موقع المسرح في التلفزة المغربية

>  عبد العالي بركات

إذا استثنينا البرنامج الشهري “أنفاس مسرحية” الذي يشرف عليه الأستاذ عبد الواحد عوزري بالقناة الأولى، بما له وما عليه، يمكن القول إن أب الفنون لا يكاد يجد له موقعا في باقي قنواتنا التلفزية، مع أن دفتر التحملات ينص على تخصيص حصة زمنية قارة للعروض المسرحية الوطنية ضمن خريطة برامجها.
 وهذا يشكل مفارقة حقيقية، أخذا بعين الاعتبار المجهودات التي ما فتئت تبذلها الوزارة الوصية على قطاع المسرح، في ما يخص دعم إنتاجه والترويج له وتوطين الفرق المسرحية.. إلى غير ذلك من أشكال الدعم.
كما أن هناك مهرجانا وطنيا للمسرح، يقام كل سنة، فضلا عن الأنشطة المسرحية المختلفة التي تقام هنا وهناك، سواء بمبادرة من المجتمع المدني أو مؤسسات الدولة.
هذه الحركة المسرحية، كان من الضروري أن تعكسها قنواتنا وتمنحها الاعتبار الذي تستحقه، غير أن هذا الأمر غير حاصل، وهو ينم عن أن المسؤولين عن البرمجة بالتلفزة المغربية، ما زالوا غير واعين بقيمة هذا الفن، الذي يعد أب الفنون، في ما يخص التثقيف وتهذيب النفس والترفيه وما إلى ذلك من القيم الجميلة.
ليس أمام إدارة التلفزة المغربية أي مبرر يمكن أن تسوغ به غياب اهتمامها بالمسرح وإيلائه المكانة التي يستحقها ضمن خريطة برامجها، بالنظر إلى أن هناك حركة مسرحية تدب في مختلف ربوع بلادنا، ومن المفروض أن يتم مواكبة هذه الحركية، وتوثيق العروض المسرحية وبثها في أوقات قارة.
 ما معنى أن يتم العناية ببث عدة مباريات في كرة القدم أسبوعيا، كل مباراة تستغرق أكثر من ساعة ونصف، في حين أنه لا يتم عرض مسرحية واحدة طيلة أسابيع.
حتى البرنامج اليتيم المشار إليه آنفا، والذي يبث مرة واحدة في الشهر، نجده يشتت انتباهه على عدة أنشطة، مع أن مساحته الزمنية جد محدودة، ولا تحتمل ذلك.
كما أننا يمكن أن نصادف مسرحية مبثوثة على إحدى قنواتنا، غير أنه غالبا ما تكون هذه المسرحية تم إعادة بثها عدة مرات، بشكل لا يطاق، كما يحدث على سبيل المثال في قناة المغربية، في حين أن المأمول أن يتم مواكبة جديد الفرق المسرحية على اختلاف مستوياتها، سيما وأن هناك إنتاجا دؤوبا، بفضل دعم الوزارة الوصية على قطاع المسرح.
هناك فراغ كبير تشكو منه خريطة برامج مختلف القنوات التلفزية المغربية، وكان ينبغي ملء هذا الفراغ، من خلال نهج استراتيجية تأخذ بعين الاعتبار الحركة الثقافية والفكرية التي تقام ببلادنا، وفي قلب هذه الحركية، يبرز المسرح بطبيعة الحال.
من الضروري أن تكون هناك أوقات قارة لبث العروض المسرحية، في مختلف قنواتنا التلفزية، وأن لا يقتصر الاختيار على الفرق المحترفة والمدعمة، بل يمتد إلى كافة الفاعلين في ميدان المسرح.
من الضروري كذلك، أن يتم إنتاج برامج ثقافية لمقاربة الإنتاج المسرحي المغربي والعالمي، وفتح نقاش حول اتجاهات هذا المسرح وأساليبه وفنونه. ولا شك أن التلفزة المغربية لا تعدم الكفاءات التي بإمكانها أن تنشط برامج من هذا القبيل، لكن مع الأسف نجد هذه الكفاءات معطلة.
كما تقام ندوات وحفلات توقيع كتب مسرحية هنا وهناك، غير أنه لا يتم العناية بنقل التسجيل الكامل لهذه الأنشطة، رغم أهميتها.
هناك من يصر على الإبقاء على الوضع كما هو، وضع الجمود والابتذال؛ مما يتطلب رجة قوية لإحداث التغيير، في سبيل تطوير البرمجة التلفزية والرقي بها.

Related posts

Top