وسيط المملكة يناقش دور الإعلام في تعزيز العيش المشترك ومكافحة أشكال التمييز

قال وسيط المملكة محمد بنعليلو، الخميس الماضي بالرباط، إن الترافع الإعلامي بشأن خلاصات تقارير مؤسسة وسيط المملكة، سيدفع الإدارة إلى التعاطي بإيجابية مع توصياتها، وأن الرهان معقود على نساء ورجال الصحافة والإعلام، في إطار أدوارهم الترافعية، للاشتغال على الجوانب المتعددة في خلاصات تقارير مؤسسة وسيط المملكة، لإتاحة المزيد من التداول، وبالتالي المزيد من الدعم في التعاطي مع القضايا التي تطرحها، أو حتى لممارسة نوع من الضغط الحضاري المنطقي من أجل دفع الإدارة إلى التعاطي بإيجابية مع توصيات المؤسسة ومقترحاتها
وأضاف بنعليلو، خلال لقاء تفاعلي مع رجال ونساء الصحافة، حول “الإعلام وثقافة الوساطة في تعزيز العيش المشترك ومكافحة كافة أشكال التمييز”، أن مؤسسة وسيط المملكة تلعب دورا أساسيا في مجال دعم قيم المساواة والإنصاف ومناهضة التمييز داخل الفضاء العمومي، إذا ما تم التعامل مع مخرجاتها على أنها مراجع موثوقة لأنواع الأعطاب التي تشكو منها الإدارة ولصور وأنماط السلوك الماس بهذه المبادئ داخلها.
وأكد بنعليلو أنه يريد أن يجعل من مبادرة التعاون بين المؤسسة، والجسم الصحفي، تعاونا فعالا ومتفاعلا، بشكل يتيح تقوية وتناسق “تدخلاتنا في تقاطعاتها المختلفة، ويضمن تنوعها، بالرغم من اختلاف الزوايا التي ننظر من خلالها لفلسفة الدفاع عن الحقوق في مختلف تجلياتها وأبعادها”، في إطار فضاء حقوقي يتسع للاشتغال رغم اختلاف الأولويات والمداخل وآليات التدخل المتاحة له.
واعتبر بنعليلو في هذا اللقاء المنظم من طرف مؤسسة وسيط المملكة بالتعاون مع الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية، وبمشاركة جمعية إعلاميي عدالة وبعض الفعاليات الإعلامية من الحقل الأكاديمي والمهني،أن خلاصات الاختلالات المرصودة أثناء معالجة الشكايات (بما فيها الإخلالات التمييزية)، مؤشرات ميدانية دالة على أعطاب الإدارة التي تؤثر سلبا على منسوب القيم الحقوقية داخل المرفق العمومي.
وفي هذا الصدد، سجل أن تدبير ومعالجة التظلمات الواردة على المؤسسة ليس مجرد عمل إداري روتيني فقط، بل هو آلية حقيقية لدعم قيم المساواة، وتطوير منظومة الحكامة، من خلال ما تقدمه من تصنيف حقوقي لمجموع التظلمات التي توصلت بها بالاستناد إلى مؤشرات لها علاقة بمختلف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
كما توقف وسيط المملكة عند الصلاحيات الموكولة إلى هذه المؤسسة التي تعمل من أجل الدفاع عن الحقوق، وترسيخ سيادة القانون ونشر مبادئ العدالة والإنصاف وقيم الشفافية والتخليق في تدبير القطاع العام، وكذا تعزيز التواصل بين الإدارة والمرتفقين.
وأكد أيضا على قناعته بأن نساء ورجال الإعلام قبل الإدارة وصناع السياسات العمومية “يستشعرون الدور الدستوري للمؤسسة، ويتجاوبون مع تدخلاتها، وتوصياتها وقراراتها، وخلاصات قراءاتها للواقع الارتفاقي، من منطلق قناعة راسخة، مفادها أن مؤسسة الوسيط ليست مجرد مُرَاقِبَةٍ، بل جهة رصد، وتوجيه، ومواكبة من أجل الوصول إلى الصواب في التدبير الإداري والدفاع عن قيم المساواة في أداء المرافق العمومية”.
من جانبه، أبرز المنسق العام للوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية، إغناسيو مارتينيث بولودا، أن هذا اللقاء يندرج في إطار مشروع “العيش المشترك بدون تمييز”، الممول من الاتحاد الأوروبي والهادف إلى المساهمة في تعزيز الآليات والسياسات العمومية بهدف مكافحة التمييز والعنصرية والكراهية ضد الساكنة المهاجرة، وكذا حماية حقوقهم الأساسية.
