ملتقى تزنيت الدولي للثقافات الإفريقية في دورته الثامنة

احتفاء بالذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة، نظمت جمعية الشيخ ماء العينين للثقافة والتنمية، بدار الثقافة محمد خير الدين بمدينة تزنيت مؤخرا، الدورة الثامنة لملتقى تزنيت الدولي للثقافات الإفريقية، بعد غياب دام مدة عامين كاملين بسبب تداعيات جائحة كورونا. وقد اختير لندوة هذه الدورة موضوع: التراث المخطوط في المغرب وإفريقيا.
ونظرا لما لمثل هذه التظاهرات من قيمة ثقافية عليا، فقد استدعي لهذه الدورة نخبة من الباحثين والباحثات من المغرب ومن دول إفريقية وعربية، شاركوا بفعالية كبيرة في أشغاله إلى جانب شخصيات ثقافية وازنة أمثال مدير “الخزانة الحسنية بالقصر الملكي بالرباط” العلامة أحمد شوقي بنبين، ومدير مؤسسة “أرشيف المغرب”، ابن مدينة تزنيت، المؤرخ والعلامة جامع بيضا.
في صبيحة يوم الجمعة 4 نونبر ابتدأت أشغال الجلسة الافتتاحية تحت رئاسة كاتب عام جمعية الشيخ ماء العينين للثقافة والتنمية الأستاذ عبد الكريم شعوري، بإلقاء الكلمات الافتتاحية، بداية من رئيس جمعية الشيخ ماء العينين النعمة علي ماء العينين، الذي أشار إلى أن المغرب يزخر بتراث مخطوط كبير في الخزائن العامة والخاصة؛ معربا عن سعادته بتنظيم جمعيته التي يترأسها لهذا الملتقى الدولي الكبير راجيا من الله أن تمر أجواء الاحتفاء في جو من الاستفادة والإفادة التي تعود بالنفع على الجميع. كما ألقى محمد الشيخ بلا رئيس المجلس الإقليمي لتزنيت كلمته بهذه المناسبة؛ حيث أعرب بدوره عن سعادته عن تنظيم هذا الملتقى الذي يدخل في إطار تنفيذ مقتضيات دستور المملكة المؤكدة على أن الانتماء الإفريقي يشكل أحد أعمدة الهوية الوطنية المغربية. كما ألقى عبد الله الغازي رئيس المجلس الجماعي والنائب البرلماني لإقليم تزنيت، والتي عبر فيها عن شكره للجمعية المنظمة لهذه التظاهرة الهامة تزامنا مع احتفال الشعب المغربي بذكرى المسيرة الخضراء المجيدة، مشيرا إلى البعد الوطني والإفريقي والعربي لهذه الدورة الثامنة لأشغال هذا الملتقى الكبير. كما ألقت جودي فارس البطاينة، باسم كافة المشاركين من الباحثات والباحثين، كلمة في هذا الشأن؛ حيث أشارت إلى أهمية صيانة تراث المخطوط في الحفاظ على الموروث الثقافي بالمغرب وأفريقيا والدول العربية. كما قدم العلامة الأستاذ أحمد شوقي بنبين مدير الخزانة الملكية محاضرة افتتاحية في الموضوع؛ حيث أكد فيها على دور المخطوطات والتركيز على أهمية الكتاب في الحضارة العربية الإسلامية وفي التراث الإفريقي في انتشار الدين الإسلامي وانتشار الخط العربي داعيا في نهاية محاضرته المستفيضة إلى العناية بالتراث المخطوط وحفظه من الزوال والاندثار.
وقد اختتمت أشغال هذه الجلسة الافتتاحية بإلقاء قصيدة ” بأبي وأمي ” الوطنية التي نظمها الشاعر مولاي الحسن الحسيني والتي تناولت موضوع مغربية الصحراء والوحدة الوطنية وانسجام الكل المتعدد المغربي.
