بانوراما على قطاع «ما بعد البيع» في سوق السيارات بالمغرب

يعتبر أسطول السيارات في المغرب، من بين الاكثر تجديدا في المنطقة كما يشهد دينامية مهمة، إلا أن قطاع ما بعد البيع لا يساير هذا التطور.
إذ ان هذا القطاع الذي يقدره المهنيون بنحو5 1 مليار درهم كقيمة متداولة ويمنح ازيد من 300.000 منصب شغل مباشر (100.000 على مستوى متاجر التوزيع وأزيد من 200.000 على صعيد ورشات الاصلاح والمرائب الميكانيكية)، فضلا عن الايرادات غير المباشرة من قطاعات اخرى مثل العقار واستئجار المباني أو شركات التوصيل واللوجستيك، دون ان ننسى عائدات الضرائب والجمارك التي تصب في خزينة الدولة.
قطاع «ما بعد البيع» وعلى الرغم من انه قطاع واعد ويخلق فرص شغل ومدر للمداخيل، إلا أنه ما زال يتأرجح بين النظامي وغير النظامي، فتسويق قطع الغيار متأثر بشكل كبير بالتقليد الذي ينزلق اليه المستهلك وأيضا الخردة حيث يمكن ان يجابه خطر شراء قطع غيار لا تمتثل لمعايير السلامة.
ومن أجل محاولة التغلب على هذه العقبات المختلفة التي تواجه هذا القطاع، قرر الفاعلون فيه، مصنعون ومستوردون وموزعون تأسيس التجمع البيمهني للسيارات (GIPAM).

