محمد أديب السلاوي في ذمة الله

غادر الساحة الثقافية والإعلامية، أول أمس الأربعاء، بمدينة طنجة، الكاتب والإعلامي المغربي محمد أديب السلاوي، أحد رجال الإعلام والثقافة، عن سن يناهز 81 عاما، بعد معاناة مع المرض، وذلك حسب ما أوضحته عائلته.
ونعت نقابة المسرحيين المغاربة وشغيلة السينما والتلفزيون الراحل الذي كان عضوا قياديا بمكتبها التنفيذي الوطني، في بلاغ عممته أول أمس، جاء فيه:
“ببالغ الأسى والحزن غادرنا ظهيرة اليوم عن عمر يناهز 81 سنة، وبعد معاناة طويلة مع المرض، الباحث الكاتب والإعلامي الموسوعي محمد أديب السلاوي عضو المكتب التنفيذي الوطني، وهو الذي التحق بنقابة المسرحيين المغاربة وشغيلة السينما والتلفزيون في المؤتمر الوطني الثالث سنة 2015، وبهذه المحطة التنظيمية انبثقت مؤسسة تحمل اسم المرحوم “مؤسسة محمد أديب السلاوي للدراسات والأبحاث الدرامية”، وأضاف بلاغ النعي ذاته أن الفقيد “رحل تاركا وراءه إرثا معرفيا زاخرا في مجموعة من المجالات: إعلامية نقدية، ثقافية؛ فنية.. وقد كان مدرسة تنبع بالعطاءات والمعارف للعديد من المهتمين والكتاب والباحثين، سواء بالمغرب أو خارجه، وفي شتى المجالات العلمية والإبداعية والمعرفية، حيث تقلد مناصب كثيرة في مجال التحرير والإعلام، ومستشار في العديد من الوزارات، تتلمذ على يد الراحل العديد من الباحثين..”
واعتبرت نقابة المسرحيين المغاربة وشغيلة السينما والتلفزيون أنه برحيل المثقف الكبير محمد أديب السلاوي “تخسر الساحة الثقافية والفنية والإعلامية المغربية قامة من طينة الكبار، وهو الذي كان في آخر مراحل حياته يتأسف لعدم تشجيع القطاع الوصي على الثقافة والمسؤولين ببلادنا لتقديم مشروع كتاب الجيب ومشاريع أخرى تم إقبارها بسبب انعدام الحس الثقافي والمواطني، وهو الذي خدم المغرب وصورته ثقافيا ومعرفيا لأزيد من خمسين عاما، من الاستقلال إلى اليوم، وهو الذي راكم تجربة طبع ونشر أكثر من ستين عملا أدبيا والعديد من المصنفات الأدبية والكتب النقدية على نفقته وعلى حساب مالية عائلته، وهو الذي طالما طالب بتعويض عن حالته الاجتماعية الهشة حتى يقوم بإعالة أسرته…”.
وفي رسالة تعزية وجهها الدكتور مسعود بوحسين رئيس النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية إلى الأستاذ عبد الرحيم درمام رئيس نقابة المسرحيين المغاربة وشغيلة السينما والتلفزيون، قال فيها:
“تلقينا ببالغ الحزن والأسى نبأ وفاة المشمول برحمة الله الأستاذ الرائد محمد أديب السلاوي، الناقد الفني البارز، والإعلامي المتمرس، والباحث المسرحي الرزين، وعضو المكتب التنفيذي الوطني لنقابة المسرحيين المغاربة وشغيلة السينما والتلفزيون.. وبهذه المناسبة الأليمة، وحيث لا مرد لقضاء الله، أتقدم إليكم، أصالة عن نفسي، ونيابة عن المكتب الوطني للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية وسائر هياكلها ومناضلاتها ومناضليها، داخل المغرب وخارجه، بخالص العزاء وأصدق عبارات المواساة في وفاة هذا الرجل المعطاء، الذي أسدى خدمات جليلة للثقافة الوطنية وللساحة المسرحية المغربية كاتبا ومناضلا، مبدعا ومحللا، معربين لكم عن مشاعر الحزن التي نتقاسمها معكم ومع سائر المثقفين والمناضلين الشرفاء من مجايليه ورفاقه..”، وتضيف رسالة نقيب مهنيي الفنون الدرامية بالمغرب أنه “ما أحوج المشهد الثقافي الوطني اليوم، والعمل النقابي المهني في المجال الفني، أكثر من أي وقت مضى، إلى أمثال الراحل ومناقبه ومواقفه الملتزمة ورؤيته السديدة، إذ كان رحمه الله جريئا وواضحا وصارما في تحاليله وآرائه التي يعبر عنها علانية وبكل وعي ومسؤولية في كل مقالاته ودراساته ومؤلفاته التي أغنت الخزانة المغربية، متصديا للفكر النكوصي والانتهازي والانهزامي، منتصرا للفكر الحر المتقدم الملتزم والديمقراطي.. ولم يكن يتوخى في ذلك لا جزاء ولا شكورا”… وكان همه الوحيد والأوحد، تؤكد الرسالة، هو “تقدم وطنه وتمتيع المبدعين والمثقفين والفنانين بحقوقهم المشروعة، وتعبئتهم من أجل التنظيم الواعي وتوحيد الكلمة، وهدفه السامي الانتصار لقضية الفنانين المغاربة، نساء ورجالا، شبابا وروادا”..
وتجدر الإشارة إلى أن الراحل محمد أديب السلاوي من مواليد مدينة فاس سنة 1939، ودرس بجامعة القرويين، وشارك في عدة تداريب في مجال الإعلام والصحافة بعدد من البلدان.
اشتغل أديب السلاوي بعدة صحف مغربية، محررا ورئيسا للتحرير، منها جريدة “الأنباء”، وجريدة “العلم”، و”الشعبية”.. وكاتب عمود مرموق في عدة صحف وطنية وعربية منها بيان اليوم والعلم والاتحاد الاشتراكي والشرق الأوسط.. وملحقا ثقافيا بالمكتب الدائم للتعريب بالرباط، ومنسقا ومستشارا للتحرير في مجلة اللسان العربي، الصادرة عن مجمع اللغة العربية، ومستشارا في دواوين بعض الوزراء، قبل أن يشد الرحال إلى المملكة العربية السعودية ليشرف على إصدار مجلة القوات الجوية الملكية بالرياض..

