من أجل حركة مواطنة..التقدم والاشتراكية وحركة ضمير يؤكدان على ضرورة التنسيق لمواجهة الردة الحقوقية والديمقراطية

في إطار الدينامية التي سبق وأن أطلقها حزب التقدم والاشتراكية مع عدد من المؤسسات والجمعيات الحقوقية والمجتمع المدني، استقبل محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام للحزب، أول أمس الخميس، وفدا عن حركة ضمير.
هذا اللقاء، الذي احتضنه المقر الوطني لحزب “الكتاب” بالرباط، يأتي في إطار المشاورات الموسعة التي أطلقها الحزب مع مختلف القوى الحية بالبلاد للتباحث حول سبل إحداث رجة في المشهد الوطني العام، والمشهد السياسي والحقوقي، وإعادة الثقة بين المواطن والمؤسسات سواء مؤسسات الدولة أو المؤسسات المنتخبة، وإحداث مصالحة وطنية لتجاوز حالة الارتباك والقلق السائدة في مجموعة من الأوساط.
في هذا السياق، وفي كلمة له، أكد محمد نبيل بنعبد الله الذي كان مرفوقا بكل من كريم تاج، وشرفات أفيلال، وثريا الصقلي، وعزوز الصنهاجي، أعضاء المكتب السياسي، على أن المغرب في حاجة إلى قوى حية تبعث الروح في المشهد السياسي الوطني، وتعمل على مواجهة التراجع الحاصل على مستوى المسار الديمقراطي والحقوقي الذي راكمته البلاد على مدى العقود الأخيرة.
وجدد بنعبد الله تأكيده على أن المغرب في حاجة إلى نفس ديمقراطي جديد، مثل النفس الذي جاء بداية الألفية مع جلالة الملك محمد السادس الذي أقر حينها حزمة من الإجراءات التي شكلت قاعدة أساسية للإصلاح، والذي جعل البلاد تدخل في مجموعة من الأوراش الكبرى التي ساهمت في تطوير البلاد بشكل هام.
وأضاف بنعبد الله أن المغرب في حاجة، خلال المرحلة الحالية، إلى ما يشبه العقد الأول من الألفية الحالية، وفي حاجة إلى التعبئة من أجل حماية المكتسبات الحقوقية والسياسية، وأساسا منها دستور 2011 الذي ما يزال في حاجة إلى تنزيل مقتضياته، وما جاء به من مضامين متقدمة وصلاحيات مهمة.
وشدد زعيم حزب “الكتاب” على أن هناك حالة من القلق والارتباك في مختلف الأوساط بسبب ضبابية المشهد واستمرار بعض السلوكيات التي تضر بالعمل السياسي، مشيرا إلى أن التقدم والاشتراكية يطرح فكرة الحركة المواطنة مع مختلفة القوى الحية المستعدة للمشاركة في هذا الورش، والتباحث بشكل مشترك من أجل إيجاد صيغة للتنسيق والعمل على إحياء مصالحة حقيقية بين الموطنات والمواطنين، من جهة، والمؤسسات، من جهة أخرى، سواء منها مؤسسات الدولة، أو المؤسسات المنتخبة، أو جمعيات المجتمع المدني.
في هذا الصدد، أوضح بنعبد الله أن العمل من هذه الفكرة يتطلب التفكير في الأمد المتوسط والبعيد، وعدم التسرع، والتفكير في الظرفية الراهنة، معتبرا أن العمل يجب أن يكون بشكل متكامل وتدرجي، مع ضرورة تجاوز الاختلافات في الأفكار والرؤى الفكرية والسياسية، وبلورة أهداف مشتركة، وخطوات موحدة تروم، في الأول والأخير، إعادة الروح إلى المشهد العام، وإعادة الوضوح إلى العمل السياسي والنقابي والجمعوي وغيره، وإضفاء القوة على مؤسسات الدولة، قصد إحياء الثقة بين المواطن وهذه المؤسسات، بعيدا عن العدمية وخطاب التبخيس.
من جهة أخرى، وعن حركة ضمير، قال صلاح الوديع إن المرحلة تقتضي تكتل القوى الحية، واستثمار اللحظة لإعلان المواقف والوضوح، والعمل المشترك للدفاع عن المسار الديمقراطي، ومواجهة الردة الحقوقية والاجتماعية.
وتابع منسق حركة ضمير أن الاستقرار يتطلب مبادرات جريئة لحماية البلاد وتجنيبها ما وقع في بلدان أخرى، منوها، في هذا الصدد، بخطوة حزب التقدم والاشتراكية، مشيرا إلى انخراط حركة ضمير في أي دينامية مجتمعية حداثية تروم الدفاع عن الديمقراطية والحقوق والحريات.
وأبرز الوديع أن ما هو مطلوب من مختلف القوى، اليوم، هو الوضوح وقول “الكلمة”، معتبرا أن صمت البعض يجعل الأمور أكثر ضبابية، في الوقت الذي يشكل تعبيره عن الموقف أمرا عاديا وطبيعيا، داعيا إلى تجاوز هذا النكوص، وإيجاد مخرج للحالة التي وصل إليها المشهد الوطني، عبر التنسيق والعمل المشترك، وإبداء المواقف بوضوح إزاء كل قضية وكل ملف.
