موسم أصيلة الثقافي: إبراز الدور المحوري للمغرب لفائدة السلام والاستقرار بمنطقة الساحل والمغرب العربي

انطلقت مساء الجمعة الماضي الدورة الخريفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي الثاني والأربعين والدورة الخامسة والثلاثين لجامعة المعتمد بن عباد المفتوحة، بمدينة أصيلة بمشاركة ثلة من المفكرين والمثقفين من المغرب والخارج.
ويضم برنامج هذه الدورة، المنظمة بين 29 أكتوبر و18 نونبر من طرف مؤسسة منتدى أصيلة بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة) وجماعة أصيلة، ست ندوات تقارب قضايا جيو سياسية راهنة وفعاليات فنية وثقافية.
وانطلقت هذه الدورة بندوة افتتاحية بعنوان “المغرب العربي والساحل .. شراكة حتمية ؟”، بينما تبحث الندوة الثانية موضوع “أي مستقبل للديمقراطية الانتخابية ؟”، تليها ندوة ثالثة بعنوان “العرب والتحولات الإقليمية والدولية الجديدة .. العروبة إلى أين؟”، فيما ستكون الندوة الرابعة تكريمية وسيتم خلالها الاحتفاء بالإعلامي المغربي محمد البريني، قبل التطرق لموضوع “الشيخ زايد .. رؤية القائد المتبصر” خلال الندوة الخامسة، ثم إسدال الستار على هذه الدورة بتنظيم اللقاء الشعري الثاني حول “لغة الشعر العربي اليوم”.
وتستضيف هذه الدورة إلى جانب الندوات، فعاليات فنية متعددة، ضمنها ورشات للصباغة والحفر، ومشغل مواهب الموسم، ومشغل ورشة كتابة وإبداع الطفل وورشة لتنمية وتطوير كتابة الطفل، كما سينظم معرض فردي للفنان التشكيلي المغربي الإسباني خالد البكاي، ومعرض بعنوان “صيفيات الفنون”، ومعرضا للفنانين الصاعدين الزيلاشيين الشباب، ومعرض خاص بأعمال الأطفال في رواق مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية.
وتجدر الإشارة إلى أن الدورة الصيفية للموسم (من 25 يونيو إلى 3 يوليوز) قد عرفت تنظيم مشغل الصباغة على الجداريات، كما جرت العادة منذ ربيع 1978، والذي نشطه 11 فنانا في مختلف أزقة مدينة أصيلة العتيقة، إلى جانب تنظيم مشاغل النحت والرسم والفنون التشكيلية، إلى جانب ورشة خاصة بالأطفال في مجال الصباغة على الجداريات، ومعرض “ربيعيات 2021” ومعرض أعمال “مشغل أطفال الموسم” و”معرض الفنانين الزيلاشيين الشباب” وورشة “الإبداع الأدبي”، التي أشرف عليها الشاعر أحمد العمراوي.

محمد بنعيسى: الموسم راهن دائما على التعاون  جنوب – جنوب تحسبا للقادم من التحديات

قال الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، محمد بن عيسى، الجمعة، إن موسم أصيلة راهن دائما على التواصل والتعاون جنوب – جنوب تحسبا للقادم من التحديات.
وأضاف بنعيسى، خلال افتتاح الدورة الخريفية من موسم أصيلة الثقافي الدولي الثاني والأربعين المنظمة بين 29 أكتوبر و18 نونبر تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، “لا أحتاج إلى التذكير بأن موسم أصيلة، كفضاء للحوار الديموقراطي التعددي الحر، راهن دائما على حتمية وجدوى التواصل والتعاون بين دول الجنوب، على كافة الأصعدة، تحسبا للقادم من التحديات ودرءا للمخاطر المحدقة”.
وأبرز بن عيسى أن برامج موسم أصيلة، سواء في الماضي أو الحاضر، تستحضر قضايا الراهن العام، إفريقيا وعربيا ودوليا، بتجلياتها وتداعياتها الثقافية والسياسية والاقتصادية والاستراتيجية باعتبارها تجليات لما يعتمل في مجتمع العالم المعاصر.