وصدر للراحل العديد من الكتب والدراسات في النقد والمسرح، والفنون التشكيلية، والشعر، والأدب، والسياسة، والمجتمع، منها “التشكيل المغربي بين التراث والمعاصرة” و”المسرح المغربي.. البداية والامتداد” و”التشكيل المغربي… البحث عن الذات”، و”أية جهوية لمغرب القرن الواحد والعشرين”، و”مائة عام من الإبداع التشكيلي بالمغرب”، و”المسرح المغربي.. جدلية التأسيس”، و”الفنون والحرف التقليدية المغربية.. البوح الإبداعي”.
وحصل أديب السلاوي على عدة جوائز نذكر منها:
> الميدالية الذهبية عن أبحاثه في الفن التشكيلي المغربي من البنيالي العالمي للفنون التشكيلية بالقاهرة سنة 1983.
> جائزة معرض الكتاب العربي بدمشق، عن كتابه التشكيل المغربي بين التراث والمعاصرة سنة 1984.
> الدرع الثقافي لجمهورية مصر العربية من “المركز الثقافي المصري بالرباط” سنة 2012.
> جائزة النقد التشكيلي، من مهرجان ربيع سوس التشكيلي بأكادير سنة 2013.
> الجائزة الوطنية الكبرى للصحافة والإعلام بالمغرب،عن وزارة الاتصال بالرباط سنة 2016.
وقد تم تكريم الراحل بمدينة فاس وأكادير والرباط وبعدة مهرجانات وملتقيات فكرية وأدبية داخل وخارج المغرب..
وعلى الرغم من تجربته الكبيرة، ونضاله الإعلامي الطويل، إلا أن السنوات الأخيرة من حياة محمد أديب السلاوي لم تكن ملائمة لرحلة الرجل، إذ لم يشفع له مساره الحافل لتوفير عيش كريم.
فقد كشف في آخر مقابلاته الصحفية أنه اضطر، بسبب وضعيته المادية المتدهورة، وبسبب الديون المتراكمة التي أرهقته، إلى بيع بيته وأثاثه بمدينة سلا، وأكثر من نصف خزانته، وما يملك من لوحات فنية، بثمن بخس، فقط من أجل سد رمقه، وانتقل، مضطرا، إلى مدينة طنجة ليسكن ببيت صغير هناك، إلى أن وافته المنية.
وعلى الرغم من وضعه المالي المزري، إلا أن أديب السلاوي ظل وفيا لقرائه، مستمرا في الكتابة لهم، غير آبه بالعوائد المالية التي تكاد تكون منعدمة في الكثير من الحالات.
وقد قال في المقابلة الصحفية الأخيرة ذاتها: “للأسف أمة اقرأ لا تقرأ، فالكتب الموجودة في المكتبات لا يطالعها أحد، والجرائد لا تدفع مقابلات مالية عن مقالات الرأي، إذ بالكاد تستطيع تغطية مصاريف المحررين المشتغلين لديها.. ومنذ توقفي عن العمل، لم أجد مصدر دخل أعيل به نفسي، وأملاكي لم يتبق لي منها شيء”.
ومعلوم أن الفقيد ترعرع بمدينة سلا لما يقارب أربع عقود ونيف إلى أن انتقل إلى مدينة طنجة سنة 2018 واستقر بها إلى أن وافته المنية بها، وقد حظي الفقيد برعاية كريمة من الملك محمد السادس للاستشفاء بالمستشفى العسكري بالرباط.
أسرة بيان اليوم تشارك الأسرة الثقافية المغربية والعربية مشاعر الحزن والأسى على إثر هذا الفقد الجسيم، وتعرب عن تعازيها القلبية لكل معارف الفقيد وخصوصا زوجته الكريمة السيدة زينب بوشامة وكل أفراد أسرته، ولكل الكتاب والمبدعين والإعلاميين بالمغرب ورفاقه وأصدقائه.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

