‎مؤسسة التجاري وفا بنك تناقش كيفية “إعادة تشغيل آلية صناعة الأبطال”

في إطار سلسلة الندوات التي تنظمها مؤسسة “التجاري وفا بنك”: “التبادل من أجل فهم أفضل”، عرف المقر الرئيسي للمجموعة البنكية والمالية بمدينة الدار البيضاء مساء الخميس، ندوة خاصة بالرياضة تحت عنوان “الرياضة بالمغرب.. كيف يمكن إعادة تشغيل آلية صناعة الأبطال؟”
في كلمة افتتاحية لهذه الندوة التي عرفت حضور ومشاركة رياضيين ودوليين سابقين وطلبة باحثين وفعاليات رياضية، قال المدير العام لـ “التجاري وفا بنك” عمر بونجوم، إن الرياضة تساهم في نشر القيم النبيلة كالالتزام والريادة والتضامن، مضيفا أن الرياضة لا تخص فقط الذين يمارسونها، باعتبارها ظاهرة اجتماعية وثقافية، مذكرا بالمعاني العميقة والسامية التي جاءت بها الرياضة الملكية الموجهة للمناظرة الوطنية حول الرياضة خريف سنة 2008، معتبرا بأن أبطال ألعاب القوى والتنس وكرة القدم وغيرهم من الرياضيين هم سفراء فوق العادة لبلادنا.
 وأضاف بونجوم في كلمته التقديمية للندوة، بأن مؤسسته تشجع على ممارسة رياضية مشبعة بقيم نبيلة وممارسة سليمة، بعيدا عن كل مغالاة وعنف، كما تعمل من جهتها على تشجيع بروز مواهب جديدة قادرة على خلق ذلك التحام بين الشباب، مع الحرص على المساهمة بكل تواضع على دعم آليات الإصلاح الممارسة الرياضية الوطنية وإعادة انطلاق آلة صناعة البطل.  
بعد الكلمة الافتتاحية، أعطيت الكلمة  للمتدخلين خلال الندوة التي أدارها بلعيد يويميد، وأسماء  المتدخلين الذين وقع عليها الاختيار هم الأستاذ بالمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات رشيد المرابط ، والإطار الوطني عزيز داودة المدير التقني للاتحاد الإفريقي لألعاب القوى، والإطار الوطني ناصر لارغيث مدير الإدارة التقنية الوطنية لكرة القدم.
وتجدر الإشارة إلى أن تدخلات الحضور التي أعقبت العروض الثلاث تميزت بين نقاش هادئ ومسؤول، وتدخلات هادفة، وبين “دخول وخروج في الهضرة” والأكثر من تصفية حسابات ومجرد حب الظهور، وتسجيل ضربات تحت الحزام، الشيء الذي أثر نوعا على الأجواء الختامية لهذه الندوة القيمة التي حققت الأهداف المنتظرة منها.

