400 مثقف يدعون في نداء مغاربي إلى السلم والتعاون

عمل مركز محمد بنسعيد أيت إيدر للأبحاث والدراسات على امتداد سنوات مع شركائه المغاربيين من المجتمعين السياسي والمدني من أجل بلورة رؤية مغاربية مستقلة تساعد على استتباب الأمن في المنطقة وتقوية مجالات التعاون وتوطيد الروابط التاريخية في أفق النهوض بكل مقومات النمو والازدهار في دول المغرب الكبير وحل كل المشاكل في الاطار المغاربي.
وقد سبق إصدار العديد من البيانات والنداءات المغاربية تجاوبا مع طموحات الشعوب في السلم والتكامل. وفيما يلي آخر نداء مغاربي عملت على صياغته وتطويره واحتضانه العديد من الفعاليات من عالم الفكر والسياسة والفن والعمل المدني، وقد وصلت التوقيعات إلى حدود 400 توقيعا ننشر منها الدفعة الأولى علما أن التوقيعات ستبقى مفتوحة لمدة 6 أشهر في البلدان المغاربية الخمسة.

نص النداء المغاربي :

نداء مغاربي
لنكسر الحلقة المفرغة
لآليات منطق الحرب المفروضة
على بيتنا المغاربي الجامع

ثمة قوى خارجية تنصب نفسها قائدة للعالم، لا تكف عن التدخل المستمر في شؤون إقليمنا المغاربي فارضة عليه أوضاعا كارثية صحيا واقتصاديا وأمنيا، تدفع سلطاته المنهكة لتستقر أكثر فأكثر سجينة حلقة مفرغة من عمليات هروب متبادلة إلى الأمام.
لن تكون عاقبة هذا الوضع في النهاية سوى الوقوع في المحظور، بإشعال حرب يقتتل فيها الإخوة وتتفتت مجتمعاتهم المغاربية التي يجمعها من الأواصر العريقة السوسيو-أنثروبولوجية والثقافية ما جعلها أحد أكثر الفضاءات تماسكا ووحدة في العالم.
إن هذا الوضع المتردي لم ينتجه أي قدر من الأقدار سوى هزال وتفاهة وضيق مصالح أنظمة متسلطة ضعيفة الشرعية. أما الحل لكل أوجاع المجتمعات المغاربية فهو بيد سكانها الطامحين لبناء مجتمعات ديمقراطية ومتضامنة، والتي ما تزال، لحد اليوم تتجرع صنوف التهميش والدوس المنهجي على كرامتهم.
وبالرغم من كل إخفاقات تجارب مابعد الاستقلالات السياسية، التي لم تأت لا بوحدة هذا الفضاء المغاربي، ولا بدمقرطة لحياته العمومية ولا بتنمية بشرية حقيقية ومستدامة لمجتمعاته، ما يزال حلم البناء المغاربي راسخا، بل هو الأمل الوحيد المؤهل لبقائنا في عالم اليوم، حيث لا مكان سوى للتجمعات الكبرى التي ترفدها وتلحمها تضامنات جهوية فاعلة ومؤثرة.
إننا نحن الموقعين أسفله، دعاة وأنصار مغرب كبير متعدد، وورثة قيم وأحلام الرواد المؤسسين للفكرة المغاربية- أولئك الذين تعالوا عن التمزيق الاستعماري للفضاء المغاربي، والذين رفعوا عاليا راية الترابط الصميمي والاستراتيجي بين التحرر من النير الاستعماري ووحدة شعوب المنطقة في مغرب كبير مزدهر ومواطن- “نعلن، على هدي خطى أولئك الرواد، بكل إرادة وإصرار ووضوح، إيماننا بوحدة الأقطار المغاربية، والتي من أهم محطاتها (مؤتمر طنجة، 27-30 أبريل 1958).
وبالرغم من جائحة “كوفيد 19″، التي – إضافة إلى ما فرضته من محن قاسية على المغاربيات والمغاربيين- وعرت في واضحة النهار مكامن الاختلالات العميقة في وظائف هذه الدول، والهشاشة في البنيات الاجتماعية، فإنه لن يستقيم خلاص استراتيجي ومضمون إلا في البناء المغاربي الذي سيمنح شعوبنا فرصة للاندراج الإيجابي في هذا العالم الجديد الذي يبنى في أجواء من الألم ومن التضحية، وبنهج يسحق الضعيف والمتردد.
إن شعوب منطقتنا المغاربية من موريتانيا حتى ليبيا، لا تكف عن التعبير –بشكل مستمر وعبر أعمال ومبادرات متنوعة في الفضاء العمومي- عن تطلعاتها إلى الكرامة، وطموحاتها في الحق في الحياة، والديمقراطية، والإنصاف، والتنمية المستديمة، وتكافؤ الفرص، وحقوق النساء والشباب، واحترام رابطة الحق والقانون، وفي تضامن اجتماعي نشيط وفعال.
إن شعوبنا المغاربية بنضالاتها وأعمالها، ومطالبها، تجدد محتوى وهيئة الفضاء المغاربي المستقبلي: إنه المغرب الكبير المواطن. الذي نرى أنفسنا جزءا لا يتجزأ منه قلبا وقالبا، ونتطلع مع شعوبه بما نملك من إيمان وقوة، إلى هذا المستقبل المغاربي الواعد.
فالمغاربيات والمغاربيون بنضالاتهم وطموحاتهم، يوقظون ويحفزون الوعي المغاربي الذي أسسه ورعاه جيل الرواد الملهمين.

