مغاربة العالم التقدميون يقاربون الإشكالات بين بلدان الإقامة والبلد الأم

وقف عدد من المتدخلين، في لقاء نظمه حزب التقدم والاشتراكية، أول أمس الأربعاء بالرباط، على مجموعة من الإشكالات التي تطبع علاقة المهاجرين المغاربة في بلدان إقامتهم وبلدهم الأصل المغرب.
وأوضح المتدخلون، في لقاء تواصلي احتضنه المقر الوطني لحزب التقدم والاشتراكية بالرباط، تزامنا مع قرب الاحتفال باليوم الوطني للمهاجر الذي يصادف 10 غشت من كل عام، أنه من بين الإشكالات التي تخيم على علاقتهم في بلدان إقامتهم والبلد الأصل، مسألة الهوية والارتباط الثقافي للأجيال الجديدة من أبناء المهاجرين مع وطنهم.
في هذا، السياق، شخص إسماعيل العلوي رئيس مجلس رئاسة الحزب المشاكل التي ظهرت مع تغير بنية الأجيال من المغاربة المهاجرين، حيث أوضح أن الأجيال الأولى من المهاجرين تشكلت من الطلبة والعمال بدرجة أولى، إذ كانت عدد من الدول الأوروبية تراهن على قوة سواعد المغاربة، خصوصا في مرحلة الستينيات والسبعينات.
وأبرز العلوي أن هذه المعطيات تغيرت بصعود جيل جديد من المهاجرين المغاربة بعدد من البلدان عبر العالم، والذين ارتبطت هجرتهم بالمعرفة والعلم، إذ تغيرت حاجيات البلدان ومن ضمنها دول أوروبا التي تعمل على استقطاب مفكرين مغاربة ومثقفين وغير ذلك، مبرزا أن ذلك يتجلى، أيضا، في المكانة الاجتماعية التي أصبح يحتلها المغاربة في بلدان العالم.
وشدد العلوي على أن هذا التوجه يطرح مشكلة كبيرة بالمغرب وهي مسألة “هجرة الأدمغة”، معتبرا أن هذا الإشكال من شأنه أن يضيع المغرب في كثير من شبابه وطاقته التي يمكن استثمارها في الرفع من وتيرة تنمية الوطن.
وأفاد رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية أنه يوجد أزيد من 8000 طبيب مغربي ببلدان أوروبا، خصوصا بفرنسا، حيث أوضح أن هذا الرقم يدق ناقوس الخطر حول وضعية الكفاءات الوطنية في بلدهم الأصل، مؤكدا أن رقم 8000 طبيب هو الرقم الذي يحتاجه المغرب لسد خصاصه.
ودعا العلوي إلى معرفة الجذور وتقوية التلاحم بين الأجيال الثالثة والرابعة من المهاجرين وما يليها من الأجيال وبين الوطن الأم، مؤكدا أن السمو في سلالم الحياة ينطلق بمعرفة الجذور، مشيرا إلى أن كثيرا من المهاجرين المغاربة أصبح لهم حضور قوي في المشهد السياسي بعدد من البلدان، وتمكنوا من الوصول إلى مراكز قيادية في بلدان عديدة.
وشدد العلوي على أن الجالية المغربية تعيش طفرة معرفية وعلمية مكنتها من الارتقاء في السلم الاجتماعي بكثير من البلدان، خصوصا الأوروبية منها، مجددا التأكيد على أن هذا التوجه يجب أن يتطعم بربط الاتصال مع الجذور والبلد الأصل المغرب.
من جانبها، نوهت ثريا الصقلي عضوة المكتب السياسي والمنسق المسؤولة عن تتبع مغاربة العالم بالخارج، بالدينامية التي تعرفها فيدرالية أوروبا لمغاربة العالم التابعة لحزب التقدم والاشتراكية، داعية إلى العمل على تعزيز الهيكل التنظيمي للفيدرالية من خلال إنشاء فروع أخرى في إسبانيا وسويسرا والبلدان الإسكندنافية.
وشددت الصقلي على أن اهتمام حزب التقدم والاشتراكية بمغاربة العالم ليس جديدا وإنما يعود لسنوات خلت، حيث ناضل قياديوه مع الطلبة والعمال في كثير من البلدان الأوروبية، بمن فيهم الأمين العام للحزب محمد نبيل بنعبد الله الذي ناضل في صفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب خلال سنوات دراسته بفرنسا إلى جانب قيادات أخري.
من جهته، قال عبد الرحيم بنصر عضو المكتب السياسي لحزب “الكتاب” إن المدخل الرئيسي لربح ثقة مغاربة العالم يكمن في تملك قضاياهم العادلة والمشروعة والدفاع عنها، والعمل بتنسيق مع التيارات اليسارية على الدفاع عن مصالح مغاربة العالم وتحقيق انتظاراتهم ومساندتهم في كثير من القضايا والعمل على إدماجهم داخل أرض الوطن تجنبا لازدواجية الانتماء بين بلدان إقامتهم والبلد الأصل.