*رشيد لمرابط : ‎خمسة مداخل لإعادة انطلاق عجلة الإصلاح
ذكر رشيد لمرابط في بداية تدخله بمساهمته في إعداد المناظرة الوطنية حول الرياضة التي نظمت في عهد نوال المتوكل كوزيرة للشباب والرياضة، وكشفت على مكامن الخلل الذي تعاني منه الرياضة الوطنية، والتي كان من الممكن أن تشكل خارطة طريق بالنسبة للرياضة الوطنية، والتي توجت بالرسالة الملكية التي عرت عن الواقع كما هو، ووضعت المسير الرياضي أمام مسؤولياته التاريخية، إلا أن توصياتها قزمت وجزأت لأسباب مفهومة، ولا علاقتها لها بروح المسؤولية، مع العلم أن الرياضة تحولت في عهد الدستور الجديد حق من حقوق المواطنة، ودليل على توفر الإرادة الحقيقية من طرف الدولة لإحداث الإقلاع، هو ارتفاع الميزانية الخاصة بالرياضة في قانون المالية لسنة 2017، في انتظار مصادقة السلطة التشريعية.
   وأضاف لمرابط أن الرياضة المغربية شهدت خلال الـ15 سنة الأخيرة، تراجعا كبيرا خاصة في الأنواع التي ارتبط بها البعد الدولي كألعاب القوى وكرة القدم والتنس، دون إغفال نتائج الملاكمة، مذكرا بالرتب المتقدمة التي كانت تحتلها المنتخبات الوطنية على الصعيد الدولي.
  وحدد المدير السابق للمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات، خمسة مرتكزات لا غنى عنها لإحداث التطور المنشود والكفيل بإعادة انطلاق عجلة التطور، منها الجانب الاقتصادي الذي يبقى حجز الزاوية في أي عمل هادف، حيث أن الخبراء يربطون بين معدل النمو والناتج الداخلي الخام وتطور الرياضة في أي بلد، ثانيا الجانب السياسي، ويتجلى في تدخل الدولة على مستوى القوانين والتشريع والدعم المالي وغيرها من الجوانب المرتبطة بمجال تدخلها.
  الجانب الثالث حدده المتدخل في تكوين الأطر، وأعطى كمثال مبادرة “ESCAE” بإحداث ماجستير الرياضة، مما مكن من تخرج العديد من الأطر العليا من بينهم رياضيون سابقون، ليصل إلى الجانب الرابع ألا وهو الخاص بالتجهيزات الأساسية، ليصل إلى الجانب الخامس والأخير والمرتبط بالقانون.
ليختم لمرابط مداخلته القيمة، بضرورة الربط بين رياضة القاعدة، وما يتفرع عنها من بحث وتنقيب عن المواهب التي تقود إلى إعادة الاعتبار للرياضة المدرسية، وصنف رياضة النخبة ورياضة المستوى العالي، مشددا على ضرورة تشجيع ما يمكن تسميته بالدبلوماسية الرياضية، مبرزا الانتصارات التي حققها رياضيون مغاربة على الصعيد الدولي.

*عزيز داودة: ضرورة توحيد المفاهيم لإشكالية الممارسة الرياضية

   ركز عزيز داودة في بداية تدخله على ما أسماه بالخلط على مستوى الفهم لإشكالية الممارسة الرياضية، مضيفا أنه عندما يصعب تحديد الرؤية وتعدد وجهات النظر، يصبح الوصول إلى أيجاد حلول للمشكل صعب للغاية.

   وأوضح أنه انطلاقا من دورة أثينا الأولمبية سنة 2004، بدأ التراجع الواضح للرياضة الوطنية، وعجزت كل محاولات الإصلاح عن إحداث وقف لهذا التراجع والدخول عمليا في إعادة انطلاق عجلة التغيير.

  وأشار إلى أن المعطيات العلمية تؤكد أن هناك موهبة واحدة من بين 10 ألف ممارس، وهذا يبين إلى أي حد تكتسي عملية التنقيب عن الطائر النادر صعوبة كبيرة وعملا مضنيا، وأن 60 في المائة من العملية تخص عملية التنقيب في حين تبقى النسبة الباقية للتجهيز والتأطير والمواكبة.

  وأاضاف داودة أن الرياضة هي أساسا الإنجاز، مع ما يرتبط ذلك من جوانب تكتيكية وتقنية وتسويق وفرجة وتعريف ومواكبة وبعد اقتصادي، وصولا إلى خلق ذاك الانبهار المطلوب من طرف أوسع الفئات.

  وبالنسبة لتكوين الأطر، فلا يمكن الآن أن نؤكد على أهميته، يقول داودة، لأن ذلك من المسلمات، لكن المشكل هو أن تكوين الأطر بالمغرب توقف، بتوقف معهد مولاي رشيد عن تخرج أفواج من الطلبة الذين تحولوا في السابق إلى أطر عليا بمختلف التخصصات، كما أن التوقف عرفه تكوين أساتذة مادة التربية البدنية والرياضة، ولعل عنصر الغرابة هنا يكمن في تحول متدربين مجازين في مواد الفلسفة أو التاريخ إلى مدرسين للمادة الرياضية، بعد خضوعهم لتدريب قصير لفترة محدودة.

  ومن بين النقط التي ركز عليها المدير التقني الوطني السابق، الثغرات التي يعرفها قانون 30.09، ما عرفه من خروقات واجتهادات أخرجته عن إطاره الصحيح، خصوصا عندما سمحت الوزارة للجامعات الرياضية بإحداث تغييرات وفق ما هو معمول به بالنسبة للاتحادات الدولية التي تنتمي لها، ليتحول بفعل ذلك إلى قانون مشوه.

