The Post لستيفن سبلبيرغ هجوم على المؤسسات السياسية الأمريكية –

في تاريخ السينما رجالات وأفلام تركت فينا مزيجا من المشاعر المختلطة، باعتبارها وحدة متكاملة من الرموز والدلالات التي تتعامل مع خصائص الإنسان في مختلف المجتمعات وتعرض ملامح من الثقافات المتنوعة بتوجهاتها الفكرية، و أسلحتها الإيديولوجية الفتاكة أحيانا ..
أفلام بالفعل لا يمكننا وصفها الا بروائع سينمائية خالدة. من الصعب جدا أن نحصرها فى القائمة التى نعرضها لقرائنا في هذه الحلقات الرمضانية.

ستيفن سبلبيرغ ليس فقط واحدًا من أشهر وأنجح المخرجين في هوليود، ولكن كذلك من أذكاهم وأكثرهم موهبةً، ففي السبعينيات عند بداية مسيرته الفنية، كانت الموجة السائدة والقوية هي تقدير سينما المؤلف والتي تميل للذاتية، فقرر هو أن يثبت نفسه بأفلام تشويق وإثارة تعتمد على المؤثرات البصرية والأفكار الخيالية، مثل: الفك المفترس، ولقاءات قريبة من النوع الثالث، وET، ولكن استطاع أن يحول هذا النوع من الأفلام لسينما شخصية تمامًا فيقدم هواجسه وآلامه النفسية من خلالها.
وفيلم The Post دليل على شدة ذكاء سبلبيرغ، فقد قرر اللعب بكل الأوراق الرابحة، طاقم تمثيل يضم قطبين من أشهر ممثلي هوليود توم هانكس وميريل ستريب، وقصة تلعب على وترين حساسين: الأول الهجوم على المؤسسات السياسية الأمريكية، والتركيز على شخصية نسائية رائدة في الصحافة الأمريكية، ووجودها في حد ذاته في ذلك الوقت سبق كبير.
تدور أحداث الفيلم في أروقة الصحافة في السبعينيات، حيث حرب فيتنام لازال الحديث عنها مشتعلًا، خاصةً بعد تسريب وثائق هامة دُوّنت فيها أسرارٌ كثيرةٌ تم التعمية عليها من قبل الحكومات المتتالية، وتنافس التايمز والواشنطن بوست على نشر هذه الوثائق مع حرب ضروس من قبل الحكومة على عدم نشرها بالطبع.
الشخصيتين الأساسيتين في الواشنطن بوست: كاي جراهام “ميريل ستريب”، وارثة الجريدة بعد انتحار زوجها الذي ورث الجريدة عن والدها مباشرةً، فقد كان من غير المنطقي أو المعقول أن تقوم امرأة بهذا الدور، ولكن غياب وراثين آخرين جعل العبء يقع على عاتقها لتصارع طوال الفيلم شكوك الآخرين – وشكوكها هي شخصيًا – في نفسها وخوفها الدائم من كونها ليس لديها المقومات الكافية لأداء وظيفتها بالصورة الصحيحة.
أمّا الشخصية الثانية فهي بن برادلي “توم هانكس” المسؤول عن تحرير الجريدة، لديه رغبتان متصارعتان بين نشر الوثائق وتحقيق السبق الصحفي وكتابه اسم جريدته واسمه بالطبع في تاريخ الصحافة، وتدفعه للتراجع علاقة الصداقة السابقة التي جمعته مع الرئيس الراحل كيندي، والذي تدينه بعض من هذه الأوراق.
ولكن ذلك لم يمنع أن تكون نقطة ضعف الفيلم الرئيسية هي النص المترهل، والمباشرة الشديدة في الخطاب، سواءً عند الحديث عن حرية الصحافة وأهميتها وقوتها، أو دور رئيسية تحرير الواشنطن بوست كاي غراهام، كأول سيدة تستلم منصبا بهذه الأهمية، والتحديات التي تمر بها كسيدة، لنجد لدينا مشهدين متتالين يتم فيهما تكرار ذات الكلام تقريبًا: الأول بين بين برادلي “توم هانكس” وزوجته توني “سارة بولسون”، والثاني بين كاي “ميريل ستريب” وابنتها، وكان من الممكن حذف الأول تمامًا؛ لأنّه بالإضافة لكونه سيتم تكراره فهو كذلك لم يكن مبررًا دراميًا تمامًا.
وفيلم The Post هو الفيلم الثاني هذا العام الذي يركز على سقطات الرئيس السابق نيكسون السياسية، بعد فيلم Mark Felt بطولة ليام نيسون الذي قدم فضيحة ووترغيت الشهيرة، ومحاولة الرئيس ورجاله إيقاف التحقيقات الفيدرالية، واستخدام مارك فليت أحد أعمدة الـ FBI الصحافة أيضًا في جعل الأمر قضية رأي عام، ما تسبب في سقوط نيكسون في النهاية، وقضية ووتر غيت تم الإشارة إليها في نهاية فيلم سبلبيرج بصورة عابرة فقط، كما لو أنّ 2017 عام التذكرة بفضائح نيسكون انتظارًا لكارثة ترامب القادمة التي ستطيح به في النهاية، كما يتمنى العديد من الأمريكيون.

> سعيد الحبشي

Related posts

Top