متطوعون من منظمة “الطلائع – أطفال المغرب” ينقذون أطفالا وعائلات من الرحل حاصرتهم الثلوج

“ليلة أول أمس الأحد، قطعنا أزيد من 21 كيلومتر مشيا على الأقدام وسط الجبال والثلوج، من أجل أن نصل إلى 12 عائلة من الرحل حاصرتها الثلوج، حين وصلنا كان الأمر صعبا على التصديق، عشرات من العائلات تقبع تحت خط الفقر، وليس لها طاقة على مواجهة البرد والثلوج التي حاصرت المنطقة من جميع الجوانب.. لقد كانوا في وضع صعب جدا”.. هكذا علقت رئيسة فرع منظمة الطلائع أطفال المغرب على عملية إنقاذ عشرات الرحل بمرتفعات جبال تغروت نواولزي، بمنطقة تامتتوشت التي تبعد على إقليم تنغير بحوالي 70 كلم.
نادية أوهادي، جمال الداوشي، حنان آيت علي، نعيمة علاوش، سعاد التواتي، بويخت سعاد، سكينة أغجدين، فاطمة جلعو، تودة واكنين، كلهم مناضلون ومناضلات في صفوق منظمة الطلائع أطفال المغرب، اختاروا التضحية عنوانا لعمليتهم التي انطلقت منذ يناير الماضي إلى يومنا هذا والتي يهدفون من خلالها إلى إنقاذ عشرات العائلات من الرحل الذين حاصرتهم الثلوج.
البداية كانت، حسب نادية أوهادي، رئيسة فرع تنغير لمنظمة الطلائع أطفال المغرب، نهاية يناير الماضي، حين بدأت التساقطات الثلجية بالإقليم، حيث تقول المتحدثة “شرعنا في تحديد أماكن الأسر العالقة وربط الاتصالات مع الجمعيات الصديقة والسلطات وعدد من المتطوعين من أجل إنقاذ العائلات المحاصرة بالثلوج”.
وأوضحت نادية أوهادي، في حديثها لبيان اليوم، أن البداية كانت بالتوجه نحو الجبال القريبة، حيث تم إنقاذ 4 عائلات من الرحل، وتم توزيع الإعانات الضرورية عليهم، سواء الأغطية والأفرشة أو المواد الأساسية. مشيرة إلى أن عدد المستفدين بدأ في الارتفاع يوما بعد يوم، “خصوصا مع توغلنا أكثر في الثلوج”، تقول المتحدثة. مضيفة أن العدد فاق 12 أسرة مستفيدة في اليوم الواحد بالنظر لوصول الشباب المتطوع لمناطق بعيدة جدا وصعبة.
من جانبها قالت عضوة مكتب الفرع حنان آيت علي إن عملية الإنقاذ تمت بالتعاون مع مجموعة من الفعاليات الجمعوية وعدد من الشباب المتطوعين، مبرزة أن عشرات من الشباب من منظمة الطلائع أطفال المغرب – فرع تنغير مرفوقين بمتطوعين من جمعية التكافل الاجتماعي بإسبانيا، جمعية تامونت للرياضة ايت الفرسي، جمعية تعورما بتمتاتوشت وشباب من مدينتي الرباط وفاس قاموا بقطع 21 كيلومتر مشيا على الأقدام من أجل إنقاذ 12 عائلة من الرحل كانت محاصرة في مرتفعات قرية تامتتوشت بإقليم تنغير.
وأوضحت المتحدثة أنه تم خلال هذه الحملة التضامنية توزيع مساعدات إنسانية من الملابس والأغطية، والأحذية والمواد الغذائية الأساسية. بالإضافة إلى الخيمة الخاصة بالأطفال اليتامى ولوحتين للطاقة الشمسية لتوفير الإنارة للخيمة.
عشرات العائلات.. لا زالت محاصرة!

