احتفاء بالمقاومة والتزام مستمر بوحدة المغرب الترابية

الذكرى السابعة والستون لمعركة الدشيرة

خلدت أسرة المقاومة وجيش التحرير، يوم الأحد 2 مارس بمدينة بوجدور، الذكرى السابعة والستين لمعركة الدشيرة الخالدة، والذكرى التاسعة والأربعين لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم المسترجعة بعد المسيرة الخضراء.
وأشرف على الحفل الذي احتضنته بوجدور، الدكتور مصطفى الكثيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وافتتح الوفد، الذي زار جهة العيون لمدة ثلاثة أيام، أنشطته المخلدة لذكرى معركة الدشيرة بقراءة الفاتحة على روح شهداء المعركة التاريخية، الذين استشهدوا خلال الغارة التي دحرت الجيش الاسباني سنة 1958.
وتعتبر هذه المناسبة حلقة وصل بين العرش والشعب، حيث واصل الشعب المغربي، وفي طليعته أبناء المناطق الجنوبية المسترجعة، مسيرة النضال البطولي من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية المقدسة، مجسدين مواقفهم الراسخة وتمسكهم بمغربيتهم، إيمانا ببيعة الرضى والرضوان التي تربطهم بملوك الدولة العلوية الشريفة، رافضين كل المناورات والمؤامرات التي تحاك ضد وحدة المغرب الترابية.
وبهذه المناسبة أكد مصطفى الكثيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، أنه في هذه نستحضر مخرجات مؤتمر أم الشكاك التاريخي الذي انعقد في 15 أبريل 1956، مشددا في ذات السياق أن الاحتفاء بهذه المناسبة الهدف منها استحضار ملف قضيتنا الوطنية الأولى، قضية الوحدة الترابية المقدسة للتأكيد على التعبئة المستمرة واليقظة الموصولة لأسرة المقاومة وجيش التحرير كسائر فئات وأطياف المجتمع المغربي والإجماع الوطني وراء عاهل البلاد، الملك محمد السادس، من أجل مواصلة تحديث وتنمية أقاليمنا الجنوبية الصحراوية وصيانة وحدتنا الترابية المقدسة وتثبيت مكاسبنا الوطنية.
وفي هذا المضمار، استشهد الدكتور الكثيري بما ورد في الخطاب السامي للملك محمد السادس بمناسبة افتتاح السنة التشريعية يوم الجمعة 11 أكتوبر 2024، في سبيل مواصلة الترافع عن قضيتنا الوطنية الأولى، قضية الوحدة الترابية، والذي أكد فيها الملك محمد السادس على الأهمية القصوى لملف قضية الصحراء المغربية معتبرا إياها “القضية الأولى لجميع المغاربة”.
كما أشاد المندوب السامي، في كلمته التي ألقاها بمدينة بوجدور، بمناسبة الذكرى السابعة والستين لمعركة الدشيرة الخالدة، والذكرى التاسعة والأربعين لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم المسترجعة بعد المسيرة الخضراء، بالقرار الأممي رقم 2756 لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الصادر يوم الخميس 31 أكتوبر 2024، والقاضي بتمديد “المينورسو”، لمدة عام كامل إلى غاية 31 أكتوبر 2025، والداعي إلى “إيجاد حل سياسي واقعي وقابل للتحقيق ومستدام ويحضى بقبول الطرفين”، لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
ويضيف الكثيري أنه بفضل حنكة وتبصر الملك محمد السادس، توالت الاعترافات بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية وبتزايد الدعم لمبادرة الحكم الذاتي، حيث بلغ عدد الدول التي تعترف بمغربية الصحراء 113 دولة، من بينها 20 دولة أوروبية، كان آخرها دولة سلوفينيا وفنلندا والدنمارك وإستونيا، بينما علقت أكثر من 50 دولة اعترافها بالكيان الوهمي خلال العقدين الأخيرين، بينما دولتي الاكوادور وبنما في أكتوبر ونونبر من سنة 2024، ودول إفريقية شقيقة كغينيا بيساو وملاوي وغامبيا وزامبيا وغانا، بل فتحت العديد منها قنصليات لها بالعيون والداخلة، كان آخرها دولة تشاد ليبلغ عدد الدول التي فتحت قنصلياتها وتمثيلياتها بالصحراء المغربية أكثر من 30 دولة.
