بنعبد الله: المغرب يقضي على أزيد من 50 % من مدن الصفيح

أكد محمد نبيل بنعبد الله وزير السكنى وسياسة المدينة، أن وزارة السكنى وسياسة المدينة وضعت في صلب اهتماماتها برامج لتهيئة المدن الساحلية المغربية، تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات المناخية.
وأوضح المسؤول الحكومي الذي كان يتحدث أمس الاثنين، بالرباط، خلال افتتاح أشغال المؤتمر العالمي السادس “بيئة المدن 2016″، الذي ينعقد حول موضوع “إدارة المدن الساحلية: التحديات وحلول التغيير المناخي” أن وزارته واعية بكل التحديات المناخية التي تواجه المدن الساحلية وتعمل في إطار تشاوري مع جميع المتدخلين المعنيين من شركاء مؤسساتيين وسلطات محلية وهيئات منتخبة وقطاع خاص وغير ذلك، على بلورة مشاريع تهيئة المدن الساحلية، وإعداد وتنفيذ مشاريع التجديد الحضري بغية التصدي لمظاهر وتجليات الهشاشة المرتبطة بالمباني في هذه المدن وبالنقص في تجهيزات الأحياء والإقصاء المجالي والاجتماعي بها.
وأضاف بنعبد الله أن وزارة السكنى وسياسة المدينة تبذل مجهودات مهمة لإعادة تهيئة الأحياء ناقصة التجهيز، وتوفير سكن لائق من أجل تحسين ظروف سكن وعيش الفئات الاجتماعية المستهدفة، مع اعتماد مبادئ النجاعة الطاقية في البناء، مشيرا إلى أن تدخلات الوزارة في هذه الأنسجة تبقى مقرونة بتوفير شبكة التطهير السائل، مع إلزامية إعادة تأهيلها في حال توفرها لتتماشى مع حجم الكثافة السكانية للنسيج العمراني المعني بالتدخل.
وأعطى بنعبد الله، في كلمته الافتتاحية للمؤتمرالذي تشارك فيه العديد من الدول العربية والهيئات الحكومية والمجتمع المدني وكل المعنيين بمجال المناخ، مجموعة من النماذج لتدخلات وزارة السكنى من خلال إشرافها على إعداد وتنفيذ العديد من المشاريع الكبرى للتأهيل الحضري في إطار سياسة المدينة بكثير من المدن الساحلية، على رأسها مدينة الدارالبيضاء التي تجمع العديد من التحديات، وبالتالي كان لزاما، حسب بنعبد الله، إعداد برامج تأخذ بعين الاعتبار جميع هذه التحديات بما فيها تحدي مدن الصفيح الذي قطع فيه المغرب أشواطا مهمة، والذي يعد المغرب رائدا فيه على المستوى العربي والإفريقي، حيث أكد الوزير أنه، “بفضل التوجه الملكي السامي لمحاربة السكن الصفيحي تمكن المغرب، من خلال عدة برامج، من القضاء على أزيد من 50 بالمائة من مدن الصفيح”.
كما  أشار بنعبد الله إلى أن الحكومة الحالية المنتهية ولايتها، ومن خلال وزارة السكنى ووزارات أخرى، استطاعت مضاعفة المجهودات، والعمل بشكل أكبر على مواجهة تحدي المدن الصفيحية في أفق مغرب بدون صفيح، كما أعطى بنعبد الله، في هذا السياق، مجموعة من النماذج لتهيئة المدن الساحلية، بكل من الرباط، المحتضنة لأشغال هذا المؤتمر، وتطوان، وطنجة، والحسيمة، وأكادير، والصويرة، والمدن الساحلية الجنوبية المغربية التي انطلقت بها عدة أوراش سواء بالداخلة، أو العيون، وغيرها من المشاريع المهيكلة التي تأخذ بعين الاعتبار الاحترام التام للمعايير البيئية لمواجهة التقلبات المناخية التي تهدد بالأساس مدن السواحل في العالم.