   ومن بين النقط الأخرى التي تطرق إليها داودة، افتقاد الشباب المغربي لما أسماء بـ “أيقونات” وطنية يهتدي بها، وقال لماذا يلبس الشباب مثلا حذاء رياضيا يحمل اسم ميسي، ولا يلبس مثيلا له يحمل اسم نوال أو عويطة أو الكروج؟ فنحن لا نسعى بصدق إلى تثمين مجهود أبطالنا وبطلاتنا ومنحهم القيمة التي يستحقونها.

 وختم داودة تدخله الوازن بالإشارة إلى تجربة الناجحة للمعاهد الخاصة ببعض الجامعات الرياضية، بعد الفشل أغلب الأندية في تقديم مراكز للتكوين ناجعة…                             

*ناصر لارغيت :دراسة الواقع أولا شكل أساس برنامج عملنا 

  تدخل ناصر لارغيت المدير التقني الوطني بجامعة كرة القدم، تركز بالأساس على العمل التي تقوم به إدارته، مستهلا حديثه بالقول إن أي برنامج أو مخطط يبقى للأسف رهين نتائج المنتخب الأول لكرة القدم، ففي حالة انتصاره لا يتحدث أي أحد عن وجود إدارة تقنية، وفي حالة الإخفاق، فإن سهام النقد توجه إلى المدير التقني.  

   وحدد لارغيت المرتكزات العامة لبرنامج عمل الإدارة التقنية الوطنية، في مجموعة من الجوانب من بينها عملية التنقيب سواء بالأحياء أو المدارس والرياضة المدرسية، وهذه المهمة يقوم بها منقبون مختصون.

  وبعد دراسة الواقع، تبين أن هناك ثلاث إلى أربع عصب جهوية فقط تشتغل بطريقة يمكن القول إنها حسنة، لكن لم يكن هناك أي رابط بينها، ففرق الرجاء والوداد والمغرب الفاسي على سبيل المثال كانت تنجب لاعبين ممتازين، لكنها توقفت خلال السنوات الخيرة عن مواصلة العطاء بنفس القيمة.

   مباشرة بعد تنصيب الإدارة التقنية الحالية يوضح لارغيت، قدمت مشروعا يهم أبرز الجوانب المرتبطة بعملها، وبينها تكوين الأطر وفق 10 مستويات وتخصصات متعددة وحسب كل فئة، والإيجابي أن الدبلوم الخاص بالمحترفين، والذي تمنحه الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم سنويا، يحظى بمصادقة جهاز الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف)، وهناك أيضا تكوين المكون، وهو الذي يضع رهن المدرب المواهب المؤهلة للتألق.

   وأضاف لارغيت أن هناك دبلومات خاصة بكرة القدم داخل القاعة وأخرى في كرة القدم الشاطئية وكرة القدم النسوية وحارس المرمى، كما أن التكوين يهم أطرا تتكفل بالمعاهد والمدراء التقنيين الجهويين وخلايا البحث، والإعداد البدني، خصوصا وأن الجانب البدني يبقى أساسيا، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الصعوبة التي يجدها لاعبونا عند مواجهتهم لرياضيي أفريقيا جنوب الصحراء.

  وحدد لارغيت توجهات العمل في مجموعة من النقط، ولعل أبرزها التعامل مع قاعدة بيانات بالنسبة لكل لاعب وحسب كل فريق وفئة عمرية، والعمل ينصب حاليا على 16 فريقا مشكلة للقسم الأول، بمعدل 24 لاعبا لكل فريق، وفق شروط علمية مدروسة، تهم الجانب الذهني للممارس الشاب الذي تبين أنه يفتقد للشخصية المطلوبة، وداخل هذا الإعداد هناك بطبيعة الحال الجانب التكتيكي والتقني والبدني للوصول إلى مرحلة المستوى العالي.

   وختم المدير التقني الوطني مداخلته، بإبراز أهمية إحداث المراكز الجامعية إناثا وذكورا، الشيء الذي يذهب في اتجاه إرساء قاعدة صناعة البطل، وتقديم نموذج لما يصطلح عليه بـ “النموذج المغربي” فيما يخص التكوين، وإنشاء أكاديمية محمد السادس تسير في هذا الاتجاه، إذ بدأت في نظره تظهر نتائج هذه المؤسسة الوطنية على الساحة، رغم حداثة التكوين، مذكرا بمشروع إنشاء دبولوم خاص بالمدير الرياضي بتعاون مع جامعة ليموج الفرنسية.                

محمد الروحلي

Related posts

Top