استتباب الأمن والاستقرار

وسجل “لقد أدرجنا في الموسم الحالي، ضمن فعاليات الدورة 35 لجامعة المعتمد بن عباد المفتوحة، قضايا كفيلة باستئناف نقاش متجدد عميق، برؤية موضوعية مستقبلية، قضايا متصلة باستتباب الأمن والاستقرار، إقليما وقاريا ودوليا”.
وبعد أن توقف عند تقسيم أنشطة الموسم الثقافي على دورتين، أولاهما صيفية مخصصة للفنون، شدد بن عيسى على أن الدورة الخريفية تكون الأنسب للفعاليات الفكرية والثقافية، بعيدا عن ضغوطات الصيف وأجوائه.
واعتبر أن موضوع الندوة الأولى حول “المغرب العربي والساحل .. شراكة حتمية ؟” تقوم على فكرة تداخل الحدود بين المجالين المغاربي وبلدان الساحل، منوها بأنه “رغم مصاعبه تظل إمكانات التفاعل والاندماج ممكنة، وتفرض على صانعي القرار بالفضاءين تفكيرا استراتيجيا لتدبير أزمات تواجهها المنطقة الشاسعة”.

الشراكة المغاربية الساحلية

وسجل أن التحديات التي تعترض الشراكة المغاربية الساحلية أربعة تتمثل أولا في تحدي أمني ناتج عن الإرهاب المسلح المهدد لبلدان الساحل مع مخاطر انتقال عدواه، بينما يرتبط التحدي الثاني بالوضع الاستراتيجي في الفضاء المغاربي والساحل وعلاقة المنظومة الإفريقية ببوابتها الشمالية الغربية وتفاعلاتها مع الشرق الأوسط الكبير.
أما التحدي الثالث فيرى بن عيسى أنه سياسي مؤسسي يحيل على هندسة منظومة الحكم الرشيد وبناء الدولة الوطنية، وارتباطهما بصعوبات الانتقال الديموقراطي بالنظر إلى التباعد القائم بين الإصلاحات السياسية والمصالح الوطنية في دول تبحث عن حكامة جيدة.
وخلص بن عيسى إلى أن التحدي الرابع المرتبط بمجال الصحراء والساحل هو اقتصادي وبيئي، يتمثل في نقص المياه وزحف الرمال والجفاف، مبرزا بالمقابل أن الكل يدرك ما تختزنه المنطقة من ثروات طبيعية هائلة تستوجب التنسيق بين دول المنطقة لمواجهة أي نواقص غير متوقعة.

الراحل محمد المليحي

وفي سياق متصل، استحضرت الكلمة الافتتاحية لموسم أصيلة الثقافي، التي ألقاها محمد بنعيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، ذكرى التشكيلي البارز الراحل محمد المليحي، ابن المدينة التي ظلت أمواجها علامة ترافق أعماله الفنية ذات القيمة العالمية.
وتحدث بنعيسى عن “فاجعة فقدان أصيلة والمغرب أحد أبنائه البررة، محمد المليحي، الذي كان صديق العمر، وحلت الخميس 28 أكتوبر الذكرى الأولى لغيابه الأبدي”، علما أنه كان “ممن زرعوا بذرة المنتدى”.
وذكر بنعيسى أن الظرف الصحي الاستثنائي لم يوقف التفكير في الموسم ومآله، بل استمر التحفيز المعنوي قبل المادي، وسجل في هذا الإطار اعتزازه بالرعاية الملكية المستمرة لهذا الموعد الذي يعيش عقده الرابع.
وقال الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة إن احتفاليات “موسم أصيلة الثقافي” سوف تنقسم مستقبلا إلى دورتين، تخصص دورتها الصيفية للفنون، خاصة التشكيل، فيما ستخصص الدورة الخريفية للفعاليات الفكرية والثقافية.