***

       * قالوا عن الراحل

الناقد المسرحي والإعلامي الطاهر الطويل: محمد أديب السلاوي كاتب مناضل وموسوعي

لم أصدق بعد الخبر الذي انتشر في الفيسبوك انتشار النار في الهشيم: وفاة الكاتب والإعلامي محمد أديب السلاوي؛ الرجل الذي ظل يناضل من أجل الثقافة حتى أيامه الأخيرة، رغم معاناته المتواصلة مع المرض.
منذ أيام قلائل، هاتفني متحدثا عن مشروعه حول “كتاب الجيب”، وكيف أن المشروع بقي ضائعا بين دهاليز وزارة الثقافة، بعدما حصل على موافقة الوزير محمد الأعرج وبعده الوزير عثمان الفردوس.
كان الراحل يكشف لي باستمرار عن هواجسه وانشغالاته الثقافية والإعلامية، وكان كلما أصدر كتابا جديدا سارع بإهدائي نسخة منه. وفعلا، فقد كتبت عن جل إصداراته، وأجريت حوارات صحافية معه، وتحدثت عن تجربته في لقاءات تكريمية متعددة وفي برامج إذاعية وتلفزيونية مختلفة، كان آخرها برنامج “أعلام المغرب” الذي أفرد له حلقة خاصة، بثت على قناة الرابعة الثقافية. 
محمد أديب السلاوي كاتب مناضل وموسوعي، سخر قلمه من أجل كشف مكامن الخلل في الإدارة والأحزاب والحكومة والمؤسسات الرسمية، وفضح الفساد المستشري في أكثر من قطاع. وقدم خدمات جلى للثقافة والفن المغربي، مما جعله صديقا للعديد من المبدعين والمفكرين والنقاد والإعلاميين.
عزائي الكبير لأسرته الصغيرة والكبيرة، وخاصة لرفيقة دربه زوجته الحاجة زينب بوشامة. 

الإعلامي عبد الرحيم التوراني:  أديب.. اختار أن يستريح

آخر اتصال لي معه عبر الواتساب كان يوم 24 يوليوز الماضي، صديقي العزيز الأستاذ محمد أديب السلاوي أسلم الروح اليوم في لجة القيامة اللبنانية، كأن قلبه المرهف لم يتحمل مأساة إنسانية جديدة بهذا الوقع والصدى العربي.
سألته عن أحواله فرد علي أن جسده يقاوم ويصارع أكثر من داء وعلة.
وأضاف: لا أريد أن أموت.
ساعدني يا أخي في جمع توقيعات ضد تراجع وزير الشؤون الثقافية الجديد عن دعم مشروع “كتاب الأسبوع”..
واستطرد: إذا لم يتراجع الوزير سنرسل العريضة إلى رئاسة الحكومة، وإذا لم يحصل شيء سنرفعها إلى الديوان الملكي، وإذا لم نتلق جوابا فعلى البلد السلام ولنذهب إلى الموت لنستريح ونريح.
لكن أديب فضل الاستسلام والترجل قبل أي جواب. لقد اختار أن يستريح .
زادني موت صديقي الكاتب والإعلامي محمد أديب السلاوي حزنا على حزن.
أنا حزين، حزني شديد.