هذا ورد وزير السكنى وسياسة المدينة نبيل بنعبد الله الظواهر المرتبطة بالتقلبات المناخية إلى النشاط البشري المفرط وغير المعقلن الذي ينتج عنه ارتفاع درجة الحرارة، والذي يؤدي إلى الاحتباس الحراري، وبالتالي ذوبان الجليد في المناطق القطبية وارتفاع منسوب مياه البحر، الأمر الذي يشكل، يقول بنعبد الله، خطرا على الساحل ومدنه، مبرزا أن الدول الساحلية تبقى عرضة لظاهر التسونامي.
كما أشار بنعبد الله كذلك إلى أن المغرب ليس بمنأى عن هذه الأخطار ذات الصلة بالتغيرات المناخية، مؤكدا على ضرورة العمل بشكل جدي والوقوف حول هذه التغيرات من خلال المؤتمرات الاستباقية للقمة العالمية للمناخ “كوب 22” التي ستلتئم بمراكش على بعد أسبوعين، مبرزا أنها محطة قوية تشكل فرصة حقيقية لإيجاد حلول واقعية كفيلة لحماية الأرض والبشر من متغيرات المناخ.
من جانبه أكد محمد الصديقي، رئيس جماعة الرباط،على أن المغرب، ومن خلال احتضانه لهذا المؤتمر، يريد أن يكون مؤسسا لمواجهة التغيرات المناخية من خلال عمله على مجموعة من الأوراش المتقدمة في مجال الطاقات المتجددة، بما فيها مشروع الطاقة الهوائية بشمال المملكة، ومشروع “نور” بورزازات، وغيرها من الإجراءات العملية التي تم الإعلان عنها من خلال البلاغ الوطني الثالث لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي.
وأضاف الصديقي أن المغرب يدرك التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخية وأهمية الحفاظ على البيئة، “لذا يحرص على إيلاء الجماعات الترابية مكانة خاصة ضمن بنائه المؤسساتي، وذلك من خلال تمتيعها بصلاحيات واسعة في مختلف المجالات وفق رؤية تكاملية شمولية تضع البعد البيئي كأولوية في العمل الجماعي”، يقول الصديقي، مضيفا أن “السياق يستدعي التركيز على المقاربة التشاركية، وجعل المدن والجماعات المحلية، تشكل، إلى جانب الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني شريكا حقيقيا في مسلسل التنمية الشاملة ببلادنا، وقوة اقتراحية، لتفعيل مختلف الاستراتيجيات الوطنية مع الرهان على تعزيز الأساليب العلمية والتقنية والإدارية ودور التكنولوجيا الحديثة في مواجهة التحديات البيئية من حيث تدهور البيئة وضياع الموارد وإيجاد التوازنات اللازمة لتفادي الكوارث البيئية أو الحد من آثارها، وذلك تحقيقا للتنمية المستدامة”.
وشدد الصديقي على ضرورة الحفاظ على الثروات البيئية التي يتمتع بها المغرب، مشيرا إلى انخراط جماعة الرباط في هذه الدينامية العالمية المتجهة نحو كل ما هو بيئي، وذلك من خلال اعتماد جماعة الرباط على مجموعة من التدابير الرامية للحد من التأثيرات المناخية ومكافحة الاحتباس الحراري، إذ قدم، في هذا الجانب، العديد من النماذج التي شرعت الجماعة في تطبيقها، كالأوراش المتعلقة بقطاع النقل الحضري عبر الطرمواي، ومعالجة النفايات المنزلية من خلال مطارح الأزبال التي تحترم المعايير المعتمد دوليا في هذه العملية.
في السياق ذاته، أكدت سعاد الزايدي نائبة رئيس مجلس جماعة الرباط المكلفة بالتعاون الدولي، ورئيسة اللجنة العليا لتنظيم المؤتمر العالمي السادس “بيئة المدن 2016″، أن مدينة الرباط عضو نشيط في مجلس أمناء مركز البيئة للمدن العربية، مبرزة أن جماعة الرباط تعمل دائما بجهد من أجل دعم عمل المركز وتطبيق مواثيقه ذات الصلة، والمساهمة بفعالية في الدفاع عن القيم النبيلة التي تتبانها والمتعلقة أساسا بالبيئة الطبيعية والساحلية والعمرانية والتنمية المستدامة على المستوى العربي والدولي، مشيرة إلى أن جماعة الرباط انخرطت في إطار التعاون الدولي في عدة برامج في مجال البيئة البحرية، وخصوصا في  ما يتعلق بتهيئة شواطئ حوض البحر الأبيض المتوسط في إطار شراكة متعددة الأطراف بدعم اللجنة الأوروبية، وكذا من خلال التدبير المعقلن للنفايات المنزلية في إطار مشروع “GODEM” إضافة إلى إجراءات أخرى وبرامج انخرطت فيها جماعة الرباط.
