مهنة القابلات في المغرب.. أدوار أساسية وإكراهات عديدة

تشكل القابلات حجر الزاوية في مجال الصحة الجنسية والإنجابية، بالنظر للأدوار بالغة الأهمية التي يضطلعن بها، وأبرزها ضمان ولادات آمنة، وبالتالي الحد من وفيات النساء الحوامل والرضع.
غير أن هذه الأدوار المهمة التي تشمل خدمات الصحة الإنجابية بأكملها، بما في ذلك تنظيم الأسرة وتوعية وتتبع النساء الحوامل وممارسة التوليد غير المتعسر والوقاية من مضاعفات الولادة، تصطدم بالعديد من الإكراهات التي تحول دون تطوير مهنة القبالة، ولاسيما ما يتعلق بالتكوين الأساسي للقابلات، وظروف العمل الصعبة، وأيضا ما يتصل بالإطار القانوني المنظم للمهنة.
كما يحول الخصاص المسجل بالمستشفيات ودور الولادة من حيث عدد القابلات، اللائي يقل معدلهن عن الحد الأدنى البالغ 6 قابلات لكل ألف ولادة حية (حسب توصية منظمة الصحة العالمية)، وكذا توزيعهن الجغرافي غير المتكافئ ومشكل البطالة في صفوفهن، دون مواكبة الارتفاع المسجل في عدد الولادات بالمملكة.
وحول واقع القابلات بالمغرب، أكدت نادية اوزهرة، رئيسة الجمعية المغربية للقابلات، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن القابلة المهنية في المغرب لا تحتل لحد الآن المكانة التي تستحقها رغم الأشواط الكبيرة التي تم قطعها، ولاسيما صدور القانون 44 – 13 المتعلق بمزاولة مهنة القبالة سنة 2016، والذي جاء بعد جهد جهيد بذلته جمعيات القابلات. وسجلت في المقابل، أن القابلات لم يستفدن حتى الآن من هذا القانون بسبب عدم صدور القرارات الوزارية التي تتيح تنزيله على أرض الواقع “وهو ما يحرمهن من مرجعية تحدد حقوقهن وواجباتهن وكذا طبيعة تدخلاتهن”. لذلك، تضيف رئيسة الجمعية، “نسعى في كل المناسبات، وخاصة بمناسبة اليوم العالمي للقابلة (5 ماي)، لإطلاع الرأي العام وصانعي القرارات في المغرب (الحكومة، الوزارة الوصية، الشركاء..) على الدور المحوري الذي تضطلع به القابلات في مجال الصحة الجنسية والإنجابية”، مشددة على أنه لا يمكن الحديث عن تقليص الوفيات في صفوف الأمهات وحديثي الولادة دون النهوض بمهارات القابلة، التي توجد بذلك في صلب البرامج الصحية الخاصة بصحة الأم والطفل.
وأبرزت أنه لا يمكن أيضا الحديث عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة دون تحسين ظروف عمل القابلة التي تعتبر أيضا دعامة مهمة في مجال الحد من مظاهر العنف ضد المرأة وتعزيز البرامج التحسيسية حول زواج القاصرات، داعية صانعي القرار والمجتمع المدني والنساء ككل إلى دعم القابلات لإيصال أصواتهن من أجل الارتقاء بمستوى هذه المهنة وإتاحة خدمات الصحة الإنجابية والجنسية للجميع وفي كل أنحاء المملكة.
وبخصوص العراقيل التي تقف عائقا أمام النهوض بوضعية القابلة في المغرب، أوضحت نادية اوزهرة أن أولى تلك العراقيل الفراغ القانوني الذي يفرض على القابلة العمل في ظروف غير مواتية تكون لها نتائج سلبية تنعكس على القابلة والمواطنين على حد سواء، بالإضافة إلى عدم السماح للقابلة المهنية بممارسة عملها داخل المنازل، وهو الأمر الذي يدفع النساء في الوسط القروي على الخصوص إلى الاستعانة بخدمات القابلات التقليديات والولادة في ظروف غير صحية تعرض الأم والجنين لمخاطر عديدة.
ينضاف إلى ما سبق، وفقا لرئيسة الجمعية، مشكل بطالة القابلات، “فرغم العدد القليل من القابلات اللائي يتم تكوينهن والخصاص الكبير المسجل في المستشفيات ودور الولادة، حيث مازال عدد القابلات بالمغرب دون المعايير التي توصي بها منظمة الصحة العالمية، إلا أنه لا يتم للأسف توظيف القابلات، مما أدى إلى النفور من التكوين في هذا المجال وإغلاق العديد من معاهد تكوين القابلات”.
ولأن ظروف العمل تضع القابلة على محك حقيقي بسبب قلة أدوات العمل وصعوبة ظروف الاشتغال التي تزيد من الضغوط الممارسة عليها باعتبارها مسؤولة عن حياة الأم والطفل، دعت رئيسة الجمعية المغربية للقابلات الوزارة الوصية إلى التقليص من مدة عمل القابلة في مصلحة الولادة، لأنه من الصعب عليها أن تمضي مسارها المهني كاملا بقاعة الولادة.
وخلصت نادية أوزهرة إلى الدعوة إلى تفعيل القانون المتعلق بمزاولة مهنة القبالة وإحداث الهيئة الوطنية للقابلات، وإرساء تكوين أساسي ذي جودة يستجيب لطموحات القابلة، وكذا توفير محيط عمل يجعلها تحس بالطمأنينة، مع كل ما يعني ذلك من وسائل وأدوات عمل تمكنها من الاشتغال في ظروف تستجيب للمعايير الدولية.

كريمة حاجي (و.م.ع)

Related posts

Top