الوزير مهدي بنسعيد: حضور “أصحاب القرار” في هذا الموعد مهم من أجل “تقليص الهوة بين النظرية والتطبيق”

من جهته، تحدث محمد مهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، عن الرهانات الدولية والآمال الإنسانية للمهرجان، الذي “راكم تجربة طويلة في مناقشة المواضيع الثقافية والسياسية”، وتقديم “الحلول بعيدة المدى”.
وأبرز الوزير الجديد الوصي على قطاع الثقافة أهمية حضور “أصحاب القرار” في هذا الموعد من أجل “تقليص الهوة بين النظرية والتطبيق”.
وأكد وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، على أن المملكة المغربية، تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس، تعاطت مع قضايا محاربة الإرهاب بجد ومسؤولية.
مخاطر الساحل والصحراء

وقال مهدي بنسعيد، إن “المغرب بلد مغاربي مفتوح على مخاطر الساحل والصحراء” معتبرا أن “توجهات وسياسات المملكة تعاطت مع قضايا محاربة الإرهاب بجد ومسؤولية”.
وتابع الوزير أن هذه المقاربة “أكسبت المغرب سمعة دولية كدولة رائدة في محاربة الإرهاب”، موضحا أنها “مهمة تشكل جزءا من التزامات المغرب الإقليمية والدولية، التي تجعل التكتل والشراكة واليد الممدودة بين كل الأطراف مبدأ ثابتا وضرورة لإرساء عالم أفضل”.
واعتبر بنسعيد أن إرساء الأمن والاستقرار يعد من أكبر التحديات التي تواجه حكومات العالم لكون تبعات التطرف والإرهاب تمس كل جوانب الحياة، حيث تساهم في تقليص نسب النمو ومضاعفة تكاليف الدول لمواجهة أعباء الوقاية وتفكيك الخلايا الإرهابية وتحصين الحدود.
في هذا السياق، نوه بنسعيد ببرنامج موسم أصيلة الثقافي الدولي الذي خصص ندوة قيمة لمعالجة قضايا هذه المنطقة (المغرب العربي والساحل والصحراء) والتي تواجه تحديات أمنية واستراتيجية ومؤسساتية واقتصادية، مشيدا بحرص الموسم على إبراز حتمية الشراكة كمخرج لكل هذه التحديات وهو ما يتماشى مع توجهات وسياسات المملكة المغربية.

معالجة الاختلالات

على صعيد آخر، ذكر الوزير بأن الموسم الثقافي الدولي لأصيلة راكم تجربة طويلة في مقاربة مواضيع السياسة والثقافة والاقتصاد حرصا على رصد مخاطر الحاضر على الدول والشعوب وعلى توجيه السياسات قدر الإمكان نحو معالجة الاختلالات وتقديم الحلول ذات الأبعاد البيئية والإنسانية بعيدة المدى، معتبرا أن مشاركة نخب فكرية وسياسية واقتصادية متعددة التخصصات إلى جانب حضور أصحاب القرار يعد فرصة مناسبة لردم الهوة بين النظرية والتطبيق.
ونوه ببرنامج هذه الدورة الذي يناقش قضايا الديموقراطية والجنوب، كما يستحضر قضايا الأدب والإعلام من خلال لغة الشعر العربي وقضايا الإعلام، إلى جانب تنظيم معارض وورشات فنية، موضحا أن الثقافة، بمختلف حقولها، شكلت على الدوام جسرا ناعما للتلاقي والتفاهم بين الشعوب، كما تظل مدخلا آهلا بفرص تعميق أواصر التعاون وتوفير شروط التكتل حول القضايا المصيرية وعلى رأسها إرساء السلم والأمن الدوليين.

محمد الصبيحي: المغرب يتعامل مع منطقة الساحل من منطلق كونه فضاء انتماء مجالي وتاريخي وحضاري ومجال تواجده الطبيعي

في كلمة ألقيت بالنيابة عن وزير الخارجية ناصر بوريطة، تحدث السفير محمد الصبيحي، مدير الشؤون الإفريقية بالوزارة، عن العمل المستمر منذ أزيد من أربعين سنة، الذي استقبل خلاله الموسم “أبرز شخصيات الفكر والثقافة والاقتصاد والإعلام” حول القضايا الراهنة.
وتحدثت الكلمة التي ألقاها الصبيحي باستفاضة عن التوجه المغربي نحو عمقه الإفريقي، وعودته إلى الاتحاد الإفريقي، وتحديات منطقة الساحل، وفرصها، منتصرة لمنطق احترام السيادة الداخلية لدول المنطقة، مع سعي المملكة إلى العمل مع شركائها بتوفير الخبرات والدعم من أجل “إفريقيا قوية وطموحة”.
وثمن محمد الصبيحي، تطرق هذه الدورة من موسم أصيلة إلى الشراكة بين المغرب العربي ومنطقة الساحل، متوقفا عند التحديات التي تعترض منطقة الساحل، لاسيما الفقر والتغيرات المناخية والنمو الديموغرافي والأمن الغذائي والنزعات الانفصالية والإرهاب والهجرة.

