متسولون في تكاثر… الظاهرة تقلق راحة البيضاويين

انتشرت ظاهرة التسول بشكل كبير في الآونة الأخيرة بالعاصمة الاقتصادية، مما يتسبب في غضب البيضاويين وانزعاجهم من كثرة المضايقات المتكررة التي يتعرضون لها من قبل المتسولين وكثير منهم يتظاهرون بالإعاقة أو بفقدان بعض الأطراف من قبيل اليد أو الرجل. غالبا ما يتسبب استجداؤهم للصدقات في إحراج الناس الذين يتضايق بعضهم حين لا يجدون ما يمدونه إليهم.

انتشرت ظاهرة التسول بمدينة الدار البيضاء بشكل كبير في الآونة الأخيرة. والملاحظ أن الشحاذين تكاثروا بشكل مستفز، بحيث لا يوجد مكان سواء بالقرب من محطة الحافلات العمومية أو سيارات الأجرة الكبيرة، إلا ووجدت فيه متسولين ومتسولات يستجدون الصدقات. في الحقيقة، يتخذ المتسولون باب الأسواق مكانا رئيسيا لمزاولة “حرفتهم” بالإضافة إلى أبواب المساجد في المناسبات والأعياد وكل جمعة، بحثا عن محسن سخي يرق قلبه ويمد يده لجيبه لإخراج بعض الدراهم والتصدق بها عليهم. بمحطة الحافلات العمومية، توجد بكثرة نساء متسولات من مختلف الأعمار يحملن أطفالا صغارا ورضعا، يوظفنهم في استدرار عطف الناس والتأثير فيهم حتى يتصدقون عليهم. هكذا هي حالة متسولة تتخذ من الموقف الإجباري لخط الحافلة المتجهة للحي المحمدي، مقرا تزاول فيه “عملها” كل يوم حيث تأتي مرتدية أسمالا بالية وتحمل بين يديها طفلا رضيعا، وهي تحرص على هذه المستلزمات “المهنية” في الظهور بمظهر الفقير الجائع الذي هو في حاجة للعون والمساعدة. تستغل هذه المتسولة كل الفترات التي يقبل فيها الراغبون في استعمال الحافلة على المحطة لا فرق لديها بين وقت الذروة وباقي الأوقات العادية، مهمتها في ذلك، هي إغداق الدعوات وتكرار أسطوانة الفقر والعوز على مسامع المتواجدين بالموقف الاجباري لعلهم يعطفون عليها ببعض الدريهمات. الواقع، أن الناس يشفقون لحال هذه المتسولة بالرغم من كون الكثير منهم يشكون في أمرها ولكن مع ذلك بعضهم يناولها ما ترغب فيه من صدقة. يتسابق الأطفال المتسولون في جمع أكبر قدر من الصدقات، وعلى هذا الأساس يحتدم الصراع بينهم للظفر بأحسن موقع يجدب الناس أو يعرف حركة غير منقطعة للمارة، نموذج ذلك محطة التاكسيات بوسط هذه المدينة الصاخبة الجامعة لكل المتناقضات…
هنا في هذه المحطة، يتواجد أطفال في عمر الزهور كان من المفترض بهم أن يكونوا ساعتها في المدرسة، لكن حظهم العاثر، جعلهم يتركون الفصل الدراسي، مرغمين بشكل أو آخر، على تسول الناس.
من بين هؤلاء الشحاذين، طفل بجسد منهك، لا يتجاوز عمره تسع سنوات يهرول نحو الركاب بحيث يلحق بهم قبل امتطائهم لسيارة الأجرة ليستجديهم الصدقة، يحددها مسبقا في درهم واحد خلال دعواته المتكررة على المسامع، يقف متسمرا أمام سيارة الأجرة حتى يحقق مبتغاه، ثم يسرع اتجاه سيارة أجرة أخرى في حركة تكاد لا تنتهي سوى بوقت متأخر من الليل.
فيما المتسولات العجائز يتخذن من أبواب الأسواق المكتظة بالزبائن، مكانا آمنا للممارسة التسول متظاهرات ببيع المناديل الورقية وعلب السجائر.. متسولات عصفت بهن الظروف لامتهان التسول بدل الخلود للراحة في البيت على اعتبار سنهن المتقدم وحالتهن الصحية المزرية.
ترتاد امرأة عجوز، كل يوم “سوق القريعة”، الذي يشهد رواجا اقتصاديا مكثفا، لتبتاع بعض المناديل الورقية، وهي بذلك تشهر سلعتها بصوت خافت وتعرضها بدرهم واحد، مستعطفة الناس مساعدتها عن طريق شراء بضاعتها..
يستغل بعض المتسولين، التضامن والتكافل الذي يحث عليه الدين الإسلامي الحنيف، فتراهم يقبلون بكثرة على المساجد لمزاولة “حرفة التسول”، نموذج “المسجد المحمدي” بحي الأحباس الذي يعج بالشحاذين رجالا ونساء، لاسيما في أيام الأعياد والمناسبات فضلا عن استغلال كل جمعة لاستجداء الصدقات من المحسنين. ومن بين هؤلاء الشحاذين، رجل يقبل كل جمعة على نفس المسجد حيث يستغل إقبال المصلين لأداء الصلاة لتقمص شخصية الداعية لإقناع كل مصلي بأجر الصدقة الجائزة في حقه.
في الحقيقة، لقد حول تفاقم الظاهرة العاصمة الاقتصادية إلى مزرعة خصبة لإنتاج المتسولين، مما يتسبب في غضب البيضاويين وانزعاجهم من كثرة المضايقات المتكررة التي يتعرضون لها من قبل المتسولين، وكثير منهم يتظاهرون بالإعاقة أو بفقدان بعض الأطراف من قبيل اليد أو الرجل، تراهم يجلسون قرب الأبناك والصيدليات، أو بأماكن بمحاذاة المقاهي والمطاعم الشعبية وغيرها … وغالبا ما يتسبب استجداؤهم للصدقات في إحراج الناس الذين يتضايق بعضهم حين لا يجدون ما يمدونه إليهم.
فعلى الرغم من وجود برامج حكومية لمساعدة الفئات الفقيرة ومحاربة التسول، إلا أن الظاهرة تتفاقم يوما بعد يوم في العاصمة الاقتصادية الشيء الذي يفتح الباب للتساؤل حول الجدوى من هذه البرامج.

> روبورطاج: الحفيان إيمان
صحافية متدربة

Related posts

Top