كما أبرز بولودا مساهمة الصحافة في إرساء سياسات عامة قائمة على المساواة، مضيفا أن الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية تساهم، من خلال مشاريعها المتعددة، في تعزيز خطاب المساواة والتنوع لدى وسائل الإعلام، سواء بشأن قضية النوع الاجتماعي، وتعزيز حقوق الأطفال أو مناهضة أشكال التمييز.
أما الصحافية فاطمة ياسين، عن جمعية ” إعلاميي عدالة”، فاعتبرت أن للإعلام دور بارز في المساهمة والرفع من جودة الخدمات التي تقدمها مختلف المؤسسات والأجهزة الحكومية، وفي تحقيق الشفافية والحكامة الجيدة، وترسيخ وعي حقوقي في المجتمع.، مؤكدة في الوقت نفسه، أن العلاقة بين المؤسسات ووسائل الإعلام، تشكل خاصة أثناء الأزمات محكا حقيقيا لمواجهة التحديات والإكراهات، وبالتالي، فمؤسسة الوسيط اليوم كباقي المؤسسات، فهي في نظرها في حاجة إلى الإعلام لإبلاغ رسائلها، وتنوير الرأي العام.
وعن اختيار زاوية “وسائل الإعلام والمسؤولية التحريرية ” في مداخلتها، قالت في هذا الصدد، إن ذلك يعود للمرتكزات التي تربط أخلاقيات مهنة ممارسة الصحافة والمسؤولية التحريرية بعدم التعارض مع حرية الإعلام وتلازم احترام قواعد المهنة وأخلاقياتها بضمان أجواء سليمة ومناخ ديمقراطي وحقوقي منفتح ومتقدم للإعلام، مما يقود في نظرها نحو مساحات الحريات وإقرار الديمقراطية والحق في النفاذ إلى المعلومة وحق المجتمع في الخبر الصحيح.
وأكدت ايضا، أن الممارسة الإعلامية المنضبطة للقواعد تتسم بالبحث عن الحقيقة والموضوعية لكن مع شرط احترام الكرامة الإنسانية واحترام الحياة الخاصة ونبذ البذاءة والاستقلالية والنزاهة وتجنب التشهير والرشوة والابتزاز وأيضا احترام بند الضمير والتعاقد والكرامة وقرينة البراءة.
وأضحت أن معايير ومرجعيات الشرف أقرتها عدد من المواثيق الدولية وأيضا الميثاق الصادر عن المجلس الوطني للصحافة والضمانات الدستورية والقوانين الخاصة كقانون الصحافة والنشر المعززة لحرية الصحافة نحو تعزيز المسؤلية التحريرية والحرية في علاقتها بالمسؤولية المجتمعية لتكريس مجتمع المساواة والعدل والإنصاف وسواسية الجميع أمام سلطة القانون ومناهضة الفساد وكشفه وإشاعة قيم الشفافية والنزاهة والمساءلة.
وعن علاقة الإعلام بمؤسسة الوسيط، أكدت على أن مؤسسة الوسيط هيئة وطنية مستقلة، في إحقاق الحقوق ورفع المظالم، وصيانة حقوق المواطنين في علاقتهم بالإدارة، والعمل على إنصافهم من أي تجاوزات، وذلك في نطاق سيادة القانون، وتوطيد مبادئ العدل والإنصاف، وأنه نظرا لطبيعة عملها ومهنيتها ومسؤوليتها الاجتماعية، عليها الانفتاح على جميع المنابر الإعلامية سواء الورقية والإلكترونية على اختلاف توجهاتها.
وفي ختام مداخلتها، اقترحت الصحافية فاطمة ياسين، جملة من التوصيات والاقتراحات، ضمنها مد جسور التواصل بين مؤسسة الوسيط والإعلام ومعالجة كل الإشكاليات المطروحة بين الطرفين، مع تكثيف الدورات التكوينية لفائدة الإعلاميين من أجل تعميق المدارك القانونية المتعلقة بمجال عمل مؤسسة الوسيط ،وتمكينهم من المساهمة في نشر ثقافة الوساطة المؤسساتية على جميع الأصعدة، ومساعدة الصحافيين على الانفتاح على التمثيليات الجهوية لمؤسسة وسيط المملكة.
ومن جهته، اعتبر الصحافي سمير هلال رئيس التحرير بوكالة المغرب العربي للأنباء، أن وسائل الإعلام يمكن أن تضطلع بدور كبير في إشعاع العمل الذي تقوم به مؤسسة الوسيط، موضحا في هذا الصدد، أنه من خلال وسائل الإعلام، يتعرف المواطن على الأدوار والأنشطة التي تقوم بها هذه المؤسسة، كما أن الإعلام يساعد مؤسسة الوسيط على تبليغ المواطنين كل قراراته وتوصياته.
وعن باقي أدوار الصحافة، قال الصحافي هلال، إن علاقة بمؤسسة الوسيط، يتمثل في إثارة المشاكل والاختلالات داخل بعض الإدارات أو الجماعات المحلية وإيصالها للمسؤولين، وهنا توفر وسائل الإعلام الحديثة من مواقع إلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي إمكانات أكبر في هذا المجال لما تتمتع به من سرعة وفعالية في إيصال الخبر.