انتماء مجالي

وبعد أن أشار إلى أن هناك 16 مبادرة إقليمية ودولية مختلفة للتعامل مع إشكالات فضاء الساحل والصحراء، شدد على أن “المغرب لا يتعامل مع منطقة الساحل بمنطق التجربة والاستكشاف، بل من منطلق كونه فضاء انتماء مجالي وتاريخي وحضاري ومجال تواجده الطبيعي، كما لا يعتبره مكمنا للصعوبات والتحديات الصرفة، وإنما منطقة للتعاون خلاقة للثروة ولفرص التنمية”.
بهذا الخصوص، ذكر الصبيحي بأن جلالة الملك محمد السادس، في إطار استمرارية رؤى جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني وجلالة المغفور له محمد الخامس، عزز هذه العلاقات بضخ دينامية جديدة مع دول الساحل، والتي تجعل من المملكة شريكا إقليميا ملتزما ومجندا ومصمما على رفع تحديات السلم والأمن والتنمية.
فرص حقيقية

وأكد الصبيحي، خلال افتتاح الدورة الخريفية من موسم أصيلة الثقافي الدولي الثاني والأربعين، أن منطقة الساحل والصحراء تعتبر أكثر تضررا من المناطق الأخرى من ظاهرة الإرهاب، وتزخر بمؤهلات وفرص حقيقية، جعلت منها واحدة من أكثر المناطق جذبا للاهتمام.
وأوضح الصبيحي أن هذه العوامل والتحديات التي تستغلها دائما الجماعات المتطرفة، حولت منطقة الساحل إلى مجال للانغلاق على الذات وعدم استقرار هيكلي، ومرتع للتهريب والجماعات الإرهابية المتطرفة، معتبرا أن تصاعد وتيرة العنف المرتبط أساسا بالإرهاب يمكن أن تكون له تداعيات على دول الجوار، التي ظلت حتى الآن في منأى من هذه الظاهرة.

السيادة الوطنية

وأبرز المسؤول أن العمل الدولي بمنطقة الساحل لا يجب أن يقتصر على الأدوات العسكرية فحسب، بل يجب الربط جيدا بين الاستجابات الأمنية وبرامج التنمية دون تجاهل السياق الخاص لكل دولة من دول المنطقة، الذي يعتبر احترام سيادتها الوطنية ووحدتها الترابية ضرورة أساسية.
وأشار الصبيحي إلى أنه “لا يمكن على المدى البعيد وضع حلول خارجية للوقائع المحلية لمنطقة الساحل، مما جعل المغرب يدافع عن النهج القائم على بناء دينامية محلية والمتجرد من الوصفات المستوردة”، مؤكدا أن المغرب مصمم أكثر من أي وقت مضى على تعزيز علاقاته الثنائية مع دول منطقة الساحل والدول المغاربية، والتي تعد بعدا مهما لسياسته الإفريقية، بالرغم من أن شروط إقامة شراكة إقليمية حقيقية بين منطقة الساحل والمغرب العربي لا زالت غير متوفرة، نتيجة عدد من الإكراهات الإقليمية.
وشدد على أن “جلالة الملك محمد السادس وضع إفريقيا في صميم الأولويات الدولية للمغرب، اقتناعا منه بأنه لا يوجد تضامن أو التزام قائم دون الاستثمار في العلاقات السياسية، مقترنة بشراكات اقتصادية مربحة للجميع، مع أثر اجتماعي ملموس في خدمة الساكنة”.