وأوضح الوديع أن استمرار هذا الوضع بدون تدخل القوى الحية، سيساهم في تغول “العدمية”، مما سيؤدي إلى نتائج سيئة، بما في ذلك على دعاة “العدمية” أنفسهم، مجددا دعوته إلى استثمار اللحظة، والعمل على التنسيق لمواجهة الردة السياسية والحقوقية.
كما دعا المتحدث إلى وقف التدخل في الأحزاب السياسية وعملها، مبرزا أن حركة ضمير ضمنت المذكرة التي أصدرتها مؤخرا، مطلبا يهم محاسبة المتدخلين في العمل الحزبي، ومعاقبة المتدخلين، سواء المتدخلين من خارج الأحزاب، أو من تتم عبرهم العملية داخل هذه الأحزاب.
وعلل الوديع ذلك بالقول إن إعادة الثقة في العمل السياسي وفي المشهد الوطني العام تحتاج إلى مؤسسات قوية، وعلى رأسها الأحزاب السياسية التي تقود الإصلاحات وتدبر الشأن العام.
من جانبه، وعن حركة ضمير، أيضا، قال أحمد عصيد إن إشكال المشهد السياسي انكماش البعض وعدم مشاركته في أي مبادرة، وأيضا عدم مبادرته إلى العمل على دينامية جديدة، معتبرا أن هذا التخوف ما هو إلا هوس داخلي في عقول بعض السياسيين.
وبعدما أشاد بدينامية حزب التقدم والاشتراكية واعتبره من القوى الحية التي ما تزال تعبر عن مواقفها بوضوح، أكد عصيد على أن التنسيق في إطار دينامية مجتمعية بين مختلف القوى الحقوقية والحداثية من شأنه أن يساهم في معادلة الكف والدفاع عن الحقوق والحريات والردة الحاصلة بسبب تفشي المد المحافظ.
هذا، وفيما يتعلق برؤية الإصلاح، قال عصيد إن المجتمع المغربي مضطرب قيميا، داعيا إلى الحد من هذا الاضطراب بضرورة الانسجام بين المجال الثقافي والسياسي والقيمي، وإصلاح المنظومة التربوية والتركيز على التعليم من أجل خلق جيل متعلم وواع بالإصلاح، مقدما في هذا الصدد مجموعة من النماذج الأجنبية.
من جهته أيضا، عبر الخبير الاقتصادي محمد بنموسى عضو حركة ضمير عن اهتمام الحركة بالدينامية الجديدة والتي قال إن من شأنها أن تحدث رجة في المشهد السياسي الوطني وأيضا في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية بالنظر للمستجدات المتسارعة في هذه المجالات مع ما أحدثه فيروس كورونا من متغيرات.
وشدد بنموسى على أن المشهد العام أضحى يعيش حالة من الارتباك، بما في ذلك في الأوساط الاقتصادية ووسط رجال الأعمال، مشيرا إلى أن المغرب في حاجة إلى قوى تعارض بعض الأفكار التي تجر البلاد إلى هيمنة الريع وبعض الممارسات التي تؤثر على الاقتصاد.
وعاد بنموسى للتأكيد على أن ضعف النقاش السياسي، وأساسا في الأغلبية الحكومية، أفرز قانون مالية بمقتضيات ضعيفة، لا ترقى إلى الانتظارات، ولا يساهم في حل الأزمة الحالية، بما في ذلك بعض الأزمات التي تعرفها مجموعة من المقاولات.
وخلص بنموسى إلى أن أي دينامية مجتمعية يجب أن تلم بكل المجالات، اقتصاديا واجتماعيا وحقوقيا، وأن تكون الحركة المواطنة، التي يجري النقاش من أجلها، قوية في مواقفها وتعبيراتها لمواجهة ما يمكن مواجهته من ردة حقوقية وديمقراطية وأيضا اقتصادية.
يشار إلى الجانبين اتفقا على ضرورة مواصلة التنسيق وعقد اللقاءات مع مكونات حقوقية أخرى لإفراز حركة مواطنة مجتمعية مشتركة بين الجميع هدفها الدفاع عن المكتسبات والتنبيه إلى الانزلاقات على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي وغيره، وكذا تأطير المواطنات والمواطنين والدعوة إلى مشروع حداثي ديمقراطي قوامه تنمية الإنسان.
ومعلوم أن حزب التقدم والاشتراكية، سبق وأن التقى مجموعة من المكونات الحقوقية والجمعوية والسياسية بهدف خلق دينامية جديدة وحركة مجتمعية للدفاع عن مختلف القضايا والملفات وعلى رأسها المسار السياسي والديمقراطي وتنزيل مضامين دستور 2011.

> محمد توفيق أمزيان

Related posts

Top