وبعد زوال نفس اليوم افتتحت أشغال الجلسة العلمية الأولى، التي ترأسها الدكتور النعمة علي ماء العينين؛ حيث أعطى الكلمة لكل من الدكتورة ميمونة بنت الإمام الأستاذة بجامعة نواكشوط بموريتانيا، التي تناولت في ورقتها البحثية المخطوط الموريتاني من حيث ظروف الحفظ والتوزيع الجغرافي وأثر العناصر المناخية. وبعد هذه المحاضرة كان لنا موعد مع الدكتور عبد الرحيم حيمد، الأستاذ المحاضر بجامعة ابن زهر بآكادير، الذي قدم في ورقته البحثية عرضا مفصلا لأهم فهارس المخطوطات اليهودية المغربية في خزانات الجامعات العالمية وبسط أهم الأبحاث الأكاديمية المتناولة بالجرد والتصنيف لهذه المخطوطات والتعريف بمضامينها وموضوعاتها. كما كان لنا لقاء أيضا مع الدكتور أحمد السعيدي، الأستاذ بجامعة ابن زهر، الذي قدم في كلمته التراث المعيني المخطوط في المكتبات الغربية كنموذج مشروع OMAR في جامعة فرايبورغ بألمانيا ؛ ولقاء أيضا مع الأستاذ الباحث بجامعة ابن زهر الدكتور محمد الصافي، الذي تناول في ورقته البحثية اسهامات وأدوار الخزانات التراثية بالصحراء في حفظ وصون الذاكرة العلمية للصحراء واحتضان نوادرها من مخطوطات عتيقة، مبرزا في نفس الوقت واقع الخزانات العلمية التراثية بالصحراء الذي يعكس الحاجة الماسة إلى المعالجة الشاملة نظرا لافتقارها للبنيات التحتية والموارد البشرية المؤهلة حتى لا تتعرض للضياع والانقراض.
وفي الجلسة العلمية الثانية التي ترأسها الدكتور أحمد الشايب الأستاذ بجامعة ابن زهر، فقد كان لنا لقاء مع الباحث النيجيري المدير وخبير الاستشارات التربوية – كناكري – نيجيريان الدكتور مطهر يوسف بن ناصر، الذي قام بتسليط الضوء على حركة التحقيق في نيجيريا عامة وفي جنوب غربي نيجيريا خاصة.وقد ذكر الأسباب التي جعلت الحركة مزدهرة في شمال نيجيريا ومنحسرة في جنوبها بشكل لافت، وانتهى به الأمر إلى إبراز أهم الجهود التي قام بها علماء جنوب غربي نيجيريا تجاه تحقيق المخطوطات العربية والتركيز على جهود أحدهم وهو الشيخ آدم عبد الله الإلوري رحمه الله؛ كما كان لنا موعد مع الأستاذ المحاضر بالجامعة الإسلامية نيامي بالنيجر الدكتور جمال الدين محمد، الذي قدم لنا وصفا لواقع تحقيق التراث المخطوط في النيجر ابتداء من تاريخ حركة التأليف بالنيجر ،مرورا بذكر مراكز المخطوطات فيها،محللا الأسباب والدوافع التي ترغِّب الباحثين في تحقيق المخطوطات والتحديات التي تواجههم، وأهمها صعوبات طباعة ونشر ما يقومون بتحقيقه من مخطوطات. كما كان لنا لقاء أيضا مع رئيس جمعية الشيخ ماء العينين للثقافة والتنمية ورئيس ملتقى تزنيت الدولي للثقافات الأستاذ المحاضر بجامعة ابن زهر بآكادير الدكتور النعمة علي ماء العينين، الذي تناول في ورقته البحثية التراث المخطوط في الصحراء؛ حيث قدم لنا دراسة وصفية إحصائية له لبعض المخطوطات في مختلف العلوم، التي كانت رائجة في تلك المنطقة، داعيا إلى الاهتمام بهذا التراث وصفا ودراسة وتحقيقا، إسهاما في نهضة الأدب المغربي والعربي والإفريقي.