تسريع النمو

وأبرز الصبيحي أن المملكة المغربية، تحت القيادة النيرة لجلالة، تعبئ خبرتها وتجربتها لفائدة الشركاء الأفارقة لتحرير الإمكانات الهائلة التي تزخر بها القارة من أجل تسريع النمو المستدام والشامل وتنمية الاقتصادات الإفريقية، مسجلا أن التفاؤل الإفريقي المغربي واقعي، إذ يقوم على قناعة مفادها أن القارة الإفريقية ستصبح واحدة من الأقطاب الرئيسية للعولمة في القرن الحادي والعشرين.
وتابع أن عودة المغرب إلى أسرته المؤسسية –الاتحاد الإفريقي- هي أحد الأمثلة الحية على لهذه الرؤية الشجاعة التي تستجيب كذلك لشعور عميق يتمثل في تقديم مساهمة كبيرة في تجديد القارة وإيجاد حلول ملموسة لتحديات عصرنا.
وقال إنه “تحت القيادة المتبصرة لجلالة، حققت المملكة المغربية عدة نجاحات محتكمة في ذلك إلى نهج موثوق ومتزن وحكيم”، مسجلا أن اعتراف العديد من دول العالم بما في ذلك الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه، وفتح قنصليات بالأقاليم الجنوبية واندماج المغرب في الاقتصاد العالمي من خلال إبرام العديد من الاتفاقيات التجارية، تعد كلها أشواط مهمة تم تحقيقها”.

مجالا للازدهار

وبعدما أكد أنه لا يمكن لإفريقيا أن تكون فقط مرآة تعكس للعالم صورة التحديات التي يواجهها، بل يجب أن تكون انعكاسا لديناميته المستقبلية، سجل الصبيحي أنه يتوجب على العالم التجرد من الطريقة التي ينظر بها إلى القارة، وخاصة منطقة الساحل، لنعتبرها مجالا للازدهار والإبداع والحيوية، لترسي بذلك أسس السلم والازدهار والتنمية.
مقاربة المغرب لضمان الأمن والاستقرار بالساحل
والصحراء هي الأكثر فاعلية

أبرز مشاركون في ندوة حول “المغرب العربي والساحل .. شراكة حتمية ؟”، ضمن فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي، أن المغرب قدم المقاربة الأكثر فعالية لضمان الأمن والاستقرار بمنطقة الساحل والصحراء.
وأبرز عدد من المتدخلين، ضمن هذه الندوة المنظمة ضمن فعاليات الدورة ال 42 لموسم أصيلة الثقافي الدولي والدورة 35 لجامعة المعتمد بن عباد المفتوحة المنعقدتين بين 29 أكتوبر و 18 نونبر تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، أن هناك عدة مقاربات لمعالجة قضايا الساحل والصحراء، لكن تبقى المقاربة المغربية الأكثر فعالية.
مقاربات لضمان الاستقرار والأمن بالمنطقة

في هذا السياق، اعتبر محمد المدني الأزهري، الأمين العام السابق لمجموعة دول الساحل والصحراء، أنه “كانت هناك عدة مقاربات لضمان الاستقرار والأمن بالمنطقة، لكن مقاربة المغرب قد تكون الأكثر فاعلية وإفادة”.
واعتبر أن المغرب ارتكز في مقاربته على التعاون المثمر المتبادل بين المغرب والبلدان الأطراف، بالإضافة إلى التركيز على التعاون الاقتصادي والتكامل وخدمات المصارف والتأمين والتنقل والتبادل التجاري وغيرها من القطاعات.
وسجل الأزهري أن للمغرب “مكانة مهمة جدة” في الساحل والصحراء بفضل تاريخه العريق وتأثيره الثقافي والفكري والديني والسياسي، معتبرا أن “الاستقرار السياسي للمملكة المغربية ساعدها على بناء استراتيجية من هذا القبيل”.
في السياق ذاته، سجل بأنه كانت هناك مقاربات من بلدان أخرى لقضايا المنطقة، خاصة المقاربتين الليبية والمصرية، لكنها لم تكونا بذات الفعالية، بينما بقيت المقاربة الجزائرية حبيسة للمنظور الأمني، معربا عن اعتقاده بأنه “لو كان اتحاد المغرب العربي موحدا، لشكل قوة اقتصادية ثقافية وبشرية وفكرية وعسكرية هائلة، ولضمن بقاء الساحل والصحراء، المنطقة التي تعتبر امتدادا استراتيجيا لشمال إفريقيا، بعيدة عن التغلغل الأجنبي والتجاذبات الدولية”.

