وحدها المصالح تحكم العلاقات الدولية

وحدها المصالح والمكاسب تحدد العلاقات ليس فقط بين معظم الأشخاص، بل حتى بين أنظمة الدول والهيئات والمنظمات الدولية. بل إن التوافقات والتحالفات والولاءات تبنى على درجات ومستويات تلك الروابط المصلحية. وبناء عليها تبرم أو تلغى الاتفاقات والتعاقدات. وتسوق التقارير والبيانات والتسريبات. مصالح متبادلة أو تمنح للأطراف المبتزة، لا مجال فيها للمبادئ والديمقراطية. لا مكان فيها للأخلاق المهنية أو العقائدية، ولا للتعاطف والتقدير للإنسانية. مصالح تحكمها الٍأرباح والخسائر. تحيى بانتعاش العملات والبورصات وتسقط بسقوطها. مصالح قد تكون في خدمة الشعوب وتنفيذا لوعود سياسية صرفة. وقد تكون في خدمة قيادات ولوبيات تعمل بشكل شخصي أو خدمة لأجندات خفية، تديرها بواسطة أجهزة تحكم عن بعد (التيليكوموند). كما يفعل نظام الدولة الشقيقة، الذي أدار ظهره للشعب. واختار التسويق للعداء مع المغرب. فكانت النتيجة إفقار شعب يمتلك ثروات طبيعية ربانية تؤهله لكي يكون من أرقى الشعوب.
لسوء حظ المغرب الذي تمكن من تحرير صحراءه منتصف سبعينيات القرن الماضي، بدون أدنى نزيف دموي. أن دولا عدة انساقت نحو خلف الأطروحة الانفصالية الجزائرية. انحازت عن جهل أو (تعمد) إلى الاعتراف بالكيان الوهمي (البوليساريو). حيث بلغ عددها  70 دولة. دول قبلت أنظمتها بالغاز والنفط الجزائري والليبي والإيراني وغيره مقابل الاعتراف بالبوليساريو. ودول عاشت في حوض الاشتراكية وتغذت بالحرب الباردة، فقبلت بدعم يغدق عليها بالمال والسلاح، وحملت شعار (ارتاح ارتاح سنواصل وهم الكفاح). يضاف إليها الانسحاب المتسرع للمغرب من المنظمة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليا) سنة 1984، بعد قبول الأخيرة بعضوية البوليساريو.
وبما أنه لا يصح إلا الصحيح. وأن الحق لا شك غالب، طال الزمن أو قصر. فبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وانتهاء الحرب الباردة، وقلت الرشاوي، غيرت الكثير من الأنظمة من جلدها المتعفن بتغيير أنظمتها أو بمعرفتها لحقيقة الأمور. معظم تلك الدول كشفت حقيقة ملف الصحراء المفبرك. وبدأت تسحب اعترافاتها بجمهورية الوهم. وتقلص العدد إلى أقل من 30 دولة. وهي دول تعلم أنظمتها بأحقية المغرب في صحرائه إلا أنها لازالت تحت رحمة الطمع المالي والعداء المجاني. كما أنه بعودة المغرب إلى حضن المنظمة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي). انكشفت المؤامرة الجزائرية. واتضح جليا حقد النظام الجزائري الدفين اتجاه المغاربة. فعندما تولى الملك محمد السادس زمام الأمور تغيرت سياسة الدولة على المستويين الداخلي والخارجي. جهوية موسعة مع اقتصاد متنوع داخلي، وإدماج المناطق الجنوبية والشمالية في التنمية البشرية. والسعي لجعل الجنوب قطبا ماليا واقتصاديا دوليا إلى جانب قطبي الوسط والشمال. ليزيد من البنيان الاقتصادي للمغرب. على المستوى الخارجي نهج المغرب بقيادة ملكية مباشرة، سياسة رابح رابح، بإحداث استثمارات حقيقية في البلدان الإفريقية وتعزيز التعاون الاقتصادي معها. المغرب الآن يعتبر أول دولة إفريقية مستثمرة في إفريقيا والخامسة عالميا. مخططات المغرب الخارجية في عهد الملك محمد السادس، وانفتاحه الإفريقي وعلى صعيد باقي القارات، عزلت الشقيقة الجزائر. ولعل ما زاد من تقزيم أوهام الجبهة وصنيعتها الجزائر. ردود أنظمة مجموعة من الدول، التي لم تكتف بسحب الاعتراف بكيان لا وجود له. بل سارعت إلى إحداث قنصليات بمدينتي العيون والداخلة. وهي رسائل واضحة، تؤكد استعدادها لدعم وحدة المغرب الترابية، وإعطائها الانطلاقة للاستثمار بتراب الصحراء المغربية.
على المغاربة أن يدركوا أنه لا يمكن أن نؤثث لتنمية حقيقية بدون موارد بشرية مغربية. وأن التحالف والتماسك الوطني هو السبيل الوحيد لفرض تواجد المغرب عربيا، إفريقيا ودوليا. وعليهم أن يدركوا أن النضال الحقيقي من أجل تحقيق المطالب وإنصاف المظلومين، لن يتم بالبحث عن دعم وتضامن الأجانب. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتجاوز الاحتجاج والتفاوض والترافع السلمي. وأن كل من يغرد خارج دستور البلاد. يكون بصدد خدمة أجندات خارجية عن جهل أو عن إدراك.

بقلم: بوشعيب حمراوي

[email protected]

Related posts

Top