نقط سوداء حول تدبير الأحياء الجامعية تعمق أزمة سكن الطلبة

استبشر العديد من الطلبة الذين يتابعون دراستهم بالمدن الجامعية خيرا بإعادة فتح الأحياء الجامعية بعد حوالي عام ونصف من إغلاقها منذ مارس 2020 بسبب فيروس كورونا. إذ قررت الوزارة المعنية، إعادة فتح الأحياء الجامعية بتاريخ 11 أكتوبر 2021، من أجل تمكين الطلبة من متابعة دراستهم الجامعية حضوريا في ظروف جيدة.
إلا أن هذا الفتح عرف “اختلالات” عدة، لعل أبرزها رفض طلبات الكثير من الطلبة الذين تتوفر فيهم شروط الالتحاق بالسكن الجامعي، حيث يشتكي العديد من الطلبة والطالبات سوء تدبير الأحياء الجامعية خلال الدخول الجامعي الحالي.

اختلالات تحرم طلبة مستحقين من السكن

يقول (أ.أ)، طالب بسلك الماستر بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط ومنحدر من مدينة تزنيت، “إنني حرمت من السكن الجامعي لأسباب واهية، بالرغم من استيفائي لشروط ضعف دخل الأبوين والبعد، فيما يستفيد منه طلبة آخرون من سلا وتمارة ومدن غير بعيدة عن مدينة العرفان”.
“معندي مندير ليك سير شكي على هدوك لي فرضو 60% من الطاقة الاستيعابية للحي”، هي الإجابة الصفعة التي تلقى (أ.أ) عندما حاول التواصل شخصيا مع مدير الحي الجامعي للاستفسار عن سبب حرمانه من السكن.
وأضاف المتحدث بخيبة أمل “ليس هناك تدبير صارم في الانتقاء، يكفي أن تكون من معارف أحد الموظفين أو المدير، فتحصل بسهولة على فرصة السكن، وهو ما حرم فئة كبيرة من هذا الحق الأساسي والمنصوص عليه في جل اتفاقيات حقوق الإنسان”.
في مضمار متصل قالت هند أوراوي، طالبة بالمعهد العالي للإعلام والاتصال وتنحدر من مدينة أزيلال، “تقدمت قبل مدة بطلب الاستفادة من “الحي الجامعي أكدال”، إلا أنه رفض لأسباب أجهلها”.
واصلت هند حديثها قائلة “حاولت وعددا من الطالبات اللواتي رفضت طلباتهن أيضا، التواصل مع إدارة الحي الجامعي، لنصطدم بالتعامل السيء للحراس، ومنعنا من التوجه نحو الإدارة والسؤال. ولا زلنا لم نتوصل بأي جواب كاف حول سبب عدم قبولنا رغم أننا من مدن بعيدة، ونتكبد غلاء ومعاناة الكراء والتغذية وغيرها”.
بحسرة تضيف هند، “من المحزن أن تفتح الأحياء الجامعية بعد عام من الإغلاق لكي يستفيد منها من لا يستحق، لتبقى الفئة الأولى بالاستفادة خارجها، فلا داعي لوجود أحياء جامعية لا ترحب بمن يستحق”.
ارتباطا بهذا رصد الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، خلال الموسم الجامعي الحالي (2021-2022)، “عشرات الحالات التي رفضت طلباتها للقبول في الأحياء الجامعية بمدينة الرباط، رغم أنهم يصنفون اجتماعيا من الفئات ذوي الدخل المحدود جدا”. واستنكر الاتحاد ما أسماه “الحرمان من حق أساسي دون تبرير واضح”، مدرجا إياه ضمن “مسلسل الهجوم الشامل الذي تشنه السلطات على جميع الحقوق المادية والمعنوية للطلاب والطالبات المغاربة” كما جاء على لسان أحد أعضاء الاتحاد.
سوء تدبير الأحياء الجامعية

وربط محمد بنساسي رئيس الاتحاد العام لطلبة المغرب “إقصاء” فريق من الطلبة من السكن الجامعي بضعف الطاقة الاستيعابية للأحياء الجامعية، من جهة، و”بقرار مدير المكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية الموجه لمديري الأحياء الجامعية، باستغلال نصف الطاقة الاستيعابية للأحياء الجامعية برسم الموسم الجامعي 2021-2022″.
وسجل بنساسي أن “هذا القرار، الذي تسبب في حرمان المئات من الطلبة من حقهم في السكن الجامعي، وكان الأجدر أن تستثمر الطاقة الاستيعابية للأحياء الجامعية كاملة لإيواء الطلبة، بالموازاة مع الاستناد على البروتوكول الصحي تحت إشراف المستوصف الطبي بالأحياء الجامعية، بغاية تتبع الحالة الصحية للطلبة والحالة الوبائية بصفة عامة داخل الأحياء الجامعية، وذلك قبل انطلاق الدراسة بالمؤسسات الجامعية بمدة زمنية كافية تسمح باستقرار الطلبة، حتى يستأنفوا دراستهم في ظروف نفسية ومعنوية جيدة.
واعتبر أن “قرار استغلال نصف الطاقة الاستيعابية للأحياء، يضرب في العمق مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين الطلبة، فحتى وإن كانت دواعي هذا القرار وقائية، نجد في المقابل الأحياء الجامعية الخاصة تستثمر طاقتها الاستيعابية كاملة معتمدة على بروتوكول صحي صارم”.
ويرى المصدر ذاته أن التعثر الذي اعترى الدخول الجامعي الحالي ناتج أساسا عن عدم التنسيق بين مدير المكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار الوصية عليه، ولاسيما فيما يرتبط بالتفاوت الذي اكتنف الجدولة الزمنية المعتمدة لانطلاق الدراسة بالجامعات وفتح الأحياء الجامعية.
يذكر أن عملية الإيواء في الأحياء كانت عبر مراحل متوالية، بحيث استهدفت بالأولوية الطلبة القدامى مرورا بالطلبة الجدد، وصولا إلى طلبة الماستر والدكتوراه. مع إقصاء للطلبة الحاصلين على الباكالوريا برسم الموسم 2019-2020 لأسباب لم يكشف عنها لحد الآن.
كل هذه النقط السوداء والاستفهامات ظلت معلقة، حيث “تعذر” التواصل مع مدير المكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية، وهو شأن مديرة الحي الجامعي السويسي الثاني اللذان لم يردا على اتصالاتنا.

< اكرام اقدار

Related posts

Top