لكل هذا:

> كلنا التزام وتصميم على المضي في هذا الطريق؛
> من أجل ألا تحرف عملية دمقرطة وعصرنة الدول والمجتمعات عن أهدافها وألا تسرق عائداتها لتوظف لأغراض إعادة إنتاج الاستبداد والإذعان للقوى الأجنبية؛
> من أجل ألا يتم تحويل خيار التعبير السلمي عن الإرادات الشعبية إلى انزلاقات قد تستعمل ذرائع لـ “تسويغ” التدخلات العنيفة للمستبدين وأجهزتهم “الأمنية” القمعية؛
> من أجل تجنيب الشعوب المغاربية كل ما من شأنه وضعها كأمر واقع أمام أسوأ الخيارات، خيار قبولها بالاستبداد أو تهديدها بالفوضى كبديل؛
> من أجل أن يعلو هذا الوعي المغاربي على كل نزعة انعزالية أو وطنية ضيقة أو تكتلية أو سواها من صنوف الزبونيات؛.
> من أجل ألا نرضع الأجيال الشابة اليوم سموم التنكر والكفر بالمغرب الكبير، ونسقطها في الوطنية الضيقة وكره الآخر… وعلى العكس من ذلك يلزم أن تنشئتها على روح المواطنة المغاربية، وذلك أضمنِ وأبقى.
> من أجل أن يستثمر تكامل الموارد المادية والبشرية لصالح الرخاء والرفاهية المغاربيين، خصوصا عبر تعاضد متنوع وشراكات مجددة، ضد الهذر الجاري للرساميل البشرية والمادية؛ – من أجل أن ينهض الفضاء المغاربي كمنطقة سلم تضمن أمن وهناء مواطنيها وشعوبها، وذلك بالانخراط المصمم والواسع في عملية البناء المواطني لمغربنا الكبير.
إننا نحن الموقعين أسفله، نجدد التأكيد، بالرغم من كل تعقيدات مسألة الصحراء وكل التدخلات الخارجية المغرضة، على أن حلا مغاربيا للنزاع مايزال ممكنا، وأن هذا الحل، لا يجب في مطلق الأحوال، أن يتم على حساب التضامن المغاربي المبدئي والعميق مع الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية والوطنية، بل يجب على العكس من ذلك تماما، أن يكون تكملته الطبيعية الداعمة.
ونحن كلنا استعداد وتحفز للمساهمة في بلورة هذا الحل لما فيه المصلحة الاستراتيجية لشعوب المغرب الكبير وإفريقيا والبحر الأبيض المتوسط. فالصحراء بالنسبة لنا، يجب أن تكون جسرا نحو المغرب الكبير لا ذريعة لسيطرة القوى الخارجية الدخيلة وتغذية أطماعها التي لن تتوقف أبدا عن دفع المنطقة إلى مزيد من التمزيق والحرب واحتمالات الخراب المدمر.
فلنكن موحدين ومتضامنين ضد التجزئة والتمييز بكل أشكال

عاش المغرب الكبير
عاشت الشعوب المغاربية
وكلنا مسؤولون أمام التاريخ

Related posts

Top