نوبل للأدب والترجمة

في بحر الأسبوع القادم، سيتم الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل للأدب، وهي كما في علم الجميع تعد أرفع الجوائز الأدبية على الإطلاق، سواء من حيث القيمة المادية أو من حيث الانتشار، وطبعا كل أديب يحلم بأن يحصل عليها، خاصة أولئك الذين حظي إنتاجهم بالترجمة إلى عدة لغات، بما فيها اللغة السويدية، اعتبارا لأن المؤسسة المانحة للجائزة يوجد مقرها في السويد، لنحسب حسابا لهذا.
إذن الترجمة تعتبر عملا حاسما وأساسيا لبلوغ قائمة المنافسة على الجائزة الرفيعة، علما بأن العربي الوحيد الفائز بهذه الجائزة، ونقصد بذلك نجيب محفوظ، كان عليه أن ينتظر إلى أن يبلغ أرذل العمر للتتويج، لسبب بسيط هو أن رواياته لم يتم الشروع في ترجمتها إلا في زمن متأخر.
وكم من أديب عربي كان يستحقها ورحل دون أن ينال هذا الاستحقاق، لسبب واحد هو أن إنتاجه لم يتم نقله إلى اللغات الأخرى، بالأخص الإنجليزية والفرنسية والإسبانية..
لم يتم الاهتمام أكثر بترجمة الأدب العربي إلا في العقود الأخيرة، حيث ظهرت دور نشر متخصصة في ترجمة هذا الأدب، كما هو الحال بالنسبة لدار النشر سندباد الفرنسية، وغيرها.
وبتنا نسمع عن روايات مغربية تتنقل من هذه اللغة إلى تلك، وإن بصورة محتشمة، وهذا راجع إلى كون أغلب المترجمين لا يخوضون غمار ترجمة هذا العمل الإبداعي أو ذاك، في العادة، إلا بعد أن يكون قد حظي بالتتويج هنا أو هناك، لا بل إن بعض المؤسسات المانحة للجوائز صارت تنص ضمن قانونها الأساسي على وجوب ترجمة العمل الفائز إلى إحدى اللغات الحية.
لكن أرفع جائزة في المغرب، ونعني بها جائزة المغرب للكتاب، التي تشرف عليها وزارة الثقافة، ما زالت لا تعير أي أهمية لدور الترجمة في انتشار العمل الفائز، لا بل إن أغلب الكتب الفائزة بهذه الجائزة، لا يعاد طبعها إلا في حالات نادرة، مع أن أهم شيء في مسابقات من هذا القبيل، هو أن يتم الترويج للكتاب الفائز على نطاق أوسع.
العديد من هذه الكتب قد لا تجدها في السوق أصلا، إما بسبب سوء التوزيع وإما بسبب نفاد الطبعة الأولى وعدم جرأة الناشر على إصدار طبعة ثانية.
وبشأن جائزة نوبل للأدب، ما دام أننا نعيش خلال هذا الأسبوع الأجواء المحيطة بها؛ فإن ترشيح اسم مغربي لها، مهما بلغ هذا الاسم من الإشعاع، عادة ما يتم بكثير من الاحتشام وعدم الثقة في الذات، أما الرهان على فوزه بها؛ فغالبا ما يقابل بالاستهجان والسخرية.
لا، هناك كتاب مغاربة يستحقون جائزة نوبل للأدب، سواء ممن يكتبون باللغة العربية أو بغيرها من اللغات، وعلينا أن نثق في ذواتنا، ونعلن للعالم أننا موجودون بالفعل، وهذا لا يمكن أن يتم إلا عن طريق التكثيف من عملية الترجمة.

عبد العالي بركات

[email protected]

Related posts

Top