مشروع “مقاربة الاقتصاد الدائري للحفاظ على التنوع البيولوجي الزراعي” في منطقة سوس ماسة بالمغرب

نظم مشروع “الاقتصاد الدائري للحفاظ على التنوع الاحيائي والمنظومات الزراعية بجهة سوس ماسة” وبرنامج الامم المتحدة الإنمائي، مؤخرا، الجولة الثانية لمبادرة “طريق العسل خالية من الكاربون” والهادفة إلى للتعريف بالمنتوج السياحي والفلاحي والبيئي، من خلال عقد ورشات علمية استعرض فيها خبراء مغاربة وأجانب عدة تجارب ومعارف تروم الحفاظ على خدمات اللقاح من خلال إعادة تأهيل منحل “انزركي” وإعادة تأهيل المجال والقطاع.
وتدارس المشاركون مجال تلقيح النحل وسبل إزاحة البصمة الكربونية والتمويل الجماعي للمشاريع ذات الصلة بالموضوع.
وحدد موحا حدوش منسق مشروع “الاقتصاد الدائري للحفاظ على التنوع الاحيائي والمنظومات الزراعية بجهة سوس ماسة” مساعي ودواعي برنامج جولة طريق العسل، وكذا مرامي الورشات التي همت مجال تلقيح النحل وسبل إزاحة البصمة الكربونية وتمويل الجماعي للمشارع ذات الصلة بالموضوع. وأشار إلى آفاق تبادل التجارب بين الخبراء المغاربة والأجانب في مجال تأهيل قطاع تربية النحل حيث تعد منطقة سوس ماسة فضاء مميزا لاستثمار مؤهلاته وموارده.
وتناول الأستاذ محمد سرحان دراسة تتعلق بمخطط لتدبير المنحل التقليدي “إنزيركي” من خلال التعريف بخدمات النظام الإيكولوجي لتلقيح النحل مع تقييم أهمية وتطور تربية النحل، ورسم خرائط للأنواع الرئيسية وتحديد طرق جولان النحل، وإحصاء المخاطر المحتملة للمبيدات المرتبطة بخدمات التلقيح وغيرها، واقتراح تدابير مناسبة للسيطرة على آثارها؛ وتقييم أهمية الأنواع الرئيسية التي تعتمد على التلقيح.
وعرض سرحان تحليلا لتحديد الفاعلين الاقتصاديين المحتملين من لهم مصلحة في تدبير خدمات التلقيح في منحل “إنزيركي” ثم تقييم استعدادهم لدفع ثمن خدمات التلقيح.
وتشمل خطة التدبير برنامج للزراعة وإعادة التشجير مع ضمان تغطية مختلف أنواع العسل على مدار السنة، وهو مشروع للتنمية الزراعية المائية في منطقة “إنزركي” تلبية لمتطلبات مخطط الزراعة وإعادة التشجير المقترحة، وهناك دليل للممارسات الزراعية الجيدة تمكن من التحكم بشكل أفضل في مخاطر مبيدات، فضلا عن طريقة للتعامل مع المنحل التقليدي لضمان حفظه وتدبيره المستدام. وأشار سرحان إلى خريطة دفع خدمات التلقيح استنادا إلى السياحة البيئية داخل دائرة طريق العسل في أفق الحفاظ على مساكن النحل والحفاظ على مهارات تربية النحل التقليدية وتدبير المنحل.
وقدمت لوسيا مادولي، الخبيرة في التعاون الدولي، لمحة عامة عن مشروع “التعاون المتوسطي: شبكة لتربية النحل والتنوع البيولوجي والأمن الغذائي”، وهو مشروع يهدف إلى دعم تربية النحل ودورها الاستراتيجي لحفظ التنوع البيولوجي، وتحسين الأمن الغذائي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
وقد بدأ المشروع في فبراير 2014 واختتم رسميا في نهاية يوليوز 2017، وشمل بلدان لبنان والمغرب وتونس والجزائر والأراضي الفلسطينية وإيطاليا. وكان للمشروع ثلاثة أهداف محددة تتمثل في تعزيز قدرات النحالين في منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​ومنظماتهم؛ وتعزيز المعرفة العلمية بالدور الاستراتيجي للنحل وتربية النحل من أجل التنوع البيولوجي وخاصة في المناطق المتدهورة ثم إطلاق رؤية جديدة لتربية النحل.
وتحدثت لوسيا عن الجوانب الأكثر ابتكارا للمبادرة، مثل مبادرة “البلديات الصديقة للنحل”، التي تؤكد النهج الإقليمي للتنسيق والتعاون.
ومن جهتها أبرزت مونيكا فرسيلي من قسم العلوم الزراعية والغابوية والغذائية بجامعة تورينو – إيطاليا أهمية النحل وتربيته في المشهد الطبيعي المتوسطي، لتؤكد أن المناظر الطبيعية المتوسطية تشتمل على فسيفساء معقدة من الموائل المختلفة والتي تتفاوت في تنوع مجتمعاتها الزهرية وخدمات التلقيح. وتشمل هذه الموائل المجتمعات التي تتعرض لمجموعة واسعة من عوامل الاضطراب مثل الجفاف والتعرية والتصحر والحرائق. ومن المعروف جيدا أن الملقحات، ولا سيما النحل، توفر خدمات النظم الإيكولوجية الرئيسية للنظم البيئية الطبيعية والزراعية مع المحافظة على التنوع البيولوجي. غير أن الخدمات التي توفرها الملقحات للنباتات البرية في المناطق المتدهورة غير مستكشفة نسبيا..
