مونديال استثنائي…

تتواصل بقطر منافسات النسخة الـ22 من مونديال 2022 لكرة القدم، وهي التظاهرة التي أثير حولها ولازال، الكثير من اللغط وردود الفعل المنتقدة، إلى حد التعبير عن مواقف تبدو متطرفة، اتجاه استضافة هذه الدولة العربية، لأهم تظاهرة كروية عبر العالم.
ومن النقط التي يبني عليها المعارضون مواقفهم، هناك مسألة تغيير موعد البطولة، من فترة الصيف إلى الشتاء، بالإضافة إلى جوانب تبدو للأوروبيين أساسية، كمنح حرية التصرف للأفراد والجماعات، والترويج للمثلية، وغيرها من الشروط التي منحت لها السلطات القطرية، هامشا صغيرا دون أن تصل لحدود المبالغة، في مراعاة لقيم تقاليد مجتمع محافظ…
تغيير التوقيت الذي يبدو نقطة جوهرية، فرضته ظروف الطقس واستحالة إجرائها صيفا، في ظل حرارة لا تطاق تعرفها عادة، منطقة الخليج العربي عموما.
وتبين من خلال الظروف التي تجرى فيها كأس العالم حاليا، أن الطقس جد مناسب، ودرجة الحرارة معتدلة، ويمكن للزوار الاستمتاع، وهم يعيشون أهم تظاهرة لكرة القدم على الصعيد الدولي.
بالإضافة إلى اعتدال الطقس في هذا الفصل بالذات، فإن قطر اجتهدت في تجهيز مكيفات عملاقة داخل الملاعب وخارجها، إلى درجة أن المتجول بوسط مدينة الدوحة مثلا، يلمس وجود مكيفات تحت الأرض تساهم في تلطيف الجو والشعور بالراحة…
وكل من حضر لمتابعة المونديال بصيغته العربية، لا يتردد في تقديم الكثير من عبارات التقدير والإعجاب، لما اجتهدت قطر في تقديمه من حيث التجهيزات المتطورة، من ملاعب وصالات ومراكز، ومختلف المرافق التي تتطلبها تظاهرة من هذا الحجم.
تجهيزات غير مسبوقة شكلا ومحتوى، والجميل أن تصميمها مستمد من الموروث الثقافي والمجتمعي لدولة قطر، وعموم المنطقة الخليجية، بحداثة التصاميم وأصالة الأفكار، فجاء الصياغة النهائية غاية في الجمال إلى الإبداع إلى حدود الإبهار.
وتقدم قطر بالمناسبة الدليل على أن احتضان تظاهرة كبيرة من طرف دولة صغيرة ممكن التحقيق، وممكن أيضا الوصول إلى نسبة نجاح، تفوق ما عرفته نسخ سابقة، نظمتها دولا تصنف ضمن خانة “الكبار”.
صحيح أن الإنفاق كان خياليا، بوصول الميزانية العامة للتنظيم حسب المصادر الصحفية إلى أزيد من 200 مليار دولار، رقم من الصعب أن تتجرأ دول أخرى لركوب مثل هذه المغامرة المدمرة على جميع المستويات، إلا أن توفر السيولة المالية الكافية، والرغبة في تقديم صورة جميلة عن قطر، وعموما المنطقة العربية، جعل حكامها ينفقون بلا حساب، وبرغبة قوية في الوصول إلى نسبة نجاح غير مسبوقة.
تظاهرة كأس العالم تواصل بالدوحة والمدن الصغيرة المجاورة لها، بالشكل المخطط له، تحت إشراف دقيق لأجهزة (فيفا) المتابعة لكل صغيرة وكبيرة، وحتى أصوات المعارضة، بدأت تخفت أمام علامات الرضا التي يعبر عنها كل الزوار من مختلف الأطياف والمشارب.
موعدنا إذن الأحد 18 دجنبر، تاريخ إجراء المباراة للنهائية، ليمكن بعدها إصدار حكم عام ونهائي عن مونديال قطري استثنائي.

محمد الروحلي

Related posts

Top