مقارنة بالأندية المصرية

فجرت الخسارة المزدوجة لفريقي الوداد والرجاء البيضاويين أمام ناديي الأهلي والزمالك المصريين، نقاشا كبيرا داخل الأوساط الرياضية المغربية، نقاش في جانبه الموضوعي بعيد عن كل تعصب، أو مزايدة أو مغالاة أو شعبوية، وهي الممارسات والأساليب التي أصبحت طاغية هذه الأيام، مع ما تخلفه من آثار سلبية، تحجب في الكثير من الأحيان الرؤية وعدم الإقرار بالحقيقة كما هي.
أولا، لا يمكن مجاراة الأندية المصرية الكبيرة، وخاصة الأهلي والزمالك، أو منافستها على المستوى المالي، والدليل الصفقات المهمة التي تبرمها سنويا، وقدرتها على جلب لاعبين بارزين، كما هو الحال بالنسبة لأحسن العناصر على مستوى الدوري المغربي، كأشرف بنشرقي، ومحمد أوناجم، وآخرهم بدر بانون.
وإذا كانت مثل هذه الانتقالات تشكل خسارة للدوري المحلي، فإنها تشكل قوة مضادة تصطدم بها الأندية المغربية، كلما كانت هناك مواجهة مباشرة، كما حدث في نصف النهاية عصبة الأبطال هذه السنة، ولعل أبرز مثال خسارة الرجاء من هدف سجله بنشرقي.
وعليه، فإن للجانب المالي دوره، والتنافس يقتضي التوفر على نفس الإمكانيات، حتى يكون التنافس عادلا ومنصفا، ضمانا للتكافؤ الضروري والمطلوب، لتتمكن الأندية المغربية من الحفاظ على أبرز نجومها مدة أطول، أو السماح بانتقالها لمستويات أفضل كأوروبا، وحتى لا تعطي لخصومها أسلحة تحارب بها فيما بعد.
القدرة المالية على التنافس، شرط من الشروط الأساسية في المعادلة، لكن التجربة أكدت أنها ليست دائما معيارا وحيدا للتألق، فهناك جوانب أخرى مؤثرة إلى درجة كبيرة، منها هيكلة النادي، احترام التخصصات، الشفافية والوضوح في الكثير من الجوانب المرتبطة بالتسيير والتدبير، والبعد الاستثماري والمقاولاتي.
والأندية المغربية عموما، إلا من رحم ربي، غير قادرة على سن هيكلة واضحة، واتباع نظام مؤسساتي مضبوط وواضح وشفاف، لا مجال فيه للعشوائية والارتجالية والقفز على التخصصات، والتسيير الفردي الذي يختزل كل شيء في شخص واحد.
والأندية المصرية الكبرى، وحتى التونسية، قطعت أشواطا كبرى على درب الهيكلة المؤسساتية، والتي تعتبر مفتاحا للتطور والتسيير المتوازن، ويسمح بالتخطيط وجلب الموارد والقدرة على التنافس، والأكثر من ذلك التوفر على قدرة ذاتية لرفض تلقائي للعبث أو التخريب، أو اتخاذ قرارات غير مناسبة، حيث تبرز المعارضة الناعمة تلقائيا ومن الداخل، لا تسمح باتخاذ أي قرار فردي، لا يخدم المصلحة العامة للنادي.
إذن هناك المال، ولكن هناك أيضا البناء المؤسساتي، وهناك احترام التخصصات، وهناك الشفافية في التسيير والتدبير، وهناك القدرة على التفكير الجماعي والمستقبلي، وهناك الحوار الداخلي، وهناك ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتوفر آليات التتبع والمراقبة والمحاسبة، وهناك وهذا هو الأهم، عدم اختزال كل شيء في شخص واحد.
والتساؤل الذي يطرح وبإلحاح متى تقطع الأغلبية الساحقة من الأندية الوطنية مع أساليب عفا عنها الزمن، والتي تسمح بحدوث تجاوزات وممارسات غير سليمة تقنيا وإداريا وماليا؟
يقال بأن دخول مشروع الشركات غير التطبيق، سيعالج الكثير من الاختلالات المزمنة والهيكلية والبنيوية التي تعاني الأندية المغربية، ننتظر ذلك بكثير من الحرص والتتبع، والمتمنيات الصادقة …

>محمد الروحلي

Related posts

Top