مصطفى المسناوي مبدع متعدد الاهتمامات

احمد سيجلماسي
في أفق تكريم روح الناقد السينمائي الراحل مصطفى المسناوي بالدورة السابعة عشر  للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، من 26 فبراير إلى 5 مارس، تسعى هذه الورقة إلى تسليط بعض الأضواء على اهتماماته المتعددة:
  لم يكن مصطفى المسناوي ناقدا سينمائيا وتلفزيونيا متميزا فحسب، بل تشعبت اهتماماته الثقافية والإبداعية لتشمل حقول الأدب والفلسفة والعلوم الإنسانية والصحافة والتعليم والترجمة والإدارة الفنية للمهرجانات (مهرجان سلا الدولي لفيلم المرأة نموذجا) والاشتغال في لجن التحكيم (رئيسا أو عضوا) وانتقاء الأعمال التلفزيونية (قناة ” الأولى “) ودعم الإنتاج السينمائي الوطني (المركز السينمائي المغربي) وتسيير الندوات الفكرية والفنية أو المشاركة فيها وغير ذلك.
 لقد اجتمع فيه ما تفرق في غيره، فثقافته السينمائية الرصينة التي راكمها بمجهوده الشخصي داخل حركة الأندية السينمائية (في السبعينات والثمانينات بشكل خاص) وخارجها، عبر اطلاعه الواسع على أدبيات السينما ومشاهداته المنتظمة لمختلف الأفلام السينمائية الدولية والعربية والمغربية، أهلته ليصبح واحدا من نقاد السينما العرب الوازنين ومكنته من التواجد في أهم المهرجانات السينمائية العربية (القاهرة، الإسكندرية، قرطاج، دبي، مراكش …) والغربية (كان، البندقية، برلين..) وعلى صفحات أهم المجلات والدوريات السينمائية العربية والمغربية، وأسعفته كذلك في كتابة مقالات عديدة حول الأفلام التي شاهدها وإنجاز دراسات حول جوانب من تاريخ السينما العربية (كتابه: أبحاث في السينما المغربية، نموذجا) وحول بعض التجارب السينمائية الرائدة ومبدعيها.
 ليس غريبا إذن أن تكون للراحل المسناوي اهتمامات متعددة، فهو خريج شعبة الفلسفة (أم العلوم) بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط سنة 1977، ومبدع في مجال القصة القصيرة، تشهد على ذلك مجموعته القصصية الأولى ” طارق الذي لم يفتح الأندلس ” (بيروت 1976) والثانية ” أحلام الشاهد السبعة” (2012) وقصصه الأخرى التي لم تنشر بعد، وممارس لتدريس الفلسفة بالتعليمين الثانوي (ثانوية إبن زيدون بالدار البيضاء) والجامعي (كلية الآداب بن مسيك بالدار البيضاء) بعد حصوله على دبلوم الدراسات المعمقة، وصاحب قلم قل نظيره في مجال الكتابة الساخرة (كتابة ركنه الصحفي المشهور “يا أمة ضحكت..” بجريدتي ” الإتحاد الاشتراكي ” (أواخر التسعينات) و”المساء” (بعد ذلك)، الذي نشرت عينة من نصوصه في كتيب بنفس العنوان ضمن سلسلة ” شراع ” للإعلامي الكبير خالد مشبال )، ومشرف على الملحق التلفزي بجريدة “الإتحاد الإشتراكي” قبل سنوات من ذلك، وكاتب في قالب ساخر لسيناريوهات سلسلات تلفزيونية كوميدية ناجحة ذات عمق وارتباط بهموم المواطنين من قبيل ” قنال 36 ” و”سير حتى تجي “.. ومترجم سلسلة ” فهم السينما ” للوي دي جانيتي وكتاب لوسيان غولدمان (حول المنهجية في سوسيولوجيا الأدب) وكتاب الطاهر لبيب (حول سوسيولوجيا الغزل العربي)، ومساهم في إطلاق وإدارة تجارب رائدة في الصحافة الثقافية والفكرية والتربوية من قبيل: مجلتي “الثقافة الجديدة” (أدبية وفكرية وفنية متنوعة) و”بيت الحكمة” (خاصة بترجمة نصوص في العلوم الإنسانية لكبار المفكرين) و”الجامعة” (جريدة أسبوعية خاصة بتلاميذ البكالوريا). 
 كل هذه الاهتمامات يصب بعضها في البعض الآخر، فهي متداخلة ومتكاملة فيما بينها، أفرزت في النهاية أسلوبا في الكتابة، من خصوصياته  الوضوح والسلاسة والدقة والعمق الفكري.
 إن أفضل تكريم سينمائي للراحل مصطفى المسناوي هو تجميع مقالاته المتناثرة هنا وهناك في مختلف المجلات والجرائد والدوريات وغيرها، والعمل على نشرها في كتب بعد تنقيحها وتصنيفها. وهذا ليس عزيزا على أصدقائه من النقاد وعلى المؤسسات الوصية على قطاع السينما بالبلاد كوزارة الاتصال (التي عمل مستشارا لوزيرها الحالي الأستاذ مصطفى الخلفي) والمركز السينمائي المغربي (الذي شارك في لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجانه الوطني للفيلم بطنجة مطلع 2015 وفي اللجنة الحالية لدعم الإنتاج السينمائي الوطني برئاسة الروائي مبارك ربيع) وليس عزيزا كذلك على المهرجانات السينمائية التي قدم لها خدمات جليلة داخل المغرب وخارجه.

Related posts

Top