تصحيح المفاهيم الدينية

من جانبه، اعتبر مادي إبراهيم كانتي، محاضر بكلية العلوم الإدارية والسياسية بجامعة باماكو (مالي)، أن المغرب كان تاريخيا من الدول الحاضرة والمؤثرة في منطقة الساحل والصحراء، مبرزا الدور الذي اضطلعت به المملكة المغربية في تصحيح المفاهيم الدينية والمساهمة في نشر الإسلام الصحيح ببلدان المنطقة لاحتواء التطرف الديني.
في هذا السياق، أشار إلى مبادرات المغرب ذات الطابع الديني لفائدة دول الساحل والصحراء، متوقفا بشكل خاص عند تكوين الأئمة والطلبة الأفارقة بمبادرة من المغرب لفائدة دول المنطقة من أجل مواجهة التطرف والإرهاب.
وأعرب عن اعتقاده بأن “المغرب نجح في هذا المقاربة، إذ يعتبر من بين البلدان الأقل تأثرا وتضررا من التطرف الديني”، مسجلا بأن بلدان المنطقة تطمح لاستلهام هذه التجربة.
وتمحورت المداخلات ضمن الندوة الأولى لموسم أصيلة الثقافي الدولي، المنظم من طرف مؤسسة منتدى أصيلة بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة) وجماعة أصيلة، حول عدة محاور، لاسيما “المنطقة المغاربة والساحل : أسس التكامل وحوافز التحالف والاندماج” و”السياسات والمقاربات الأمنية لمكافحة التطرف والإرهاب : تجارب بلدان المنطقة المغاربية والساحل” و” البيئة الإقليمية والظرفية الدولية الراهنة”.

سياسة الهجرة

من جهتها، أبرزت راقية تالا ديارا، عضو المجلس الوطني الانتقالي بمالي التي كانت تتحدث خلال ندوة حول موضوع “المغرب العربي والساحل.. شراكة حتمية؟”، أهمية الموضوع الذي وقع عليه الاختيار في ظل السياق الحالي الذي يتسم بالعولمة المتصاعدة، والتحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، مسجلة أن هذا النقاش سيسهم في الفهم الجيد للإشكالات التي تعرفها المنطقة.
وسلطت ديارا الضوء على سياسة الهجرة التي انتهجها المغرب وجهود المملكة من أجل تسهيل اندماج المهاجرين، والذي يعتبر مثالا يحتذى بالنسبة للبلدان الإفريقية، مشيدة بالالتزام الثابت للمملكة لتقاسم خبرتها في مجال تدفق الهجرة مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، وتعزيز السلم والاستقرار في المغرب العربي ومنطقة الساحل.
كما أعربت ديارا عن “إشادتها بريادة المغرب، تحت القيادة النيرة لجلالة الملك محمد السادس، في إطار التعاون جنوب – جنوب، في مجال تنفيذ إصلاحات تروم تعزيز بلداننا الإفريقية، لاسيما في ما يتعلق بالحكامة والشفافية والنهوض بالعنصر البشري”، مسجلة أن العديد من البلدان الإفريقية استلهمت تجربة المغرب في عدة ميادين.

شراكة معززة جنوب – جنوب

من جهته، أفاد فتح الله السجلماسي، الأمين العام السابق للاتحاد من أجل المتوسط، بأن منطقة المغرب العربي والساحل تواجه تحديات كبيرة، لاسيما الأمنية والاستراتيجية والمؤسساتية والاقتصادية، مسجلا أن منطقتي المغرب العربي والساحل مرتبطتان بشكل طبيعي وملموس بقضايا التنمية والسلم والاستقرار والأمن.
واعتبر السجلماسي أن الحل المناسب لهذه التحديات يتمثل في إبرام شراكة معززة جنوب – جنوب، مسجلا أن المغرب، تحت قيادة جلالة الملك، يضطلع بدور استباقي ملموس في مجال تكريس شراكة رابح – رابح ، في إطار التعاون جنوب – جنوب.

مبعوث بيان اليوم إلى أصيلة: عبد الصمد ادنيدن

Related posts

Top