وفي صبيحة يوم السبت 5 نونبر افتتحت أشغال الجلسة العلمية الثالثة التي ترأسها الدكتور عبد الرحيم حيمد؛ حيث كان للحضور موعد مع الأستاذة بجامعة الجينرال لانسنا كونتي بكوناكري – غينيا، الدكتورة آمنة جالو، التي تناولت في دراستها البيبليوغرافية موضوع مخطوطات الفلان في مكتبات وخزائن المملكة المغربية. وقد أسفرت هذه الدراسة عن عثور المحاضِرة على سبعة مؤلفين لديهم سبعة عشر مخطوطا في مكتبات وخزائن المملكة المغربية. كما كان للحضور لقاء مع الأستاذة الباحثة بتزنيت الدكتورة خديجة كمايسين التي عرَّفت بالخزاننين المحجوبية وخزانة المجلس العلمي المحلي بتزنيت، والتي قامت بفهرستهما وجرد أهم المتن والمنظومات التعليمية بمدارس سوس العتيقة؛ حيث ذكرت عدد نسخها ومؤلفات أهل سوس في كل من هذه العلوم. كما كان لنا لقاء أيضا مع الأستاذ الباحث بمعهد أحمد بابا للدراسات العليا والبحوث الإسلامية بتنيكتو بمالي الدكتور يونس سعيد، الذي أظهر لنا في محاضرته صنعة المخطوط في تنبوكتو وأسباب انتشارها، مبرزا التقنيات المتبعة في هذا المجال ووسائلها المختلفة في أروقة هذا المركز الحضاري الهام بجنوب الصحراء، مع التطرق إلى دور تنبوكتو في الحفاظ على التراث الإفريقي المخطوط على مدى العصور. وكان لنا موعد أيضا مع أستاذ التعليم العالي بكلية الشريعة بجامعة ابن زهر بآكادير الباحث الدكتور الحسن اشفري، الذي قام بدراسة مخطوط من عصارة فكر أحد ورثة مؤسس زاوية تمنارت، الذي اشتغل بتحقيق هذا المخطوط المهم في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وبعد فترة استراحة وجيزة، افتتحت أشغال الجلسة العلمية الرابعة، التي ترأسها الأستاذ المحاضر بجامعة ابن زهر بآكادير، الدكتور محمد حاتمي؛ حيث كان للحضور لقاء مع الدكتور آدم بللو القاضي بمحكمة الشريعة الإسلامية بولاية يوتشي بنيجيريا، الذي قدم في ورقته البحثية الدور الذي لعبته نيجيريا في المحافظة على التراث المخطوط باللغة العربية والتراث المكتوب بلغات أخرى ولكن بالحرف العربي؛ حيث عرف ببعض نوادر ونفائس المخطوطات التي توجد في المكتبات والمراكز في نيجيريا. كما كان لنا موعد مع الباحثة الدكتورة جودي فارس البطاينة الأستاذة المحاضرة بجامعة جرش الأردن، التي قامت بتسليط الضوء على كنوز المخطوطات المغربية المصورة الموجودة بالجامعات الأردنية بشكل عام ومركز الوثائق والمحفوظات ودراسات بلاد الشام بشكل خاص. كما كان لنا موعد أيضا مع الأستاذة المحاضرة بجامعة محمد الخامس بالرباط، الدكتورة سعاد اليوسفي، التي تناولت الزوايا في المغرب مبرزة دورها في الحفاظ على التراث المخطوط؛ حيث قدمت كنموذج الزاوية الدلائية. وأيضا كان لنا موعد مع الأستاذة الباحثة بالرباط نزهة بنسعدون، التي بينت بشكل تقني في ورقتها البحثية نُظُمَ الفهرسة الالكترونية للكتب المخطوطة وكذا طريقة اعتمادها في البحث العلمي.
وبعد زوال هذا اليوم، افتتحت أشغال الجلسة العلمية الخامسة التي ترأسها الدكتور رشيد الكناني، الأستاذ بجامعة ابن زهر اكادير، حيث أعطيت الكلمة للأستاذة بجامعة الزيتونة بتونس الدكتورة سلمى الحبيب اللافي التي تناولت كوديكولوجيا في ورقتها البحثية نسخة مخطوط الحكم العطائية للفقيه الصوفي ابن عطاء الله السكندري، شرح الشيخ زروق الموجودة بالمكتبة الوطنية التونسية، باعتبار هذه الأخيرة عملية دقيقة لا مندوحة عنها في صيانة المخطوط وتوثيق مواصفاته الخارجية والداخلية ونقلها بأمانة والعمل على تصنيفها جغرافيا وتاريخيا. كما كان لنا لقاء مع الدكتورة أروى محمد ربيع، الأستاذة المحاضرة بجامعة جرش بالمملكة الأردنية الهاشمية، التي ركزت في ورقتها البحثية على الحديث على أهمية المخطوط في الحفاظ على الموروث الحضاري والفكري، في شقه العربي الإسلامي، مسلطة الضوء على الجهد الأكبر المبذول من طرف مركز الوثائق والمخطوطات ودراسة بلاد الشام جمعا وحفظا، مع محاولة الحصول على الأصلي منه، خدمة للباحثين، مركزة على ما صور من مخطوطات من المكتبة الوطنية بالرباط. وكان لنا أيضا لقاء مع الدكتور نجم الدين الهنتاتي، الأستاذ المحاضر بجامعة الزيتونة بتونس، الذي اهتم في محاضرته بتحقيق مخطوطات الأسدية (نسبة إلى أسد بن الفرات المتوفى عام 213 ه/828 م)، بالمكتبة العتيقة بالقيروان؛ كما درس تلك المخطوطات من ناحية المنهج ولاحظ فيها تقاربا مستنتجا بأنها تهم الفقه الحنفي، اعتمادا على علماء أحناف مذكورين فيها. وكان لنا أيضا موعد مع الأستاذ الباحث بتارودانت، الدكتور عبد الله إيد القائد، الذي كشف في ورقته البحثية عن مخزون التراث المغربي من خلال وصفه لتراث العلامة الحجوي الثعالبي ودور إنتاجاته الفكرية في ازدهار الحركة الثقافية والفكرية بالمغرب وشمال إفريقيا.
