زار مندوبو عدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي الاثنين الجانب المصري من معبر رفح حيث كانت شاحنات المساعدات متوقفة بانتظار الدخول إلى قطاع غزة، ومستشفى في مدينة العريش حيث التقوا فلسطينيين يتلقون العلاج، بعد أيام من إسقاط الولايات المتحدة مشروع قرار في المجلس يدعو إلى وقف إطلاق نار في الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.
وتأتي الزيارة غير الرسمية التي تستمر يوما واحدا ونظمتها الإمارات ومصر، في خضم أزمة إنسانية متفاقمة في قطاع غزة المحاصر والذي وصفه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنه “مقبرة للأطفال”.
وشارك في الزيارة أكثر من عشرة سفراء لدول بينها روسيا والمملكة المتحدة التي امتنعت عن التصويت على مشروع القرار الداعي لوقف إطلاق النار. وغاب مندوب الولايات المتحدة التي استخدمت حق النقض (الفيتو) الأسبوع الماضي ضد مشروع قرار طرحته الإمارات، ومثله فعل مندوب فرنسا.
عند الجانب المصري من معبر رفح، قال مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا لوكالة فرانس برس “لا أعرف إذا ما كان ي فترض أن يشاهده اليوم (مندوب) الولايات المتحدة، سيكون سارا بالنسبة لهم”.
وأضاف “كانوا ليروا ما يحدث بالفعل، وليس ما تحميهم منه دوافعهم الجيواستراتيجية”، واصفا الوضع بأنه “كارثة”.
وفي وقت سابق الاثنين، زار المندوبون فلسطينيين تم إجلاؤهم من القطاع ويتلقون العلاج في مستشفى في مدينة العريش.
ومن بين هؤلاء، وفاء سعد البالغة 27 عاما، وقد أصيبت عندما كانت حامل في قصف إسرائيلي على منزلها، ما تسبب بمقتل زوجها وإصابة ابنتيها.
وتم إجلاؤها إلى مصر لتلقي العلاج الطبي وقد بترت ذراعها وساقها وتمكنت بأعجوبة من الولادة بعد ساعات قليلة من عبورها رفح، وفق ما روت شقيقتها ألاء لوكالة فرانس برس.
وقالت ألاء وإلى جانبها الطفلة ابنة أختها نائمة في سريرها، إن “رسالتنا للأمم المتحدة هي أننا نريد أن تتوقف الحرب”.
وأكد مندوب الإكوادور في مجلس الأمن خوسيه دي لا غاسكا لوكالة فرانس برس أنه يشعر بأنه “مدمر” بعد زيارة المستشفى.
وقال: “التقيت للتو بأم شابة فقدت طفلها ولديها فتاة صغيرة أخرى أصيبت”، مضيفا “لا أريد أبدا أن أرى ما رأيته للتو مرة أخرى. إنه أمر فظيع”.
وفي وقت لاحق، زار الدبلوماسيون الجانب المصري من معبر رفح، سالكين طريقا ضيقا تصطف على جانبيه شاحنات المساعدات التي تنتظر الضوء الأخضر للدخول إلى غزة.
وت رض قيود صارمة على الفلسطينيين الراغبين بالخروج عبر المعبر. ولا يسمح بمغادرة القطاع إلا لحاملي جنسيات أجنبية وفي بعض الأحيان لمصابين بجروح بالغة.
وكذلك الأمر بالنسبة لإدخال المساعدات. فلم تدخل إلى القطاع المحاصر سوى كميات ضئيلة منذ انهيار هدنة استمرت أسبوع ا مطلع الشهر الحالي.
وقال ممثل كوريا الجنوبية الذي سيتولى مهامه كمندوب في مجلس الأمن العام المقبل، إن “الشاحنات، الطابور الطويل من الشاحنات، لم أكن أتخيل هذا أبد ا”.
وتأتي الرحلة في إطار الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الإمارات لحشد الدعم لقرار وقف إطلاق النار في غزة، قبل انتهاء فترة عضويتها في مجلس الأمن نهاية الشهر والتي امتدت على عامين.
وفي معرض كلامها في بداية الرحلة، أشارت المندوبة الإماراتية لدى الأمم المتحدة لانا نسيبة إنها ليست زيارة رسمية ينظمها مجلس الأمن، إنما بعض الدول تشارك في الزيارة “بصفة وطنية وشخصية”.
من جانبه، وصف المندوب البرازيلي سيرخيو دانيسي الزيارة بأنها “خطوة رمزية”.
ومن معبر رفح، قال لفرانس برس “نحن نبدي اهتماما. نظهر أننا منخرطون في محاولة القيام بشيء أكثر أهمية… لكننا بحاجة إلى بذل المزيد”.
وأطلع فيليب لازاريني، مدير وكالة اللاجئين الفلسطينية التابعة للأمم المتحدة (الأونروا)، المندوبين على الوضع الإنساني المرو ع في غزة قبل أن يتوجه إلى القطاع المحاصر في زيارته الثالثة منذ بدء الحرب في تشرين الأول/أكتوبر بين إسرائيل وحماس.
وقال لازاريني بعد الاجتماع إن هناك “شعورا عميقا بالإحباط وخيبة الأمل، وبعض الغضب أيضا لأننا… لم نتمكن حتى من التوصل إلى توافق في الآراء بشأن وقف إطلاق النار”.
وقال لازاريني إن الفلسطينيين يشعرون بحالة من اليأس و”الجوع طاغ في غزة. هناك أعداد متزايدة من الناس لم تأكل من يوم أو يومين، أو ثلاثة أيام… الناس ليس لديهم أي شيء على الإطلاق”.
اندلعت الحرب في غزة في أعقاب هجوم غير مسبوق شن ته حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر وأسفر عن مقتل 1200 شخص معظمهم من المدنيين، وفقا للسلطات الإسرائيلية. واقتادت الحركة حوالي 240 شخصا رهائن، لا يزال 137 منهم محتجزين لديها.
وردا على ذلك، تعهدت إسرائيل “بالقضاء” على حماس، وتواصل حملة قصف مكثفة على قطاع غزة كما باشرت عمليات برية اعتبارا من 27 تشرين الأول/أكتوبر. وقد ارتفعت حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 18205 قتلى وفق ما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس الاثنين.
وتفرض إسرائيل “حصارا كاملا” على قطاع غزة منذ التاسع من تشرين الأول/أكتوبر ما تسبب في نقص خطير في المياه والغذاء والدواء والكهرباء. كما أن الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية في المستشفيات ومحطات تحلية المياه غير متوافر.
أ.ف.ب