مع حلول العام الجديد.. التفاؤل يطيل العمر ويحسن جودة الحياة !

ودعنا عام 2020، الذي كان استثنائيا وحمل كثيرا من الأحداث التي جمعت العالم على قلب رجل واحد، صعوبات وتحديات واجهناها جميعا على مدار عدة أشهر حاربنا فيها عدوا خفيا اقتحم حياة البشر ليصيب من يصيب ويحصد أرواح الكثيرين، إنه “عام كورونا”، والذي مر ثقيلا ووصفه البعض بسنة الولادة المتعثرة.. لذلك فإن أمنية واحدة تواكب قدوم العام الجديد وهي “أن يكون عاما نتحرر فيه من الكمامة”، في حين يحاول آخرون استثمار الوضع القائم للإطلالة على العام المقبل بقوة وإيجابية ويعربون عن تفاؤلهم بعودة الحياة إلى طبيعتها وأن يكون العام الجديد عاما مليئا بالصحة والبحبوحة وراحة البال. عندما نتحدث عن “راحة البال”، لا نقصد فقط الراحة المادية، ولكن الأهم، الراحة النفسية. حين يكون الإنسان “مرتاحا نفسيا”، تكون صحته الجسدية ممتازة لأن النفس تضغط أيضا على الصحة وتؤثر تأثيرا مباشرا عليها. والصحة الجسدية الممتازة بفضل الراحة النفسية، تجعل الإنتاجَ المادي أيضا ممتازا. إذا الصحة والبحبوحة متصلتان جدا بالحالة النفسية. ولكن ماذا نفعل لكي تكون حالتنا النفسية “مستقرة”؟ ما هو دور الأمل في حياتنا؟ وكيف يمكن تنظيم يومياتنا لكي تنتظم حياتنا الداخلية؟ 

دراسة جديدة: المتفائلون يعيشون أطول

ووجدت دراسة أمريكية جديدة أن المتفائلين من المرجح أن يعيشوا أطول من أولئك الذين لديهم نهج أكثر سلبية في الحياة. وأشارت الدراسة إلى أن الأشخاص الإيجابيين هم أكثر عرضة للعيش حتى سن 85 أو أكثر.
وتوصل الخبراء إلى هذا الاستنتاج باستخدام مجموعتين موجودتين من الأشخاص، الذين جُنّدوا لدراسات مختلفة تضمنت 70000 امرأة في دراسة صحة الممرضات، و1500 رجل في دراسة صحة المحاربين القدامى.
وقيمت مستويات تفاؤلهم، بالإضافة إلى صحتهم العامة، وسئلوا أيضا عن التمارين والوجبات الغذائية، بالإضافة إلى مقدار التدخين وشرب الكحول.
ووجدت الدراسة أنه في المتوسط ​، تمتع الرجال والنساء الأكثر تفاؤلا، بعمر أطول بنسبة 11 إلى 15%، وكانوا أكثر عرضة للعيش حتى 85 عاما مقارنة بالمجموعة الأقل تفاؤلا.
وبينما يعرف الكثير عن عوامل الخطر للمرض والموت المبكر، إلا أنه لا يفهم كثيرا عما يسميه الباحثون “العوامل النفسية والاجتماعية الإيجابية”، التي يمكن أن تساعد في الشيخوخة الصحية.
وقالت البروفيسور لوينا لي، الأستاذة المساعدة في الطب النفسي في كلية الطب بجامعة بوسطن، والتي عملت على الدراسة: “تتحدث نتائجنا عن احتمال أن يؤدي رفع مستويات التفاؤل إلى تعزيز طول العمر والشيخوخة الصحية. وتشير الدلائل المستمدة من تجارب التحكم العشوائية إلى أن التدخلات، مثل تخيل مستقبل يسير فيه كل شيء بشكل جيد، أو العلاج السلوكي المعرفي المكثف، يمكن أن تزيد مستويات التفاؤل”.
ومع ذلك، قالت إن السبب الدقيق الذي يجعل الأشخاص المتفائلين يعيشون لفترة أطول لا يزال مطروحا للنقاش.
وأضافت: “تشير الدلائل الأولية من دراسات أخرى إلى أن الأشخاص الأكثر تفاؤلا يميلون إلى امتلاك الأهداف والثقة للوصول إليها، وهم أكثر فاعلية في حل المشكلات، وقد يكونون أفضل في تنظيم عواطفهم أثناء المواقف العصيبة”.
وقال(Mayo Clinic) : “تشمل الفوائد الصحية التي قد يوفرها التفكير الإيجابي ما يلي: إطالة العمر الافتراضي- انخفاض معدلات الاكتئاب- مقاومة أكبر لنزلات البرد.- تحسين الصحة النفسية والجسدية- تحسين صحة القلب والأوعية الدموية وتقليل مخاطر الوفاة من أمراض القلب والأوعية الدموية- اكتساب مهارات أفضل في التأقلم أثناء المصاعب وأوقات التوتر.
ولا يعني امتلاك نظرة أكثر إيجابية للحياة أن تكون ساذجا، بل يعني امتلاك القدرة على التعامل مع الكراهية بطريقة أكثر إيجابية وإنتاجية.
وغالبا ما يبدأ التفكير الإيجابي بالحديث الذاتي، وهو تدفق لا نهاية له من الأفكار غير المعلنة التي تدور في رأس المرء، وهي أفكار تلقائية يمكن أن تكون إما إيجابية أو سلبية.