إلى ذلك، أكد السعودي العمالكي، عضو المكتب السياسي، على أن حضور حزب التقدم والاشتراكية كان دائما قويا وسط مغاربة العالم.. مشيرا إلى أن ما يميز حزب “الكتاب” هو تجذره منذ عقود وسط مغاربة العالم، عكس بعض القوى السياسية التي تحشد الناس بالمال وغيرها من الأساليب لملء القاعات والتسويق لقاعدة جماهيرية وسط مغاربة العالم غير موجودة في الأصل، مؤكدا أن العبرة بالكيف لا بالكم.
رشيدة الطاهري عضوة اللجنة المركزية، وفي كلمة لها، أكدت بدورها، على ضرورة النهوض بالتكوين الموجه لمغاربة العالم والدفاع عن قضاياهم العادلة، خصوصا المرتبطة منها بكل ما هو حقوقي، وعلى رأسها حقوق المرأة والطفل. ودعت الطاهري إلى تثمين دور مغاربة العالم ومساندتهم والدفاع عن قضاياهم وحمايتهم، خصوصا حماية المرأة وحقوقها، وتغيير الصورة النمطية المتداولة عنها.
إلى جانب ذلك، تقدم حميد بيشري رئيس فيدرالية أوروبا لمغاربة العالم بعدد من التوصيات، من ضمنها، “استحضار كون مغاربة العالم جزء لا يتجزأ من الشعب المغربي، ما يفرض الدفاع المستمر عن حقوقهم وحماية مصالحهم ومصاحبتهم في بلاد المهجر، لاسيما منهم أولئك الذين يعيشون أوضاعا صعبة، والتفاعل بجدية مع متطلباتهم الإدارية والاجتماعية وحاجياتهم الثقافية، وهو ما سيساهم في تعزيز أواصر انتمائهم للمملكة المغربية”.
كما دعا بيشري إلى دعم آليات تأطير الأحزاب السياسية للجالية المغربية في الخارج لجعلها تنخرط بحماس في الدينامية التي تعرفها المملكة؛ وتبني حوافز نوعية لفائدتها للمساهمة في الطفرة الاقتصادية التي تعرفها البلاد من مدخل الإصلاح الجبائي، وإطار تشجيع الاستثمار للاستفادة من كفاءاتها.
من جانبهم، ألح عدد من المتدخلين وممثلي فروع حزب التقدم والاشتراكية من مغاربة العالم على أهمية مسألة الهوية، وأكدوا على ضرورة ترسيخها عبر تعليم اللغة العربية لأبناء المهاجرين، وأيضا نشر الثقافة المغربية، بالإضافة إلى التأطير الديني بالمقومات المذهبية والمؤسساتية المغربية بعيدا عن التأثيرات المذهبية والدينية المشرقية وغيرها.
كما شدد المتدخلون من مغاربة العالم “التقدميون” على أن حل الإشكالات المرتبطة بالهجرة والإقامة ينطلق بتمكينهم من المشاركة السياسية وإدماجهم بسلاسة في الحياة السياسية العامة بالمغرب وتقوية حضورهم السياسي سواء في الانتخابات البرلمانية أو من خلال التعيين في هيئات الحكامة، وكذا إنشاء مراكز ثقافية مغربية في مختلف العواصم الأوروبية والأمريكية والآسيوية وغيرها، ودعم عمل الجمعيات المغربية في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا وغيرها.
إلى ذلك، حث المتدخلون قيادة حزبهم على أهمية خلق فضاءات عمل واستقبال مناسبة لاحتضان كفاءات علمية ومهنية من داخل الجالية، وتقوية اللقاءات الحزبية التنظيمية والتكوينية لتمتين التواصل بين تنظيمات الحزب في الخارج من جهة وبينها وبين قيادة الحزب من جهة أخرى، وأيضا ضمان تمثيلية لهم ضمن الهياكل القيادية الحزبية.
كما شددوا على ضرورة حل بعض المشاكل العملية للمهاجرين مع الإدارات داخل الوطن وضمان حقوقهم وحمايتهم وحماية ممتلكاتهم والعمل على خلق شعور بالانتماء لديهم ولدى أبنائهم الذين ولدوا ونشؤوا ببلدان الإقامة سواء بأوروبا أو غيرها.
يشار إلى أن اللقاء، عرف مشاركة كل من إسماعيل العلوي رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية ورئيس مؤسسة علي يعته، بالإضافة إلى كل من عضوة المكتب السياسي ثريا الصقلي التي ترأست اللقاء وأدارت أشغاله، وغزلان معموري، عبد السلام الصديقي، عبد الرحيم بنصر، مصطفى عديشان، السعودي العمالكي أعضاء المكتب السياسي ورشيدة الطاهري عضوة اللجنة المركزية، وحميد بيشري رئيس فيدرالية أوروبا التابعة لحزب “الكتاب”.
كما تميز اللقاء بمشاركة ممثلي فروع حزب التقدم والاشتراكية بكل من فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، بلجيكا، هولندا، الولايات المتحدة الأمريكية وبلدان أخرى، بالإضافة إلى مناضلات ومناضلي فروع جهة الرباط والنواحي.