ورغم المجهودات التي تبذلها السلطات والمتطوعون الشباب بإقليم تنغير إلا أن عددا من الأسر وعائلات الرحل لا زالت عالقة وسط الجبال بإقليم تنغير، خصوصا بجبل “أوزغن”، وحسب المعطيات التي توصلت بها “بيان اليوم” فإن ما يزيد عن عشرات العائلات من الرحل تعاني وسط الثلوج بإقليم تنغير دون أن تتمكن السلطات من الوصول إليها، وأضافت مصادر الجريدة من عين المكان أن عددا من الأسر تعاني بشدة بسبب نفاذ المؤونة ونفوق القطيع، إذ كشفت ذات المصادر أن عائلات الرحل، في هذه البقعة وحدها، فقدت في هذا الأسبوع ما يزيد عن 220 رأسا من الماشية.
وأطلق عدد من الشباب بمواقع التواصل الاجتماعي، نداء استغاثة من أجل إنقاذ جميع العائلات العالقة وإيوائها من موجة البرد وتوفير حاجياتها الأساسية من المأكل والمشرب والتدفئة وإيجاد حلول لوضعيتهم الاجتماعية.
من جهة أخرى سبق لشباب منظمة الطلائع أطفال المغرب أن أطلقوا مبادرة من أجل إنقاذ عائلات الرحل وتوزيع إعانات منذ بداية موجة البرد والثلوج قبل أسبوعين، حيث تمكنت منظمة الطلائع – فرع تنغير من توزيع عدد من الإعانات على عدد من أسر الرحل كما أطلقت بدورها نداء استغاثة للسلطات المحلية من أجل إنقاذ بعض العائلات وإرسال مروحيات لإنقاذهم من وضعهم الحرج بسبب ارتفاع برودة الطقس ونفوق ماشيتهم بالإضافة إلى الوضع الصحي المتدهور لكثير من الأطفال والشيوخ من عائلات الرحل.
في هذا السياق قالت نادية أوهادي رئيسة فرع الطلائع أطفال المغرب، لبيان اليوم، إن المنظمة تقوم على مدار السنة بإقليم تنغير بخدمة الطفولة ولا سيما الطفولة الفقيرة بأعالي الجبال بإقليم تنغير، حيث أكدت أن المنظمة سبق وأن وقفت على الوضع الكارثي بجبل “أوزغن” بالنظر لحجم الفقر الذي ينهك الساكنة وكذا بسبب حاجيات الساكنة وخصوصا الأطفال إلى ملابس وأغطية من أجل مواجهة أزمة البرد.
وأوضحت المتحدثة أن فرع الطلائع بتنغير أطلق نداء لعدد من الجمعيات الدولية الصديقة بإسبانيا وفرنسا وعدد من الجمعيات الوطنية من أجل حشد المساعدات لهذه المنطقة الواقعة على بعد 100 كيلومتر من إقليم تنغير وذلك قصد توزيعها بهذه المنطقة وإنقاذ الطفولة والساكنة من موجة البرد التي قد تؤدي بكارثة إنسانية بالمنطقة.
وأبرزت أوهادي أن المساعدات شبه جاهزة، وأن المنظمة تنتظر أن تفتح الطريق نحو المنطقة بعدما انقطعت كليا بسبب الثلوج، مشيرة إلى أنه تم إشعار السلطات المحلية من أجل توفير مروحية لتوزيع المساعدات بالنظر للحالة الحرجة للساكنة، التي تتصل بعدد من المناضلين والمهتمين من أجل تسريع المساعدات لسوء الوضعية.

منظمة الطلائع – فرع تنغير.. توضيح لا بد منه!

