محنة البرد القارس بساحة السراغنة..أشخاص بلا مأوى يبيتون في العراء

حوالي الساعة السابعة من صباح أول أمس الاثنين، رصدت بيان اليوم عددا من الأشخاص من دون مأوى ينام كل واحد منهم في العراء بمكان عند عتبة مقهى أو دكان بساحة السراغنة، في ظروف مناخية قاسية. وتبقى المشاهد رهيبة لأجساد متكورة مفترشة الكارتون، تلتحف أغطية بالية لا تؤمن أي دفء لصاحبها في هذه الأجواء الباردة.
من بين هؤلاء أطفال ونساء وعجزة يكابدون المحن خلال فصل الشتاء لهذه السنة الذي حل باردا ليعمق من جراح هذه الشريحة الاجتماعية التي تخوض الصراع على جبهتين، صراع من أجل البقاء الذي يبقى للأقوى في الشارع، وصراع آخر لا يقل عنه مضاضة من أجل العيش وتأمين شيء من الدفء في محيط غير آمن.
وفي تعليقه على هذه المشاهد المستفزة، أفاد محمد لكحل عضو ناشط بجمعية الشعاع للتنمية، في تصريح لبيان اليوم، بأن السلطات المحلية في مدن وأقاليم المملكة قامت بإحصاء المشردين في إطار الخطة التي أعلنتها الحكومة، مؤخرا، لمواجهة تداعيات البرد القارس الذي تشهده البلاد خلال فصل الشتاء، مبرزا، أن لجنة خاصة من المفروض ان تكون قد تشكلت تبعا لهذه الخطة في العاصمة الاقتصادية من أجل إحصاء المشردين وإيوائهم.
واستطرد قائلا: “رغم هذه المبادرة الإنسانية للحكومة فإن هناك ضعفا كبيرا على مستوى حملات الدفء في الدار البيضاء هذا رغم ما تقوم به بعض الجمعيات في هذا الصدد، مستشهدا على ضعف حملات الدفء بالتواجد الكبير للمشردين بساحة السراغنة حيث ينامون في ظروف جد قاسية بلا أفرشة وبلا أغطية”.
وأضاف المتحدث: “لو تم تخصيص أماكن إيواء للمشردين لمواجهة البرد القارس في هذا الفصل لذهب إليها عدد كبير من الأشخاص بدون مأوى ممن يتواجدون بساعة السراغنة وبغيرها من الأماكن حيث يقاسون العذاب الأليم جراء البرد.
واستدرك المتحدث بقوله: ” ظاهرة التشرد هي ظاهرة اجتماعية بامتياز ناتجة عن عوامل متعددة، معالجتها يكمن في المبادرات التنموية المستدامة التي يكون محورها الانسان، أما المبادرات الموسمية فهي محدودة في غاياتها ولا تتعدى فصل الشتاء وبعدها يترك المشردون لحالهم في الشوارع.
في الواقع استفحلت ظاهرة التشرد في مدينة الدار البيضاء واشتدت بشكل مريب في الآونة الأخيرة، ولم تعد تقتصر على آماكن بعينها كمحيط المساجد والأسواق العمومية ومحطات النقل… بل صارت تشمل حتى الأحياء والتجمعات السكنية حيث المشردون يبيتون عند أبواب المنازل والإقامات السكنية.
وتعاني هذه الفئة الاجتماعية خلال فصل الشتاء محنة حقيقية جراء البرد القارس الذي يتطلب الاحتماء منه ملابس صوفية وأغطية كافية بالإضافة إلى التغذية الملائمة.
ولقد أجمع الكثير ممن التقتهم بيان اليوم وسألتهم حول هذه الظاهرة التي تنخر جسد المجتمع، على أن الأشخاص الذين يعيشون بدون مأوى لا يستفيدون من أية رعاية اجتماعية، باستثناء ما وصفوه بالحملات المناسباتية التي تقوم بها السلطات المعنية كلما حل فصل الشتاء.
وفي هذا السياق تحدثت بيان اليوم للماحي محمد، نادل بمقهى بساحة السراغنة، حيث أفاد بأن هذه المنطقة أمست مأوى للأشخاص بدون مأوى يقصدونها من كل المناطق، حتى من خارج المدينة، وأن من بينهم اشخاص يتناولون المخدرات والكحول ومرضى نفسيون، مضيفا، أن الحملات التي تقوم بها دوريات المساعدة الاجتماعية للتخفيف من أثر هذه الظاهرة، محدودة الأثر، لصعوبة تحديد أعداد هؤلاء الأشخاص التي تتزايد يوميا.
وأضاف المتحدث، أن المشردين الذين يتم إلحاقهم بالمراكز الاجتماعية عبر دوريات المساعدة الاجتماعية، سرعان ما يغادرونها لسبب أو آخر، ليعودوا للعيش بساحة السراغنة، موضحا، أن المراكز الاجتماعية يمنع فيها استهلاك المخدرات بكل أنواعها، وأن أغلبية المشردين هم مدمنون على المخدرات والكحول بالإضافة إلى مادة السليسيون، ولذلك يفضلون حياة الشارع على الخضوع لأي نظام مؤسساتي في غياب الرعاية الصحية والنفسية.
بيان اليوم، التي رصدت هذه الظاهرة المستفزة التي تثير أعصاب كل ذي ضمير حي وتزعجه، ووقفت على بعض معاناة أطفال صغار دون مأوى، تضطرهم ظروفهم الاجتماعية للمبيت في العراء بشارع محمد الخامس، حيث لا سقف بيت يحتمون فيه من عصف الرياح، ولا ركن غرفة يقيهم هطول المطر، يقضون لياليهم وسط البرد القارس، عند عتبة منزل مهجور.
سالت طفلا من دون مأوى، يبيت بالقرب من مقهى بساحة السراغنة، فكان رده بأنه اعتاد على التسكع في الشوارع صحبة بعض أصدقائه بعد أن انقطع عن الدراسة وطرده والده من البيت، مضيفا، أنه منذ ذلك الحين يعيش رفقة أطفال آخرين بدون مأوى حياة الشارع حيث يتناولون المخدرات …
وأضاف المتحدث انه يتهرب من الايواء بالمراكز الاجتماعية المخصصة لإنقاذ المشردين من موجة البرد القارس التي تشهدها بلادنا هذه الأيام، مشبها إياها بالمدرسة حيث شروط الإقامة تمنع استهلاك المخدرات والخلود للنوم في ساعة محددة..

سعيد ايت اومزيد

Related posts

Top