يوم القراءة

يقترن العاشر من ماي باليوم الوطني للقراءة، وهو مناسبة للوقوف على وضعية المقروئية ببلادنا، ومدى المجهودات التي تبذلها مختلف القطاعات المعنية بهذه الإشكالية، واستشراف الآفاق المستقبلية.
 كل المؤشرات على أرض الواقع تدل على أن نسبة المقروئية في تدني متواصل، بالرغم من كل النوايا الطيبة التي تعبر عنها مختلف الأطراف التي لها دخل في هذه الإشكالية سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
 منذ مدة طويلة وأهزوجة أزمة القراءة -إذا جاز التعبير- ما فتئت تتردد على الألسن، دون أن يتم معالجتها بكيفية ناجعة أو الحد منها على الأقل.
  تم وضع مخططات ومخططات لمواجهة هذه الأزمة ، منها ما خرج إلى حيز التطبيق ومنها ما بقي قابعا  في الأدراج.
 أزمة القراءة ماثلة للعيان، لا يحتاج المرء لكي يطلع على إحصائيات الجهات المختصة للوقوف على مدى نسبتها المتدنية جدا:
 الكتبيون يشتكون، ومنهم من غير تجارة الكتب بأشياء أخرى لا تمت بصلة إلى القراءة.
 الناشرون ينتظرون دعم الدولة لطبع منشوراتهم.
 الأدباء لم يعودوا يتجرؤون على طبع كتبهم على نفقاتهم الخاصة، بعد أن باتوا متيقنين من أن نسبة المبيعات لا تكاد تذكر. الأديب لا يلدغ من جحر النشر مرتين.
 أغلب الأسر لا تهتم بإنشاء مكتبات في بيوتها وتحفيز الأطفال على القراءة والاستئناس بالكتاب.
 وسائل الإعلام المرئية والمسموعة على الخصوص، عادة ما تخصص حيزا جد محدود للكتاب والقراءة، وإذا كان هناك برنامج خاص؛ فغالبا ما يتم تقطيع بثه بواسطة وصلات غنائية وإشهارية، وبالتالي يذهب حيزه الزماني الحقيقي هباء منثورا.
 أصحاب المقاهي لا يعنون بوضع مكتبات في هذه الفضاءات، بسبب جشعهم؛ لا يهمهم الزبون القارئ، يهمهم الزبون الشارب والأكول.
   لا شك أن القراءة والتربية على القراءة، ليس من اختصاص وزارة الثقافة وحدها، علما بأنها هي من يهتم أكثر بهذا الموضوع لحد اليوم، سواء من خلال دعم النشر والتظاهرات أو غير ذلك من البرامج التي تصب في النهوض بوضعية القراءة. لكن شؤون القراءة من اختصاص مجموعة من القطاعات الوزارية: الشباب، التعليم.. وعلى ذكر وزارة الشباب، فقد تم في إحدى الولايات السابقة وضع برنامج يهم تحفيز الشباب على القراءة، من ذلك على سبيل المثال: الكتاب على الشاطئ، غير أن هذا البرنامج لم يتم الحفاظ عليه، أو أن تطبيقه لم يتم كما كان مخططا له.
 وفي إطار الاحتفال باليوم الوطني للقراءة، تصلنا أصداء لمبادرات رغم محدوديتها، جديرة بالاقتداء بها في مختلف ربوع البلاد، في المدن والقرى وفي المناطق النائية على حد سواء، كما هو الحال بالنسبة للنشاط الثقافي الذي يقام كل سنة في مثل هذه المناسبة بمدينة الجديدة، حيث يتم تعليق كتب على فروع الأشجار ودعوة الأطفال بالخصوص إلى الاطلاع عليها، إنها عملية ذكية لتحبيب القراءة لهذه الفئة العمرية التي يعول عليها أكثر من غيرها للتربية على القراءة.
 تعودنا على مشاهدة صور لمظاهر الاحتفال بالقراءة والكتاب، لكن هذه الصور الجميلة هي في الغالب من خارج البلاد: مكتبات عمومية في هذه الزاوية أو تلك من زوايا الأحياء، في متناول المارة، بدون مقابل، إلى غير ذلك من المظاهر التي نغبطهم عليها، وتدفعنا إلى التساؤل حول المانع من التطبع بها في مجالنا المشترك.
 اليوم الوطني للقراءة لا ينبغي أن يمر إذن دون القيام بتقدم ملموس في مسار النهوض بوضعية القراءة ببلادنا، وهذه ليست مسؤولية طرف دون آخر، إنها مسؤوليتنا جميعا.  

عبدالعالي بركات

[email protected]

الوسوم ,

Related posts

Top