ماء ساخن خمسة نجوم

أيّ مسافر يعتقد أن لديه حقا مكتسبا بمياه ساخنة في فندق خمس نجوم غلطان. أتحدث عن تجربة شخصية ومعاناة استمرت 18 يوما.
سافرت مؤخرا إلى عاصمة عربية في بلد يفخر بتاريخه السياحي. نزلت في فندق خمس نجوم. مدخل فاخر وموظفون مبتسمون وغرفة أنيقة فعلا. غسلت يدي بالماء وكانت حرارته فاترة. لم أنتبه. الغرفة في نهاية الممر ومن الطبيعي أن يأخذ الماء وقته ليسخن.
صباح اليوم التالي بدأت المعاناة. حمام بماء فاتر. البلد بارد، والماء الساخن ضروري.
أبلغت خدمات النزلاء وأنا خارج. قالوا سيرسلون الصيانة فورا.
عدت مساء وغسلت يدي ولم يخطر ببالي أن أترك الماء يجري لأتأكد. الصباح التالي نفس السيناريو.
اليوم الثالث قررت أن أمارس الرياضة. السفر مشروع لتخشب العضلات وتكلس العظام. عدت إلى الغرفة وجسمي يشتعل من حرارة التمرين والسونا بعده. حمام بمياه فاترة جدا. زاد إحساسي ببردها.
بعد الظهر مغص وآلام لأن جسمي يحتج. لا بأس.
ناديت الصيانة. شرحت لهم المشكلة، واستدعيت مهندسا قديما في عقلي لأقول لهم إن الغرفة آخر الممر وإن هناك تراكما في الهواء يحدث عادة في الأنابيب وإن العملية مجرد تنفيس. فعلوا وجاء الغيث ماء ساخنا. فرحت بالماء وببقايا المهندس في نفسي.
صباح اليوم التالي مياه فاترة. اتصلت بخدمة النزلاء، ولأنهم عرفوا السبب الآن فصاروا يحلّون المشكلة من دون النقر على الباب.
الصباح التالي استراحة موظف الصيانة الخبير، وكان عليّ أن أشرح الأمر لموظف الصيانة البديل. فعل، وجاءت المياه الساخنة.
تحوّل الروتين الصباحي إلى مكالمة لخدمة النزلاء تستبق الحمام. طلبت من الإدارة في مؤسستنا أن تتشكى للعثور على حل. وصل الأمر للمدير الكبير، بعد مرور بموظفة كانت تقول للإدارة إن استخدام صنبور المياه الساخنة عملية معقدة. ردت مديرة الإدارة أن الأمر لا يحتاج إلى ماجستير لفتح حنفية. أنا عندي دكتوراه في فتح الحنفيات.
في الليل عدت ووجدت مجموعة من المهمين في انتظاري. أنواع الاعتذارات، والعرض بالانتقال إلى الجناح الرئاسي في الفندق. تفاجأت. لا أزال في أول المطالب وهو توفير مياه ساخنة. لم أصل إلى مرحلة الانقلاب لكي أنزل بعدها في الجناح الرئاسي. عليّ المرور بحركة احتجاج، ثم اعتصامات، ثم إضرابات، ثم الانقلاب الذي يوصلني إلى الجناح الرئاسي. مياه ساخنة فقط بلا انقلاب. ثم هل شاهدوا حال غرفتي؟ كمية الملابس والأجهزة والأدوية التي خرجت من الحقائب كانت مهولة. هل ألملم كل وعثاء السفر هذه وأخضع للرغبات الانقلابية للوصول إلى الجناح الرئاسي؟ لا بالطبع. سألتهم أيضا عن أن الغرفة ربما كلفتهم مليون دينار بين بناء وأثاث وخدمات. هل من المعقول أن يكون الحل بتحريك النزيل من مكان إلى آخر بدلا من حل المشكلة؟ مضخة ربما بسعر ليلة في الغرفة تحل المشكلة.
حان وقت الرحيل وموعد الرحلة مبكرا. وقّت الهاتف على الرابعة والنصف فجرا. لملمت أغراضي وسرقني الوقت في حشو الحقائب. فتحت الحنفية والمياه باردة. انس الحمام، وتحمل رائحتك. نزلت أوقع على الفاتورة، فسألني الموظف بكل وقاحة: كيف كانت إقامتك؟ قلت له جيدة لو أصلحتم الماء الساخن. انظر إلي، أسافر بلا حمام صباحي. هل يوجد عذاب أكثر؟ قال (وهو من الذين كانوا في الفريق الذي عرض الجناح الرئاسي): لماذا لم تتصل بي؟ بربكم، ماذا أرد؟ وقّعت الفاتورة وشكرته واتجهت للمطار.

 هيثم الزبيدي كاتب من العراق

الوسوم , , ,

Related posts

Top