وأشارت ذ مونيكا إلى بحث ميداني سعى إلى تقييم أهمية نحل العسل والملقحات الأخرى على تلقيح النباتات البرية، والحفاظ على التنوع البيولوجي وتعزيزه واستعادة المناظر الطبيعية في مناطق بالبحر الأبيض المتوسط أحرقت كإيطاليا وشبه القاحلة كتونس.
وأجريت تجارب ميدانية ومختبرية في منطقتين متدهورتين في كل بلد مع مراعاة ثراء ووفرة النباتات المزهرة والملقحات، والتي أظهرت زيارة الزهور من قبل النحل والنحل البري والملقحات الأخرى.
وأظهرت النتائج أن عملية استعادة الغطاء النباتي بدأت في المنطقة مع المناحل، مما يسمح بزيادة زيارات الملقحات إلى الزهور، وتعزيز التنوع البيولوجي. وكانت عدة أنواع أكثر زيارة من قبل الحشرات الملقحة، ذلك أن عدد البذور التي تنتجها النباتات النموذجية المتوسطية أبرزت فعالية عمل النحل في تلقيح النباتات البرية.
كما أن استعادة الغطاء النباتي في المناطق المتدهورة تساهم في زيادة تربية النحل وسلسلة الإنتاج ذات الصلة، والمردودية الزراعية للمناطق المجاورة. مما يعزز الاقتصاد المحلي والتثمين البيئي.
وقال فرانسيس موريو رئيس جمعية تربية النحل في بلجيكا أن منطقة سوس ماسة درعة استثنائية لأكثر من سبب. لكون منحل “إنزيركي”، الذي أنشئ في سنة 1850، هو متحف في الهواء الطلق مفتوح للسياحة البيئية. “وعلينا أن نهنئ السلطات المغربية الملتزمة بالحفاظ على التقاليد في هذا الموقع الفريد في العالم”. كما أن النباتات في جنوب المغرب لها خصوصيتها، إذ تغذي النحل بالبرتقال وشجر الأركان والزعتر والتوت والعنب وما إلى ذلك، والتي تعطي العسل أحادي الأزهار بشكل استثنائي وهو مطلوب جدا من قبل السياح.
ويضيف فرانسيس أن تقنيات تربية النحل التقليدية هي علامات على ثقافة الأسلاف وتتطلب الحفاظ عليها. ومن الضروري أيضا تثمين بذكاء إنتاج النحالين، ذلك أن استخدام خلايا النحل الحديثة، والتقنيات المحسنة، والممارسات الجيدة لتربية النحل بات أمرا أساسيا لتلقيح المحاصيل. كما يستوجب التدبير الجيد لإشكالية للمبيدات. والحفاظ على النحل الأصلي، خاصة الصحراوي.
واستعرض الدكتور كوامي إيدو، خبير بشأن تغير المناخ وتربية النحل والتلقيح من غانا موضوعا عن تربية النحل التقليدية ودور نحل العسل في تسخير إمكانات كبيرة من محميات الغلاف الحيوي في غانا.
وركز الدكتور رشيد المن، خبير تغير المناخ والتنمية المستدامة على الجوانب الحسابية لانبعاثات الكربون السنوية ونظام التصديق على اعتمادات الكربون، واقتراح سعر الكربون، فضلا عن الجوانب التنظيمية لتنفيذ وتعزيز مبدأ الاداء مقابل الخدمات البيئية .
من جانبه، قدم عبد اللطيف الخطابي منسق مشروع بحث التكيف مع تغير المناخ في حوض تانسيفت (GIREPSE، ورئيس الجمعية المغربية للعلوم الجهوي، المنجزات العملية للمشروع الذي يشتغل على القضايا المعقدة والمتعلقة بالنظم الاجتماعية والاقتصادية والطبيعية وتفاعلاتها، في سياق النهوض بسياسة الإدارة المتكاملة للمياه مع الأخذ في الاعتبار جميع القوى الداعمة للتغيير، الداخلية والخارجية، وتناول مختلف البرامج المنجزة والمساعي المبرمجة في إطار مشروع التكيف مع تغير المناخ والدفع مقابل الخدمات البيئية في حوض تانسيفت.
وعالج كارمن روميرا، باحث في العلوم الاجتماعية والبيئية من إسبانيا، إشكالية المناطق المحمية في المجتمعات المحلية على اعتبار كونها نظم للحكامة الاجتماعية والإيكولوجية، تقليدية من حيث التدبير الجماعي والمستدام للموارد الطبيعية، وتعتبرها السياسات والبرامج الدولية الرئيسية نظاما رئيسيا للتدبير.
واستعرض كل من كيارا بوشيو عن مكتب التراث العالمي لبلدية فلورنسا وجامعة فلورنسا خطة التدبير المستدام للمركز التاريخي لمدينة فلورنسا، في حين عرض الإلوي كولي مدير موقع “جزيرة غوري” تجربة السياحة المستدامة في جزيرة غوري السنغالية.

