ملتقى أحواش بأكادير

أسدل الستار مؤخرا على فعاليات ملتقى أحواش في دورته الثالثة والمنظم من طرف جمعية اجارفن ومجموعة من الشركاء والفاعلين، بساحة الوحدة لمدينة أكادير، بمشاركات فنية مهمة أتحفت الجمهور الأكاديري بكل مكوناته.
 ويعتبر فن احواش تراثا أمازيغيا عريقا، حيث يطلق لفظ “أحواش” والذي يعني الفناء،على الرقص الجماعي بجميع أشكاله بجنوب المغرب خاصة في مناطق الأطلس الكبير والصغير، حيث تتوطن القبائل الأمازيغية المتحدثة بلهجة تاشلحيت.
 رقصة أحواش رقصة جماعية مختلطة بين الذكور والإناث، تتميز رقصات أحواش بتماثل حركات الراقصين والراقصات، وهي حركات يختلف شكلها وسرعة إيقاعها باختلاف المناسبة والمنطقة، وفي حالات نادرة، ينفرد رجل أو امرأة أوهما معا بالرقص خارج حلقة المجموعة.
تقام رقصة “أحواش” بمختلف المناسبات التي يحييها أبناء القرى والقبائل كالأعياد الدينية والوطنية، ولكن تبقى بالخصوص تعبيرا عن الفرحة الجماعية التي توافق وتطبع دورة الحياة الزراعية.
يرتدي المشاركون في أحواش زي الحفلات والأعياد المميز للقبيلة، فالرجال يلبسون الجلباب الوطني والقميص (تشامير) والبرنس والعمامة البيضاء ويتقلدون الخنجر الفضي، و”أقراب” ( المحفظة الجلدية المزركشة بالحرير ) بينما تتزين النساء بالحلي التقليدية التي تتكون عادة من القطع الفنية المسبوكة وكريات اللوبان.
 فقد تميزت الليلة الختامية لملتقى فنون أحواش برقصات متنوعة ومتشكلة  من فن أحواش الأمازيغي الجماعي، أدتها مجموعة من الفرق من مناطق مختلفة من المغرب، نذكر منها: أحواش ايمنتانوت التي تؤديها جمعية تامونت وافيفن للثقافة الأمازيغية إمي نْ تانوت،   وقد تأسست فرقة هذه الجمعية سنة 1965 تحت رئاسة عميد كلية فنون اسايس: احمد بنعبد الله أبلاح المشهور ب”حماد اوعلا”. كانت لها مشاركات متميزة في عدة لقاءات ومهرجانات في الداخل والخارج. أحواش إيمي نْ تانوت يدخل ضمن أحواش المعروف بـ (الدرست) ويؤديه الرجال والفتيات العازبات، في صفين متقابلين، يتحاوران ويرقصان رقصات بديعة وجميلة، في خفة ورشاقة، على إيقاعات تالونت، التي تضبط وتنسق حركات وتموقعات أفراد الفرقة.
 بالإضافة لفرقة جمعية وادي زيز لفنون أحواش التي  تأسست سنة 2006، وتتكون من 29 عنصرا ما بين الذكور والإناث، ومن أهدافها إعطاء فن أحواش بعدا معرفيا عميقا، والمحافظة عليه كتراث أصيل. وشاركت منذ نشأتها في العديد من التظاهرات المحلية والجهوية والوطنية.
 كما أتحفت فرقة عواد الرفوش إداوتنان، حيث  اختارت هذه المجموعة لاسمها العواد، لأنها  تعتمد عليه في رقصاتها صحبة تالُّونت، فعلى إيقاعهما يرقص الراقصون، ويعتبر رقص إداوتنان من الرقص الصامت، إذا صح التعبير، إذ  لا تتخلله محاورات شعرية، إلا أنه يمتاز بأنغام العواد السجية التي تصاحبه بموازاة مع إيقاعات ” تيلونا ”  ويمتاز بخفة حركات راقصيه وبتعددها وتتابعها.
 وتعتبر هذه الرقصات (أحواش) أحد أقدم أشكال التعبير الفني الذي عرفت به مختلف القبائل الأمازيغية التي استوطنت المنطقة، وشكلت موضوع تنافس بين مختلف القبائل.
 دون أن نستثني حضور ومشاركة اوركسترا جمال وصفي التي أمتعت الجمهور بمجموعة من مختاراتها الغنائية، وهي فرقة أسسها الفنان جمال وصفي، الذي راكم تجربة في ميدان الغناء والموسيقى  على مدى خمسة وثلاثين سنة، شارك فيها بعدد من الفرق كما أسس أخرى، وشارك في مهرجانات وملتقيات موسيقية عديدة، داخل الوطن وخارجه
 تخلل هذا العرس الأمازيغي تكريم الأستاذ و الباحث عبد الله كيكر، وهو من مواليد أكدير زكاغن بقبيلة آيت برايم، تابع دراسته في المعهد الإسلامي بتارودانت وحصل على الشهادة الثانوية من جامعة القرويين كما حاز  على شهادة الباكلوريا بالمعهد الأصيلي بتطوان، قبل أن يلتحق بالمدرسة العليا للأساتذة ليتخرج بعدها أستاذا للسلك الأول. كان مساره المهني متميزا كأستاذ ومؤطر عبر مجموعة من المحطات، وأصدر مجموعة من الأبحاث والمؤلفات حول تاريخ المنطقة ورجالاتها.
الإعلام كان حاضرا وبقوة سواء منه الالكتروني أو السمعي البصري او المقروء، أبى إلا أن يواكب الحدث لمدة أربعة أيام على التوالي، مساهمة منهم في النهوض بتراثنا الغني والعريق ونشره والتعريف به.
 الجمهور الأكاديري كان في مستوى الحدث، من حيث العدد والكيف، وذلك في تناغم تام وانسجام مع الايقاع والكلمة والإبداع. وهذا ما سعت إليه جمعية اجارفن، عبر أعضائها وطاقمها النتظيمي، أي إنجاح هذا العرس الأمازيغي وجعله بصمة إشعاع لتراثنا ولمدينة أكادير باعتبارها عاصمة سياحية وقبلة لآلاف السياح المتعطشين للفن والجمال بكل مكوناته.

رشيدة فائز

Related posts

Top