الفاعلون في سوق ما بعد بيع السيارات بالمغرب

شبكة المصنعين  شبكة المصنعين وتتألف من التجار والوكلاء التجاريين للشركات المصنعة للسيارات المستقرة في المغرب، حوالي عشرين مجموعة كبيرة تتقاسم السوق بطريقة غير متكافئة. في الواقع، الحضور شبه الحصري لرونو وسوبريام (PSA)  اللتان تتقاسمان لوحدهما ما يقارب  42٪ من مبيعات قطع الغيار.المستفيدون من هذه القطع هي بالأساس سيارات تحت الإصلاح في الشبكات (بنسبة 80 في المائة). ولكن أيضا تجار الجملة وتجار التجزئة (حوالي 10٪) أو اصحاب المرائب والأساطيل الذين يتقاسمون 10٪ المتبقية.من ناحية أخرى، فإن شبكة المصنعين، التي توزع القطع تحت العلامة التجارية للشركة المصنعة، تطالب وبقوة  الجودة الاصلية لمنتجاتها.
المستوردون والموزعونهناك نوعان: من يركز على قطع غيار سيارات كبريات الشركات المصنعة الدولية ونوع ثان يجعل من قطع الغيار المكيفة نشاطه الرئيسي.المستوردون / الموزعون لقطع الغيار الخاص بالشركات الكبرى(Bosch, TRW, SNR, Valeo, Delphi)  يمثلون فئة مهنية صغيرة وان كانت الأقدم، وتدر من ناحية اخرى لوحدها ما يضاهي 13٪ من حجم القطع المعروضة للبيع في المغرب. هي علامات مثل، Autodistribution ، Kaufman  Maghreb Accessoires وأيضا Standard Auto Accessoires Copima، أو المتخصصون في الإطارات والعجلات، يحصلون على أكثر من 90٪ من إمداداتها من أوروبا، وبشكل هامشي من الولايات المتحدة واليابان. أما بالنسبة للمشتريات المحلية، وهي أيضا هامشية جدا، فتقع على عدد محدود من المنتجات والموردين. ومن المعلوم أن هذا النوع من المستوردين / الموزعين، يعتبرون عموما مصنعي القطع المحلية منافسين مباشرين بالإضافة الى اسعار تخضع لتقلب كبير.يعد زبائنهم أساسا من تجار الجملة ولكن أيضا تجار التجزئة، وأصحاب المرائب أو الشركات وأساطيل السيارات، اما البيع في المحل فيبقى صغيرا جدا لأنه يضاهي 5٪.ويمثل المستوردون / الموزعون للقطع «المكيفة»، نسبة كبيرة من مداخيل المغرب وعدد الفاعلين في القطاع. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 46٪ من القطع التي وضعت في السوق المغربية من قبل هذه الفئة من الفاعلين، تتألف من حوالي 200 شركة، منها حوالي 30 تستحوذ على 80٪ من النشاط.ويتواجد موردو هذه القطع «القابلة للتكيف» بشكل عام (70٪) في أوروبا وآسيا، ولكن أيضا في المغرب،  مثل المنتجات المصنعة محليا مثل الفرامل، الكروات، الباروا، جوانت المحركات أو الرادياتورات.أما بالنسبة لأهم الفاعلين في هذه الفئة، فإن القطع الموزعة هي قطع ذات جودة عالية من العلامات التجارية الكبرى، ومن ناحية اخرى وبالنسبة للآخرين، فإن القطع التي يتم تسويقها غير مؤكدة الجودة وغير محددة التعريف وفي بعض الاحيان مزيفة وللأسف لا يمكن مراقبتها، تستجيب هاته القطع عموما لرغبة تجار التجزئة الصغار والباعة المتجولين .
المصنعون المحليونيتم تصنيع عدد من المنتجات مباشرة في المغرب ويتم توزيعها مباشرة من قبل الشركات المصنعة لها. هذا هو الحال بالنسبة للمنتجات مثل الفلترات (SINFA FILTRES)، والفرامل (SIPROF)، وأقراص الفرامل (PLASTEX)، العوادم échappements، وكابلات التحكم (SINFA CABLES)، الرادياتورات (CFD)، البطاريات(ALMABAT,AFRIQUES CABLES) ، Coulas  (GAUPA)، المكابس(FMI) ، الكرووات (FAIDA POLYMERES)، شفرات الروسورات (FLEXY RESSORTS)، الزجاج الأمامي (INDUVER, SOTRAGLACE)  الخ.هذه الشركات المصنعة هي موردة لكبار الموزعين، غير ان بعضها تتوفر على شبكتها الخاصة وبالتالي تنافس مباشرة الموزعين .ومن ناحية أخرى، تسمى المنتجات المصنعة بالقابلة للتكيف مع أن جودتها تضاهي في الكثير من الاحيان جودة المنتجات النوعية الاصلية المنتجة من قبل المصنعين ذوو المستوى الاول.ويقدر متوسط القطع المسوقة من قبل هاته الفئة من الفاعلين بنحو  20٪ ويواجهون منافسة منتجات ذات اصول مختلفة.
تجار الجملة والتجزئة مبدئيا، يتواجد منهم الالاف على الاراضي المغربية، وإن كان من الصعب تقدير عددهم بدقة، فإن معظمهم من العموميين وبعضهم متخصص في أنواع معينة من المنتجات مثل العجلاتية والكهربائيين، الخ.يقتنون عادة لدى المستوردين ويمكنهم ايضا اللجوء الى شبكة مصنعي المعدات المحلية أو حتى وكلاء العلامة التجارية.تظهر الفوارق الأولى من حيث السعر في هذه الفئة بحيث ان الفاتورة تبنى وفقا للجودة والعلامة التجارية للمنتج، ولكن أيضا وفقا للقدرة الشرائية للزبون النهائي.الزبائن المباشرون لتجار الجملة والتجزئة يشكلون، 70٪،  اصحاب مرائب. وبقية الزبائن إما شركات أو أفراد قاموا بشراء قطع غيار للقيام بعمليات إصلاح بأنفسهم أو لتزويد ميكانيكي حيهم بها.الباعة المتجولون: هم تجار ملاك شاحنات (حوالي 600 في المغرب)، تم تحويل فضائها الداخلي إلى مخازن قطع غيار السيارات. وهذه الفئة هي أكثر نشاطا في المناطق القروية، حيث تكون حصة القطاع غير الرسمي – غير النظامي- مرتفعة في الغالب.
الخردةيوجد في المغرب خمسون سوقا للخردة، أهمها «السالمية وسيدي مومن» في الدار البيضاء و»يعقوب المنصور» في الرباط.تختلف حصة القطع المسوقة من قبل اسواق الخردة حسب نوعيتها، وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 10٪ من إجمالي السوق ولو انه يمكن أن نتوقع نسب كبيرة جدا تتجاوز بكثير 50٪ لقطع غيار معينة مثل الهياكل والمحركات. ويتكون زبائنها من اصحاب المرائب المتواجدين في الأحياء، الواصفون النهائيون والأفراد، وبأسعار تتحدى غالبا كل المنافسات حيث تكون احيانا ارخص ب 50٪ مما هي عليه لدى شبكة المصنع .
الواصفون والزبون النهائي تغطي هذه الفئة جميع الجهات الفاعلة التي تبيع قطع الغيار على نحوه او من خلال عملية اصلاح وهناك ايضا مرائب ومحطات للخدمات او مراكز للسيارات مثل «ميداس وسبيدي، ولكن أيضا «الحطام»  يقدر عدد الواصفين النهائيين بالمغرب بحوالي 15.000 اظهرت أول دراسة لمجموعة «جيبا»بشكل واضح حصص السوق فيما يخص قطاع الغيار والإكسسوارات في مختلف الدوائر.حيث يتزعم تجار الجملة لقطع الغيار السوق على نطاق واسع بينما دائرة التصنيع تعاني، في سوق سيارات في طور التشبيب فإن هذه الدائرة تجاهد لتغيير سلوكيات السائقين.

