‎باحثون في الموسيقى..

دعا باحثون موسيقيون مختصون في التراث الموسيقي  الأندلسي المغربي إلى إدراج التكوين في هذا الفن العريق ضمن مكونات المناهج  التربوية الوطنية .
 وحث الباحثون، خلال مشاركتهم في ندوة نظمتها جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة مؤخرا بالرباط،  في موضوع “الهوية المتجددة للموسيقى المغربية  الأندلسية .. واجب الذاكرة ومدخل الإبداع”، على ضرورة اتخاذ مسلك التعليم  الموسيقي ومسلك البحث الأكاديمي كأهم المداخل التي يمكنها أن تتيح فرصة التفكير في  التراث الموسيقي وبالتالي توفير إمكانية البحث والتجديد.
 وأضافوا، خلال الندوة التي نظمتها الجمعية في إطار الثلاثية الأندلسية ضمن  برنامج الدورة الرابعة عشر لـ” خميس الأندلسيات ” لشهر دجنبر، المنظم تحت الرعاية  السامية لجلالة الملك محمد السادس، أن التشبع بالنمط العلمي من شأنه أن  يجنب ما يشوب الموسيقى الأندلسية المغربية من بعض مظاهر الفوضى العارمة التي  تتجلى ملامحها، على الخصوص، في الأداءين الآلي والغنائي.
 ودعوا بإلحاح إلى تبني طرق تعليمية أكاديمية بالمعاهد الموسيقية التابعة لوزارة  الثقافة باعتماد الوسائل الحديثة ومراجعة طرق التلقين، منبهين إلى أن الموسيقى الأندلسية تمر بفترة حرجة ودقيقة مما يستوجب تغليب الجانب العلمي الأكاديمي المقنن  بالنظرية الموسيقية الأندلسية التي قامت في أول أمرها على أسس علمية صرفة.
 وفي سياق عرضهم لمراحل تدوين الموسيقى الأندلسية المغربية والإشكالات المطروحة  أمامها ،أشاروا إلى أن هذا التراث الفني العريق قد تجاوز مرحلة البحث عن “الصنعة”  و”التوشية”، وأضحى لزاما البحث عن كيفية التعامل معه حتى يصبح جزءا حاضرا من خلال  الاشتغال على تجويده وتنميته داخليا على غرار الهندسة المعمارية.
  وتساءلوا في أكثر من محطة عن كيفية خوض غمار التجديد في هذا الفن  من حيث  مكونه النظمي والنغمي و الإيقاعي لا سيما وأن ” التجديد هو إصلاح ما أفسده الزمن” على حد استشهادهم بالعلامة الموسيقي مولاي أحمد الوكيلي.
  ولم يفوت الباحثون الموسيقيون فرصة تثمين الموسيقى الأندلسية المغربية كموسيقى  تتماشى مع كل الأذواق وكل الأزمنة والأجيال، لافتين الأسماع إلى أن المغرب من أهم  الدول التي احتفظت ومازالت تحتفظ بتراث كبير ضخم يمتد إلى عشرات الأساليب ، ناهيك  عن الطبوع الموسيقية الخاصة بكل جهة من ربوع الوطن.
 كما عرجوا، بالبسط والتحليل، على الموسيقى الأندلسية المغربية من حيث مواقعها  الثلاثة، موقعها في الموسيقى المغربية، وفي التراث العالمي، وفي الوجدان  العربي.
 فأما عن موقعها في الموسيقى المغربية، فقد أوضح المشاركون أن الموسيقى الأندلسية قد اختزلت فنونا مغربية كثيرة، وهي لم تأت في مجملها من الأندلس،  مستدلين على ذلك بالإيقاعات المغربية والطبوع التي لا تجد لها أثرا في العدوة  الأندلسية، وكذا بالأسلوب في الأداء ( الأداء الجماعي ) الذي يذكر بالقراءة  الجماعية للقرآن والتي ينفرد بها المغرب، فضلا عن الإنشادات المغربية المخالفة  لنظيرتها المشرقية.
 وأما من حيث موقعها كتراث عالمي  فيشير الباحثون، إلى أنه لا يوجد رصيد مكتمل  ومهيكل في العالم له نفس الحجم كحجم النوبة المغربية التي ينبغي فقط الانكباب على  تجويدها.
 ويرى الباحثون أن الموسيقى الأندلسية المغربية تحتل موقعا هاما في الوجدان  العربي لأنها تحيل الى تحيين “الفردوس المفقود” ، وتجسد عنوانا مستمرا للحضور  المتألق للحضارة الأندلسية.
 وقد شارك في هذه الندوة كل من الأساتذة أحمد عيدون، وإدريس اكديرة، وتوفيق حميش ، وعبد الجليل الخرشفي بمواضيع تطرقت الى ” التراث الموسيقي المغربي ( الأندلسي،  الغرناطي، الملحون)، و”أساليب الأداء في الموسيقى الاندلسية وكيفيىة تطويرها” ،  و” المتن الشعري وكيفية تجاوز الأخطاء الرائجة”.
 وحسب المنظمين، فإنه سيتم في إطار الدورة الرابعة عشرة  لـ”خميس الأندلسيات”  تنظيم  حفل فني بالمسرح الوطني محمد الخامس يحييه جوق محمد أمين الدبي وجوق  الموسيقى العصرية بمشاركة الفنان فؤاد الزبادي والفنانة نزهة الشعباوي، والمجموعة  الموسيقى الكلاسيكية ، كما سيتم تكريم الأستاذ الباحث في الموسيقى والتراث أحمد  عيدون.

Related posts

Top