فوسائل الإعلام، يؤكد المتحدث، بمختلف تلاوينها هي العين الفاحصة التي ترصد ما يجري على أرض الواقع داخل المجتمع، بالإضافة إلى أدوارها الأخرى في التوعية والتثقيف والتحسيس بأهمية الدور الذي تقوم به مؤسسة الوسيط في حل المشاكل التي يمكن أن تحدث بين المواطن والإدارة والتي يمكن أن تجد طريقها للتسوية دون اللجوء إلى القضاء.
وأكد بالمناسبة، أن المبادئ والقيم التي تدافع عنها هذه المؤسسة تتقاطع في جزء كبير منها مع جوهر العمل الصحفي ومهمته الأولى والأخيرة والمتمثلة في ترسيخ الشفافية عن طريق كشف الحقائق وإظهارها للعلن، والحرص على تطبيق القانون، ورصد الخروقات والاختلالات التي قد تحدث في الإدارات العمومية والتي تنعكس سلبا على علاقتها بالمواطن.
هذا التقاطع في الأدوار، في نظره، حافز للجانبين من أجل إيجاد صيغ مبتكرة لتعزيز التنسيق والتكامل بينهما، خاصة وأن هناك مستجدات تشجع على ذلك وعلى رأسها الحق في الوصول إلى المعلومة والذي يمكن الإعلام، وكذا هيئات المجتمع المدني والمواطن العادي من الانخراط الإيجابي في الحياة العامة، من خلال المشاركة في مراقبة عمل الإدارة.
ومن جانبه، قال إدريس الوالي رئيس الجمعية المغربية للصحافة الجهوية، أنه بالرجوع إلى التقارير السنوية لمؤسسة الوسيط ، هناك طبعا مجهودا كبيرا تقوم به هذه مؤسسة سواء على المستوى المركزي أو على مستوى مندوبياتها الجهوية ؛ مسجلا أن عددا كبيرا من المواطنين الذين يقصدون الإدارة والذين يطلق عليهم إسم المرتفقين، أغلبهم يتعرضون لمشاكل وصعوبات في علاقتهم مع الإدارة المغربية وعدد منهم لا يلتجؤون لمؤسسة الوسيط، لأنه ببكل بساطة لا يدركون أهميتها، مستدلا بذلك على أنه خلال سنة 2019 تم وضع 3289 تظلما لدى مؤسسة الوسيط ؛ في حين في السنة الماضية تم وضع3339 تظلما، مع تسجيل أن معظم هذه التظلمات تأتي من المدن الكبرى والمتوسطة حسب تقاریر الوسيط المرفوعة إلى جلالة الملك.
في مقابل ذلك، لاحظ المتحدث أن وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الأخرى من إذاعات خاصة ومنابر ورقية وإلكترونية تعج بشكايات وتظلمات الناس من الإدارة.
وعبر المتحدث عن أسفه،لكون بعض المسؤولين وبعض الموظفين في إدارتنا يقومون بتجاوزات غير قانونية، مما يدفع المواطنين إلى اللجوء إلى القضاء وآخرين إلى وسيط المملكة وهناك من يرتكن إلى الصمت، وهناك من يلتجأ إلى وسائل الإعلام لفضح هذه السلوكات والتجاوزات والتي تسيئ إلى صورة الإدارة وتعرقل التنمية في البلاد.
من هنا تطرح تحديات أكبر لدى مؤسسة الوسيط مركزيا وجهويا من أجل تكثيف الإنفتاح على محيطها أكثر من خلال فتح الحوار والتواصل والتفاعل مع الإعلام بمختلف مكوناته والمجتمع المدني الجاد والمسؤول للتعريف أكثر بصلاحيات مؤسسة الوسيط ومهامها وأنشطتها .
ودعا مؤسسة الوسيط إلى عقد وتنظيم دورات وورشات تكوينية لفائدة نساء ورجال الإعلام والمجتمع المدني على المستوى الجهوي بهدف التعريف بهذه المؤسسة وتبصير هذه الفئات فيما يخص منهجية تقديم التظلمات والشكايات بشكل جيد وسليم وفهم للمساطر وبالتالي تعزيز قدراتهم ومعارفهم في هذا الشأن.
تجدر الإشارة، إلى أن هذا اللقاء التواصلي، المنظم بمقر مؤسسة وسيط المملكة بالرباط، يسعى إلى تبادل الرؤى وعرض التصورات ووجهات النظر في الموضوع من طرف المختصين، بهدف بحث سبل المواكبة الفعالة لمؤسسة وسيط المملكة وللمبادئ التي تحملها رسالتها، والتمكن من التفاعل مع مضامين تقريرها السنوي، كل ذلك من أجل الإسهام في تعزيز الحكامة والشفافية في الأداء الإداري ونشر مبادئ المرفق العمومي ومحاربة التمييز.
كما تم بمناسبة هذا اللقاء، توقيع اتفاقية شراكة وتعاون بين مؤسسة وسيط المملكة وجمعية إعلاميي عدالة.