******************

 3 أسئلة مع موحا حدوش *

>> حقق مشروع “الاقتصاد الدائري للحفاظ على التنوع الاحيائي والمنظومات الزراعية بجهة سوس ماسة “عدة مساع ومختلف الأنشطة التي  تنشد الحفاظ على قيمة المنتوجات للمحلية وإدارة المخزون و الرأس المال الطبيعي والبشري .. قدم لنا نبذة قصيرة عن المشروع؟
> مشروع “الاقتصاد الدائري للحفاظ على التنوع الاحيائي والمنظومات الزراعية بجهة سوس ماسة” وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي هو تعاون بين المغرب وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أطلق منذ سنة 2014، من قبل الوكالة الوطنية للتنمية الفلاحية، وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الانمائي، وبمساهمة من مجموعة من الشركاء على الصعيد الوطني والدولي بهدف الحفاظ على المنظومة الزراعية بجهة سوس ماسة.
وينشد المشروع إدخال مفهوم الدفع مقابل الخدمات الإيكولوجية النظامية (PSE) كآلية مبتكرة تعوض الفقدان الذي يتسببه تدهور نظام بيئي بشجر الأركان. هذا، جنبا إلى جنب مع التثمين لاثنين من المنتجات المحلية من هذا النظام البيئي، وهي زيت أركان والعسل. ومدة المشروع خمس سنوات.

>> يسعى المشروع إلى بث مفهوم نظام الدفع مقابل الخدمات الإيكولوجية، كيف يمكن تطبيق هذا المبدأ في قطاع السياحة البيئية أو المستدامة؟
> تعاني الشركات السياحية بمنطقة سوس ماسة من تراجع من نسبة عائداتها أمام غياب نظام الدفع مقابل الخدمات الإيكولوجية. ويعتبر قطاع السياحة من أهم الأنشطة التي تستفيد من جمال الطبيعة والتراث الطبيعي والاجتماعي والثقافي. ويمثل نظام الدفع مقابل الخدمات السياحية الإيكولوجية فرصة لتعويض الجهود المبذولة للحفاظ على التراث الطبيعي وضمان شروط السياحة المستدامة.

>> هل هناك نموذج لتطبيق هذا المبدأ في جهات مثيلة وطنية أو دولية؟
> نعم هناك نماذج عديدة لنظام الدفع مقابل الخدمات البيئية في بعض الدول الرائدة كدولة كوستاريكا، التي تعتبر من أولى الدول السباقة التي اعتمدت هذا النظام منذ سنة 1990، حيث نجد أن مجموعة من الوحدات الفندقية بكوستاريكا تشارك في نظام الدفع مقابل الخدمات البيئية للحفاظ على الأحواض السفحية. كل سنة، يدفع أصحاب الوحدات الفندقية 45 دولار أمريكي لكل هكتار للملاك العقاريين المحليين و7% من المصاريف الإدارية لتسيير هذا النظام. وعليه يجب الاستجابة لجميع الشروط، في المجال الحيوي للأركان، لاعتماد مثل هذا النظام الذي يتطلب إشراك المؤسسات المعنية في هذا المشروع الطموح بما يتماشى مع الرؤية الإستراتيجية لعام 2020. فضلا عن ذلك يمكن لعقود البرامج الجهوية، كذلك” مثل ” قريتي” أن تعتمد الدفع مقابل الخدمات الايكولوجية كأداة لإشراك المنعشين في قطاع السياحة وفي الحفاظ على البيئة والتنمية البشرية.

* منسق مشروع “الاقتصاد الدائري للحفاظ على التنوع الاحيائي والمنظومات الزراعية بجهة سوس ماسة “

محمد التفراوتي

Related posts

Top