2022.. سنة عودة الدفء في العلاقة بين المغرب وإسبانيا

ونحن نسترجع الذاكرة شيئا ما إلى الوراء، قبل إسدال الستار على سنة 2022، تستوقفنا مجموعة من الأحداث والمواقف البارزة التي طبعت المشهد العام لهذه السنة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا، سواء على المستوى الدولي أو على المستوى الوطني.

ويبقى، الموقف الإسباني من قضية الوحدة الترابية للمملكة، هو الموقف البارز الذي طبع سنة 2022، والذي أشر على عودة الدفء إلى العلاقات المغربية الإسبانية، بعد أزمة دبلوماسية حادة  أدت إلى قطيعة بين البلدين دامت أكثر من سنة، وذلك على خلفية استقبال الجارة الأيبيرية لزعيم الحركة الانفصالية إبراهيم غالي تحت اسم “ابن بطوش”.

فقد أعلنت الحكومة الإسبانية، للمرة الأولى عن دعمها الصريح لقضية المغرب الأولى وهي قضية الصحراء المغربية، واعتبرت “مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب سنة  2007 هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل هذا النزاع”، وهو الموقف الذي فتح صفحة جديدة في العلاقة بين البلدين، حيث قالت الحكومة الإسبانية في بيان لها بالمناسبة “ندخل اليوم مرحلة جديدة في علاقتنا مع المغرب تقوم على الاحترام المتبادل، واحترام الاتفاقات، وغياب الإجراءات الأحادية، والشفافية والتواصل الدائم”.

وعلى خلفية هذا الموقف الواضح الذي أعلنت عنه الحكومة الإسبانية حيال القضية الوطنية، أصيبت الجارة الشرقية الجزائر بالسعار، إلى درجة أنها وصفت الموقف الإسباني بـ “الانقلاب” وقررت استدعاء سفيرها في مدريد للتشاور، رغم أنها تدعي كذبا، وأمام المحافل الدولية أن لا علاقة لها بملف الصحراء المغربية.

الموقف الإسباني الداعم لمبادرة الحكم الذاتي، أشر على مرحلة جديدة في العلاقة بين البلدين وهو ما عبر عنه في حينه ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، حيث أكد على أن المغرب يتعامل مع إسبانيا “كشريك وحليف موثوق”، مبرزا أن “البلدين سيشتغلان بروح إيجابية وطموح، حتى تكون هذه العلاقات الثنائية مشهودا لها بالقوة”، مشيرا إلى أن العلاقة بين مدريد والرباط دخلت في “مرحلة جديدة وغير مسبوقة، قائمة على الاحترام المتبادل والطموح القوي، فضلا عن تنفيذ الالتزامات المشتركة لخدمة مصالح البلدين ولخدمة الأمن والاستقرار الإقليمي”.

إلى جانب الموقف الإسباني الجديد من قضية الوحدة الترابية للمملكة برز أيضا الموقف الألماني الذي وصف المبادرة المغربية للحكم الذاتي بـ “المقاربة الواقعية”، وهو ما ينسجم مع  مقررات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، والتي تنتصر في مجملها للرؤية المغربية لطي هذا النزاع المفتعل على أساس مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة الوطنية المغربية، وفي الوقت ذاته، يشكل تحديا للمغرب من أجل المضي قدما في تعزيز توجهه المبني على منظور شامل يزاوج بين البعد السياسي والدبلوماسي والبعد الاقتصادي والاجتماعي للأقاليم الجنوبية للمملكة.

إن المواقف المعبر عنها صراحة من قبل العديد من الدول الأوربية كإسبانيا وألمانيا وبلجيكا وهولندا وبولونيا وغيرها في علاقة بقضية الصحراء المغربية، يعزز الانتماء الدولي للمملكة ويرسخ المفهوم الإستراتيجي لعلاقة الشراكات المغربية داخل دائرة انتمائه الدولي، تقوم على ضمان المصالح المشتركة وتبادل النتائج الإيجابية من منطلق مبدأ “رابح رابح” كمحددة أساسي لهذه العلاقات

محمد حجيوي

Related posts

Top