> الحسين فسكا
في إطار فعاليات “الويكاند المسرحي للشباب” الذي نظمته فرقة “مسرح أبعاد” بدعم من وزارة الثقافة، تمت يوم السبت 28 نونبر 2015 بقاعة الندوات للمركب الثقافي “كمال الزبدي”، بتراب عمالة ابن امسيك، برمجة ندوة علمية في موضوع “الحساسية الجديدة / الشبابية في الكتابة والإخراج المسرحيين”، عرفت مشاركة الدكاترة: محمد لعزيز، وسميرة لعسيري، وعبد المجيد شكير. وقام بتنسيق المداخلات وتسيير الجلسة- باقتدار- الدكتور عمر الرويضي، وقد حضر الندوة – إلى جانب إعلاميين ونقاد مسرحيين- جمع غفير من الشباب الممارسين والمهتمين.
استهل الدكتور محمد لعزيز المداخلة الأولى بالوقوف عند الإشكالية المعجمية والاصطلاحية للفظ “الشباب” مبينا أن المصطلح في الدراسات المسرحية لا يعني بتاتا المفهوم الزمني أو المنحى العمري،  وإنما يهم أساسا خصائص إبداعات الفئة، كتابة وإخراجا.
وبعد جرد كرونولوجي للتطورات التي عرفتها الإنتاجات المسرحية الشبابية منذ نشأة أبي الفنون عند الإغريق، على مستويي الاتجاهات والقضايا، توقف الباحث عند التجربة المغربية المعاصرة ليبرز ما تعيشه إبداعاتها من صراع ذي ملمحين رئيسيين:
>الانجذاب نحو إنتاج النصوص الصاخبة المتمردة، لغة ومضمونا وتيمات.
> صعوبة الانفلات من تأثير النموذج “التجاري” القائم على رهان “الإضحاك” و تقنية “الكولاج”.
وختم المتدخل عرضه بدعوة الشبيبة المسرحية المغربية إلى انطلاقة متجددة للفعل المسرحي، تتجاوز المنجز الحالي، عبر استشراف مؤشرات الجودة في مكونات نصوص وعروض “أصوات الغد”.
أما الدكتورة سميرة لعسيري، فخصصت مداخلتها لبسط واقع المسرح الشبابي المعاصر، المتأرجح بين ثنائية “التجريب” و”التخريب”، حيث يكاد “هواة اليوم” – من خريجي المعهد وغيرهم- يتيهون بين تعدد الخيارات المفاهيمية كـ “المصنع المسرحي” و”مسرح ما بعد الحداثة” و”مسرح ما بعد الدراما” و”مسرح العلامات”…
وسجلت الباحثة بدورها انزلاق التجربة المسرحية الشبابية المغربية نحو تجاوزات تجريبية تفضي في النهاية إلى عكس أهدافها ومراميها، ومن بينها:
>”تفجير” النص، أو العرض، على طريقة ما يصطلح عليه بـ “الدمية الروسية”.
> المراهنة على الجسد إلى درجة “التشييء”.
ج- اعتماد “اللغة الصفيقة”، كـ “حصان رابح”، لانتزاع تصفيقات الجمهور.
واختارت المتدخلة لامتدادات عرضها مقاربة بيداغوجية تفاؤلية، حيث دعت إلى النهوض بمستوى الإبداع المسرحي الشبابي عبر آليات منهجية طموحة منها مثلا ما يعرف بــ “إعادة مسرحة النصوص المسرحية” الجيدة Re-théâtralisation، وتدخل “المخرج / الدراماتورج”، في أفق بلوغ الجودة “دون تطرف تجريدي، أو تقصير أخلاقي”.
أما المداخلة الثالثة للدكتور عبد المجيد شكير، فقد تناولت بالدرس والتحليل ظواهر إنتاجية رصدها المتدخل من خلال معاينته لعروض “مسرح الشباب”، قبل الاعتراف الرسمي بالتسمية سنة 2004 وبعدها، وهي ظواهرتجعل التجربة في رأيه تتموقع في مفترق من الممارسات، لا هو احترافي خالص، ولا هو مولود غير مكتمل Prématuré.
لقد وجدت الأفواج الأولى من خريجي “المعهد العالي للفنون الدرامية والتنشيط الثقافي” ISADAC، والمعاهد البلدية Conservatoires نفسها بين خياري الإبداع داخل “الجلباب الجاهز”، والمغامرة الإبداعية.
وإذا كان الخيار الأول قد “التهم” الفئة العظمى من الممارسين الشباب، وكيف ما كانت الأسباب، فإن هذا الأمر لم يمنع المتدخل من التشديد على ما سببه من ضرر بالتجربة، وذلك بانغماسه في “التقليد”، و”غرقه في النمطية”.
ثم إن هذا المعطى يطرح بقوة مسألة “جدوى التكوين الأكاديمي”، إذ عدد الباحث عناوين وازنة لمشاريع التخرج لأسماء ممارسين شباب “محترفين” الآن، وسجل أن الهوة بين بحوثهم الرصينة حول أعمال تجريبية رائدة عالميا، وبين ممارستهم النمطية داخل الحقل التجاري والإشهاري، جد شاسعة.
أما الخيار الثاني المتمثل في الجرأة التجريبية، فقد رصد المتدخل افتقاره إلى وضوح الرؤية في التصور والأسلوب معا، انطلاقا من السؤال / العتبة: “لمن ننتج؟”
إن واقع المنجز المسرحي الشبابي – في رأي الدكتور شكير- يغلب عليه طابع “التمرد”، لكنه تمرد يحاول دوما إثبات ذاته عبر “فوضى” إنتاجية في النصوص والعروض ليست بالضرورة “خلاقة”؛ بل إنها لم تستطع في كثير من الأعمال تخطي “نرجسية التجربة الأولى”!
    ومما ميز ندوة “الحساسية الجديدة / الشبابية في الكتابة والإخراج المسرحيين” نوعية ومستوى تدخلات الحاضرين، على هامش مداخلات الأساتذة المؤطرين، من تعقيبات وتعليقات واستطرادات واستفسارات، ومناقشات “ساخنة” لمحتويات العروض الثلاثة، سيما في المحاور التالية:
> اللغة المسرحية الشبابية وحدود الجرأة المتنية والتلفظية.
> ندرة النصوص الشبابية الجيدة.
> خصوصيات الجمهور المغربي، و”استعصاؤه على التصنيف”.

Related posts

Top