ندوة اكاديمية بمكناس: الشعري والسردي في الأدب المغربي

ينظم بيت الشعر في المغرب، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة المولى إسماعيل، والمديرية الجهوية لوزارة الثقافة بمكناس، ندوة أكاديمية في موضوع “الشعري والسردي في الأدب المغربي” يومي الخميس والجمعة 17 و18 دسمبر.
ويشارك في أعمال الندوة شعراء وروائيون ونقاد وباحثون. كما يختتم يوما الندوة بأمسيتين شعريتين، ومن فقراتها: كلية الوجود وثنائية الكينونة: الشعر والنثر لعبد العزيز بومسهولي، الشعري والسردي: تأصيل مفاهيمي تراثي لرشيد يحياوي، بناء السرد شعريا لخالد بلقاسم، تشكل السرد في النص الشعري المغربي المعاصر ليوسف ناوري، حدود الشعر والسرد، نماذج من التنظيرات المغربية لإدريس موحتات، البنية السردية والتركيب الشعري في الكتابة المغربية، من تبئير الشخصيات إلى تبئير اللغة لنور الدين محقق، جدلية الشعري والسردي في القصيدة المغربية لنجيب العوفي، قصيدة السرد لحسن المودن، السرد أفقا للحرية في ديوان “نسيت دمي عندهم” لعبد السلام الزيتوني لمحمد أمنصور، شعرية الرواية المغربية المكتوبة بالفرنسية لخالد زكري، المكون السردي في قصيدة النثر المغربية لحسن مخافي، الشعري والسردي في القصيدة المغربية المعاصرة لعبد القادر الغزالي، الكتابة في ظل القصيدة لرشيد المومني، أثر محمد الأشعري لحسن نجمي، محمد الأشعري شاعرا وروائيا لعبد الكريم الجويطي، الشاعر روائيا ليحيى بن الوليد.
 وبهذا الصدد، أعدت اللجنة المنظمة أرضية للنقاش، نوردها كما يلي:
  أصبح التداخل بين الأجناس الأدبية، بعد التحولات الكبيرة التي عرفها الإبداع الأدبي على مستوى كتابة النص وقراءته، منذ عقود، محط سؤال عريض. وقد أفضت محاولات الإجابة عن هذا السؤال إلى مقاربات تتفاوت في منظورها ومنهجها. ومع ذلك، فإن مجال الدراسات الأدبية والنقدية ما زال يكتنفه الغموض النظري والمفاهيمي عندما يتعلق الأمر بتصنيف الإبداع الأدبي. وهذا راجع، بالدرجة الأولى، إلى التقاطع بين الأجناس الأدبية ونظرية الأدب، من ناحية، وبين الأجناس الأدبية وتحليل الخطاب، من ناحية ثانية. وهو ما يجعل تداخل الأجناس  مسألةً في غاية التعقيد.
 ويبدو أن الدراسات العربية مازالت، في تعاملها مع هذه القضية، في مرحلة جنينية. فتلك الدراسات ما زالت تبحث عن تحديدات لبعض الأجناس الأدبية التي أفرزها التحول الذي عرفته الكتابة  في “قصيدة النثر” و”القصة القصيرة جدا” وغيرهما.
 ولكن المشكلة لا تقف عند هذا الحد، بل إن المرحلة التي يمر منها الأدب العربي (آخر القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين) تجعل القارئ أمام “قصة شعرية” و”قصيدة قصصية” إذا صحت هذه التسميات، وأضحى من العسير ترسيم الحدود بين “النثري” و”الشعري”. فقد بات الأدب العربي الحديث يتجه على مستوى الانتاج النصي، نحو نص مفتوح يتجاوز مقولة الأجناس الأدبية بمفهومها التقليدي، مما يتطلب إعادة صياغة للكثير من التساؤلات التي تفضي في النهاية إلى مفهوم جديد للأدب.
 والأدب المغربي لم يكن بمنأى عن هذه التحولات الكبرى التي أملتها طبيعة التطور الذي طال كل شيء في حياتنا. فمنذ ثمانينيات القرن الماضي، رصد الدارس مجموعة من الظواهر النصية غير المسبوقة، تمتح من مرجعيات إبداعية ونقدية عالمية وتجد ما يمنحها مشروعية في الواقع الاجتماعي على مستوى التلقي.
 وهكذا بدا من غير الممكن تناول أعمال روائية بالاتكاء على المكونات السردية فقط، وهي التي تعج بالإيقاع المستمد من ضجيج الحياة في بعده الوجودي والرؤيوي. وبالمقابل، فإنه لا يمكن مقاربة أعمال شعرية اعتمادا على المقاييس الشعرية التي ظلت القصيدة العربية تفرضها على القارئ.
 وقد مهدت هذه الظواهر النصية الجديدة الطريق أمام ظاهرة الجمع بين “السردي” و”الشعري” في نص واحد. وتجلت، من خلالها، سهولة انتقال الكاتب من الشعر إلى الرواية ومن الرواية إلى الشعر.
 إن هذا التداخل بين الشعري والسردي يعكس تحولا كبيرا في الأدب المغربي يستحق الوقوف عنده، في أفق تجديد المقاربة النقدية المغربية بأبعادها المتعددة والمختلفة. ومن ثم، فإن الهدف من إقامة هذه الندوة يكمن في العمل على مواكبة الإبداع الأدبي المغربي بمقاربات جديدة تبتعد عن منطق التنميط والتصنيف، وتروم القبض على النص في جوهره اللغوي الذي يحكم انفتاحه على كل الأجناس الأدبية دون أن يكون خالصاً لواحد منها.

Related posts

Top