دائما، وما إن يقوم إطار جمعوي وطني محسوب على حزب سياسي، كما هو الحال مع منظمة الطلائع أطفال المغرب الذراع التربوي الموازي لحزب التقدم والاشتراكية، بمجهودات ذاتية لمناضليه ومناضلاته، باعتبار ذلك من صميم مهامه وأدواره التي يقوم بها بشكل نضالي وتطوعي لمعنقة قضايا الفئات الشعبية ومساندتها، تسارع بعض الجهات إلى اختلاق اتهامات باطلة لا تستند على أي منطق.
في هذا الإطار، وعوض أن تقوم بعض الأطراف بإقليم تنغير بالتعاون مع الشباب المتطوع من أجل إنقاذ الرحل أو تنافسهم في ذلك، تفضل، هذه الأطراف، اختلاق اتهامات غير صحيحة توجهها لمناضلي ومناضلات الطلائع أطفال المغرب في محاولة لتبخيس عملهم أو ثنيهم عنه وتيئيسهم.
شباب الطلائع بإقليم تنغير، وفي تدوينات لهم على موقع التواصل الاجتماعي، أكدوا أنهم لا يلتفتون لمثل هذه “التفاهات” وأنهم ماضون في عملهم ونضالهم من أجل الطفولة المغربية وخصوصا “طفولة الجبال” التي تعاني في جبال تنغير مأساة مزدوجة بسبب الظروف الاجتماعية من جهة والتقلبات المناخية القاسية من جهة أخرى.
هذا وسبق أن عممت منظمة الطلائع أطفال المغرب – فرع تنغير توضيحا للرأي العام حول أنشطتها التي تقوم بها في جبال تنغير من أجل إنقاذ الرحل، أكدت فيه أن “فرع منظمة أطفال المغرب بتنغير كباقي الفروع الوطنية.. فرع نشيط بالمغرب وخصوصا بالجنوب الشرقي للمملكة، نسعى من خلاله إلى خدمة الطفولة المهمشة والمحرومة وتقديم الخدمة الإنسانية والترفيهية وكذا التوعية الصحية وتشجيع التمدرس عبر تنظيم أنشطة هادفة ونوعية في المدارس والفضاءات العامة وذلك عبر تراخيص من السلطات والمؤسسات”.
وأضاف التوضيح أن “منظمة الطلائع أطفال المغرب – فرع تنغير تعمل بالتنسيق مع مختلف الفاعلين وخصوصا من المجتمع المدني محليا وجهويا ووطنيا وحتى دوليا وفق المقاربة التشاركية لتحقيق التنمية وخدمة المصلحة العامة”.
ويأتي هذا التوضيح، حسب ما علمت به “بيان اليوم”، بعد اتهامات وجهتها بعض الأطراف إلى الشباب المتطوع، من قبيل خدمة المصلحة الشخصية ومحاولة الاغتناء والربح المادي. والجري وراء أهداف لا إنسانية ولا تربوية، وهي اتهامات “غير منطقية” وغير مفهومة بالنظر إلى طبيعة النشاط الإنساني الذي انخرط فيه شباب من داخل المنظمة ومن خارجها.
وردا على الاتهامات التي وجهتها تلك الأطراف قال جمال الداوشي عضو مكتب فرع الطلائع أطفال المغرب – تنغير وأحد الشباب المشاركين في عملية الإنقاذ والمساعدة، في تدوينة له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “مجال الطفولة مجال صعب وأتحدى أي شخص كي يستمر في هذا المجال ويضحي بوقته وماله لهذه الفئة”. متابعا “التقرير المالي والأدبي سوف ينشر لاحقا لكي يتم الاطلاع عليه ويطلع عليه أصحاب الاتهامات المطبوخة مسبقا”.
جدير بالذكر أن حملة الطلائع أطفال المغرب وعدد من الجمعيات المحلية والوطنية والدولية بالإضافة إلى عدد من الشباب المتطوع لا زالت مستمرة بجبال تنغير والمناطق المجاورة من أجل تحديد أماكن الرحل العالقين وسط الثلوج وإنقاذهم. كما يذكر أن السلطات المحلية لتنغير أطلقت بدورها حملة بالتنسيق مع الدرك الملكي للبحث عن الرحل العالقين بجبال أمسمرير وتلمي بإقليم تنغير من أجل تسليمهم المساعدات الغذائية والأغطية.

> محمد توفيق أمزيان

Related posts

Top