مجرد حبر على ورق…

لم يكن من غريب الصدف أن يتزامن رجوع الإلترات، لمدرجات الملاعب المغربية، مع عودة الشغب وأحداث العنف المرافق للمباريات الرياضية، فقد اندلعت بكل من الحسيمة وسيدي قاسم شرارة العنف والتخريب والاعتداءات والاعتقالات، إلى درجة بدأت مختلف الأوساط الرياضية، تؤيد قرار وزارة الداخلية، القاضي بحذر كلي لأنشطة هذه الكيانات الجديدة التي بدأت تتحكم في حركات وسكنات الجماهير الرياضية بمختلف المدن المغربية.
وإذا كان بلاغ الإلترات ينفي جملة وتفصيلا أي مسؤولية له في الأحداث المندلعة الأسبوع الماضي، وإلصاق التهم بالأمن وبالمشاكل الاجتماعية والحراك المندلع بمدينة الحسيمة منذ مقتل بائع السمك محسن فكري، فإن رفض هذه الإلترات الخضوع للقوانين الجاري بها العمل، على مستوى تكوين الجمعيات واحترام قانون الحريات العامة، يجعلها باستمرار في قفص الاتهام المباشر.      
وكيفما كان الحال، فإن الوقوف على أسباب ومسببات الأحداث الأخيرة، مرتبط بالدرجة الأولى بحالة التراخي في التعامل مع هذا الملف بالذات، الشيء الذي  يطرح أكثر من علامة استفهام.
فبعيدا عن خلفية الأحداث واحتمال ارتباطها بالاحتجاجات الاجتماعية، فإن موضوع الشغب المرافق للأحداث الرياضية يعود من جديد للواجهة بعد “هدنة هشة” عرفتها أغلب الملاعب الوطنية، إلى درجة اعتقد البعض أن أعمال الشغب ذهبت إلى غير رجعة، وهو اعتقاد خاطئ، يتجلى في عدم تفعيل كل الإجراءات والقرارات الخاصة بمحاربة ظاهرة العنف والشغب.         
وقد سبق أن طرحنا منذ بداية الموسم الرياضي الحالي، تساؤلات بخصوص عدم تفعيل المقتضيات التي تقررت خلال مجموعة من الاجتماعات التي احتضنها مقر وزارة الداخلية بحضور وزراء الداخلية، العدل والحريات، الشباب والرياضة، إضافة إلى مدير الأمن الوطني ورئيس جامعة كرة القدم ورئيس العصبة والاحترافية.
كما أن اللجان المحلية والهيئات المشتركة التي تم تشكيلها خاصة تلك المتعلقة بالشروط الواجب اتخاذها داخل الملاعب المحتضنة لمباريات البطولة الوطنية لكرة القدم، لا تزال حبرا على ورق.
فبمقر أم الوزارات، أعلن أيضا عن إستراتيجية عمل شمولية وموحدة لاحتواء الظاهرة، تنخرط فيها كافة القطاعات المعنية، حيث كونت لجان محلية مهمتها الإشراف على كل الترتيبات المتعلقة بالمباريات الرياضية مع ضرورة حضور ممثلي النيابة العامة خلال الاجتماعات التحضيرية للمباريات، وكذا أثناء التظاهرات الرياضية.
لكن لا شيء من ذلك تحقق، وقد انتظر المسؤولون اندلاع الأحداث الأخيرة بالحسيمة وسيدي قاسم، للاهتمام مرة أخرى بالآفة، دون الحرص على تطبيق كل القرارات والإجراءات التي يتم الاتفاق عليها، ليتأكد بالملموس أن ما يتم تداوله هو مجرد استهلاك ظرفي وإعلامي موجه للعموم، وليس لمعالجة المشكل من الأساس، وذلك بتفعيل كل الإجراءات المتفق عليها…  

محمد الروحلي   

الوسوم , ,

Related posts

Top