المسرحي محمد الوادي: الثقافة المغربية تفقد أديبا متعددا

يكفي أن نذكر اسم محمد أديب السلاوي لتكون الإحالة على هامة فكرية، وقامة إعلامية. كان رحمه الله غزير العطاء في الأدب والنقد والإعلام والفنون.. لا يقف عند تخصص واحد.. بل يبحر في أكثر من مجال بمعرفة ودراية. كان عنيداً لا يهزمه مرض، ولا ييأس أمام الأبواب الموصدة. ورغم تدهور حالته الصحية، في السنوات الأخيرة، إلا أن عطاءه الفكري والأدبي ظل غزيراً ومتواتراُ ومتنوعاً، وظل يقاوم المرض والجحود والأبواب المغلقة إلى النزع الأخير. كان يعد لسلسلة كتب الجيب أسبوعية وبآلاف النسخ. كما أن مجلة تعنى بالحوار الفكري والفني كانت قيد الطبع حسب علمي. 
محمد أديب السلاوي كتب عن العديد من الأسماء والتجارب (في الأدب والمسرح والتشكيل)، وأعتقد أنه آن الأوان ليُكتَب عنه، ليس رداً للجميل ولكن اعترافاً بمكانة الرجل الاعتبارية.
نم يا صديقي قرير العين فقد أديت الرسالة على الوجه الأكمل.. لقد قلت كلمتك قبل أن ترحل.. لقد خلقت إرثاً فكرياً وثقافياً يستحق العناية والاهتمام. وأعتقد أن هذا هو دور مؤسسة محمد أديب السلاوي.. وهذا دور وزارة الثقافة، ودور المثقفين.
نم يا صديقي ببسمتك التي لم تفارقك حتى في المواقف العصيبة.. نم كما لم تنم من قبل مرتاح الخاطر بعد عمر طويل من العطاء. 
حزين يا صديقي لفقدك.. بعد الغالية زهرة زيراوي، والوديع اعبابو ها أنت تكمل دورة الألم العميق. كيف يا صديقي طاوعتك نفسك وغادرتنا في زمن النكبات المتتالية؟ كيف يا صديقي سنرمم الجرح وهو الغائر والمضاعف؟ من سينتصر للثقافة والفن والإعلام وأنت الذي سكن هاجس الدفاع عنها في كل المنتديات والمنابر؟ 
وأنا أرثيك أرثي الثقافة المغربية التي أصبحت يتيمة وحزينة. 
إلى جنة الخلد.

المسرحي محمد أمين بنيوب: سي محمد أديب السلاوي.. جار لم ألتق به..

