وداعا مربيه ربو

وداعا مربيه ربو مناضل عاش جحيم البوليساريو وقدم خدمات جليلة لوطنه ولحزب التقدم والاشتراكية

ماء العينين مربيه ربه هو الاسم الذي حمله منذ ولادته سنة 1950 ، على بعد حوالي 140 كيلومتر جنوب شرق الداخلة، في  منطقة قريبة من المالحات. وهي منطقة صحراوية ما زالت إلى اليوم على حالها، مفازة تحافظ على كل خصائصها الصحراوية.

ولدت تحت خيمة. وفي ظل انعدام الكتاتيب والمدارس، تلقى مربيه ربو الدروس الأولية في الدين والقرآن على يد الوالدة رحمها الله. كانت تلعب دور الأم والمعلم معا. على يديها حفظ ثلاث أحزاب من القرآن عن ظهر قلب، واطلع على جانب من المسائل الدينية المحضة طبعا، إلى جانب التربية وأشياء من هذا النوع.

معلمته الأولى ووالدتي هي السيدة أم الخير بنت أحمد سالم ولد عبدي، توفيت رحمها الله سنة 2003 ودفنت بمدينة الرباط.

لم يكد يمضي شهر واحد حتى التحق  والده هو الآخر بالرفيق الأعلى، و دفن رحمه الله بتافودارت حوالي 50 كيلومتر إلى الشرق من مدينة العيون في وادي الساقية، إلى جانب ضريح والده أحمد الهيبة المعروف بالدكتور الهيبة ولد الشيخ مربيه ربه ولد الشيخ ماء العينين.

 طبعا، بالنظر لغياب بنية تحتية تعليمية في المنطقة، كان الرحيل ضرورة ملحة، حيث سيحط مربيه ربو الرحال بالدار البيضاء”ثانوية 2 مارس” والرباط”ثانوية الليمون”. فقد تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي داخل هاتين المدينتين قادما إليهما مع مجموعة من أبناء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وذلك  إثر المعارك التي دارت سنة 1957 في الأقاليم الجنوبية.

كان الحنين يشدنه دوما إلى الصحراء التي سيعود إليها وسيحصل على الشهادة الثانوية بمدينة الداخلة التي درست بها اللغة الاسبانية.

وسيلتحق بعد ذلك بمعهد اللغات في مدريد حيث درست أربع سنوات قبل الحصول على دبلوم الكفاءة من هذا المعهد.

كان لزاما عليه أن يجعل بلده وأهله ينتفعون مما حصل عليه من علم. كانت الأمية مستشرية ولم يكن من المستساغ ترك الناس يتيهون في مستنقع الجهل. وهو وضع لا ينتفع منه إلا المستعمر. كما كان يحز في نفسه منظر أطفال صغار لا يجدون من يوجههم إلى درب الدرس والتحصيل.فسارع إلى إنشاء مدرسة حرة بمدينة الداخلة لتعليم اللغة العربية وآدابها، والتاريخ، بالإضافة إلى معلومات عامة. كانت أبواب المدرسة، المكونة من فصلين اثنين فقط، مفتوحة للصغار والكبار ليلا ونهارا.

رفيق دربي آنذاك كان هو عبد القادر طالب عمر الذي تلقى دراساته بطانطان الذي اجتاز هو الآخر، إلى جانبه طبعا، مباراة التعليم، وأصبح مدرسا،  ثم حصل على دبلوم الكفاءة الإسبانية بالداخلة.

 عبد القادر طالب عمر  سيصبح الوزير الأول في حكومة الجمهورية الصحراوية الوهمية في تندوف.

مرت الأحداث سريعا بعد إعلان قيام جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر ثم ليبيا. وللحقيقة التاريخية لم يدر الراحل مربيه ربو ماء العينين كيف تلاحقت هذه الأحداث ليجد نفسه بمخيمات تندوف وويلاتها عقب عملية اختطاف. سيعيش هنا، وفق يومياته التي سجلتها مع بيان اليوم، واقعا غير ذلك الذي رسمه في مخيلته.

نعم، ما أصعب أن يعيش الإنسان فى وهم لأكثر من أربعين عاما، وفجأة يكتشف أن ما كان يؤمن به مجرد خزعبلات لا تخدم مصلحته ولا مصلحة بلاده، ويدرك، بعد رحيل العمر، أن الواقع شيء آخر حجبته الجهات المستفيدة عن الأنظار. هذا هو حال العديد من قيادات البوليساريو سواء التي التحقت بأرض الوطن أو تلك التي تتحين الفرصة للانفلات من مخالب المخابرات الجزائرية.

بحرقة من تعرض للاختطاف، وهو شاب يافع، تحدث ماء العينين مربيه ربو، المدير السابق لإذاعة البوليساريو، وعضو مؤسسة ماء العينين للتراث، في يومياته التي تحتفظ بها بيان اليوم، عن سنوات طوال من التعذيب وسط المخيمات، وما تلاها من عمل قسري داخل المخيمات وعلى التراب الجزائري.

جلسة شاي، فإغماءة، فشعور  بقيد يدمي معصميه. ثلاث محطات غير محددة زمنا، رغم تقاربها، ستكون بداية حياة جديدة وسط القيادة الأولى للبوليساريو. سجن كبير لا مجال فيه للتمرد رغم الشعور اليومي بحرقة الفراق.

مغاربة تتلمذوا ودرسوا بجامعات بلدهم المغرب، تحولوا، بمؤامرة محبوكة من جزائر بومدين، إلى حاملين لسلاح المعسكر الشرقي، ولأفكار لا تحمل من الثورية والتقدمية سوى ما يليق بمقاسات أطماع الجارة الشرقية التي كبح جماحها الحسن الثاني.

مشاهد صادمة، بل مفجعة بكل معنى الكلمة، عاشها الراحل مربيه ربو  ماء العينين، تنقل المستمع والقارئ إلى ما وراء سياجات المخيمات وأسوار السجون، والى صالونات الرئيس السابق لجمهورية الوهم محمد عبد العزيز وزوجته خديجة حمدي، قبل أن تمضي بالمستمع والقارئ إلى العاصمة الجزائر التي ستكون، بعد محاولات الفرار، نهاية الكابوس الطويل، وبداية معانقة الوطن الأم المغرب.

كانت نهاية الكابوس وبداية نضالات جديدة خدمة لبلده ولرفاقه في حزب التقدم والاشتراكية.

وداعا الرفيق مربيه ربو و “إنا لله وإنا إليه راجعون”

مصطفى السالكي

الوسوم , ,

Related posts

Top