وأوضحت سعاد الزايدي أن ما أنجزته جماعة الرباط من أوراش، أو من خلال إعدادها لأوراش أخرى مستقبلية، جعلت من الرباط عاصمة ساحلية بامتياز ارتقت إلى مصاف العواصم العالمية.
هذا وأكدت المتحدثة أن العمل اليوم ينكب على تعزيز سياسات خلق مدن بيئية وذكية وذلك من أجل تمكين عشرات الآلاف من الحواضر في مختلف أنحاء العالم من تبني قضية التنمية المستدامة، من طرف الجميع، داعية في هذا السياق إلى ضرورة إشراك جميع الفئات وشرائح المجتمع في النقاش وتبادل الأفكار حول مواضيع البيئة والمناخ، وذلك من خلال استثمار كل الوسائل والقنوات المتاحة من أجل الإنصات المتواصل لجل الفئات والشرائح على اعتبار أنهم صناع بيئة الغد.
ومن جهة أخرى، أشاد أحمد حمد الصبيح أمين عام منظمة المدن العربية، بالمجهودات التي يبذلها المغرب في مجال تطوير آليات مواجهة التغيرات المناخية وكذا من خلال برامجه التنموية التي تأخذ بعين الاعتبار أهمية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية، وأضاف في كلمته، التي تلاها عنه بالنيابة عبد الله الفردان مدير مركز البيئة للمدن العربية، أن التحدي اليوم هو إيجاد سبل جديدة لحل إشكالية تقلب المناخ بالعالم ككل، وكذا إيجاد حلول بشكل خاص للمدن الساحلية التي تواجه مخاطر مضاعفة، مؤكدا على أن المدن العربية ومن خلال عملها المشتركة قادرة على بلورة حلول ناجعة تأخذ بعين الاعتبار أهمية البيئة والحفاظ على الموارد البيئية والطاقية الطبيعية للأجيال القادمة.
واعتبر المتحدث أن احتضان المغرب لـ “COP 22” واحتضانه لهذا المؤتمر العالمي الذي يسبقها يعكس الرغبة القوية للمملكة المغربية في تجاوز الإشكاليات المتعلقة بالمناخ وكذا العمل إلى جانب باقي الدول على إيجاد حل دولي للوضعية التي أضحت عليها الأرض اليوم من مخاطر تهدد السواحل والموارد الطبيعية والطاقية وغيرها، مؤكدا على أن المغرب كان دائما وسيبقى فاعلا أساسيا في جميع القضايا الدولية والإقليمية، مشيرا إلى أن المغرب دائما كان متعاونا وشريكا مع منظمة المدن العربية على مدى سنوات عملها.
 وشدد المتحدث، في ختام كلمته، على أن هذا المؤتمر الذي تحتضنه الرباط، يشكل فرصة حقيقية لتفكير جدي وتعاون مشترك بين الدول العربية من أجل الخروج بحلول تشكل قيمة مضافة لقمة المناخ العالمية “COP 22” التي يحتضنها المغرب نونبر المقبل، كما يشكل فرصة حقيقية لتجسيد الوضع الذي تعيشه المدن العربية الساحلية.
يشار إلى أن أشغال هذا المؤتمر العالمي السادس بيئة المدن 2016 الذي تنظمه جماعة الرباط بشراكة مع بلدية دبي ومركز البيئة للمدن العربية، يدخل في إطار استعدادات مدينة الرباط للمشاركة في القمة العالمية للمناخ “COP 22” التي ستنعقد بمراكش على بعد أسابيع قليلة، حيث يهدف إلى توفير فرصة لمسؤولي المدن للالتقاء وتبادل الخبرات الجماعية والانخراط في حوار مفتوح لمناقشة الأفكار والبحث عن الحلول الناجعة لإدارة السواحل والبيئة البحرية لضمان التنمية المستدامة للمدن العربية.

محمد توفيق أمزيان

Related posts

Top