مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة يسدل الستار على فعاليات دورته التاسعة عشر

إفريقيا الأسئلة والشتات

 بحفل تكريم للفنان المسرحي الراحل الطيب الصديقي، اختتمت يوم أمس الأحد، فعاليات الدورة الـ19 من مهرجان كناوة وموسيقى العالم، التي انطلقت عشية الخميس الماضي، على قرع الطبول ونغمات الكنبري والقراقب، وتواصلت بمزيج من الألوان الموسيقية ذات الجذور الإفريقية.
وعرفت الدورة العديد من الفقرات المتميزة، من بينها منتدى حقوق الإنسان الذي نظم بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وقد استمرت فعالياته يومي الجمعة والسبت الماضيين.
وقد خصصت أشغال دورة المنتدى، التي شكلت “فضاء للحوار والتفاعل وفرصة لمناقشة مساهمات تدفقات الشتات في أفريقيا، والتدبر في الطفرات الجديدة التي تنتج عنها، وكانت محطته الخامسة، تحت عنوان “الدياسبورا الأفريقية: الجذور، الحركية والإرساء”.
و تمركز النقاش حول أربعة محاور، توزعت على عدة جلسات، حيث تناولت الجلسة الأولى موضوع “الكونية الأفريقية”، والثانية “الدياسبورا ومجتمع المعارفة الشاملة”، والثالثة “نساء أفريقيات: إسهامات وتحولات”، و”تنقلات فنية وثقافية”، فضلا عن مائدة مستديرة، في موضوع “الشتات وسوق المعارفة الشمولية”.
 هذا، وتجدر الإشارة إلى أن المنتدى وبعد نسختيه الأولتين سنتي 2012 –  2013 اللتين خصصتا على التوالي للشباب والثقافة، اختار إفريقيا منذ ثلاث سنوات كتيمة مركزية، وهو مايتقاطع مع المهرجان الموسيقي من حيث تشبثه بمساءلة الجذور والهوية الإفريقيين.
وعليه، تم  تخصيص منتدى 2014 للتاريخ، وآخر للنساء في 2015.
 وقد أشارت نايلة التازي مديرة المهرجان، في مداخلتها الافتتاحية إلى المكانة المتميزة التي تحظى بها إفريقيا في نقاشات المنتدى وذلك منذ عدة دورات، في حين أكد إدريس اليازمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان وشريك المهرجان، على دور الثقافة كمحرك للتنمية الاقتصادية بالنسبة لبلدنا وأيضا بالنسبة لقارتنا الإفريقية. Sans titre-3
 وحسب تيمة منتدى 2016 فإن القارة الإفريقية باعتبارها ذات تقليد قديم وقوي فيما يخص الهجرة، تواجه اليوم ديناميات حركية جديدة تعيد تشكيل أنماطها القديمة، ففي الوقت الذي تتواصل فيه أنماط الهجرة من الجنوب نحو الشمال، تظهر أنواع جديدة من التنقلات، وبفعل تميزها بتعدد القوميات وتنقلات دائرية، فإنها تسمح بظهور نوع من “الكونية” تنبني أساسا على التدفق، والاعتراف بالآخر، لكن دون أن تكون خالية من التوترات، مع أشكال الرفض التي قد يواجهها المهاجرون أحيانا…