***

وسيط المملكة يوقع اتفاقية شراكة مع جمعية إعلاميي عدالة

وقعت مؤسسة وسيط المملكة اتفاقية شراكة وتعاون مع جمعية إعلاميي عدالة، يوم الخميس 21 أبريل 2022 بالرباط.
وجاءت الاتفاقية تتويجا للندوة التي نظمت حول دور وسائل الإعلام وثقافة الوساطة في تعزيز العيش المشترك ومكافحة كافة أشكال التمييز.
وأبرز وسيط المملكة محمد بنعليلو، أن الاتفاقية تندرج ضمن ما هو موكول لمؤسسة وسيط المملكة من مهام تروم دعم أسس دولة الحق والقانون، والحرص على الالتزام بضوابط سيادة القانون، وكذا إيمانا منها بأهمية رفع قدرات العاملين في الحقل الإعلامي، وتمكينهم مما هو متوفر لديها من معطيات وخلاصات تسعف في مواكبة المستجدات.

من جانبه أكد منير الكتاوي، رئيس جمعية إعلاميي عدالة على أهمية انفتاح وسائل الإعلام العاملة في مجال العدالة على أدوار الوساطة المؤسساتية كبديل حضاري لحل الخلافات، وكآلية دستورية تمكن من تصريف مبادئ العدل والإنصاف، وتتوخى الجمعية تعزيز وتقوية القدرات المهنية للصحافيين في معالجة شؤون العدالة وحقوق الإنسان.
ومن بين ما تهدف إليه هذه الاتفاقية، تفعيل المشاريع التي تلتقي مع الأهداف التي تسعى المؤسسة لتحقيقها من خلال الاختصاصات المنوطة بها، والإسهام في تكوين الصحافيين في المجالات ذات الصلة بالدفاع عن الحقوق وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف، ونشر قيم التخليق وتجويد الخدمات الارتفاقية، من خلال تعميق المدارك القانونية المتعلقة بمجال عمل مؤسسة وسيط المملكة لدى الإعلاميين، ونشر الثقافة الحقوقية المرتبطة بالمجال الإعلامي، وتنظيم ندوات ودورات تكوينية في المجالات ذات الاهتمام المشترك..

< حسن عربي

Related posts

Top