وأوضح الدكتور مصطفى الكثيري، أن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير تحرص دائما على التكريم المادي، حيث خصصت إعانات مالية لعدد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأرامل المتوفين منهم بهذه المناسبة الغالية، عرفانا بما أسدوه خدمة للدين والعرش والوطن وتعدادها 32 إعانة كإسعاف اجتماعي بغلاف مالي إجمالي قدره 64.000 درهم.
ولفت المندوب السامي، أنه بمناسبة الاحتفاء بهذه الأحداث التاريخية المجيدة بما يليق بها من مظاهر الاعتزاز والبرور، أعدت النيابة الإقليمية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ببوجدور ومعها فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير ببوجدور برامج أنشطة فكرية وثقافية وتواصلية مع الذاكرة التاريخية بشقها الوطني والمحلي، بتنسيق مع عمالة إقليم بوجدور والمجلس الإقليمي لبوجدور والمجلس الجماعي لبوجدور، ومساهمة المجلس العلمي المحلي لبوجدور.
أما في سياق الجهود الحقوقية والسياسية الرامية إلى فتح الصفحات المؤلمة من التاريخ الأسود لجبهة “البوليساريو” الانفصالية، نظمت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، بتنسيق مع الائتلاف الصحراوي للدفاع عن ضحايا سجن الرشيد بتندوف، معرضا لصور التعذيب داخل سجن الرشيد الرهيب وكذا أسماء الصحراويين الذين عذبوا أو قضوا داخل سجون الجبهة.
ويوضح المعرض الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي شهدتها مخيمات تندوف، فسجن الرشيد يحضر في مخيلة المناضلات والمناضلين كعنوان لبنية قسرية متسلطة تعتمد مأسسة الممارسات المتنافية مع المواثيق الدولية، وتمعن في ابتكار نسخة غير مسبوقة من أساليب التعذيب الجسدي والنفسي، كما هو مثبت في مجموعة من التوثيقات المتراكمة والشهادات المتعددة حول البعد الممنهج لهذه التجاوزات، فهذا السجن هو فضاء لتصفية الأصوات المعارضة والضمائر الحية التي توقظ همة المحتجزين وتزيل من عيونهم غشاوة التضليل الانفصالي الذي يعلن عن إفلاسه يوما بعد يوم.
وتضع فداحة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سجن الرشيد المنتظم الدولي والأممي أمام مسؤولية متعددة الأبعاد، أولها المسؤولية القانونية، إذ يعتبر القانون الدولي لحقوق الإنسان أن كل أشكال الاحتجاز غير القانوني والمعاملات اللاإنسانية انتهاكات جسيمة تستوجب محاسبة مرتكبيها المباشرين وغير المباشرين، سواء بالتنفيذ أو التواطؤ أو الصمت أو التستر عليها.
وفي هذا السياق تواصلت جريدة “بيان اليوم”، مع لحبيب الخرشي، أحد ضحايا “البوليساريو”، ومعتقل سابق في سجن الرشيد لأزيد من 14 عاما، والذي أكد في تصريحه، أن المعتقلين في سجون “البوليساريو”، المعزولة عن العالم ليسوا وحدهم من عانوا المآسي المترتبة عن قضية الصحراء، بل إن جميع الصحراويين عانوا من هذه المآسي، على غرار اختطاف أولادهم وهويتهم وفكرهم، بإملاء وإيعاز وإشراف من الجزائر.
وتابع الخرشي بأن “دستور “البوليساريو” يجرم القبلية، غير أن النزعات القبلية منتشرة بقوة داخل المخيمات”، مبرزا أن “معاناة وشهادات المعتقلين في سجون “البوليساريو” هي التي فضحت الجبهة أمام المنتظم الدولي”، مطالبا بالعمل على فضح الانتهاكات الحقوقية التي شهدتها مخيمات تندوف، ومؤكدا أن “الحديث عن معاناة الاعتقال في سجن الرشيد ليوم واحد فقط يحتاج ساعات طويلة، فما بالك بسنوات من الاعتقال”.
وأضاف المتحدث قائلا: “إن إشكالية الصحراويين ليست أبدا مع المغرب، لأن أجدادنا كانت تجمعهم روابط بيعة مع سلاطين المملكة، بل إن خلافنا مع الدولة الجزائرية، لأن هناك صراعا جيو-استراتيجيا في شمال إفريقيا، و”البوليساريو” ليست سوى حركة سياسية يجب ألا نعطيها أكبر من حجمها”.

 مبعوثة بيان اليوم بوجدور:
هاجر العزوزي
تصوير: حكيم مغراوي

Top