***

توصيات لقاء 7 غشت 2019 بالرباط لفدرالية مغاربة العالم لحزب التقدم والاشتراكية

إن الرفيقات والرفاق، المنتميات والمنتمين لتنظيمات فدرالية مغاربة العالم التابعة لحزب التقدم والاشتراكية بأوروبا، المجتمعات والمجتمعين بالمقر الوطني للحزب بالرباط يوم الأربعاء 7 غشت 2019، في إطار احتفالهم باليوم الوطني للمهاجر الذي يصادف يوم 10 غشت من كل سنة، إلى جانب الرفيق مولاي اسماعيل العلوي رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية، الرفيقة ثريا الصقلي منسقة مغاربة العالم بالمكتب السياسي ورفيقات ورفاق آخرين ينتمون إلى المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب.
وبعد استحضارهم لأهمية الجالية المغربية من حيث عددها والكفاءات التي تضمها، والتي تعيش منذ عقود في بلدان مختلفة تنتمي لقارات العالم الخمس، في سياق يطبعه التراجع المستمر لأواصر الترابط مع الوطن الأم، لاسيما في صفوف الأجيال المزدادة في المهجر؛
وبالنظر لانحصار الآفاق أمام صوتهم في المؤسسات الوطنية رغم مساهمتهم القوية في تنشيط الحركية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الداخلية؛
وأخذا بعين الاعتبار المكانة التي يحظى بها مغاربة العالم ضمن اهتمامات حزب التقدم والاشتراكية، ومخرجات مختلف محطات مؤتمراته الوطنية.
فإنهم يوصون بما يلي:
• استحضار كون مغاربة العالم جزء لا يتجزأ من الشعب المغربي، ما يفرض الدفاع المستمر عن حقوقهم وحماية مصالحهم ومصاحبتهم في بلاد المهجر، لاسيما منهم أولئك الذين يعيشون أوضاعا صعبة، والتفاعل بجدية مع متطلباتهم الإدارية والاجتماعية وحاجياتهم الثقافية، وهو ما سيساهم في تعزيز أواصر انتمائهم للمملكة المغربية؛
• دعم آليات تأطير الأحزاب السياسية للجالية المغربية في الخارج لجعلها تنخرط بحماس في الدينامية التي تعرفها المملكة؛ وتبني حوافز نوعية لفائدتها للمساهمة في الطفرة الاقتصادية التي تعرفها البلاد من مدخل الإصلاح الجبائي، وإطار تشجيع الاستثمار للاستفادة من كفاءاتها؛
• إقرار قواعد المشاركة في الحياة السياسية المغربية، تصويتا وترشيحا، عبر أجرأة الفصل 17 من دستور المملكة وإصلاح القوانين الانتخابية الوطنية من أجل تحقيق تمثيلية جاليتنا في المؤسسات المنتخبة الوطنية، لاسيما في البرلمان؛
• فتح المجال أمام الجالية المغربية بالخارج للمساهمة برصيد خبراتها وأفكارها وتجاربها ومعارفها في إغناء النقاش الوطني من داخل «مؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية» المنصوص عليها في دستور المملكة؛
• إحياء مجلس الجالية المغربية بالخارج وتنشيطه ليقوم بوظيفته الدستورية في تأمين الحفاظ على الهوية المغربية في صفوف الجالية، وإطار لتبادل الأفكار والتجارب، وقناة ناقلة لصوت مغاربة العالم داخل الوطن إلى باقي المؤسسات الوطنية؛
• تمكين الجالية المغربية بالخارج من وسائل العمل للإسهام في العمل الديبلوماسي الذي تقوم به المملكة، وإشراكها في تعزيز إشعاع بلدنا خارجيا، وفي الدفاع عن قضاياه الوطنية ومصالحه العليا.
وحرر بالرباط في: 07 غشت 2019

< محمد توفيق أمزيان
تصوير: رضوان موسى

Related posts

Top