرمونية لسوسة النخيل الحمراء.
ويتم الآن بناء منصة عالمية لرسم خرائط البيانات الميدانية والتحليلات من أجل اتخاذ قرارات أفضل. ويتم الجمع بين الاستشعار عن بعد وتقنية الذكاء الاصطناعي لرسم خرائط أشجار النخيل من أجل تحسين مراقبة انتشار سوسة النخيل الحمراء.
وأقرت الدول المجتمعة المنتجة والمصنعة لنخيل التمور بالبرنامج الإقليمي والذي يعتمد على دعم البحوث العلمية لمكافحة الآفة وبناء القدرات ونقل المعرفة والتكنولوجيا.
وأكدت المشاركون في المؤتمر على أهمية دعم القدرات بما في ذلك تدريب المدربين. وأكدت الدول على أهمية التعاون الإقليمي وتكاثف الجهود من أجل دعم وتفعيل المنصة الإقليمية لتحقيق الأهداف الإستراتيجية. كما شددت الدول على أهمية استخدام طرق المكافحة الأمنة بيئيا وصحيا.
ودعا المشاركون لمواصلة الجهود من أجل تنسيق أكبر لمواجهة كل الآفات وبناء وصياغة وتنفيذ استراتيجيات مستدامة لتطوير قطاع التمور على أسس مستدامة
وطالبت الدول من الفاو مواصلة الجهود من أجل حشد الموارد لاستكمال المشروع الإقليمي والتواصل مع ممولين عالميين مثل الإتحاد الأوربي.
وأوصت الدول أن تجتمع في نهاية عام 2020 من أجل تقييم ما تم إنجازه والتوصيات بالتنفيذ وإحكام إجراءات الاستراتيجية.
وأعلنت الإمارات العربية المتحدة دعم صندوق الائتمان بـ2 مليون دولار ليبيا في 250ألف والتي تضاف إلى الإعلان السابق للمكلة العربية السعودية بـ2 مليون دولار و0.1 مليون من سلطنة عمان.
كما ألتزمت الفاو بتقديم ما قدره 2.4 مليون دولار من برامج دعم فني استراتيجي على مستوى وطني وإقليمي للفترة ما بين 2.19 إلى 2.24 بناء على طلب الدول الذي يضاف إلى 1.9 مليون دولار تم تقديمهم بين عامي 2016 و2019.
وقررت المنظمة العربية للتنمية الزراعية المساهمة بـ100 ألف دولار أمريكي عينا لمكونات بناء القدرات والتشارك المعرفي. وثمنت الدول الجهود المبذولة من قبل جائزة خليفة لنخيل التمر والابتكار الزراعي ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والمنظمة العربية للتنمية الزراعي والمعهد العالي للدراسات العليا لحوض البحر الأبيض المتوسط سيهام باري والإيكاردا ومن قبل وزارة التغير المناخي والبيئة لدولة الإمارات.

< أبوظبي: محمد التفراوتي

Related posts

Top