مستقبل الإدارة التقنية الوطنية

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن موضوع الإدارة التقنية الوطنية، والدور المفروض أن تلعبه في صياغة وتطبيق إستراتيجية عمل واضحة لكرة القدم الوطنية، وعلاقتها بجل مكونات اللعبة على الصعيد الوطني.
كما أن حصد مجموعة من النتائج السلبية على مستوى الفئات الصغرى، خاصة أمام دول لا تتوفر على الحد الأدنى من الإمكانيات، أعاد من جديد الحديث عن دور الإدارة التقنية الوطني، والدور المفروض أن تقوم به ضمن خريطة كرة القدم الوطنية، والمهام التي تقوم بها، والنتائج المحققة في عهدها، والأكثر من ذلك التكلفة المالية لهذا الجهاز الوصي على الجانب التقني.
مبدئيا فتكوين إدارة تقنية وطنية مهيكلة على أسس متينة وواضحة، يعد مطلبا ملحا لما لهذه المؤسسة من أهمية إستراتيجية في توجيه كل ما له طبيعة تقنية، داخل منظومة كرة القدم على الصعيد الوطني.
وأعتبر غياب إدارة تقنية قائمة الذات بما تمثله من أهمية قصوى، من بين الإخفاقات المدوية لكل المكاتب المتعاقبة على تسير الجامعة، عكسه كثرة التجارب المفلسة على جميع المستويات، وضياع ميزانيات مهمة كان من الأفيد استثمارها في وجهة أخرى، غير تعدد المحاولات الفاشلة…
لم يتم التفكير جديا في منح الإدارة التقنية هيكلة قائمة الذات إلا بداية التسعينيات من القرن الماضي، إذ كانت الجامعات السابقة تكتفي بتكليف شخص متعدد “المواهب” للإشراف على كل الأمور التقنية.
قبل مجيء فوزي لقجع، لم تكن هناك إدارة تقنية بالمفهوم المتعارف عليه دوليا، اللهم من تكليف أشخاص أو أفراد معدودين بهذه المهمة الحيوية، لكن سرعان ما يتم الاستغناء عنهم، لحظة حصول إخفاق، أو حدوث تغيير في إدارة الجامعة.
في عهد على الفاسي الفهري، تم تكوين إدارة تقنية بجناحين، جناح خاص بالمنتخبات الوطنية باستثناء المنتخب الأول، أشرف عليه الهولندي بيم فيربيك، وآخر خاص تكوين تحمل مسؤوليته الفرنسي جون بيير مورلان، إلا أن تجزئة المشروع أفرغه مرة أخرى من محتواه، وكان التضارب والارتباك وعدم الوضوح هو سيد الموقف، والنتيجة كما تابع الرأي العام إخفاق على جميع المستويات.
غادر الفهري مؤسسة الجامعة، وجاء لقجع، وجاء معه تصور جديد مغاير لما سبق، وقبل الإعلان الرسمي عن الهيكلة سقط المكتب الجامعي في دوامة تعيين الأسماء الجديدة، حيث عم التضارب وكثيرة التدخلات تحت تأثير لعبة جبر الخواطر والمحاباة، فبين ناصر لاغريت وحسن حرمة الله، وبيير مورلان، طرح الإشكال الحقيقي، وكل جهة كانت تدفع باسمها المفضل، مع العلم أن اسم مورلان فرضه عمله السابق، وما يتطلب ذلك من ضرورة الاستمرارية.
إلا أنه بمجرد إرساء هياكل الإدارة التقنية الجديدة تحت إشراف كامل لناصر لارغيث، بدأ التهافت على دخول الحرم الجامعي، وشرعت كل جهة في الدفع بأسماء معينة بغض النظر عن شروط الكفاءة، ليتبين في الأخير أن الهدف الأساسي من وراء أغلب التوظيفات، تقديم خدمة اجتماعية أكثر منها تقنية، والنتيجة عشرات المناصب بأجور مهمة وامتيازات تضاهي تلك المخصصة للموظفين السامين، والنتيجة كما يتابع الرأي العام الوطني، إخفاقات واقصاءات بالجملة.
المشكل قائم والرئيس الحالي للجامعة يشعر بذلك، وكثيرا ما خاطب التقنيين قائلا بأن الإدارة التقنية الوطنية ليست وكالة للتشغيل. فأي مستقبل للإدارة التقنية الحالية تحت قيادة ناصر لارغيث؟ مع العلم أن حصيلة العمل المنجز خلال أربع سنوات، لا يضمن فقط أشياء سلبية، بل هناك مجموعة من الايجابيات لا يمكن أبدا تجاهلها…

محمد الروحلي

Related posts

Top