وبعد فترة استراحة قصيرة افتتحت أشغال الجلسة العلمية السادسة التي ترأستها الدكتورة سلمى الحبيب اللافي؛ حيث كان لنا لقاء مع الدكتورة أبو العيد كوثر، الأستاذة الباحثة في علم المخطوطات بفاس، التي تناولت في ورقتها البحثية علم المخطوطات ومدى غنى الخزانات المغربية العامة والخاصة؛ حيث عرضت لأول مرة مخطوطة في علم الفلك للرحالة الفقيه المغربي من مدينة سلا، محمد حجي بوشعرة.كما كان لنا لقاء أيضا مع الدكتور ياسين بن روان الباحث في سلك الدكتوراه بجامعة ابن زهر، الذي عرّف في ورقته البحثية بخزائن التراث الصحراوي المخطوط بمدينة العيون وبالتراث الصحراوي المخطوط، بالإضافة إلى خزائن ذلك التراث بمدينة العيون، مقدما بشأنه نتائج واستخلاصات جد هامة. كما كان لنا لقاء أيضا مع طالب باحث آخر في سلك الدكتوراه بجامعة ابن زهر بآكادير، يتعلق الأمر بإبراهيم بنزاكي، الذي قدم في ورقته البحثية وصفا علميا لمخطوط ناصرة الأصدقاء على الأعداء للشيخ ماء العينين ،من حيث شكله ولوحاته الفنية والخط الذي كتب به، كما قدم أيضا قراءة لمضامينه ومميزاته مستنتجا أهم ما توصل إليه من نتائج في هذا الإطار.وكان لنا موعد أيضا مع الباحث في التاريخ الديني الدكتور ربيع رشيدي :الذي وضح في محاضرته القيمة بأن وثائق إيليغ الصادرة عن المركز والواردة على دار إيليغ، تفتقر لدعامة أساسية في إعادة كتابة التاريخ المغربي نظرا لتنوعها وتغطيتها لحقبة زمنية مهمة وهي القرن 19. فالغوص في مضامينها يوضح، في رأيه، كيف أن هذه الدار لعبت أدوارا طلائعية لضبط مجال الجنوب المغربي التي تجلت في جباية الأعشار والضرائب والتحكيم وإخماد الثورات …
وفي صبيحة يوم الأحد 6 نونبر، افتتحت أشغال الجلسة العلمية السابعة والأخيرة التي ترأستها الدكتورة سعاد اليوسفي، وقد كان للحضور موعد فيها مع الدكتور أحمد أبو القاسم، عضو المجلس العلمي المحلي لسيدي إفني الذي قدم لنا، في ورقته البحثية المعنونة ب “خزانات الأسر العلمية بسوس، الحال والمآل”، تعريفا للخزانة ومحتوياتها وللمخطوط وأنواعه ودوره العلمي والفني مبينا أهم مدخرات خزانات الأسر العلمية المحصية في هذا الموضوع، وما تستوجبه تلك الخزانات من عناية وصيانة وتصنيف وفهرسة وتحقيق، وما حقق وطبع حتى الآن من مخطوطات هذه الخزانات (حوالي أربعين مؤلفا). كما كان لنا موعد أيضا مع الدكتور الحسين عاصم، الأستاذ الجامعي ومدير مجلة “سوس العالمة”، الذي عرَّف في ورقته البحثية المخطوط، لغة واصطلاحا، مشيرا إلى أهمية الحفاظ عليه باعتباره تراثا إنسانيا، كما ذكر مجموعة من المخطوطات التي قدمت في ندوات علمية كمخطوط “قرة الأبصار للشوشاوي ” وغيرها من المخطوطات الأخرى، مركزا بالأساس على إعداد فهارس محترفة للخزائن التي تضم مخطوطات ووثائق نادرة. وكان لنا لقاء أيضا مع الطالب الباحث في سلك الدكتوراه بجامعة ابن زهر بآكادير، إبراهيم أوسي، الذي أبرز الجهود اللغوية في مخطوطات الشيخ ماء العينين المعنونة بمفيد النساء والرجال في بعض ما جاز من الإبدال؛ كما قدم نظرة وصفية لهذا المخطوط مع ذكر أهم الخلاصات والاستنتاجات التي خرج بها في ورقته البحثية.

< متابعة: عبد الجبار الغراز

Related posts

Top