التفاؤل والآمال… للسنة الجديدة

تجديد الآمال والأحلام والتخطيط للسنة الجديدة… يساعدان الإنسان على الصمود أمام المشكلات الحياتية التي يصادفها يوميا. والتفاؤل أساسي ليس فقط في بداية السنة، بل يجب أن يرافقَنا خلال أشهرها، لأنه يمنحنا القدرة على مواجهة المواقف الصعبة واتّخاذ القرارات المناسبة.
ويجعل التفاؤلُ الإنسان أكثر مرونة في علاقاته الاجتماعية، فينظر إلى الحياة بطريقة إيجابية ما يساعده على التأقلم مع الناس المحيطين به.
ومن فوائد التفاؤل أيضا أنه يمنح الإنسان الشعور بالسعادة أينما كان. هذا الشعور يقوي نظام مناعة الجسم ضد الأمراض. فثمة أشخاص يصابون بالأمراض بشكل أسرع من غيرهم بسبب السلبية تفكيرهم وعدم تمتعهم بالطاقة الإيجابية والفرح.
عندما يكون الإنسان متفائلا، منافع عدّة تظهر في حياته الاجتماعية والنفسية وحتى الصحية. على الصعيد الاجتماعي، يساعد التفاؤل على بناء علاقات اجتماعية سَوية وقوية، وعلى ضبط النفس واتخاذ القرارات الموضوعية والمناسبة، كما يزيد التفاؤل النجاحات في المجالات كافة وخصوصاً في العمل.
على الصعيد النفسي، يلعب التفاؤل دورا أساسيا في الصحة النفسية للشخص فينخفض عنده احتمال الإصابة بالاكتئاب، وترتفع قدرته على تحمّل القلق والتوتر وعلى احترام الذات والثقة بالنفس.
أما على صعيد الصحة، فيبعد التفاؤل عن الإنسان خطر الإصابة بالأمراض، ومنها المعدية. كما تؤكد دراسات علمية أنّ التفاؤل يُجنّب الإصابة بمرض السرطان.
تحويل الآمال إلى حقيقة

تتحقق الآمال عندما يخطط لها الإنسان ويضع أمامه أهدافا يسعى لقلبها إلى واقع. لذا من أهم الخطوات التي تقومون بها في نهاية كل سنة أو بداية سنة جديدة، وضع خطة لتحقيق آمالكم وأحلامكم حتى لو كانت فوق إمكانياتكم وقدراتكم.
لكي يتحقق النجاح، يختار الإنسان بدقة خطواته. وعادة لا يكتفي الشخص بنجاح واحد بل يسعى دائما لتحقيق جميع طموحاته التي تتطلّب الكثير من الجهد والمثابرة للوصول إلى الهدف المرجو.
عدم الإفراط في التفاؤل

أحلام كثيرة وأمنيات… بعضها عامة يجمع عليها الناس، أهمها الصحة والبحبوحة،… وبعضها ذو طابع سياسي أو أكثر شمولية للبشرية كالقضاء على الفساد ومحاربة العنف، ومظاهر التشرد والقتل والظلم وضمان الحريات العامة… ولكن عندما يكون الحلم أكبر من القدرات، لا يجب أن يتوقف الإنسان عن التفاؤل، بل يجب دائما، أن يحاول تحقيق حلمه وأن لا ينسى أبدا بأن بعض الأحلام لا يتحقق أبدا.
وطبعا يستطيع الإنسان المتفائل والذي يتقبل الحياة بصدر رحب، أن يواجه مشكلات الحياة، وأن يتغلب على الصعوبات اليومية والأزمات التي تعرقل حياته. كما يستطيع الإنسان المتفائل أكثر من غيره، أن يتعامل مع كل أصناف البشر سواءٌ كانوا مثله متفائلين أو حتّى متشائمين.

نصائح نفسية للسنة الجديدة

بعض النصائح يمكن اتّباعها خلال السنة الجديدة وتساعد على تنظيم حياتنا اليومية:
• أولا، التفكير بطريقة إيجابية حتى لو كنتم تعانون الكثير من المشكلات، وتفادي التعميم في يومياتكم بل تفسير كل ما يدور من حولكم بطريقة إيجابية وموضوعية والابتعاد من الأفكار السلبية.
• تقبلوا الحياة كما هي، وابتعدوا عن التوقعات “المخيفة”، فلا يجب التفكير بطريقة درامية بالمستقبل والخوف منه لأنّ ذلك يتحول إلى قلق.
• عند الشعور بالعصبية، تحدثوا (بعض الوقت) مع الذات بطريقة إيجابية وانصتوا لها. كما يمكنكم تدوين أحداثكم الإيجابية والسلبية وتدوين مشاعر القلق والشك والخوف والتوتر، ذلك يساعد الشخص على معرفة أسباب هذه المشاعر السلبية.
• ممارسة أنشطة جديدة مثل تعلم لغة جديدة، أو رياضة أو تعلم الرسم… واكتشاف المواهب الدفينة (الغناء أو الكتابة).
• توسيع رقعة الأصدقاء واختيار الأصدقاء الإيجابيين والمتفائلين، والتسلية والضحك واكتشاف أشياء جديدة معهم.
• ممارسة الرياضة على أنواعها، والاعتماد على الأكل الصحي لمقاومة التوتر والقلق.

Related posts

Top