كشفت نتائج انتخابات مجلس الأمة الكويتي التي جرت أول أمس السبت، عن عدة مفاجئات أبرزها غياب أي وجه نسائي عن المجلس الجديد بعد أن خسرت النائبة، المثيرة للجدل، صفاء الهاشم مقعدها الذي حافظت عليه لأكثر من دورة برلمانية.
وتعد هذه هي المرة الأولى من نوعها التي يخلو فيها البرلمان الكويتي من الوجوه النسائية، منذ أن حصلت المرأة في الكويت على حقوقها السياسية سنة 2005 وفازت بأربعة مقاعد في انتخابات 2009 قبل أن تتراجع إلى ثلاث مقاعد ثم مقعدين في الانتخابات التي جرت سنتي 2012 و 2013 ثم إلى مقعد واحد في انتخابات 2016.
وأظهرت نتائج انتخابات مجلس الأمة الكويتي، والتي جرت وسط إجراءات صحية مشددة بسبب تداعيات فيروس كورونا، نسبة تجديد في تركيبة المجلس بلغت أزيد من 62 في المائة، حيث لم ينجح من أعضاء المجلس السابق سوى 19 نائبا، أبرزهم مرزوق الغانم رئيس المجلس المنتهية ولايته، الذي فاز بالمرتبة الأولى في الدائرة الثانية، وحصل على أعلى الأصوات في الدوائر الخمس. فيما غلبت الوجود الجديدة على أغلب الدوائر بنسبة تجاوزت %42، وسجلت الدائريتين الأولى والثالثة أعلى نسبة تغيير بلغت 70 في المائة.
وعلى الرغم من اقتصار الحملات الانتخابية للمرشحين على منصات التواصل الاجتماعي، وعدم تنظيم المهرجانات الخطابية للدعاية وشرح البرامج الانتخابية، بسبب كورونا، فقد كان الإقبال على صناديق الاقتراع ملفتا، حيث وصلت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات التي جرت في ظرف استثنائي، حوالي 68 في المائة، غالبيتهم من النساء اللواتي يمثلن 52 في المائة من إجمالي عدد الناخبين البالغ حوالي 570 ألف ناخب، وقد أدلى عدد من الناخبين المصابين بفيروس كورونا بأصواتهم في هذه الانتخابات، وسط إجراءات تتوافق مع الأعراف والبروتوكولات الطبية، حيث أتيحت لهم الفرصة لممارسة حقهم في التصويت بشكل آمن.
ووفق النتائج التي أعلنت عنها اللجان الرئيسية في الدوائر الانتخابية الخمسة، فإن التيار السلفي مني بخسارة كبيرة في هذه الانتخابات في حين تمكنت الحركة الدستورية من الفوز بثلاثة مقاعد في المجلس الجديد، ورغم تغيير الوجوه بالنسبة للتيار الشيعي فقد تمكن من الحفاظ على ستة مقاعد وهو نفس عدد المقاعد التي كان يشغلها في المجلس السابق، فيما تراجع تمثيل التحالف الإسلامي الوطني إلى نائب وحيد بعد ما كان ممثلا بنائبين في الولاية السابقة، وتمكن تجمع ثوابت الأمة من إحراز تقدم في عدد نوابه، بواقع ممثلين عوضاً عن ممثل واحد في المجلس السابق.
ولم تتمكن الحركة التقدمية الكويتية من الفوز بالمقعد الوحيد الذي شاركت به في الدائرة الثالثة التي ترشح بها عضو مكتبها السياسي حمد الأنصاري، كما لم ينجح رئيس التجمع العمالي الكويتي عباس عوض، الذي دعمته الحركة في الدائرة الخامسة، في المقابل شكل التمثيل القبلي في المجلس الجديد نسبة 58 في المائة حيث فازت قبيلة العوازم بالنسبة الأكبر من النواب بواقع 7 نواب، بما يمثل 14 في المائة من المقاعد النيابية، وبزيادة 4 مقاعد عن المجلس الماضي، فيما حلت قبيلة مطير في المرتبة الثانية بنسبة تمثيل بواقع 6 مقاعد، بما يمثل 12 في المائة من المقاعد البرلمانية وبزيادة 4 مقاعد عن المجلس الماضي.
وتساوت قبيلتا الرشايدة والعجمان في التمثيل البرلماني، بواقع 4 مقاعد لكل منهما، بما يمثل 8 في المائة من أعضاء السلطة التشريعية، وبزيادة في مقاعد قبيلة العجمان بواقع مقعد واحد مقابل ثبات عدد ممثلي قبيلة الرشايدة في المجلس الماضي.
وفي تعليق له على نتائج هذه الانتخابات، أكد رئيس تحرير صحيفة “السياسة” الكويتية، أحمد الجار الله، في تغريدة له على “تويتر” أن هذه الانتخابات أفرزت متغيرات وصفها ب “المهمة” في اختيار نواب مجلس 2020، وصلت إلى 70% ،مشيرا إلى أن هذا الأمر سينعكس على شكل الحكومة القادمة.
وقال الجار الله في هذا الصدد “إن متغيرات مهمة بنجاح هذه الكوكبة النيابية العالية الثقافة، ستحدث تغييرات على مستوى أداء الرئاسات الحكومية والنيابية”.
ويأمل مراقبون أن تكون أول تحركات مجلس الأمة الجديد هي إقرار قانون العفو الشامل “عن جميع المحكومين والملاحقين لقضايا الرأي والتعبير” وأن يتم ” تعديل القانون المنظم للانتخابات، وحل قضية البدون، ورفض أي مقترح حكومي يمس معيشة المواطنين”، بالإضافة إلى مجموعة من الانشغالات الأخرى التي يتعين على المجلس الجديد الانكباب عليها، خاصة تلك المرتبطة بالجانب الاقتصادي في ظل التداعيات الاقتصادية لجائحة كورنا، خاصة وأن تصويت الكويتيين لوجوه جديدة هو تعبير عن رغبتهم في التغيير.
وكان رئيس جمعية الشفافية الكويتية ماجد المطيري ، قد أعلن أن العملية الانتخابية سارت بشكل جيد، مشيرا إلى أن النظام الدستوري كفيل بتمكين كل الناس من التعبير عن آرائهم وملاحظاتهم بشكل دستوري، وأن الملاحظات التي تم رصدها لا تؤثر على المشهد السياسي ولا على حيادية ونزاهة الانتخابات.
وبالمناسبة وجه أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح ببرقيات تهاني للفائزين بعضوية مجلس الأمة 2020 عبر فيها عن تهانيه بالثقة التي أولاها إياهم المواطنون بانتخابهم لعضوية مجلس الأمة.
< محمد حجيوي