****

أسئلة إلى محمد الحسني..

رئيس التجمع البيمهني للسيارات في المغرب

>كيف يتجلى قطاع ما بعد البيع للسيارات بالمغرب؟
< اذا كانت السيارات الاقتصادية مثل «فيات أونو» و «باليو» في أواخر التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين، و «داسيا لوغان» و»سانديرو» في الآونة الأخيرة، قد سمحت للمغاربة ذوي الدخل المتوسط من امتلاك سيارة جديدة بسعر تنافسي فان انتظاراتهم بشأن الصيانة وإصلاح السيارات لم يتم ارضاءها تماما، وذلك لأن قطاع قطع الغيار سواء المتعلقة بالتوزيع او الاصلاح يبقى ضعيف الهيكلة بشكل عام، موزع بين شبكات المصنعين والموزعين والباعة المتجولين وتجار الجملة والتقسيط والخردة، ومزدوجة السعر والجودة تختلف من تاجر لآخر.
خاصة أن الفاعلين في هذا القطاع، وعلى وجه التحديد في الإصلاح، ليسوا كلهم متكافئين من حيث العدد، المعدات والورشات ومطابقة قطع الغيار للمعايير والمواصفات المطلوبة من حيث السلامة والجودة.

> هل استفاد المهنيون والمستهلك من تحرير القطاع؟
< قطاع قطع الغيار كان يخضع لضوابط تميزت بتحديد أسعار مرجعية تحدد الحد الأدنى لقيمة الواردات من خلال تصنيف قطع الغيار والتفتيش من قبل لجنة القيم وأخيرا معامل الحد الأقصى لسعر البيع الثابت في 1.8٪ من سعر الاستيراد.
وسنة 2000، أدى إصدار قانون المنافسة إلى إلغاء لجنة القيم، مما أدى إلى تحرير القطاع، وفي سنة 2003، كان هناك أيضا إلغاء أسعار الكلمة للاستيراد بعد الاتفاقات الموقعة بين المغرب ومنظمة التجارة العالمية وتلك الموقعة مع الاتحاد الأوروبي.
مما سهل للأسف هجمة واردات قطع الغيار ولاسيما القادمة من البلدان الاسيوية.

> كيف تصفون القطاع غير الرسمي – غير النظامي- في قطاعكم؟
< تحت هذه الكلمة الواحدة تختبئ العديد من الظواهر، كلها مثيرة للقلق ومع ذلك فهي تشكل جزءا لا يتجزأ من قطاع توزيع قطع الغيار في المغرب
وتشمل التهريب، انزال قيمة الفواتير في الجمارك، التقليد، القطع المستعملة، التهرب من الادلاء الضريبي والاجتماعي.
وتولد هذه الممارسات منافسة غير عادلة، وهي اساس خفض الأسعار على حساب ربحية شركات القطاع الرسمي، وعائدات الدولة، وانعدام الأمن لدى سائقي السيارات والتلوث البيئي. وتشكل سوق الخردة المكان الذي تتداخل فيه جميع هاته الممارسات بدرجات متفاوتة! وتحصل هذه الجهات الفاعلة أرباحا كبيرة بفضل رقم الاعمال التي تحققه.
وينبغي التأكيد على أن التقليد يقوض القطاع، فهو يطال جميع قطع الغيار تقريبا، شريطة ألا ينطوي على متطورات تقنية أو إلكترونية كبيرة. يطال باختصار الفرامل وجوانت الكولاس والكرووات الاخرى ولهذا السبب فان المنتجات الاكثر تأثرا هي المنتجات المستهلكة عادة والتي يمكنها ان تدخل لأرض الوطن بكميات كبيرة.
من الصعب تحديد طرق عبور هذه المنتجات والفوارق في السعر، بين المنتجات المقلدة وتلك الصادرة من العلامات التجارية الكبرى مهمة جدا: فلتر الديزل: -40٪، بوجي: -50٪، مساحة الزجاج الامامي: -50٪، جوانت الكولاس : -60٪.، ….