من  الكتاب المغاربة الذين أحرص على قراءة أعمالهم، وأتتبع إسهاماتهم في الصحافة الوطنية وأنتظر بشغف جديدهم الإبداعي، الكاتب والناقد الفني أديب السلاوي. يصعب على المتتبع والقارئ أن يصنفه في خانة محددة. فهو ينتقل بك ويسافر بك من جنس لآخر، مؤرخا، سياسيا، ناقدا وصحفيا. فالرجل خبر مهنة صاحبة الجلالة، محررا وكاتبا ومسؤولا في الصحافة الوطنية والدولية، كما أنه عاش وعايش عن قرب تاريخ المغرب الحديث منذ الاستقلال حتى الآن، بكل تفاصيله وجزئياته. فالكتابة عند سي محمد أديب السلاوي رهانات مجتمعية كبرى، وتحديات معقدة ومسؤوليات أخلاقية ومبدئية.. وهذه الكتابة شهادة تسائل قضايا المجتمع ومؤسساته وأطره بوعي نقدي صريح.
فالرجل قضيته وهويته الأولى والأخيرة، كتابة مغايرة متجددة وغير متكررة. فقلمه يرميك من مجال لآخر دون ملل. هكذا هو دائما، في مواجهة مستمرة وحضور دائم بكل جدية ومسؤولية لتحليل الظواهر السياسية والاجتماعية والثقافية والفنية بمنظار العارف والمتمكن وبمنطق العلامة المفسر والشارح.
وأنت تقرأ إنتاجه الإبداعي والفكري، فإنك تصدق لغته ومنطقه في التحليل والمقارنة والاستدلال، ولن تتعب في فهم واستيعاب قصديته وتفكيك رموزها ودلالاتها الخفية والظاهرة.
 فالرجل إذا كتب، أتقن وتفنن. إذا حلل انخرط وأقنع. وإذا نشر ساجل وأمتع.
سي محمد أديب السلاوي كتب في علم السياسة وقواميسها، وحلل ظواهرها المريضة وتأثيرها في المشهد السياسي الوطني، وعجزها التام في خلق نخب سياسية متجددة ومثقفة، قادرة على إبداع أساليب وأفكار متنورة وحداثية من شأنها فتح أفق سياسي للأمل والحلم والاستمرار. فعبر مؤلفات “هل دقت ساعة الإصلاح”، “السياسة وأخواتها” و”السلطة المخرنية”…
سي محمد أديب السلاوي، انخرط بعمق وبوعي نقدي وبإحساس وطني في تحليل مظاهر وظواهر الفساد والرشوة والمخدرات المستشرية في المجتمع، مسبباتها وأخطارها (الحكومة والفساد…) كما قارب موضوع  فقر الأطفال وتجلياته المدمرة في محيط الأسرة والمدرسة والمجتمع.
سي محمد أديب السلاوي، لبس جلباب الرحالة المغامر، لاكتشاف قارة الإبداع المغربي وتضاريسه، أزمنة، تاريخا، كتابا وتجارب. (كتاب الشعر المغربي مقاربة تاريخية وتضاريس الزمن الإبداعي، ديوان المعداوي).
سي محمد أديب السلاوي، نحت ودون لموضوعات التشكيل المغربي بمناهج مختلفة. فالمشهد التشكيلي الوطني مدين للرجل لأنه أرخ ووثق وصنف لكل تعابيره وتجاربه وأسمائه واتجاهاته. هكذا نعثر على أعلام التشكيل المغربي، قراءة وتراجم، ومرة أخرى التشكيل المغربي في مواجهة ذاته والبحث عن أسراره ورحلاته. وفي واجهة أخرى يعالج التشكيل المغربي في جدليته المركبة والموزعة بين التراث والمعاصرة، ليختم الرجل بدراسة حولية ممتعة همت مائة عام من التشكيل المغربي.
سي محمد أديب السلاوي، سافر وأرخ للمسرح المغربي من البداية والامتداد، وتجارب جيل رواد كالقري ومحمد حداد وعبد الخالق الطريس أثناء الاستعمار الفرنسي والإسباني، ثم جيل الاستقلال ومغامرات الطيبين لعلج والصديقي، والبدوي والبقالي، وجيل الحداثة والتمرد مع برشيد ومسكين ولحلو والزروالي.
وعاد مرة أخرى ليقارب المسرح المغربي وجدلية التأسيس (2010) وقضايا التراث والتحديث والتأصيل والبحث عن الهوية ومقوماتها الفكرية والتاريخية، إضافة إلى سؤال المسرح المغربي من أين وإلى أين والاحتفالية في المسرح المغربي واللائحة طويلة ومغرية ومشوقة.
لم يسبق لي أن التقيت سي محمد أديب السلاوي مباشرة ولا يمكن أن أدع ذلك. التقيته عبر مثونه ومقالاته، لكن غالبا ما أصادفه بتاج محل.. لا تذهبوا بعيدا.. فأنا لست هنديا ولا بوذيا.. ولا هو كذلك.. تاج محل مقهى بسلا وبالضبط بحي بطانة العليا.. يرتادها يوميا للقراءة والكتابة.. هنا أصادف سي محمد أديب السلاوي جالسا لوحده.. يتصفح الجرائد.. وأحيانا يتأمل العالم من حوله.. ربما مشروع كتاب جديد.. أتردد للسلام عليه.. أحس بالخجل.. حتى لا أعكر خلوته الصباحية. الأكيد، كلما قرأت جديدا للرجل إلا وتزداد في جعبتي تجربة أخرى.
ما يجمعني مع سي محمد أديب السلاوي، كتبه وتاج محل وحي بطانة واسم ابني أديب تيمنا بأدبه وموسوعيته وأناقته الرائعة.
سي محمد أديب السلاوي.. الكاتب والمبدع والإنسان المفكر الرصين، يستحق الاعتراف والتقدير والانتباه. فهل من مجيب…

بيان اليوم

Related posts

Top