أفريقيا هوية في الموسيقى

 أما بالنسبة للشق الموسيقي في مهرجان كناوة وموسيقى العالم، فقد استمتع جمهور الدورة 19 يوميا من الثامنة مساء وحتى الساعات الأولى من صباح اليوم الموالي بمزيج من الأجناس الموسيقية في سهرات فنية متنوعة أحياها عدد من الموسيقيين من المغرب وسويسرا والولايات المتحدة.
 في حفلات تقاطع خلالها الفن الكناوي  في بعده التقليدي مع التيارات العصرية المجددة  كتجربتي لمعلم عمر حياة وحسن حكمون، أومع فن الجاز (راندي ويستون) وفن الريغي (جبا أند فراندز)، والسول الأمريكي (بليتز دي أمباسادور)، والراب والفانك والهيب هوب (هوبا هوب سبيريت).
 وشد انتباه الحضور بمنصة مولاي الحسن، أيضا عازف البيانو الأمريكي، راندي ويستون، أحد أبرز مرجعيات عالم الجاز، الذي ينهل من الجذور الإفريقية، راندي ويستون الذي وقع في غرام موسيقى كناوة، فقرر الاستقرار بمدينة طنجة، والتجوال بإفريقيا بحثا عن إيقاعات وألوان موسيقية جديدة.
 وعلى المنصة ذاتها، عزف أحد رموز تاكناويت العصرية، الموسيقي المغربي حسن حكمون، المزداد بمراكش والمقيم بنيويورك، الذي انخرط في مركز بروكلين ليمنح موسيقاه بعدا جديدا، وهو يمزج موسيقى الجاز برنات آلة الكنبري.
 وقد أصدر حكمون، وهو أيضا ممثل وراقص، ألبوما سنة 2002 يحمل عنوان “ذو كيفت” (الهدية) بتعاون مع المنتج فابيان السلطاني، مازجا فيه بين موسيقى كناوة والموسيقى العربية التقليدية، وشارك مع الفنانة ذي ذي بريدج ووتر في ألبومها كرافان (قافلة)، وكذا في عدد من المشاريع السينمائية.
 واحتضنت منصة الشاطئ لمعلم عبد الكبير مرشان، رئيس فرقة أولاد سيدي حمو، على آلة الكنبري وفرقة عيساوة فاس ، التي شاركت بالخصوص في دورات 2004 و2006 و2008 من مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، في رصيد كناوي وإيقاعات عيساوية صاخبة.
 وصعد إلى منصة الشاطئ أيضا، تحت تصفيقات جمهور غفير، لمعلم عمر حياة، الذي تتلمذ على يدي الفنان الغيواني الراحل عبد الرحمان باكو، وأسس فرقته الخاصة سنة 1991، وينتمي إلى جيل المعلمين الجدد العاملين على استدامة التقليد الكناوي، مع تأثيرات الأجناس الموسيقية الأخرى كالريغي بالخصوص.
وجدير بالذكر أن الدورة التي ودعناها كانت غنية بممثلي إفريقيا من الفنانين والمجموعات ولكن بدت عليها هيمنة فنية أمريكية كبيرة، مثلها فنانون كبار يعتبر حضورهم على أرض المغرب فخرا للمهرجان الصويري/ الإفريقي، ومن بينهم بليتز دي أمبسادور، الذي لم يجد كبير عناء في مزج موسيقى السول التي يشتغل عليها مع الإيقاعات الإفريقية، أو كريستيان سكوت القادم من نيو اورليانز وصاحب المدرسة الحديثة في الجاز، أوعازف آلة الباص العجيب، جمال الدين تاكوما الحاصل على جائزة غرامي اواردز سنة 1998 عن أحد ألبوماته الموسيقية والثلاثي جيف بالار القادم من كاليفورنيا.
غير أن الظاهرة ودون شك، يبقى عازف البيانو راندي ويستون ذي التسعين عاما والحاصل على دكتوراه في الموسيقى والباحث عن إيقاعات موسيقى الجاز في أصول الموسيقى الإفريقية.
 وأخيرا المغربي حسن حكمون العائد من الولايات المتحدة الأمريكية ومن تجربة تلاقح تبدو عميقة فنيا.
ومن جهة ثانية تميزت الدورة المنقضية باستضافة الفنان التشكيلي حسن حجاج الذي قدم معرضه
  ” Color of Gnaoua ” ” ألوان كناوة” وتمحور حول مسارات استثنائية لمعلمي كناوة بالألوان.  

مبعوث بيان اليوم إلى الصويرة: سعيد الحبشي

Related posts

Top