وداعا سيدي..

> محمد بنحساين *

 أحد أعمدة التراث المسرحي والأدبي المغربي رحل عن دنيانا بداية السنة الجارية بعد أزيد من نصف قرن من الإبداع والعبقرية التي بصمت بحروف من ذهب الثقافة المغربية في التاريخ الإنساني العالمي.
 ليس من السهل الحديث عن رجل عظيم من طينة الطيب الصديقي، المسرحي من العيار الكبير، خصوصا وأنه يعد من مؤسسي مدرسة مسرحية وأنواع جديدة من فن الركح مستوحاة من مختلف الأشكال التعبيرية الثقافية العريقة بالمغرب.
  متحدرا من مدينة بمثابة رمز الغنى والتعايش الثقافي، هي الصويرة، خضع الطيب الصديقي في فترة مبكرة من حياته لتكوينات أكاديمية بالمغرب وأوروبا، مؤطرا من طرف أسماء مسرحية عالمية. مسار باهر توج بتعيينه على رأس الإدارة الفنية للمسرح الوطني محمد الخامس سنة 1964 ليسير في ما بعد بتفوق المسرح البلدي بالدار البيضاء.
 لم يكف الطيب الصديقي عن الإبداع والتجديد. على هامش عمله في هاتين المؤسستين الكبيرتين، أنشأ المسرح العمالي والمسرح الجوال الذي استطاع عن طريقه ليس فقط تحقيق إنجازات كبيرة سواء داخل المغرب أو خارجه، ولكن كذلك تسجيل صفحة جديدة ونوع مسرحي جديد في المشهد الثقافي المغربي والعربي.
  مسار حافل حيث راكم الطيب الصديقي اقتباسات من النصوص المسرحية العالمية الشهيرة إلى جانب الإبداعات الأصيلة والتعاون على إنجاز نصوص مسرحية مختلفة موجهة للمسرح والتلفزة والسينما. هذه الحركية الكبيرة أتاحت له خلق مدرسة مسرحية خاصة به، كان لها إسهام في إبراز العشرات بل المئات من المسرحيين المغاربة الموهوبين وبالأخص فرق موسيقية أسطورية من قبيل ناس الغيوان وجيل جيلالة.
 مسار باهر،  يبقى من الضروري والحتمي الحفاظ عليه وتلقينه للأجيال المستقبلية، من أجل التأكيد على المكانة الرفيعة التي يشغلها هذا الرمز الثقافي المغربي في الذاكرة الجماعية.
 إن رحيل الطيب الصديقي يشكل خسارة كبيرة بالنسبة للركح المسرحي المغربي ويشكل رحيله كذلك غياب واحد من أبرز رواد الثقافة المغربية الذي كرس حياته بشكل لافت لأجل تطوير التراث الثقافي للمملكة والحفاظ عليه.  

* مدير المسرح الوطني محمد الخامس

Related posts

Top