وسام كازو

أعلن في جنوب أفريقيا قبل أيام. عن العثور على أقدم هاشتاغ في التاريخ يعود إلى ما قبل 73 ألف عام. وهذه هي المرة الأولى التي ينتبه فيها العلماء إلى أن البشر القدامى كانوا قادرين على إنتاج تصاميم مبتكرة وليس فقط خطوطاً وإشارات.
المثير أن الرسم، على حد قولهم، يحمل دلالة ما بالنسبة لمن نقشه، ويمكن أن يعدّ جزءا من نظام رمزي كان يفهمه آخرون من نفس المجموعة البشرية.
وإذا كان الإنسان القديم بمجتمعه البدائي المقزّم قد تمكّن بالفعل من التوصل إلى نظام رمزي، غير اللغة. فإن هذا يعني أن عجلة الزمن تعود الآن إلى الوراء. لأننا اليوم نفتقد بالتدريج إلى كل نظام رمزي يمكن أن يتفق عليه البشر. نحن نخسر تلك الأنظمة الإشارية ونفقد التواصل، مع أن الأمر يبدو مع وسائل التواصل معكوساً.
التواصل بالأساس كما يقول العلم ذلك “التفاهم ما بين طرفين معينين كنظامين أو كيانين أو شخصين، يكون أحد الطرفين مرسلاً في وقت معيّن، والطرف الآخر مستقبلاً في وقت آخر، ويحدث تفاعل إيجابي في ما بينهم، ويكون ذلك من خلال استعمال الحواس من قبل كل من المرسل والمستقبل على حد سواء، والذي ينبع من الرغبة الشديدة في التواصل”.
فهل هذا ما يحصل؟ وهل يحدث فعلا تفاعل إيجابي بين البشر من خلال استعمال الحواس؟ وهل يقوم ذلك بالفعل على رغبة شديدة بالتواصل؟ حتما لا. إننا نشهد عصراً جديداً مختلفاً كلياً. وشخصياً أعتقد أن هذا ليس عصر التواصل. بل عصر الاتصال. لأن الاتصال بدوره يُعرّف بأنّه الاجتماع، و”الالتقاء ونقل المعلومات أو الرسائل من شخصٍ إلى آخر، بهدف التأثير في سلوكه، ويتمّ ذلك عن طريق استخدام اللغة، أو المعاني، أو الإشارات، أو المفاهيم”. أي أننا بالمحصلة نشهد عصر “التأثير في سلوك الآخر”.
الخبر الثاني الموازي هو منح اليابان جائزة الشمس للكاتب البريطاني كازو إيشيغورو ذي الأصل الياباني والذي حصل على نوبل للآداب العام 2017.
اليابانيون يعتقدون أن كازو ساهم بشكل كبير في “التواصل” الذي هم بمس الحاجة إليه بعد الحرب العالمية الثانية وبعد مأساة هيروشيما وناغازاكي. لكن الرجل رفض هذا من البداية، وقال إنه ليس من مهماته الحديث عن اليابان ولا اليابانيين ولا حتى مجتمع المهاجرين منهم في بريطانيا. قال إنه لا توجد بينه وبينهم أية صلة، فهم أبناء رجال أعمال أو دبلوماسيين أو غيرهم. بينما تصنّف التايمز إيشيغورو في قائمتها لأعظم 50 مؤلفا بريطانيا ظهروا منذ عام 1945. حتى هو يعتبر نفسه بريطانيّا 100 بالمئة. ولا حاجة به لأي تواصل. فماذا عن عصر التواصل والهاشتاغ؟

> إبراهيم الجبين 
كاتب سوري

 

الوسوم ,

Related posts

Top