وضعنا الوبائي: تحديات المرحلة 

صارت الحالة الوبائية الوطنية تبعث على القلق والانشغال وسط شعبنا، وتزايدت أعداد حالات الإصابة المؤكدة، التي تفوق الألف يوميا، وقد باتت موضوع أحاديث الناس في مختلف المجالس هذه الأيام، حتى أن الاهتمام الشعبي لم يعد يبالي بمعطيات وأرقام باقي الدول، وإنما التركيز  انصب حول الوضع الوطني فقط.
إن المؤشر اللافت الأول صار إذن هو هذه الأعداد المرتفعة لحالات الإصابة المؤكدة، والعدد اليومي يفوق، في الغالب، ما كان يسجل طيلة شهور كاملة في المرحلة الأولى.
هذا المعطى يرتبط كذلك وبشكل مباشر بقدرة بنيتنا الاستشفائية والعلاجية على استيعاب حجم هذا التفشي، وينجم عن الظاهرة تخوف كبير  اليوم من عجز المنظومة الصحية الوطنية عن المواكبة، وعن القيام بالدور العلاجي المطلوب، خصوصا إثر الإنهاك الواضح اليوم وسط الجسم الصحي الوطني.
وإذا أضفنا إلى ما سبق، تنامي العدوى وسط المخالطين، وازدياد الحالات الصعبة والحرجة، وما يرويه الكثيرون عن واقع المستشفيات الميدانية، وتسلل الإحباط والعياء إلى الأطقم الطبية والتمريضية، فإن حالة تفشي الوباء في بلادنا توجد فعلا في مستوى دقيق يثير  خوفا حقيقيا.
وعلاوة على هذه المحنة الصحية وقساوتها التي تلف مجتمعنا وشعبنا، والتهديدات والمخاطر التي تفرزها، فإن قطاعات أخرى تلف الأسئلة مستقبلها، ومنها مثلا: التعليم والموسم الدراسي القادم، السياحة، النقل، المقاهي والمطاعم، قاعات السينما والمسرح والحفلات، القاعات الرياضية، التجارة الداخلية…، فضلا عن حركية عدد من المصانع والوحدات الإنتاجية المختلفة، وكثير من المهن المنظمة وغير المنظمة، وبالتالي، فإن التداعيات العامة لحالتنا الوبائية تشمل الجانب الصحي، وأيضا الواقع الاقتصادي والاجتماعي والتنموي، وكذلك الجوانب النفسية والعلائقية، والمستقبل المهني لعشرات الآلاف من المغربيات والمغاربة.
وضمن هذا الأفق المجتمعي العام، يجب أن نضع وعينا وإدراكنا لخطورة ما نحياه اليوم جراء تفشي الفيروس.
من جهة ثانية، نعرف أن الظرفية صعبة، والتدخل والمواجهة ليسا بالسهولة التي ترددها بعض التعليقات الفايسبوكية السطحية، ولكن، مع ذلك، الواقع اليوم لم يعد يسمح بأي تدبير عشوائي.
وترتيبا على ذك، فصرامة المراقبة يجب أن تشمل الوحدات الإنتاجية والمهنية، وخصوصا على صعيد التقيد بالتدابير الاحترازية والوقائية، وأيضا فيما يتعلق بمختلف الفضاءات العامة الأخرى الجاذبة للتجمع البشري، فضلا عن العناية المادية والاجتماعية بالأطقم الطبية والتمريضية وتحفيزهم ورفع معنوياتهم.
وهناك كذلك الإجراءات الوقائية العامة، وخصوصا الالتزام بارتداء الكمامات الواقية والتباعد الجسدي، والتي يجب الحرص على التقيد بها واحترامها دون أي تساهل.
إن التدبير الإستراتيجي الذكي المطلوب اليوم، هو بالذات في إنجاح هذا الربط الجدلي بين احترام التدابير الوقائية وفرضها، وبين حفظ الحركية الاقتصادية والإدارية العامة، وتفادي أي كارثة على بلادنا، لا قدر الله.
وفي منظومة الإنجاز الميداني اليومي لهذا التحدي ليس الأمر يسيرا، ولكن انخراط المواطنات والمواطنين ووعيهم يبقى أساسيًا وحاسما، ذلك أن كل واحد منا له دوره ومسؤوليته فرديا وجماعيا، على الأقل على مستوى: ارتداء الكمامات، احترام التباعد الجسدي وتفادي الاختلاط المكثف، الالتزام بالنظافة المستمرة، تفادي الخروج المبالغ فيه من المنازل إلا للضرورة القصوى…
وفِي الأخير، لابد من تفعيل خطة تواصلية مكثفة وذكية، وتنسجم مع مؤشرات الوضعية الوبائية الحالية ومخاطرها، والسعي، من خلالها، لتعبئة المجتمع عبر إشراك الكفاءات المهنية والمجتمعية والسياسية والثقافية..

محتات الرقاص

[email protected]

Related posts

Top