> ماذا عن التطبيق الالزامي للمعايير المغربية؟
< يؤيد تجمعنا بقوة تطبيق المعايير الإلزامية؛ وهذا هو واحد من الطرق الفعالة لتنظيف السوق ومنع اغراقه بالمنتجات السيئة والمغشوشة.
ولكن لا يجب أن نضع جميع المهنيين على نفس الترتيب ونطبق عليهم نفس المعاملة: يجب التفريق بين المستوردين الجادين الذين يستوردون المنتجات التي تلبي المعايير ومستوردي المنتجات المشكوك في أمرها، تماما مثل وكلاء علامات السيارات.
وهناك مشكل اخر يجب طرحه، يتجلى في صعوبة التحقق من التطابق على مستوى CETIEV الذي يستغرق وقتا مهما ويؤثر على المستورد الذي تبقى منتجاته محجوزة في الميناء مما يترتب عنه تكلفة اضافية الى جانب تكلفة التجارب التي اصبحت باهظة في بعض الحالات .
لسوء الحظ، فإن القطع المستخدمة التي يستوردها تجار الخردة لا تراقب من قبل وزارة التجارة والصناعة للتحقق من مطابقتها للمعايير المغربية الإلزامية!
وهو خطأ يسيء بشكل كبير لمستوردي القطع الجديدة التي تخضع للمراقبة بكل ما يترتب على ذلك من تكاليف وتأخيرات تزيد من ضعف قدرتهم التنافسية.

> ما هو رد فعل المهنة على الاستيراد الفوضوي من قبل تجار الخردة؟
< عقدنا في السابق عدة اجتماعات ونقاشات مع وزارات الصناعة والتجارة الخارجية وإدارة الجمارك لدراسة التدابير التنظيمية التي يتعين اتخاذها للتخفيف من هذه الظاهرة، ولكن دون أن يؤدي ذلك إلى توصيات ملموسة.
ومع ذلك، فقد تمت الاشارة الى انه في حالة اللجوء إلى حظرها بالكامل كما هو الحال بالنسبة لبعض البلدان مثل تركيا والجزائر … سيكون ذلك خيارا صعبا، اذ نظرا للوزن الاقتصادي والاجتماعي لتجار الخردة، فإن مثل هذا الاختيار من شأنه أن يؤدي إلى مواجهة مع هؤلاء.
ومن ناحية أخرى، يبدو أن اختيار حل وسط يتجلى في منع قائمة من قطع الغيار المحظورة سيكون خيارا حكيما ويمكن تبريره بضرورة حماية صحة المستهلك وسلامته ومكافحة التلوث والدفاع عن المصالح الاقتصادية للبلد.
هذا الحظر ينطبق بالفعل على أجزاء تؤثر على السلامة مثل الاسطوانات والفرامل وكوابح الصدمات، وإطارات العجلات… للتطبيق مع توسيع القائمة الى مكونات اخرى اهمها «المحرك» الذي يزيد استيراده من انتشار التلوث وانعدام الامن على الطرقات. وقد اهمل بسببه العمل على تجديد المحرك مما تسبب في خسائر في حجم الكفاءات فيما يتعلق بقطاع التوزيع والإصلاح.
من الواضح أنه لا يكفي حظر استيراد المحركات القياسية لإصلاح الأضرار التي لحقت بالمهنيين ولكن يجب ايضا تشجيع تجديدها محليا في ورش عمل لشركات صغرى متخصصة، وإذا كانت الفوائد العرضية تبدو مفيدة للمصنعين والموزعين المحترفين، فإنها ستكون هائلة لخلق فرص شغل في هذا النوع من الورشات.

> ما هي استنتاجكم بعد هذه القراءة الشاملة للمشاكل المختلفة التي تواجه القطاع؟
<لقد اتخذنا زمام المبادرة بتأسيس GIPAM لمعالجة هذه المشاكل المختلفة ودراسة التدابير المناسبة التي يتعين اتخاذها بمعية مختلف الوزارات المعنية.
ونحن ندرك أهمية أسطول السيارات نتيجة لنمو مبيعاتها التي تضاعفت منذ سنين.
إن تلبية احتياجات الإصلاح والصيانة لأسطول السيارات هذا في ظل ظروف مرضية يشكل تحديا يتعين على جميع الجهات الفاعلة، العامة منها والخاصة مواجهته.
كما أنه سوق متنام يخلق فرص عمل في تصنيع وتوزيع قطع الغيار وكذلك على صعيد اصلاح وصيانة السيارات.
وباعتبارنا فاعلين مستقلين ومن خلال تجمعنا هذا، نمد ايديها لجميع شركائنا للمساهمة في رفع هذا التحدي والاستفادة من نمو أسطول السيارات في المغرب لخلق المزيد من فص الشغل والثروات.

Related posts

Top