يهود الأطلس في المصادر البريطانية قبل الحماية

صدر عن دار أبي رقراق للطباعة والنشر بالرباط مؤخرا، كتاب جديد للأستاذ الدكتور عبد الغني العمراني بعنوان «يهود الأطلس في المصادر البريطانية قبل الحماية»، من تقديم الأستاذ الدكتور محمد حاتمي أستاذ التاريخ المعاصر والراهن بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، ويقع الكتاب في مائة وأربعة عشرة صفحة موزعة بين مقدمة، وثلاث فصول، وخاتمة وقائمة للمصادر والمراجع المعتمدة.

 تناول الفصل الأول، موضوع يهود الأطلس: التاريخ والمجال، وعالج الفصل الثاني موضوع يهود الأطلس في المصادر البريطانية، حيث تحدث فيه الباحث عن العلاقة الاجتماعية بين اليهود والمسلمين في أرض الأطلس، وعن الحي اليهودي المعروف بـ«الملاح» وجذوره التاريخية والأسباب التي كانت وراء تسميته بهذه التسمية، والصورة التي رسمتها عنه الكتابات البريطانية، ثم عن بعض مظاهر الاحتفال بالمناسبات الاجتماعية اليهودية، كحفل الختان، وطقوس الزواج، ومراسيم الجنازة، وتطرق فيه كذلك إلى بعض المناسبات والأعياد الدينية، كعيد السكوت، وعيد الغفران، وعيد المظال، وعيد الأنوار، وعيد المساخر وغيرها من الأعياد والأيام الدينية الأخرى، كما تكلم فيه عن مميزات زي يهود الأطلس، وعن تفشي ظاهرة زواج القاصر، وعن خاصية الكرم والضيافة التي اتَّسم بها يهود الأطلس بشكل كبير، واهتم فيه أيضاً بموضوع الحياة الاقتصادية والمالية والسياسية لهذا المكون العبري المغربي الأصيل.

 أما الفصل الثالث فقد جاء متحدثا عن الحماية القنصلية وأصولها التاريخية، وانعكاساتها على الدولة والمجتمع، وقد عالج فيه مفهوم الحماية القنصلية واستفحال دائها العضال بين عموم المجتمع، ودوافع تهافت يهود الأطلس على الدخول في نظام الحماية الأجنبية وما ترتب عن ذلك من عواقب خطيرة على خزينة الدولة وعلى هيبة المخزن وسيادته. وذيل العمل بخاتمة تضمنت بعض الاستنتاجات، وبقائمة للمصادر والمراجع المعتمدة.

 ويعد هذا الكتاب مساهمة متفردة في حقل الدراسات التاريخية المعاصرة التي أرخت ليهود المغرب وليهود الداخل بوجه خاص، بحيث ارتكزت بشكل أساس على المصادر البريطانية التي دونت خلال مرحلة ما قبل الحماية الفرنسية على المغرب، وهي مصادر متنوعة المقاربات والمشارب جعلت من الغرائبية السمة الغالبة على السرد وصناعة مخيال استشراقي وظيفي يخدم أولا وأخيرا رأس المال البريطاني، وعلى الرغم من لا موضوعيته، فإن الباحث عبد الغني العمراني استطاع بكل ما أوتي من أساليب وآليات البحث التاريخي الرصين التصدي لكل تلك الأحكام المسبقة والانفعالات الذاتية التي صدرت عن الرحالة والضباط والمستكشفين والكتاب والصحفيين البريطانيين أثناء رصدهم لخصوصيات المجتمع اليهودي في مدن وقرى جبال الأطلس، مقارعا إياها بالحجة الدامغة، وواضعا في الاعتبار كل المعلومات في سياقاتها وإطاراتها التاريخية، وهو ما دفعه إلى المزاوجة بين مهنية المؤرخ والمحلل اللغوي والناقد الأدبي، فكان المحصلة إعادة قراءة للنص الاستشراقي، وامتدادا له بعض جوانب التاريخ المغربي في كلياته، اليهودية والمسلمة على حد سواء. والحال أن الدراسة التي نتناولها بالقراءة تعد في واقع الأمر مرجعا لا محيد عنه لمن أراد سبر أغوار البحث في تاريخ يهود المغرب ويهود مرتفعات الأطلس على وجه الخصوص.

Related posts

Top